خيارات ما بعد فشل مفاوضات الكويت؟! مميز

  • الاشتراكي نت/ وسام محمد

الثلاثاء, 31 أيار 2016 18:04
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أحد الأخطاء الكبيرة التي ساهمت في وصول اليمن إلى هذا الوضع المأساوي الذي أصبحت عليه، كان تعويل الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي على الخارج، ليس فقط من أجل مواجهة الأخطار المحدقة، ولكن أيضا في إدارة ملفات خطيرة، بتلك الطريقة التي ستوفر البيئة الملائمة ليقوى عود الثورة المضادة.

قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، جاء بناء على اقتراحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجرى إصداره بعد ضغوط من قبل الدول الكبرى، ترافقت مع ضغوط سعودية. هذا القرار الذي قوبل بسخط شعبي واسع، استثمره تحالف الثورة المضادة، وكان بمثابة حصان طروادة.

في الحقيقة منذ وصول هادي إلى كرسي الحكم، وهو بلا خيارات، وفي حال كان يستشعر خطر ما، فإن الشيء الوحيد الذي سوف يخطر في باله، هو الخارج بوصفه راعيا للانتقال السياسي في اليمن (الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية) والاعتماد عليها كليا لمواجهة التحديات. أصدر مجلس الأمن عدد من القرارات، وتحت البند السابع، بضغوط وتبني مباشر من قبل تلك الدول، ويفترض بهذه القرارات أن تحمي الشرعية اليمنية وتحفظ أمن واستقرار البلد الذي وصف بأنه جزء من الأمن الإقليمي والدولي.

لكن بعد نحو شهر ونصف من بدء مفاوضات الكويت، التي اقتصرت حتى الآن على التشاور حول تنفيذ خمس نقاط وردت في الأصل ضمن القرار الدولي (2216)، فإن عدم تحقق أي تقدم يذكر، يعني فشل هذه المفاوضات سلفا. وتلك هي النتيجة الطبيعية على سياسة التعويل على الخارج. الفصل السابع وأعلى هيئة دولية وكل تلك الدول الكبرى، لا تستطيع أن تعيد الوضع في اليمن إلى ما كان عليه قبل الانقلاب، هي فقط تثبت للسلطة الشرعية أنها فرس خاسر بامتياز ولا يمكن الرهان عليه.

وأمام مثل هذا الوضع يبرز سؤال من قبيل: يا ترى ماذا تبقى لدى الشرعية من خيارات؟

في الواقع لا يزال ثمة خيارات، غير أن المشكلة تبقى في عدم تقدير أهميتها من قبل الشرعية.

 أحد هذه الخيارات وأقربها، ذلك المتعلق بالشعب.

قدم هادي إلى السلطة بعد ثورة شعبية، بل واحدة من أعظم ثورات الربيع العربي على الإطلاق. لكن هادي فضل عدم المراهنة على الشعب، بل وبادله الخذلان المرير. ومهما يكن، يبقى دائما ثمة فرصة مؤاتيه للعودة إلى الخيار الصحيح: البناء على ما تحقق حتى الآن من وثوب جماهيري واسع للقتال منذ اللحظة الأولى ضمن صفوف المقاومة الشعبية، تلك الجماهير التي قررت من تلقاء نفسها مواجهة الثورة المضادة.

ويبدأ خيار العودة إلى الشعب، من اصطفاف القوى الوطنية وفي مقدمتها قوى ثورة فبراير خلف الشرعية، وتوحيد المجتمع حول أهداف واضحة وواقعية، أي أن يكون هناك برنامج يصبح بمثابة دستور انتقالي بين الشعب والشرعية، تصيغه القوى الوطنية وتربطه بشكل مباشر بمصالح الشعب، تلك التي سيقبل الأغلبية الساحقة القتال لأجلها.

الاشتراك في الحرب لأجل أن تستعيد الشرعية الحالية السلطة من الانقلابيين، يصلح أن يكون هدفا للرئيس هادي ومن يشاركونه تلك السلطة، أما الجموع المغلوبة على أمرها، فتستهويها أهداف أخرى وان لم تقدر على الإفصاح بها. لهذا يصبح من المهم تخليق تلك الأهداف من رحم المعاناة اليمنية، وجعل الجموع قادرة على القول أنها أهدافها فعلا وأنها ستقاتل لأجلها.

الحرب بدون هدف، أو محاولة جعلها بدون هدف، ليس سوى مران مكثف لتفخيخ المستقبل. ومهما تكن الأسباب التي دعت للحرب، فإن عدم ربطها بأهداف واضحة تلامس جوهر المشاكل القائمة، يبقى مجرد مساهمة فاعلة لتحفيز طاقة التدمير والخراب. ويمكن القول أن ازدهار الطائفية والهويات الضيقة، في مقابل غياب المشروع الوطني الجامع، يأتي ضمن ذلك السياق التحفيزي.

من الضروري قبل فوات الأوان، حل كل المسائل العالقة، ورد الاعتبار للمشروع الوطني. وأيضا توضيح المهام الحالية، ورسم الأهداف المستقبلية. مثلا هناك مسائل لم تحل رغم مخرجات الحوار الوطني: ما يتعلق بالفيدرالية أو بالشكل النهائي لهذي الفيدرالية، ما يتعلق بالفساد، ما يتعلق بتركيبة الجيش، ما يتعلق بالفقر والبطالة، ما يتعلق بهدم كل ما له علاقة بالنظام القديم ويضر بمصالح قطاعات واسعة من الشعب، بمعنى آخر تفكيك بنى السلطة والمصالح غير المشروعة، وإقامة سلطة الشعب على أنقاضها. وفي كل الأحوال من المهم بناء تصور أولي عن الكيفية التي ستتحقق عبرها كل هذه الأهداف. أي برنامج متكامل، مختصر وواضح في نفس الوقت، بحيث يفهمه كل الناس بمختلف مستوياتهم التعليمية وحتى أولئك الذين لا يجيدون القراءة والكتابة. أما مضمونه النهائي فهو: رسم ملامح التنمية المستقبلية التي يشارك في صناعتها الشعب بكل فئاته، والمقرونة بضمان الحرية الكاملة للجميع.

هذا المسار ربما يقترب إلى حدود معينة مع الوضع القائم اليوم، ولكن من حيث الشكل الخارجي فقط، أما من الداخل فلا وجود لشيء سوى الفوضى والانتهازية، لا شيء سوى الغباء. وهذا قطعا لن يحقق لليمنيين النصر حتى وان تحققت هزيمة تحالف الثورة المضادة.

النصر الذي قد يأتي بدون مساهمة الشعب الفاعلة وليكن مثلا بمساعدة كاملة من الخارج، أو عبر توظيف الطائفية، أو حتى في حال دخلت عوامل جديدة ساعدت على النصر، فحتما سيكون انتصارا وهميا، وسيبقى التدهور على حاله، وسيفشل المنتصر في حل المشاكل التي هي في الأساس المحرك الفعلي لتفجر ثورة فبراير. ما يعني إعادة إنتاج نفس الظروف التي أدت إلى تفجر الثورة. لكن تخلف اليمنيين عن العصر وظروف حياتهم القاسية يجعلهم لا يتمتعون بترف تسليم البلد للأزمات والفوضى، للنهب والاستبداد من جديد، ولا يمكنهم الاسترخاء في انتظار إن تسمح الأجواء ـ ربما بعد سنين طويلة ـ بانطلاق ثورة أخرى جديدة. معركة الشعب اليمني الآن وهنا تحت شمس هذا الصيف الجحيمي.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

قراءة 1248 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة