الأستاذ / عبده الخاوي كما عرفته

الثلاثاء, 19 آب/أغسطس 2014 22:07
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الاستاذ عبده يحيى محمد احمد الرطاني ( الخاوي) بداء حياته موظفاً في النيابة الادارية  ثم انتقل الى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل والشباب ودرس في معهد المعلمين وهو موظف في الشئون الاجتماعية وبعد تخرجه من كلية التربية عمل مدرساً لما يقارب خمسة وثلاثون عاماً في مدارس أمانة العاصمة صنعاء كان آخرها مدرسة عثمان بن عفان للبنين ثم انتقل لمدرسة حليمة للبنات عمل خلالها بتفاني واخلاص محباً في عملة وتلاميذه كما بادله كل تلاميذه من البنيين والبنات حباً بحب وقد درس مادة الفلسفة - مجال تخصصه - التي كان يعشقها كعشقه للسياسة التي تعاطها مبكراً حين كنا في ريعان الشباب مجموعة من الطلبة نسكن في منزل متواضع في حي اللكمة بالقاع ( عزابي) كنا حدود عشره نزيد احياناً عندما يأتي الينا وافدين جدد وننقص اذا غادر بعضنا الى سكن اخر او مدينة اخرى وكانت اعمارنا ما بين 20 الى 30 عاماً فقط كان الاستاذ عبده ربما في الثالثة او الرابعة والعشرون من العمر حينها وكان شغوفاً بالقراءة والروايات والمجلات والصحف وخاصه منها السياسية اتذكر حديثه عن فوائد القراءة والاطلاع وحينها حببني بالقراءة ودلني على الرواية العالمية الام للكاتب العالمي الروسي \ مكسيم غوركي ورواية الارض الطيبة للكاتبة الأمريكية \ بيرل باك التي كانت تقيم في الصين الشعبية ثم تطورت علاقتنا بالقراءة وكان هو السبب في ذلك من الرواية والصحف والمجلات الأدبية الى اشعار الشاعر الكبير \ محمود درويش وصلاح عبد الصبور واحمد حجازي و د. عبد العزيز المقالح والمفكر عبد الله البرودني ثم وفر لنا اشرطة الكاسيت لأشعار محمود درويش بصوته الرائع والشاعر ايمن ابو شعره وكانت جل قصائد هذا الأخير عن الاشتراكية ورموزها.

كان يحدثنا عن لينين وماركس وانجلز وكاسترو والمناضل الأممي تشي جيفارا بكل حب واعجاب ولم اكن انا شخصياً حينها اعلم بانه اصبح عضواً فعالاً في الحزب الاشتراكي حتى تم اعتقاله من قبل الامن الوطني وهو يوزع منشورات وقد صدمنا حينها لوقوعه في الاسر في الامن الوطني الذي كان مجرد اسم الامن الوطني يثير الفزع والخوف في نفسوس كبار الرموز الوطنيه آنذاك فكيف بطالب يلقى القبض عليه بتهمة توزيعه منشورات سريه وعضوية الحزب الاشتراكي وقد كان اعلام الدولة آنذاك يصور الاشتراكي على انه كافر وكان المقبوض عليه في الامن الوطني حينها يعتبر في حكم الميت او المفقود لأنه كان ممكن التساهل في كل شيء الى تعاطي السياسة وخاصه الانتماء الى الحزب الاشتراكي .

 والاشتراكية لم تكن في حياة الاستاذ \ عبده مجرد شعار سياسي بل كانت سلوك يمارسه في حياته اليومية فقد كان في فتره من فترات حياته يملك سيارة - من والده الذي كان مغتربا في جده ويعمل في تجارة السجاد الأفغاني والايراني الفاخر -  ما زلت اتذكر لونها البني واسمها تويوتا كرونا وكنا اذا خليت جيوبنا من المال -  وكان يحدث هذا كثيراً – ولم نجد ما نأكل يسلم مفتاح السيارة لواحد من الاصدقاء لتوصيل مشاوير – اجره -  وعندما يحصل على مبلغ كافي للوجبة المطلوبه يأتي ونحن جميعاً في انتظاره ثم نذهب بالمبلغ الى اقرب مطعم او الى بوفية الحمادي في القاع امام سور جامعة صنعاء القديمة تلك البوفيه التي تحملت كثيراً من الناس -  ونحن منهم -  حيث كان البعض يضطر الى طلب واحد سندويتش بالجبن وواحد نصف حليب ويأكل ويذهب دون حساب وكان الحمادي  صاحب البوفيه - والمباشرين يعلمون ذلك ويتغاضون ومع اول فرصه لقضاء الدين كان البعض يدفع ما عليه والبعض الاخر لا يدفع  ليس احتيالاً او طمعاً ولكن الظروف لا تسمح.

ومع كل ذلك كانت الحياة جميله ورائعة وكانت اخلاقنا  رفيعة  وضمائرنا يقظه لانعرف المناطقية أو المذهبية او الخصام وكان وجود كوكبه مستنيره كالأستاذ عبده مساعدين على تهذيب نفوسنا وتمسكنا بالسلوك الاجتماعي السوي.

خروج الاستاذ عبده من سجن الامن الوطني وقد عذب وضرب وعلق ومن حينها وهو يحمل داء الكبد ويصارع الأمها وكنا نظن أنه لن يعود لتعاطي السياسة ولكن الرجل وهب نفسه للوطن مع كوكبه من زملائه ( الرفاق) وكان جلهم من محافظة تعز لاْن ابناء محافظة تعز هم الاوائل والرواد في حمل راية التغيير دائماً وهذه حقيقه لا نستطيع تجاهلها.

خرج الاستاذ عبده وهو مازال على عهده يعمل من أجل التغيير وتحت ظروف سريه للغاية لأنه اصبح ومن معه تحت المجهر ومراقبون بكثافه من الامن الوطني ومع ذلك استمروا في اداء رسالتهم الوطنية حتى قيام الوحدة اليمنية والسماح بالتعددية الحزبية فعملوا بالنور على رسالتهم بحريه برغم ما وأجهوه ايضاً من ضربات في كوادرهم ومقراتهم واستمروا يعملون بكل نشاط وحيوية ويدفعون الاشتراكات دون تأخير .

 وكان الاستاذ\ عبده ناشطاً في 2011م فيما سمي بالربيع العربي وكان متواجداً بالساحة من أول يوم حتى اخر يوم متفائلاً بخروج اليمن من ازمه قائلاً دائماً الشعوب لا تقهر اما الطغاة فلهم اعمار محدودة وفي النهائية يتوقفون اما الشعوب فعمرها متجدد بتجدد أجيالها.

اخيراً ترجل الفارس عن جوداه ورحل عنا حاملاً أمله ونحن ننتظر وندعو ان يتحقق هذا الاْمل وندعو لصاحب هذا التفائل بالرحمة والمغفرة

والاستاذ\ عاش تلك الحياه الحافلة بالعطاء التربوي والسياسي من اجل الوطن ولم يكن يسعى لمنصب او مال او جاه قانعاً بتأثيره الايجابي في أصدقائه وتلاميذه وبيئته ولذلك بقي بدرجة معلم طيلة حياته التربويه غير مبالي بما وصل اليه الوصوليين والمتسلقين .

رحم الله أستاذنا الراحل واسكنه فسيح جناته وألهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون .

قراءة 1193 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة