وصولا إلى ثورة 14 أكتوبر 1963م التحررية المجيدة.. ثورة مكتملة أهدافها الرشيدة مميز

  • الاشتراكي نت / كتبه - أحمد عبدالرحمن قرحش

السبت, 14 تشرين1/أكتوير 2017 20:05
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

ثورة 14 أكتوبر 1963م كانت حصيلة حركات و انتفاضات سبقتها في أكثر من موطن في الجنوب كما كان الحال مثلها في الشمال , وان كانت الأبعاد ذات القاسم المشترك في الشطرين غير موحدة التحرك , لكن الأهداف تقريبا كانت غير بعيدة في الرؤية . لقد كانت الحركات المسلحة وغير المسلحة في أكثر من محطة من محطات النضال في الحالتين هو مقاومة طغيان الاستبداد والتخلف في الشمال والاحتلال في الجنوب والذي كان في حقيقة الأمر احتلال.

لقد اشترك الشطران في تحرك في عام واحد صدفة فقد كانت الثورة إن صح التعبير في عدن ضد اليهود عام 1948م التي لم تكن فقط انتقام لمقتل إبراهيم مقبل في وسط كريتر ضربا حتى الموت على يد اليهود.

أنها في الحقيقة كانت ثورة غضب ضد الاحتلال البريطاني الذي يرعى الجالية اليهودية إن صح التعبير مع أنهم مواطنين كسائر الجاليات التي كانت حاصلة على الجنسية العدنية المحتلة . وفي نفس العام إذا كانت عدن قد عبرت عن غضبها تجاه الانجليز فإن صنعاء في الشمال قد عبرت عن غضبها بقيام ثورة 1948م ضد الإمام يحيى المستبد في الحكم.

- في الأولى كانت كالإعلان ضد المحتل الانجليزي والمطالبة برحيله كبداية غضب.

- في الثانية كانت الثورة ضد الإمام والتي حملت معها دستورا وقانونا وتحديد مهام الحكم في البلاد.

وإذا كانت نواة حركة وطنية في عدن ممثلة في العمال والطلاب والأحزاب قد بدأت نواتها تتكون فإنها من أجل إخراج المحتل منها.

في الوقت نفسه كانت عدن حاضنة لتجمع ثوري تحرري شمالي ضد الاستبداد.

إن الشطرين في المرحلة الزمنية الأربعينية التاريخية كان الهم الأكبر عندهما هو العمل من أجل التحرر من الاستبداد والاحتلال.

مرت مرحلة ما بعد 1948م في الشطرين في نفس التوجه المنشود والكل سلك مسالك صعبة غير موحدة وان كان في الشمال أصعب , كان حد السيف الذي استخدمه أحمد حميد الدين وقطع به رؤوس المناضلين دون محاكمة وملئت سجون صنعاء وحجه بمن كتبت لهم الحياة ومن خيرة طلائع رجال الثورة ومن كل قطاعات المجتمع وفي مقدمتهم العلماء الكبار كانت أشد قسوة وأشد مرارة.

ولم يقف الحال عند 1948م فقد برزت 1955م ولم تكن صدفة وإنما تراكمات جرائم المستبد أفرزتها .

إذا كان الشطر الشمالي يخوض نضالا منفردا فان الشطر الجنوبي كذلك يخوض نضالا مستقلا.

لقد خاض الشطر الجنوبي حركة نضالية ضد الاحتلال في عدن وخارجها فظهرت انتفاضات في أكثر من منطقة في شبوة – في أبين – في لحج –في الضالع وكان الاحتلال يواجهها عسكريا وبقوة إلا أنها كانت أخف وطأة إجرائيا ضد المعارضة والمسلحة في بعض منها من حكم الإمام , فالاحتلال لم يستخدم حد السيف وسجونه كانت أرقى بكثير من سجون صنعاء وحجة.

تشابهت الحركات اليمنية الداخلية والمتطلعة إلى التحرر من أنظمة مستبدة أو مستعمرة ولا تختلف عما يجري في الوطن العربي من محيطه إلى خليجه في الدول والأقطار كافة دون استثناء وفي وقت يتحفز العالم المستبد به أو المستعمر للخلاص منهما والقضاء على القائمين عليهما.

إن الجور الذي حل باليمن شمالا وجنوبا كان في أكثر البلدان العربية والبلدان الأخرى المتطلعة إلى الانعتاق ولكنه كان أكثر جورا وأكثر تخلفاً.

الجنوب رزح تحت الاحتلال قرابة ثلاثة عشر عقدا من الزمن لم يبن فيه مشروعا واحدا يمكنه الرفع من مستواه إلا ما تم انجازه في مدينة عدن لأنها مركز قيادة الاحتلال وما تم فيها كان خدمة لها بالمقام الأول لأنها البوابة والمحطة للإبحار والطيران بين الشرق والغرب والعالم وبالأخص الاتجار إلى اكبر مستعمرة بريطانية وهي الهند الواحدة قبل انفصال باكستان وبنجلادش , وان وجد خط أسفلتي فهو محدود جدا وكان بالمقام الأول أمني لخدمة الحامية العسكرية وهو الخط الممتد من عدن إلى الضالع متأخرا ومثله أقصر امتدادا إلى زنجبار أبين.

إن ثورة ضد اليهود في عدن قد فتحت باب التطلع إلى آفاق المستقبل ولا سيما بعد أن عاش العدنيون أو الكثيرين منهم في لندن وتعرفوا على حياة الغرب وبالأخص بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وعرفوا حياة العالم الحر الذي كانت تحكمه الأحزاب في نظم ديمقراطية تسير أمور المواطن من خلال قيام تجمعات مختلفة , الطلاب , العمال , المنظمات المتعددة الأسماء والمهام المدنية بما فيها حقوق الإنسان الذي لم يكن موجودا في عدن بالرغم من أنها كانت مستعمرة محسوبة على النظام البريطاني أي أنها لم تكن مثل استراليا أو نيوزلندا في التعامل (بالرغم من أنها كانت تحت العلم البريطاني الخاص بالمملكة!) وكذا خريجي لندن من المدارس والجامعات وممارسة أعمال التجارة والأعمال الفنية المختلفة , هذه النواة خلقت وعيا سياسيا وتكونت من وجودها تجمعات سياسية وعمالية وحزبية مختلفة المشارب الثقافية – القومية – الاشتراكية اليسارية والمحلية باستثناء الأحزاب الغربية ومرد ذلك سوء إدارتها في المنطقة بشكل عام وفي عدن بشكل خاص..

الأمة في الشطرين قاست مرارة الحكم المستبد والمستعمر وخاضت نضالا ممهور بالدم والدمع وهجرت حملة الأفكار الوطنية المخلصة لأمتها وعانت الأمة شدة المعاناة.

جاءت ثورة 26 سبتمبر 1962م وكانت بداية النضال المشترك أو الموحد لأن القوى التحررية في الوطن العربي حكومات وأحزاب ودول وقفت إلى جانبها وفي المقدمة الجمهورية العربية المتحدة مصر الشقيقة, مصر العروبة بقيادة ناصرها جمال عبد الناصر الداعم بالمال والحال والرجال تغمده الله بواسع رحمته.

وقف أيضا مع ثورة سبتمبر 62م العالم المتحرر والحر بشكل عام وفي الطليعة دول العالم الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي الصديق والعالم الكبير الثائر الصين الشعبية وكان لهذا الدعم دوره الايجابي الكبير في توحيد الرؤية الثورية اليمنية النضالية حيث هب شعب الجنوب ومن كل مدنه وقراه وصحاريه حاملا سلاحه دفاعا عن الثورة وتحصنت جبهات القتال برجال الجنوب في كل الجبهات التي فتحت ضد الثورة في أكثر من منطقة بدعم رجعي استنادا إلى ما كان يسمى عادة بالحكم الملكي ألإمامي إلى سدة الحكم . لقد كان للدعم التحرري الفضل الكبير في توحيد النضال المشترك وتوحدت فيه كل القوى وكان للجنوب فضل كبير بدعمه السخي بالمال والرجال.

هذا الموقف التحرري شب سريعا كالنار في الهشيم ولم يمضي إلا حول واحد حتى تفجر بركان الجنوب 14 أكتوبر 1963م والذي حضي بتأييد قوى التحرر في العالم وهي التي وقفت مع ثورة سبتمبر دون استثناء.

إن ثورة 14 أكتوبر انطلقت بثقافة أوسع ففي فترة المخاض وتحت وضع ديمقراطي تحت سيطرة المستعمر والتي كانت رغما عنه وبالأخص بعد انطلاق الثورة العربية التحررية الشاملة فقد كانت لثورة أكتوبر كيانات سياسية ونقابية وان كان مقرها أو مركزها عدن إلا أن هذه الثقافة المتطلعة للاستقلال قد بسطت رؤيتها في مناطق الجنوب المحتل وامتدت بقوة إلى الشمال وان كان لها نواة صغيرة فيه قبلا.

