ملامح تسوية سياسية جديدة بدون هادي

  • الاشتراكي نت/ وسام محمد

الأحد, 01 شباط/فبراير 2015 21:39
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بعد ثلاثة ايام من الخطابات والمشاورات، خرج المؤتمر الذي دعا له زعيم جماعة "انصار الله" عبدالملك الحوثي، بتهديد ووعيد ليس هو الشيء الوحيد الذي تجيده الجماعة، لكن البيان الختامي كشف أن ذلك الحشد الضخم ليس لديه رؤية واضحة للخروج من الأزمة الراهنة المتمثلة بفراغ السلطة منذ تقديم الرئيس هادي وحكومة بحاح الاستقالة قبل نحو عشرة ايام.

خرج المؤتمر بتسع نقاط، وصفها البيان بأنها "مقررات وطنية وثورية"، وجاء في احدى هذه النقاط "إمهال القوى السياسية مدة ثلاثة أيام للخروج بحل يسد الفراغ القائم في سلطات الدولة". وهدد باتخاذ اللجان الثورية للإجراءات الفورية الكفيلة بترتيب اوضاع السلطة، من باب الاضطرار وليس لأن جماعة الحوثي تمتلك أفق ورؤية.

أصبح واضحا أكثر من أي وقت مضى أن جماعة الحوثي لا تستطيع أن تتفرد في اتخاذ القرار وسد فراغ السلطة، لأن قرار كهذا ستكون نتائجه كارثية على وحدة البلد واستقراره، خاصة وان اكثر من ثلثي اليمن لا يقفون مع الحوثي ولا يمكنهم التواطؤ في حال سيطر على السلطة. فرضت جماعة الحوثي نفسها كأمر واقع منذ 21 سبتمبر الماضي، وسيطرت على مؤسسات الدولة المختلفة، وعبر التهديد بالقوة ارادت فرض الهيمنة على القرار السياسي في البلاد، ليس لأنها لا تطمع للسلطة ولكن لأنها تمشي وفق استراتيجية الفتح وفرض الأمر الواقع في جميع المحافظات، وعلى المستوى العام القيام كل يوم بانقلاب مصغر يمكنها من السلطة تدريجيا.

جاءت استقالة حكومة الكفاءات واستقالة الرئيس هادي في 22 يناير الماضي، لتخلط الأوراق وتربك الأجندة الحوثية التي يبدو أنها كانت قد رسمت بعناية، لهذا يصفها زعيم الجماعة مغتاظا بأنها مناورة سياسية من الرئيس هادي، وتكرر نفس الوصف في البيان الختامي للمؤتمر الذي دعا اليه وانعقد في صنعاء على مدى ثلاثة ايام. لكن الرئيس هادي حسم أمره، فهو متمسك باستقالته، واصبحت القوى السياسية مقتنعة وتبحث خيارات ما بعد هادي.

باستثناء الهجاء ولغة التهديد والوعيد، يبدو أنه لا جديد على الجبهة الحوثية، وعلى الجبهة الأخرى وهي ليست مناقضة للأولى تماما، تواصل القوى السياسية بمكوناتها المختلفة وممثلين عن جماعة الحوثي، عقد سلسلة من اللقاءات التي يديرها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن جمال بن عمر، لم تفض ـ حتى الآن ـ إلى أي اتفاقات من شأنها الانتقال الى وضع جديد.

خلال الأيام الماضية، كانت قد تحددت ثلاثة خيارات لحل الأزمة وتقليص مساحة الفراغ في السلطة، الأول عدول الرئيس هادي عن استقالته، وهو خيار أصبح تقريبا خارج مساحة الممكن بسبب رفض هادي، رغم أن عودته لم تكن بالأمر المرحب به لدى عدد من الأطراف، وفي مقدمتها حزب الاصلاح وحزب المؤتمر، أما الحوثي فهو لم يحسم قراره من هذا الخيار وربما أنه كان سيقبل به طالما وهو المنفذ الأقل كلفة لتجاوز الوضع الراهن.

الخيار الثاني، مجلس رئاسي، وهو ايضا خيار جماعة الحوثي، غير أن عدم وضوح الآلية القانونية التي سيشكل وفقها هذا المجلس جعل من القوى الأخرى مترددة في التعاطي معه، وأخرى ترفض وفي مقدمتها حزب المؤتمر الذي يطالب بالتوجه الى البرلمان لحسم استقالة الرئيس، فيما الحراك الجنوبي رفض هذا الخيار وأصر على ضرورة ازالة اسباب استقالة الرئيس والحكومة.

