الشعوب المتصالحة مع ذاتها استطاعت طي صفحات الصراع ومضت للحاق بركب الحضارة والبناء .. العرب عالقون في مضمار الصراع ذاته فلا قدرة لديها في تجاوزه فتلازمه الكساح التصالحي إن جاز لنا التعبير والوصف نابعة من إرث مثقل بالكراهية والتعصب ومخزون وفير من ثقافة الإقصاء ونوازع الانتقام والإلغاء الوجودي للآخر .

وإذا ما دققتا في مفهومي التسامح والتصالح لوجدنا الأخير أكثر تعبيرية ودلالة من الأول.. فمفهوم التسامح يصدر عن تصور افتراضي يجعل من احد الأطراف مسؤولا عما حدث من جرائم وانتهاكات بحق الآخر المطالب عن العفو والتنازل عما حيق من انتهاكات ويسقط المسؤولية عن المنتهك سياسيا وجنائيا تطبيقا لمبدأ التسامح يختلف الأمر في مفهوم التصالح القائم على الندية بين الأطراف وتوزيع المسؤولية فيما بينها وهذا يخلق مناخ مواتي بشكل افضل للدفع بإنجاز عملية التصالح وطي صفحات الماضي بكل آلامه وجراحه والقطيعة مع موجبات الصراع والتناحر ... ومن هنا اجد مفهوم التصالح أكثر شمولية وأقرب الى واقع أحداث الصراعات .

ولو أسقطنا هذه المفاهيم على مرحلة التهيئة والتحضير لتحقيق الوحدة اليمنية فهل كان بإمكانية الحزب ان ينجز عملية تصالح وطي صفحات الصراع ليوحد صفة ويدعم موقفه ويقطع الطريق على القوى المتربصة به ويحرمها من استخدام أثار الصراع لتشويهه وإضعافه أو لتبرير جرائم الاغتيالات والتصفيات بحق رموزه وكوادره ..

بل انه لو أنجز عملية التصالح كانت ستعتبر مقدمة لما ظل يدعو اليه من وجوب إجراء مصالحة وطنية شاملة ولا أعطت مطالبه زخما ومصداقية أكبر .

مالم ينجزه الحزب الاشتراكي اليمني قبل الوحدة استطاعت قوى الحراك السلمي الجنوبي إنجازه وبالتأكيد الحزب في قلب العملية رغما عن النظام الذي عمد الى استخدام كل أدواته ووسائله القذرة للحيلولة دون إتمام عملية التصالح والتسامح في ظل القمع والملاحقات وحملات التخوين والتشويه لتمثل تلك الخطوة الجبارة بادرة مهمة كان لها الفضل الكبير في تصاعد صوت الحراك السلمي الجنوبي كمعطى جديد يصعب تجاوزه والتقليل من تأثيره المتنامي ما تحقق مثل استثناء عن الحالة العربية السائدة .

للاشتراك في قناة الاشتراكي نت على التليجرام اضغط على الرابط التالي

https://telegram.me/aleshterakiNet