إن شعلة الثورة الفكرية كان مصدرها عدن ولكن حملت مصابيحها أو شعلتها في الجنوب .. كل الجنوب.

لقد جاءت 14 أكتوبر ومعها تكوينات سياسية تختلف في برامجها لكن الهدف موحد , إخراج الوطن من رتبة الاحتلال وتوحيده في كيان موحد بعد أن كان مجزئا في كيانات بعضها كيانات لا تتعدى سكانه عشرين ألف نسمه كما كان يسمى بالمشيخات.

لقد خاض شعب الجنوب نضالا شرسا من أصغر كيان في الريف إلى أكبر منه في المدن وكانت الثورة فيه تمثل أحزاب واتحادات , حركة القوميين العرب (الجبهة القومية فيما بعد) وجبهة التحرير ورابطة أبناء الجنوب والبعث العربي الاشتراكي واتحاد العمال وقوى مستقلة كان يطلق عليهم قوم أحمد سعيد المذيع المشهور في صوت العرب بالقاهرة والذي كان صوتا عربيا تحرريا أشعل الثورة في قلوب العرب من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.

إن ثورة 14 أكتوبر في المقام الأول وحدت الكيانات الثورية الجنوبية في كيان واحد – الأغلب ما كان يطلق عليها القوى التقدمية – في دولة اليمن الديمقراطي الشعبي الموحد - أخرجت الاحتلال وقضت على الفوارق بين الطبقات - عمل الكيان الموحد وبكل فصائله لرفع مستوى حياة المواطن دون استثناء – قضت على الاستغلال الذي كان في أكثر من مرفق – اختار النظام الاشتراكي لإدارة شئونه وكان هذا الاختيار موفقا فقد سعى للقضاء على الأمية في كل أرجاء الوطن وحتى من كان يعيش في الصحاري من البدو الرحل , وخاض حربا للحفاظ على كيان الجنوب من العودة إلى حكم الاحتلال ممثلا في الكيانات التي أنشئت في ما كان يسمى بالمحميات

– الصحة نالت كل مناطق الدولة وان كانت في حدها الأدنى

– المواصلات وصلت كل المدن وكثيرا من قرى وتجمعات الريف

– أوجدت الأعمال لكل أبناء الدولة في المدينة وفي الريف

– أيضا أقامت المزارع العامة التي يعود ريعها لكل مواطن. – بنت صرحا علميا ثقافيا واسعا ساده العلم الحديث في المسرح والسينما – قانون مساواة الجنس البشري وحد الإناث والذكور في المهام والواجبات وفتحت المصانع والمعامل وكل وسائل الصناعة الحرفية – جعلت الرئيس والمرؤوس سوية لا مواكب تخص حتى رئيس الدولة – ساد الأمن في كل ربوع الوطن جيش يحمي الوطن و امن يحمي المواطن

– مجتمع خالي من الفساد واقعا لا شعارا.

– أمنت الكهرباء و المياه و الاتصال التلفوني أشبه ما يكون بالمجان

– لقد كان للحزب الاشتراكي الموحد والموحد لكل القوى الفضل في تلك المسيرة الاشتراكية ولا يعني هذا انه لم تكن له أخطاء, وكان للقوى الأخرى المشاركة في الكفاح المسلح دورا في إخراج الاحتلال.

– لقد كان الحزب الاشتراكي الذي تولى الحكم صادقا وجادا في توحيد اليمن ولهذا ربى جيلا مؤمنا بهذا الهدف في وقت السراء والضراء وفي كل مراحل حكمه المختلفة بالرغم من التصدعات التي حلت به , لقد غدر بهذا الهدف وبمن صنعه من الأموات والأحياء.

– فلنحافظ على هذا النهج الذي من أجله ضحى أفضل رجال ونساء الجيل في كل ربوع الوطن الجنوبي الواحد، ليبقى الحزب الاشتراكي جناحا سياسيا عريضا وان كان قد نحل جسده لكنه لم يمت ولن .. والعاقبة للمتقين.

– تحية ثورية للحزب الاشتراكي ولثورة الشعب المتطلع إلى مستقبل أفضل .. وعاشت الجمهورية اليمنية موحدة الأهداف ديمقراطية النهج.

وكل عام وأنتم جميعا بخير...

أحمد عبدالرحمن قرحش

14 اكتوبر 2017م

قراءة 1180 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة