كان مغرورقاً بالحنين الى صنعاء ، لكنه أحس بعبء حاد في ابتسامته الوديعة الذاهلة ، ولذلك صار يتدفق في موته المحقق أنيقاً وفاتناً ومأهولاً بالألم الحلو وبمواساته للغرباء .
ثم وسط شعورنا انه في الطريق الى حفلة تنكرية- لابد انه سيرجع منها سريعاً ، وعلى يمينه شمس يابسة ، بينما في يساره نجمة مكسورة- كان اكثرنا اكتمالاً ورجاحةً بخفته الشفيفة منقطعة النظير ، لكنه لم يتوقع بأن موته العمومي سيكتظ بالحكايات الخصوصية للأصدقاء والرفاق ، خصوصاً من الأوغاد والملاعين الذين- بكل سعادة ومحبة -غنى وشرب وبكى معهم ، أو خاصمهم وعاندهم وتمرد عليهم.
ولذلك -كلما تذكرنا شكل انغماسته الموجعة والأليفة في شئون البياض الصعب -سنتفهم روحانية عرعراته الساحرة واللامتوقعة والطائشة جيداً ، كما سنعتز بسيرة مرحه الأسطوري المفرط والمقاوم والعابر للقارات .