أما الخيار الثالث وهو الخيار الذي بات في حكم المستبعد، هو الذهاب الى مجلس النواب، وذلك بسبب ان شرعية البرلمان اصبحت ناقصة إن لم تكن منعدمة، غير أنه بسبب غياب الشرعيات الأخرى فإن المجلس قد يستخدم لمباركة أي حل قادم من خارجه.

اصبح الخيار الثاني المتمثل بمجلس رئاسي هو الخيار الوحيد الذي يجري مناقشته الآن بين القوى السياسية، ومن المرجح أن يكون المجلس برئاسة شخصية جنوبية، لم تحدد بعد.

تشير المعلومات الأولية عن مفاوضات القوى السياسية، المتواصلة اليوم، الى أن المؤتمر الشعبي العام كان قد انسحب لكنه عاد بعد ذلك، أما السبب فلم يكشف بعد، غير أن أكثر التقديرات تشير الى أنه قد يكون بسبب ان مختلف المكونات السياسية باتت متفقة على البحث عن حل خارج قبة البرلمان، أما العودة، لعله بشرط عدم الغاء البرلمان الذي يسيطر حزب صالح على أكثر من ثلثي المقاعد فيه، وايضا منحه حق مباركة التسوية الجديدة، من باب انه الشرعية الوحيدة المتبقية بعد انهيار الشرعيات الأخرى للدولة.

وتأكيدا لهذه المعلومات، قال مصدر مطلع لـ"الاشتراكي نت" أن مباحثات اليوم اقتصرت على البحث في الأسس والمبادئ القانونية لأي حل قادم، بحيث لا يتجاوز المرجعيات المتمثلة بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة، واستكمال مهام المرحلة الانتقالية.

في 26 يناير قدم جمال بن عمر احاطته عن الوضع اليمني، امام اجتماع مجلس الأمن، ان امكانية ابرام اتفاق بين المكونات اليمنية لا تزال قائمة، وبما يتيح المضي قدما في العملية السياسية وفقا للمرجعية التي أسست لها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، وما تبقى من مهام آلية تنفيذ المبادرة الخليجية.

ما يعني أن هذا الخيار بات مباركا دوليا، وأن مجلس الأمن سيواصل دوره من خلال رعاية التسوية الجديدة، التي من المرجح أن يتمخض عنها مجلس رئاسي بمهام مزمنة، تنتهي بالاستفتاء على الدستور واجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، خلال مدة لا تزيد عن سنة.

رؤية الحزب الاشتراكي لحل الأزمة الراهنة، التي اطلقت يوم الخميس الماضي، كانت قد حددت ان إعادة ترتيب مهام وأجندات العملية السياسية وفقا للضرورات، هدفه الرئيسي العمل على استكمال استحقاقات المرحلة الانتقالية بمرجعيتي مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة. وقالت أن "أي ترتيب لها خارج هاتين المرجعيتين مرفوض تماما ولا شرعية له".

وحددت الاسس والمبادئ للخيارات التي ستنتهج لمعالجة الازمة السياسية الراهنة، أخذة في الاعتبار وكأولوية قصوى عدم التفريط او تبديد المكتسبات السياسية التي تحققت نتيجة لتراكمات كفاحية على المستوى الشعبي.

واشتملت الرؤية على ما يشبه خارطة طريق في كيفية التعاطي مع المرحلة الجديدة كما حددت مفهوم واضح للشراكة الوطنية التي يطالب بها الحوثيون وكانت أحد اسباب الأزمة. قالت رؤية الاشتراكي أن "الشراكة الوطنية تتم على مبادئ سيادة القانون والمواطنة المتساوية واحترام حقوق الانسان، وتقاسم السلطة والثروة وإعادة إنتاجها، - كما هو مبين في مستويات الحكم سلطاتها وصلاحياتها في الدولة الاتحادية ص "39"من وثيقة الحوار الوطني الشامل - والبدء إلى ذلك مما جاء في اتفاق السلم والشراكة حول تمثيل عادل لجميع المكونات في الهيئات التنفيذية والاشرافية على قاعدة مفهوم الشراكة الوطنية الواردة اعلاه".

 

 

 

 

 

قراءة 1333 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة