من يصنع الانتحاري ؟

الجمعة, 04 أيلول/سبتمبر 2015 00:47 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

-1-

اكثر شخصية قاتلة تثير حيرتي في هذا العالم-بعد القناص- هي شخصية الانتحاري ..هناك فرق بين المنتحر الذي يودي بنفسه فقط لأكثر من سبب نفسي، وبين الانتحاري الذي يودي بالآخرين معه .. هذا النوع افرغوه من عقله وعاطفته وتمت تعبئته بالبارود والسيطرة المسبقة على ارادته . غير ان انتقامية شديدة يوجهها الى ذاته كل انتحاري كما اتخيل، في حين تتضاعف تلك الانتقامية حين يقرر توجيهها على الاخرين لاشك . كذلك فإن الانتحاري من الصنف المشحون بالكبت والانفعال والاغتراب والشعور العصابي بالاضطهاد والعدوانية معاً ، كما ان كل انتحاري لابد يتعرض لجرعات مكثفة ومخططة من التهييج والاستلاب والتعبئة ، لتكسوه غلالة من التصورات الدينية المنحرفة والوهمية التي تسوغ له سمو ما سيقوم به.
لكن في العمليات الارهابية ذات الشأن الديني تزيد حيرتنا تجاه الانتحاري من ناحية ان هنالك فرق ديني واضح بين الشهادة والانتحار، اي ان قتل النفس من المحرمات الدينية الواضحة، مالا يتسق مع شخصية اي متدين طبيعي كما يفترض .والمعروف ان من يمشون في ذات الطريق الارهابي بمختلف دوافعه الدينية او المسيسة يطلقون على الانتحاري صفة الاستشهادي ، كما يؤكدون وباقتناع ملفت انه باع نفسه رخيصة في سبيل الله
والشاهد ان الانتحاري هو الانموذج الاعلى لشكل الهوس الديني المتطرف والمشين الحانق على الذات والاسرة والمجتمع.

ويبدو من الواضح ان هناك خبراء باصطياد هذا النوع من القنابل الموقوته ، فضلاً عن خبراء بالسيطرة النفسية والايديولوجية عليهم ، وخبراء بإعدادهم للمشهد الاخير، بعد ان يكونوا قد غرسوا فيهم الكراهية بإتقان ، و اعدوهم رويدا رويدا للاقتناع السعيد بالموت لأسباب جهادية وجيهة ستفضي بهم الى فردوس الراحة الابدية . بل لربما هناك نوع من العقاقير صار يتم استخدامها على الانتحاري اثناء تهيئته من شأنها ان تساعد في اصابته بنشوه نيله رضا السماء، اضافة الى رضا ظلها في الارض ، واعني الامير او الشيخ، المتحكم والمتسلط و صاحب فتوى اباحة تفجير الانتحاري لنفسه ، بحيث تجعله يقدس عظمة مقصده ، عبر تأثيرها السحري المغشوش الذي ينشط غالباً في اوساط التخلف والفقر والجهل.

-2-

ما حدث للمصليين الابرياء في جامع المؤيد امس، جريمة بشعة يهتز لها كل ضمير سوي. إلى هذا الحد صرنا مجتمعاً تتعدد فيه ثقافات الموت التي تحشد ايامنا بالغوائل . رحم الله كل الضحايا واللعنة على مهووس الجنة المنتظرة، فضلاً عن كل الذين يؤججون ثقافات الموت وهي تعمل على نشر الكراهيات وتبرير الارهاب وخلط الاوراق وتفكيك المجتمعات والدول، كأنما يمارسون لعبتهم المفضلة على جهاز البلاي ستيشن..

 

قراءة 4358 مرات آخر تعديل على الأحد, 06 أيلول/سبتمبر 2015 21:25

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة