الحوثي وسياسة ضرب النار

الإثنين, 27 كانون2/يناير 2020 19:56 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يكسر الحوثي بتمدده، خارج نطاقه الجغرافي، ثابت التوازن المتفق عليه ضمناً، وإن بصورة غير معلنة، ويرسل بإشارات، أن إعادة إحياء مشروعه في حكم كل اليمن، قابلاً للإحياء مرة أخرى، وأن توزيع الاحجام والتموضع الجغرافي، لم تعد ترضيه بعد الانتصارات التي حققها مؤخراً، في نهم ومأرب، وتوجهه نحو الجوف، مما يجعل المحافظات الجنوبية المتاخمة، تحت مرمى النيران، وفِي نطاق خطة التوسع جنوباً، وتكرار محاولة الهرولة صوب عدن.

الحوثي مشروعه ليس اقتطاع جزء من الكعكة، بل ابتلاع كل حصص الآخرين منها، وترك لهم الفتات، وبالمعطى الميداني الراهن ليس هناك من منتصر، يجبره المهزوم، على ترسيم حصته بحدود أقل من ما حققه على أرض المعركة.

الحوثي الآن يخوض السياسة من خلال ضرب النار، ويفاوض بالبندقية، وينتزع المكاسب، بفوهات المدافع لا بطاولة الحوار.

الخطر الحقيقي يكمن في عدم اعتراف الحوثي، بالقوى ومصالح الأطراف الأخرى، وأن صنعاء هي ليست هدفاً نهائياً، لمشروعه التوسعي الهيمني، بل إن إقصاء كل الخصوم، ووضع اليد المذهبية على كل اليمن، هي الخطة ألف وليس لديه الخطة باء، أو أي من الخيارات، دون أقل من حكم كل البلاد.

الآن والحوثي، يكسر التوازنات، المرسومة بالتفاهمات، وليس بالميزان العسكري، فإنه يضع الجميع أمام استحقاقات أقل ما توصف به، أنها في منتهى الخطورة، وأن الجنوب من شبوة باتجاه حضرموت وأبين ومن ثم عدن، هي النقلة التالية في رقعة شطرنج الصراع، مما يوجب على الجميع، إعادة دراسة المشهد، والخروج من الخطاب الشعاراتي العاطفي، القائل برص الصفوف، إلى خطوات عملية ابتداءً من تنظيف، وتنقيح وبناء مؤسسات التصدي للهجمات المقبلة، وأن تشعر جميع القوى، أن عنقها ومصالحها باتت الآن، في منعطف جديد وخطير، وتحت تهديد الغزو الحوثي الداخلي.

إعادة التوازن للجبهة العسكرية، بحاجة إلى الكف عن ممارسة سياسة الاستحواذ، والتقليل من الشركاء السياسيين، ورسم خارطة جديدة للتحالف، تقوم على الشراكة الجدية، من موقع الإيمان الحقيقي بأهميتها، كرافعة تصدٍ، لا من زاوية شكلانية يستأثر فيها فصيل بالحكم، ويوزع ما تبقى على الشركاء، من موقع الواهب العاطي، لا من موقع الحق المستحق، والضرورة الملحة لخلق أجواء الثقة، وتعزيز تراص الجبهة الداخلية، السياسية والعسكرية، لمواجهة الخطر الذي يلوح في الأفق، ويدهم الجميع، إنه خطر الحوثي بمشروعه السلالي الاستئصالي، المضاد جغرافية ومشاريع وهوية.

الشمال تحت قبضة الحوثي، والجنوب تحت مرمى نيرانه، والنقلة التالية لاٰ تصد، إلا بإعادة بناء مؤسسة الجيش ومؤسسات السياسة معاً.

ما لم ليس هناك من مجال لتوزيع الأرباح، بل اقتسام الخسائر جميعاً، وعلى حد سواء.

قراءة 1450 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة