أخـــر الأخبــــار

 

بين ايلولين.. موت إحياء "الكهنوتية"

  • بين أيلولين جرت أحداث كارثية غير أن نهج العنف ما يزال يدمرنا
  • الاشتراكي نت / الثوري - ابراهيم غانم

السبت, 19 أيلول/سبتمبر 2015 19:13
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

عندما  ثارت ردود أفعال متباينة  حول  تصدر صحيفة الثوري عنوان  "أيلول الاسود"  في سبتمبر من العام الماضي, ذهب البعض الى التحريض على قتلنا بتصويرنا مفرزة متأخرة او متقدمة للفرقة الاولى مدرع لكن الاحداث اللاحقة لم تترك للمتحاملين فسحة من الأمل. وتمكن الزملاء في "الاشتراكي نت" تمرير اقتحام العسس لمقرهم بأقل الخسائر الممكنة.

 يكفي أن نذكر  ثلاثة حوادث كارثية :  استخدام القوة   للإنقلاب على  النظام والاستيلاء على السطة,  الذي انتهى  في العشرين  من يناير  2015  بالإستيلاء على  دار الرئاسة   ومنزل الرئيس هادي  وفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى  الحكومة  في آن . وثانيا  , ما سمي بالإعلان الدستوري  في السادس من فبراير .  بالإضافة إلى إعلان الحرب ضد  الجنوب   عبر  ماسمي   إعلان التعبئة العامة  في الواحد والعشرين  من مارس , قبل أن يضيف زعيم   الحوثيين ( عبد الملك الحوثي )  محافظة تعز  ميدانا للحرب  والمعارك العسكرية  بزعم محاربة " القاعدة " .

الإعلان الدستوري لم يكن دستوريا . هذا ما أكده المختصون    يومذاك  ,  وما يمكن أن يلحظه أي متابع ,  غير أن الإعلان كشف  الخلفية السياسية والفكرية التي تستند عليها  جماعة الحوثي أو أنصار الله  , وماذا تريد ان يكون عليه مستقبل اليمنيين   لو أنها فازت  بالاستحواذ على مقاليد  الحكم.

 صدر الإعلان  عن " قيادة الثورة "  في إشارة إلى " قائد المسيرة  القرآنية"   عبد الملك الحوثي , باعتباره الرمز الديني للجماعة المقاتلة .

قوبل الإعلان بالرفض  من قبل غالبية المكونات السياسية  , واستقر توصيفه على أنه استكمال للإنفلاب على  الاوضاع السياسية القائمة  ورفض لمجريات الحوار  الذي كان يرعاه ممثل  الامين العام للأمم المتحدة  جمال  بنعمر .

اللافت في الإعلان اللادستوري  ترتيبه لمستويات السلطة :

يحل مجلس الرئاسة الانتقالي في المرتبة الرابعة ,  تليه حكومة انتقالية من  " الكفاءات الوطنية " .

تعبير حكومة الكفاءات الوطنية يعيد إلى الذاكرة  مخاض تشكيل حكومة  المهندس خالد بحاح  التي أصر  الحوثيون على ان تكون  بعيدة عن  المحاصصة الحزبية ,ثم عادوا وقالوا أنها تمثل ميدان الستين  قبل أن يتهموها  بالعمالة والارتهان للخارج  ليعودوا بعد ذلك  ليكلفوها  بتسيير شؤون الدولة , لينتهوا بفرض الاقامة الجبرية على أعضائها . 

 استقر في العرف الدولي أن الرئيس  ( أو مجلس الرئاسة ) هو رأس السلطة التنفيذية , يرسم السياسة العامة للدولة  , ويرأس الحكومة أو يكلف من يرى بتشكيلها ورئاستها,  ويسمي كبار موظفي الدولة ,  وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة ويعلن حالتي الحرب  أو السلم و.. غير ذلك,المهم أنه يمثل الشعب والدولة  , انطلاقا من قاعدة أساسية   معروفة في كل أنحاء العالم  تقول إن الشعب مالك السلطة ومصدرها .

 فهل كان الشعب مالك السطة ومصدرها في الإعلان الدستوري للحوثيين ؟.

للوهلة الأولى , وأنت تسمع  أو تقرأ نص الاعلان , تظن  أن اللجنة الثورية العليا , ذات الطابع العسكري ,  تحتل المرتبة الاولى في هرم السلطة  , لكن سرعان ما سيخيب ظنك .

اللجنة الثورية المعممة في  المحافظات والمديريات  لها حق تشكيل  مجلس وطني انتقالي    وتصادق على "انتخاب "   مجلس رئاسة مكون من خمسة أعضاء   ينتخبهم المجلس الوطني , وتحدد اختصاصات  كل من المجلس الوطني  ومجلس الرئلسة  والحكومة  بقرار  مكمل للإعلان الدستوري , كما أن  اللجنة الثورية  هي  من يختص  باتخاذ  " كافة  الاجراءات والتدابير  الضرورية لحماية سيادة الوطن وضمان  أمنه واستقراره " .

  هكذا تبدو اللجنة الثورية  هي الكل في الكل ,  تصادر عمل مجلس الرئاسة  الذي لا يبقى له إلا تكليف من يشكل الحكومة , كما   تصادر  اللجنة عمل الحكومة أيضا , بخاصة لجهة قيادة الجيش والامن .

 السؤال :  من أين للجنة الثورية كل هذه الصلاحيات ؟ .

 والجواب , ببساطة : من الجهة  التي لها حق تشكيلها .

 يصمت الإعلان  صمتا مطبقا عن  ذكر ماهية  الجهة   التي ستشكل اللجنة ,بيد أنه يمكن الاستنتاج  ان الجهة المسكوت عنها  هي الجهة التي صدر عنها الاعلان الدستوري ذاته .  أقصدأن اللجنة الثورية  ستعلنها أو تشكلها " قيادة الثورة " ,  في إشارة إلى قائد المسيرة القرآنية , برمزيته الدينية المذهبية .

هكذا يمكن القول إن  المرتبة الاولى في هرم السلطة تختص بها المرجعية الدينية  في صعدة   على غرار المرشد الاعلى للثورة الايرانية في "قم". فتغدو اللجنة الثورية في صنعاء , إذا,  جهازا تنفيذيا  ممثلا لإرادة  المرجعية الدينية: القائد المرشد , سواء  أأقام في صعدة أم في غيرها .

في النتيجة: لا محل للشعب في الاعلان الدستوري رغم انه صادر باسمه، ويحل محله المرجع الديني (المذهبي) ليكون هو مالك السلطة ومصدرها.

فإذا لاحظنا أن  الإعلان يلغي ضمنا دور الأحزاب السياسية   خلال الفترة الإنتقالية  على الأقل ( مدتها سنتان ) نكون  وجها لوجه  أمام سلطة حكم كهنوتية  (ثيوقراطية) من طراز فريد في القرن الواحد والعشرين .

يزداد الوضع تعقيدا  إذ يترافق  مع ميل لإحياء الهاشمية السياسية  عموما  والفاطمية السياسية على نحو أخص.

كان الإعلان حل مجلس النواب القائم , بالنص على تشكيل مجلس وطني انتقالي  مكون من 551 عضوايشمل المكونات غير الممثلة في مجلس النواب  , في إشارة إلى جماعة الحوثي  , لكنه , أي الاعلان, أعطى  أعضاء مجلس النواب  حق  الانضمام إلى  المجلس الوطني الانتقالي .

 معلوم أن  أعضاء مجلس النواب  هم في الاصل أعضاء في كتل حزبية , وجرى انتخابهم على أساس حزبي , غير أن الاعلان حرم الاحزاب السياسية من التمثيل في المجلس الوطني الانتقالي  , وأعطى حق الانضمام إليه أعضاء مجلس النواب المنحل كأشخاص فقط, أي بمعزل عن أحزابهم . وهذا ما تأكد عند تنفيذ إجراءات التسجيل للعضوية الجديدة , لولا أن النواب أفشلوا هذا المسعى  عندما لم يذهب للتسجيل  سوى عدد مخجل  منهم .

يفصح الاعلان اللدستوري  عن تناقض  فج  : يعطي للمكونات غير الممثلة في مجلس النواب حق التمثيل في المجلس الانتقالي , لكنه يمنع   هذا عن الاحزاب الممثلة في مجلس النواب .

يمكن ملاحظة ان إعلام جماعة أنصار الله   , كما هو لسان حال  أنصارها , لم يتورع عن مهاجمة  الاحزاب والحزبية بشكل عام .

  انتهت مجريات الاحداث إلى فشل ذريع  لمقتضيات الإعلان الدستوري . فقد جوبه بالرفض , كما  أشرت سابقاً,  وعندما أعلنت  الجماعة تشكيل لجنتها الثورية  من أجل  "تسيير شؤون الدولة " , كان مجلس الامن الدولي في اليوم ذاته (16 فبراير)  يمهلها  أسبوعين للتراجع عن  إجراءاتها الاحادية التي استحوذت بها على السلطة  وأسلحة الجيش .

تمكن الرئيس هادي  من الوصول إلى عدن , فلاحقته الطائرات بقصف قصر  معاشيق في محاولة فاشلة لإلغاء الشرعية. ذريعة غزو الجنوب  وتعز لم تنطل على أحد , لان  " القاعدة " لم تعلن دولتها في  محافظات المنطقة العسكرية الرابعة .

ما ثبت هو  أن  نهج القوة  لفرض الخيارات الخاصة دمر  مابقي  من الدولة التي كانت . ويدمر اليمن. فلونوا سبتمبر 2014 باللون الذي يناسبكم.

قراءة 4534 مرات آخر تعديل على الخميس, 24 أيلول/سبتمبر 2015 22:18

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة