اختبار الدعاية بأرواح الناس

الأحد, 05 حزيران/يونيو 2016 17:59 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

مع كل جريمة ملفتة، يعيد صالح وأجهزته الخفية، اختبار الدعاية بأرواح البسطاء كما أعتاد أن يفعل دائما. ولديه تلك الطريقة التي تميز ديكتاتور يعيش بالجريمة عن مجرم عرضي: الاخراج الجيد ينعكس في صورة دعاية جيدة.

في جريمة أمس الأول التي ارتكبت في الباب الكبير بتعز، أراد صالح أن يفحص مدى لياقة مجنديه وقدراتهم في الدعاية. لذا رأينا ذلك التقرير المضحك الذي وقع من قبل شخص يدعى محمد عبدالله بن نائف وآخر يدعى الجنيد، وقد نسب الجريمة إلى المقاومة.

وهكذا رأينا كيف اندفع كثيرين لنشر الدعاية التي ستهدف إلى تبييض سجل صالح الموغل في الجرم بحق مدينة تعز، على الأقل خلال هذه الحرب.

منذ البداية أمعن إعلام الرجل على تصوير ان هذه الحرب يخوضها الحوثيين فقط. وبعد أكثر من عام، بدا أن الفشل قد نال من تلك الآلة الدعائية الضخمة. هذه الحرب هي حرب صالح في الأساس، كما هي حرب الحوثيين. ذهب الزمن الذي كان يسهل فيه تغطية عيون الشمس.

ما يدعو صالح إلى اختبار الدعاية بأرواح الناس، هو نجاحات سابقة أو ما يعتقد أنها نجاحات. فهو مثلا نجح في إقناع قطاعات واسعة في الجنوب أن الإصلاح هو من حاربهم، ونجح في إقناع الحوثيين أن الإصلاح هو من حاربهم. على أن الأمر ليس قناعة أكيدة بقدر ما كانت ظروف قد ساهمت في إظهارها على شكل قناعة. الجميع يعلم أن صالح هو رب الحرب في هذه البلد، والإصلاح ليس بريئا على أية حال، وإذا ما عاد الزمن إلى الوراء فسوف يحارب الجنوب إلى جوار صالح ولن يعترض على حرب الحوثيين لكن الإصلاح ومحسن وبيت الاحمر والزنداني يحتاجون لرجل يمتلك نوازع إجرامية مثل صالح لكي يقودهم إلى الحرب التي تحقق مصالحهم. هل حقا الإصلاح هو من أطلق القذيفة على الباب الكبير؟ وماذا عن قرابة عشرين قذيفة وصاروخ تساقطوا على أماكن متفرقة داخل المدينة؟ ماذا عن القصف الذي لم يتوقف منذ أربعة أيام؟ هل الأمر يتعلق فقط بجريمة ملفتة؟

"تلك الأسلحة ليست في متناول يد المقاومة". يؤكد مقاتل ليس له مصلحة في الدفاع عن الإصلاح. وهذا ليس موضوعنا على أية حال.

الدعاية ليس بالضرورة هدفها قلب الحقائق رأسا على عقب، قد يكون من بين أحد أهدافها جر الناس إلى مربع آخر، جرهم إلى نقاش عقيم وكتابات قد تشبه هذا النوع الذي اكتبه الآن، وذلك لكي تمر الجريمة بسلام.

غير أني هنا لا أناقش احتمالات أن يكون الإصلاح هو من يقف خلف ارتكاب الجريمة وفقا لذلك السيناريو المعد، أو دحض مثل هذه الاحتمالات. فأنا أرى انه من المعيب حقا مجرد التفكير بأن هناك طرفا آخر قد يرتكب جريمة نعلم جميعا أنها تحمل بصمات صالح والحوثي. إذا لم يساعدنا المنطق فليساعدنا التكرار.

وبالرغم من ذلك، علينا ألا نسمح بالاستغفال. علينا أن نؤكد المؤكد مرات ومرات، لطالما وجدت دعاية منظمة تحلم في أنها تستطيع ذر الرماد على العيون مجددا. الأمر يتعلق إذن بكل ما مر وليس بحادثة معينة.

مثلا عندما ارتكبت جريمة جمعة الكرامة برصاص قاصي صالح، حاولت ألة الدعاية هذه ان تلصق الجريمة بعلي محسن. وكان هناك المسافرون في وسائل النقل العامة طوال الوقت، وكان هناك مرتادي المقايل المختارة بعناية وكان هناك حتى زوار غريبين أصبحوا أصدقاء ساحات الثورة، وكلهم يتحدثوا عن الجريمة التي ارتكبها محسن. وهؤلاء لا يعوزهم إيجاد الدليل فمحسن هو من أفرج عن القتلة الذين كان يفترض محاكمتهم. يصلح مثل هذا القول أن يكون دليلا على جريمة أخرى لاحقة، أما الجريمة الأم فدليلها لابد أن يكون سابقا على حدوثها وفي الأثناء.

من أحرق ساحة الحرية، من قتل أصدقائنا في المظاهرات، من شن هذه الحرب، من حاصر المدينة وقتل سكانها في المعابر، من دمر أحياء سكنية بكاملها وقتل الأطفال والنساء، من يمتلك مخبرين ضعف المشتغلين في المهن الحرة. هذا هو القاتل الذي لن يكون من السهل نسيان ملامحه.

نجحت دعاية صالح في إقناع الأغبياء أن الإصلاح وحده هو من شن الحرب على الجنوب، وأن الإصلاح وحده هو من شن الحرب على الحوثيين، لكن الخيبة كانت مريرة عندما فشلت الدعاية في إقناع اليمنيين أن هناك طرف آخر غير صالح وبلاطجته هو من ارتكبوا مجزرة الكرامة. وهذا ما يميز الثورة على أية حال. بإمكانك أن تغالط الناس لسنيين طويلة لكن ليس عندما تندلع الثورة، مهما تكن الدعاية محكمة. وتعز اليوم هي تعز 2011، بل أن الوعي الثوري قد تنامى بصورة غير مسبوقة، وهو عصي في وجه الدعاية.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

قراءة 2210 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 حزيران/يونيو 2016 18:17

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة