صنعاء.. عام من التغول المسلح والحصار مميز

  • الاشتراكي نت/ فؤاد الربادي

الخميس, 17 أيلول/سبتمبر 2015 19:35
قيم الموضوع
(0 أصوات)

على مدى عام كامل, وتحديدا منذ سبتمبر الماضي, واليمن أرضا وإنسانا تدفع فاتورة لا بند لها أو حساب, فاتورة طيش عصبوي ورغبة انتقامية لدى الرئيس السابق على صالح من كل من ساهم وشارك في ثورة فبراير 2011 التي أطاحت به من السلطة ومحاولة العودة  للحكم  أيا كان الثمن.

في 21 سبتمبر من العام 2014 دخلت اليمن مرحلة الانهيار الشامل كنتيجة حتمية لحالة عدم الاكتراث للتحذيرات والمخاوف التي ما انفكت تحذر من مسار الفشل الذي سلكته قوى السلاح واطراف سياسة فرض الأمر الواقع بدلا من مسارات الحوار والتفاوض السلمية. وما بدى حينها أو هكذا روج له حلف (صالح والحوثيين) أنها ثورة ضد الجرعة السعرية تحولت الى حرب ضروس دارت رحاها في عموم مدن وقرى اليمن ومن "طاقة لطاقة" حسبما ارادها صالح.

ففي "أيلول الأسود" تغول السلاح والمليشيا في كافة مفاصل مؤسسات الدولة وفي تفاصيل الحياة العامة والخاصة للناس تترتب عليه أولاَ هجرة دبلوماسية لبعثات وقنصليات الدول, وتاليا عزلة دولية ومن ثم حضر جوي وبري وبحري, والآن: حرب بكل ما تعنيه الكلمة. لقد اصبح الدخول والخروج من والى اليمن بتفتيش وأذن مسبق. تعطلت حركة التجارة ولجأ التجار الى اسدال الستار عما بحوزتهم من مواد تموينية واستهلاكية تحسبا لانتعاش السوق السوداء القادمة لا محالة.

سيطرت جماعة أنصار الله على صنعاء بعد أربعة أيام من المعارك مع قوات علي محسن الأحمر في 21 سبتمبر 2014. أعقب ذلك تمدد الحوثيين في محافظة إب والحديدة والبيضاء، وعمليات اقتحام لوزارات ومؤسسات حكومية تحت مبرر مكافحة الفساد.

وفي اليوم التالي، وقع الفرقاء السياسيون في اليمن، بمن فيهم الحوثيون، على اتفاق السلم والشراكة، وهو اتفاق تم برعاية الأمم المتحدة في دار الرئاسة اليمنية في 22 سبتمبر/أيلول 2014، والذي قام على أساس نتائج "الحوار الوطني".

ونص الاتفاق على أن يجري الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور محادثات سعيا وراء تشكيل حكومة كفاءات تتضمن جميع ألوان الطيف السياسي اليمني في غضون شهر من توقيع الاتفاق بالإضافة إلى تعيين مستشارين للرئاسة من الحوثيين والحراك الجنوبي مع استمرار حكومة محمد سالم التي استقالت ثم كُلفت بتصريف الأعمال في البلاد.

بعد موافقة جميع الأطراف على الاتفاق بحضور ممثلين للحوثيين الذين وقعوا على الاتفاق وأبدو الموافقة عليه، عزز الحوثيون السيطرة على مناطق شمالي اليمن مثل محافظتي صعده وعمران.

وردد الحوثيون على مدار فترة وجودهم في صنعاء بعد السيطرة على باقي محافظات الشمال أنهم يدعمون شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي وأن وجودهم في صنعاء ما هو إلا للمطالبة بتنفيذ نتائج اتفاق السلم والشراكة الذي وقعوا عليه.

وفي 14 أكتوبر، استولى الحوثيون على مرفأ الحديدة الذي يبعد 230 كيلو مترا عن العاصمة صنعاء جهة الغرب.

وأثناء الاستيلاء على الحديدة، لم يواجه مسلحو الحوثي مقاومة تُذكر من القوات النظامية، التي كانت تدار اصلا وتتلقى أوامرها من حليفهم الاستراتيجي .

وتوغل الحوثيون في مناطق بوسط اليمن منها الحديدة والبيضاء، ما مهد الطريق أمامهم في مرحلة لاحقة لاجتياح الجنوب.

استمر الحوثيون في صنعاء بدعوى ممارسة الضغط السياسي لتنفيذ بنود الاتفاق، لكن وجودهم اتخذ شكلا مختلفا، إذ أصبح وجودا مسلحا لجماعة تظهر انتماء طائفيا قويا.

وكانت هناك ممارسات عدة تؤيد أن الوجود الحوثي في العاصمة اليمينة كان وجودا عسكريا، إذ أقبلوا على الاستيلاء على وزارة الداخلية بالإضافة إلى محاولات عدة للاستيلاء على وزارة الدفاع التي سقطت في ديسمبر 2014.

وفي 14 ديسمبر ، سيطر الحوثيون على منطقة أرحب الاستراتيجية وأجزاء من ريف صنعاء لدعم وجودهم المسلح في العاصمة.

وأرحب هي سلسلة هضاب ومرتفعات جبلية شديدة التحصين بطول 3700 متر، وتطل مباشرة على العاصمة صنعاء، ومنها يمكن التحكم بمطاري العاصمة المدني والعسكري، كما أنها تصل العاصمة بمحافظات صعده وعمران وريف صنعاء.

وكانت الخطوة التالية هي اختطاف أحمد بن مبارك، مدير مكتب الرئيس هادي، في 14 يناير بحجة أنه يعرقل تنفيذ نتائج اتفاق السلم والشراكة.

في 15 يناير 2015انسحب ممثلو جماعة الحوثي وصالح من جلسة تسليم مسودة الدستور تحت مبرر ما وصفوه بالتجاوزات في جلسات مناقشة المسودة.

وفي 19 يناير، قصف الحوثيون موكب رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح بعد انتهائه من جلسة ثلاثية مع الرئيس هادي وصالح الصماد، مستشار الرئيس لشؤون الحوثيين.

واستولى الحوثيون فعليا على العاصمة صنعاء في 20 أكتوبر بعد اقتحام القصر الرئاسي ومحاصرة مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي والتحفظ عليه, وفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى رئيس الحكومة خالد بحاح ووزير الشؤن القانونية د. محمد المخلافي ووزراء آخرون.

سرعان ما تغيرت لهجتهم تجاه الرئيس عبد ربه منصور هادي واتهمه عبد الملك الحوثي في أكثر من خطاب بحماية الفساد ودعم الإرهاب، لم يقدم الحوثي دلائل تدعم اتهاماتهم.

وتطورت الأحداث بصنعاء على نحو متسارع انتهى بالسيطرة على منزل الرئيس هادي الواقع بشارع الستين بصنعاء إثر اشتباك مع حراسه مما خلف قتلى وجرحى.

وتمت سيطرة الحوثيين على المنزل بعد ساعات من بسط نفوذهم على دار الرئاسة حيث يمارس هادي مهامه، واستيلائهم على أسلحة وآليات اللواءين الأول والثالث المكلفين بحمايته.

كما أحكم الحوثيون قبضتهم على القصر الجمهوري مقر رئيس الحكومة خالد بحاح وفرض مسلحوهم الحراسة على بواباته، وباتوا يتحكمون في الدخول إليه والخروج منه دون مقاومة من قوات الأمن أو الجيش.

ترجمة للسيطرة على مؤسسات صنع القرار السياسي، طالب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الرئيس هادي في خطاب متلفز بتحقيق أربعة مطالب على وجه السرعة، مهدد بقوله  "إن كل الخيارات متاحة ضده".

واشترط الحوثي، تصحيح وضع الهيئة الوطنية للإشراف على تنفيذ مخرجات الحوار، وتعديل مسودة الدستور، وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة، وإجراء تغييرات أمنية وعسكرية.

وفي السادس من فبراير أصدر الحوثيون إعلانا دستوريا نص على عزل الرئيس هادي، وتعطيل الدستور، وتشكيل المجلس الثوري، أو الرئاسي.

ولجأ الرئيس هادي إلى عدن جنوبي البلاد بعد إفلاته من أيدي صالح والحوثيين الذين وضعوه تحت الإقامة الجبرية لمدة شهر وأكد شرعيته وأحقيته في الحكم من مسقط رأسه في الجنوب.

ولم يكن هناك من رادع يمنع تقدم الحوثيين نحو الجنوب سوى بعض المقاومة من القوات الموالية لهادي سُميت بـ "اللجان الشعبية"، فيما القوات النظامية وخاصة قوات الجيش والأمن فقد أعلنت تمردها من أول قرار اتخذه هادي في عدن تمثل برفض قائد قوات الأمن الخاصة بعدن عبد الحفيظ السقاف قرار إقالته.

وتقدم الحوثيون نحو تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن والبوابة الموصلة إلى عدن ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى.

ودعا زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إلى تعبئة عامة بررها بقتال المتطرفين ممن وصفهم بالدواعش والقاعدة والذي سبقه الى هذه الدعوة زعيم النظام السابق, ردا على الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها على مسجدين يرتادهما أنصار الحوثيين في صنعاء في 20 مارس، ما أسفر عن مقتل 142 شخصا.

وفي الخامس والعشرين من مارس وبعد 3 أيام من قصف القصر الجمهوري في المعاشيق، نُقل الرئيس هادي الى مكان آمن وفقا لتصريحات بعض المسؤولين في عدن، بينما كانت قوات الحوثيين تتقدم في اتجاه قاعدة العند الجوية بالقرب من عدن متجهين إلى مرفأ المخا على البحر الاحمر المؤدي إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي, اهتزت صنعاء هزة عظيمة ومثلها صعدة, في تمام الواحدة من فجر ال26من مارس, ليبدأ تساقط قنابل مقاتلات الحلفاء العشرة في إطار ما عرفت بعاصفة الحزم بقيادة السعودية والتي تطورت من الغارات الجوية الى عمليات برية على الأرض.

عام كامل من القتل والتشريد والدمار إنهار فيه كل شيء في اليمن وها هي العاصمة صنعاء التي حاصرتها المليشيات المسلحة  لصالح والحوثي قبل عام تحت مبرر إسقاط  الجرعة, على بعد خطوات من حصار مسلح سيكون اشد وأنكى على ساكنيها مالم تحدث معجزة.

قراءة 1863 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة