السلام و إشكالية وهم الحل العسكري مميز

  • الاشتراكي نت/ فتحي أبو النصر

الثلاثاء, 03 أيار 2016 17:25
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كل تجارب التاريخ تؤكد أن السلام قد يأتي في ظل قوة متوازنة لطرفين انهكهما الصراع وعليهما التزامات على أساس قرارات مجلس الأمن ولايمكن التنصل منها كونها تخضع لاشرافات محلية و اقليمية ودولية  .

غير انه لاياتي بإستمرار الصراع الذي بدون أي افق ناضج للسلام وفي النهاية لاينتصر فيه أي طرف بل ويغدو استمراره مجرد عبث بليد لاجدوى منه ولاضمانات مستقبلية.

والمعنى ان أولى خطوات السلام الواقعي لا الخيالي الآن هو أن يبعد الطرفين أصابعهم عن الزناد ثم يتركوا السلاح جانبا.ذلك ان الاحتقان كبير والخوف من الانتقامات هو سيد الموقف ولذا فمن المستحيل أن يسلم أي طرف سلاحه . والحال أن ذلك سيحدث بعد ان تدور العجلة المربعة عبر تشكيل حكومة توافقية ذات إشراف إقليمي ودولي يخضع لها الجميع وأعمالها محددة و مزمنة المهام؛ بإعتبارها الضامن الوحيد لعدم الانتقامات أولا ..بعدها ستنزاح التعقيدات رويدا رويدا مع كل تثبيت لسلطات الدولة وستتحلحل الأمور المتصلبة كثيرا..أما مادون ذلك فستستمر الأوضاع معلقة كما هي والمآسي تتفاقم، لأن مسألة الحسم العسكري هي الوهم الكبير للجميع بلا استثناء.

وكما تفيد الوقائع يمكن القول أن وهم الحل العسكري هو أفيون التحالف الداخلي والتحالف الخارجي على السواء .. إنه الوهم الذي يتغذى على خيالات مريضة ومتغطرسة ومخادعة ولا يحترم مآسي اليمنيين لأنه لا يريد وضع حد لها والبدء بإجراءات عدم تراكم الإشكاليات وتعقيدها أكثر ..الوهم الذي يجعل اليمنيين في نقطة الصفر فلا خطوات ولا تدابير تمضي قدما لتثبيت الأمل أو تتيح منظورا واضحا وموثوقاً لعدم اليأس.

ولذا فإن الصواب الانقاذي الفعلي الذي يأمله الناس الآن هو مغادرة التحالفين لهذا الوهم وايقاف الحرب والاتفاق على آلية لإنفاذ القرار الدولي الملزم وما ستليه من إجراءات عملية تصون مستقبل اليمن ويشارك فيها الجميع بما عليهم من التزامات سابقة أومسؤوليات لاحقة تسد الفراغ الناجم عن انهيار الدولة وازدواجيتها وتعالج تدهور الاوضاع الإنسانية واستشراء الإرهاب ومن ثم الإنتقال من المرحلة الخطرة إلى مرحلة جديدة تتسم بوعي المصالحة لدرء ما هو أخطر وبما يؤدي إلى تلبية المطالب اليمنية والاقليمية والدولية بحقيقة السلام عبر رعاية جادة وأيضاً بما يحول دون إمكانية تكرار المزيد من سيناريوهات الجرائم والتعسفات عبر تعويض ضحايا هذا النزاع ورد الاعتبار إليهم والبدء الحازم بإجراءات اقتصادية وامنية وعسكرية ذات إجماع وبادية للعيان تشمل الإعمار وإعادة التأهيل ومعالجة الآثار الوطنية التي نشأت بالإنصاف وجبر الضرر نحو التمهيد لإنتقال السلطة بطريقة سلمية ودستورية ناضجة وشفافة بكل ماينطوي عليه المسعى من ترشيد للخطاب السياسي والإعلامي لجميع الأطراف وفق وثيقة شرف تؤمن بالمسؤولية الواحدة للكل وبالتالي النقد البناء وعدم التخوين والتأزيم كما في ظل أهمية رضوخ كافة مكونات السلطة الانتقالية لتغيير عقليتهم المشوهة في الإدارة ومكافحة الفساد بماهما شأن خدمي وقيمي يجب ان يفضي لحماية مصالح اليمنيين الجامعة وليس كما كانوا جميعا يستغلون السلطة وامتيازاتها من أجل حماية المصالح الخاصة لجماعاتهم واحزابهم فقط  .

إلا أن استمرار الوهم العسكري الذي أدمنه التحالف الداخلي والتحالف الخارجي لن يمكننا للأسف من استنهاض أهم ما ينقصنا كيمنيين من وعي تاريخي مبدع ومتجاوز يلتف حول فكرتي التعايش والمواطنة  لا الانتقامات والكراهيات . وهو ذاته الوهم الذي يتدفق بالإشكالات ويجعل ملايين اليمنيين عرضة لمصير مجهول أشد بؤسا وخيبة وخراباً .

ذلك ان ازلامه يرفضون ان يغيروا من نظرتهم النمطية والأنانية لمكابدات اليمنيين الذين يزايدون على صبرهم وقوة تحملهم بينما قد تجاوزوا الحضيض.

وإذ لايأبه التحالف الخارجي بمايدمره التحالف الداخلي فإن التحالف الداخلي لايأبه أيضا بما يدمره التحالف الخارجي .

  فالحقيقة تقول ان تشبثهما بإزهاق الحل السياسي خير دليل على تطابقهما في قصر النظر والبعد الكيدي للحل العسكري المأزوم و المتعنت الذي يستمر في شحن الأعصاب الباردة فقط لكل من الحوثي وعفاش وهادي ومحسن و إيران والسعودية الخ .

وبالمحصلة ..سيظل هذا الوهم الأخرق يفضي الى تداعيات مرعبة على الارض والانسان مجددا تأكيده الوحيد بأن كل مامضى من صراع مريع ليس سوى مقدمة تمهد لقيام حروب أقسى وأفدح وأحقر مماسبقها  .

قناة الاشتراكي نت على التليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

قراءة 1459 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 03 أيار 2016 17:39

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة