الجنوب ليس عنصرياً يا شيخنا

الإثنين, 08 أيلول/سبتمبر 2014 22:55
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

استعجلت صديقي "حمزة" –مواطن شمالي قدم من صنعاء إلى عدن لتصميم موقع إلكتروني جنوبي – لإداء صلاة جمعة "معاً من أجل الجنوب " ، ولقد كان صديقي متلهفاً لمشاهدة تجمهر للحراك الجنوبي خصوصاً وهو دائماً يشاهد الشغف الذي أحمله عن قضية بلدي وتمنى منذ سنوات لو يزور عدن ليشارك في ثورة الجنوب ، وهي بحسب انطباعاته الأولية : الثورة التي يحلم أي شخص أن يكون واحداً من أبنائها ..

أخيراً وصلنا ساحة المعلا وشاهد حمزة جموع غفيرة من المصلين يستمعون لخطيب الجمعة ، وكيف يتوشح أغلبهم بعلم جمهورية اليمن  الديمقراطية ، وبرغم حرارة  الشمس كان يبدو كما لو أن الناس يستضلون تحت عرش الرحمن .

كنت شاهداً على نظرات صديقي حمزة المتعجبة لكل ما كانت تقع عليه عيناه..مشاهد لم يألفها من قبل ، وكنت مستمتع ايضاً وانا أشارك صديقي  تجربته الجديدة وهذه المرة داخل عدن وفي أكبر ساحات الجنوب شعبية...

أنهمكت في النظر إلى صديقي ولم أكن مركزا في حديث الخطيب إلا حينما أخذ يدعو على صنعاء بدعاء لم يسبق لخطيب يهودي أن يدعي فيه على المسلمين ، لقد كان يتوسل إلى الله أن يحرق صنعاء ، كان يشتم الدحابشه وكأنهم أعدائنا وأعداء الأمة الإسلامية ، وكأنه -وأقصد هنا الخطيب -يريد أن إقناع الله بضرورة أحراق صنعاء وأهلاك الدحابشة انتقاماً للجنوب .

تغيرت ملامح وجه صديقي الشمالي الذي تفاجأ كما تفاجأت أنا من دعاء خطيب الجمعة وتلفظه بألفاظ لا يجب توريطنا بأنها تمثل ديننا الإسلامي المعتدل . لقد شعرت حينها أن الخطيب بدعائه يريد أثبات لمن حضر الجمعة كم هو جنوبي ومن أخلاصه لقضيته يريد أن تهلك صنعاء بمن فيها...وكم كان بالنسبة لي  صغيراً لا يفقه عن قضية الجنوب  شيء ، سوى بعض الأدعية التي يؤلفها في لحظات سأبرر لنفسي أنها حماسية لا أكثر.

في السابق كنت أخبر صديقي حمزة رداً على الاشاعات التي تروج  على إن الحراك يستهدف مصالح  الشماليين في عدن، وقد حصل  حقاً أنني أكثر من مرة أقنعته بأن تلك مجرد إشاعات  مصدرها حزب الإصلاح وفعلاً اقتنع وكان يدافع عن الجنوب والحراك في أكثر من مكان كان يردد فيه تلك الإشاعات.

الجمعة الماضية عجزت عن التبرير لحمزة  بأن الخطيب الذي أعتلى منصة الحراك ويحرض ضد  صنعاء ويستخدم لفظ دحابشة بكثرة مجرد استعارة من  حزب الإصلاح خصوصاً خصوصاً ودعائه لا يختلف عنهم كثيراً  ..كنت في مأزق حقيقة من خطيب يصور قضة الجنوب كقضية مناطقية ويستغل منبره في كلام فارغ .

أنزل حمزة يداه بعد أن كان يردد كلمة "آمين "لكل العبارات التي كانت تصب في مصلحة قضية الجنوب والانتصار لها وتوقف حمزة عن قول آمين وضاق المكان به ذرعاً ،وانا فعلت مثلة ليس تضامناً معه لأنه لا يريد أن يقول آمين بعد دعاء الخطيب الذي يتمنى إن تحرق صنعاء ...

 صنعاء التي تسكن فيها عائلة حمزة وأقاربه وأصدقائه وجميعهم أعرفهم وأعرف مواقفهم الشجاعة تجاه قضية الجنوب التي ربما يعرفونها قبل أن يأتي شيخ  لا يفقه حتى ماهي قضية الجنوب ولماذا خرج الجنوبيين يطالبون باستعادة دولتهم  ، ليأخذ مكاناً ليس مكانه ويستغله أسوأ استغلال ليظهر فيها الجنوب وقضيته كقضية صغيرة عنصرية وعادة ما تفشل القضايا العنصرية ولا تنتصر في خطابها الذي يعادي الآخرين.

عدت إلى المنزل برفقة حمزة الذي أخذه الصمت بعيداً عني ، وعند وصولنا إلى المنزل حزم حمزة أمتعته أستعداداً لمغادرة عدن ، وقد بدأ لي مستعجلاً كما لو أنه يريد الوصول سريعاً قبل أن تحرق صنعاء تلبية  لدعاء شيخنا الجليل .

لقد شعرت كم كان يسخر ليس مني ولا من قضيتنا، أنما من قلة الحيلة التي وصلنا لها ووصل إليها من يمثلون قضية الجنوب ويعتلون منابره ،حتى وإن كان خطيب الجمعة "أنور الصبيحي" يمثل حالة شاذة داخل الهيئة الشرعية ، وهذا ما نتمناه.

تغيرت نظرة حمزة تجاه الجنوب وتجاه الثقافة التي طالما سمع عن رقيها ، وربما كل تبريراتي السابقة عن أن الحراك  ليس عنصرياً ولا يعادي أبناء الشمال البسطاء تغيرت لديه، وحمزة ليس الوحيد الذي ستتغير قناعاته تجاه قضيتنا ،ربما الكثير من عائلته التي كنت أعتبرهم من أكثر الأسر مساندة لقضية الجنوب في صنعاء.

ينبغي علينا مراجعة أنفسنا كثيراً ،وعلى قادة الحراك الجنوبي اعطاء أعضاء الهيئة الشرعية دروس عن تاريخ الجنوب المتسامح وعن قضيته اوعن الخطاب الثوري الذي يجب عليهم الالتزام به ..بعيداً عن الخطاب العنصري الذي يسيئ لقضيتنا ويضرها أكثر ما ينفعها ، وإلا فإن لا فرق بين رجال دين الجنوب ورجال دين الشمال الذين نعتبرهم مرتزقة ومستغلين للدين ..

لا اريد أنا ولن تسمحون  أنتم باستخدام الدين بذات الطريقة الإصلاحية، حتى لو شعر البعض أننا نملك الآن سلاحا قويا نستطيع أن نرد به على الشمال ورجال دينه الذين نعتبرهم رجال دين طالبين الله ، وكم نحن مخطئون حين نظن أن دعاء الجمعة الذي يكرس ضد الدحابشة سينتصر لقضيتنا ، وبالحقيقة لن يزيدنا إلا خسارة حتى لو رددنا "آمين" بعلو أصواتنا ، وإنا يستجاب لنا...

يجب إن تتفرغ الهيئة الشرعية وترتب أوراقها لتدير زمام مساجد عدن التي أغلب خطباؤها يدينون بالولاء للإصلاح وللجماعات الإرهابية الأخرى، وليل نهار شغالين ضد قضيتنا، وإلا فأنها ستصبح عبارة عن بوق لطرف جنوبي معين .

وبالنسبة لما جاء من حملة للشيخ الصبيحي حول الاشتراكيين الذين ينهال عيلهم بالدعاء ليلاً نهار ويبدو كما لو أنه في مهمة جهادية تكفيريه لا تختلف عن مهام رجال دين صنعاء في 94 ، أقول أن الحزب الاشتراكي هو من يجب أن يرد على خطب الصبيحي ..

هذا وأستغفر الله لي ولكم مما ردده "أنور الصبيحي " – بدون لفظ شيخ -وقلتم بعده آمين ..آمين .

قراءة 2337 مرات

1 تعليق

  • تعليق د\سعيد السبت, 13 أيلول/سبتمبر 2014 02:07 أرفق د\سعيد

    هذا شيخ فتنة ...ولعن الله من ايقضها مثله مثل الزنداني والديلمي وبيت الاحمر وامثالهم...

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة