أنصار الله بين الورطة و المستقبل

الثلاثاء, 27 كانون2/يناير 2015 19:44 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بدأت تناقضات أنصار الله تظهر وبسرعة شديدة نتيجة التحول السريع في مجرى المشهد السياسي اليمني أولاً، بإسقاط القوى التقليدية القبلية والعسكرية المتحالفة مع الخصم الإيديولوجي للجماعة ( حزب التجمع اليمني للإصلاح ) وثانياً نتيجة سوء الوضع الإقتصادي المتراكم للبلد ، و الذي يتحكم بالمزاج العام للناس و يتحكم بعملية الفرز الإجتماعي ، و أخيراً بسبب تخبط الوعي العام لشرائح المجتمع بذاتهم الطبقية و مصالحهم السياسية و المادية .
                تمكن أنصار الله بعد عزلهم السياسي في المبادرة الخليجية ، من توسيع النشاط الإجتماعي و توظيف تناقضات القوى السياسية داخل جهاز الدولة و المبادرة الخليجية المحتكرة للعملية السياسية نفسها وتوظيف الحراك الشعبي لصالح توجه التيار السياسي ما خلق قوة دفع قضت بتغيير موازين القوى كما شاهدنا جميعاً أثناء ثورة 21 من سبتمبر الماضي ، و أيضاً أعادت توزيع التناقضات و جعلت التناقض الرئيسي السابق ( أي تناقض قوى ثورة فبراير 2011 مع منظومة النظام السابق ) تناقضاً فرعياً مغموراً بالتناقض الرئيسي الذي شكلت جماعة أنصار الله فيه طرفاً رئيساً ، ما يعني ان هذا التناقض الرئيسي هو العامل المؤثر على جميع القوى السياسية و الإجتماعية في البلد ، بل أن كل الأحزاب السياسية في اليمن وبدون أي استثناء تتعرض لإنقسامات حادة في بُناها الجماهيرية و الشعبية أشدها ما يتعرض له حزب الأصلاح بشكل رئيسي و حزب المؤتمر أيضاً مع فوارق كبيرة بين القوتين بعد تغير موازين القوى في المشهد .
                    حزب الإصلاح تفسخ وضعف كمركز قوة مؤثر بعد سقوط أجنحة القوى التقليدية  القبلية و العسكرية التي تحكمت بقراره السياسي ، ما يقسم قاعدته الجماهيرية لفصيلين أحدهما تعود على النضال في ساحات الحرية و التغيير كما في ثورة فبراير وهذا الفصيل سينحاز للحياة المدنية ، و فصيل آخر سينحاز للإرهاب بفعل الشحن الطائفي و سقوط القوى التقليدية التي احتضنته ، كرد فعل على ما جرى ، وهذا التيار هو الخطير . 
                أما المؤتمر الشعبي صاحب القاعدة الجماهيرية العريضة سينقسم بين أنصار الله الذين يرثونه الآن بكل سيئاته الآن إن جاز التعبير  و نفسه كمؤتمر شعبي عام .
وهنا تمكن إشكالية عدم وجود شكل معين للأنتماء في حزب المؤتمر الشعبي الغير مؤطر في إيديولوجيا ، فهذه القاعدة ستنقسم إلى تيار تخلص من كل الولائات السابقة يعبر عن إنتمائه للجماعة عبر تبني الإيديولوجيا الدينية ، و تيار آخر سيحافظ على مصالحة ويصنع الخيوط التي تربط بين تيار انصار الله و حزب المؤتمر الشعبي .
              و ما يبقى هو تيار أخير لا ينتمي للجماعة و أنما يحافظ على أنتمائه للحزب و هو التيار الأصغر  و في نفسه يعاني الحزب من وجود تيارين الأول ليبرالي و الأخر متطرف يقف على رأسه ( علي عبدالله صالح )
             إن مشكلة أنصار الله الحالية الآن هي في هذه الإنقسامات التي جرت على أكبر حزبين سياسيين في اليمن ، سواء عبر إنتاج التناقضات و الخصومات أو عبر التشوية الداخلي ، إن إشكال أنقسام المؤتمر الشعبي العام  هنا ليس بهذه الخطورة في إطار القاعدة الجماهيرية ، بل تكمن خطورته في إنقسام مشائخ التيار القبلية و القوى النافذة التي ستمارس الفساد و تحافظ على مصالحها الإنتهازية تحت عبائة جماعة أنصار الله التي لم تتمكن من صنع تحالفات سياسية حقيقية حتى الآن مع الكثير من قوى اليسار و التغيير ، بل في الحقيقة تغاضت الجماعة عن صور كثيرة لفساد هؤلاء النافذين الذين أنطوا تحت راية ( السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ) لمصالح أنتهازية ، وخافت الجماعة من القيام بشيئ بصددها خوفاً على القاعدة الجماهيرية التي اصبحت تحضى بها من قبل هذا الحزب و المرحب بإنخراطها في الجماعة من قيادته السياسية .
                 بل أنها أصبحت تتحكم بالمزاج العام للجماعة ، وهذا خلط كبير بين التباينات و التناقضات التي حصل عليها تيار أنصار الله من خلط بين الايديولوجيات المتخلفة و منظومات الأفكار و المصالح السياسية و الطبقية .
                 أنصار الله يريدون أن يلعبوا دور المعارضة ، في حين أصبحوا هم السلطة في أمر واقع على الأرض ووعي جمعي للناس لا يمكن تغييره  و هذا غير منطقي ، وهنا حين يغيب المنطق تقع الأخطاء ( إنتهاكات ، تجاوزات ، إحتجاز ،إختطاف ، و قمع لمتظاهرين سلميين ) أي ضرب عنيف في مصفوفات القيم و الأخلاق  .
                 وهذه قله خبرة سياسية و ذهاب للهاوية بوعي كامل و إدراك ، و الحل الآن هو التخلي عن منطق القوة و الغلبة وتحقيق الشراكة الحقيقية، بتحرير الجماعة من شوائب الفساد السابق ، و إعادة صياغة تحالفاتها السياسية لآنها بهكذا عزل سياسي إجتماعي و تحالفات غير واضحة تعمل على تشويهها من الداخل، تثير حفيظه الجميع وتوجسهم ما يسهل تحريضهم على الجماعة التي تسلك مسلك الإصلاح نفسه لا محالة .
              
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قراءة 2006 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة