تعز حصار يفتك بالمدنيين

  • الاشتراكي نت/ خاص - تقرير راشد محمد

الأحد, 24 كانون2/يناير 2016 21:57
قيم الموضوع
(0 أصوات)

"لن نحمل المستشفى أي مسئولية".

عبارة كتبت بيد مرتبكة في كشف قسم الولادة بمستشفى الجمهوري العام بتعز.

العبارة مرتبكة ملحقة بتوقيع أكثر ارتباكاً، كتبتها يد الأب نصر احمد ولقب لم نستطع قرأته، وهو يترك ابنته الرضيعة للمجهول وللقدر الذي بات يحصد الأطفال والنساء والرجال في محافظة تعز، بسبب غياب الأكسجين من مستشفيات المدينة.

ذكر قبل ذلك في الكشف أن << ابن تهاني علي محمد " حديثي الولادة يتم نسبهم في البداية الى امهاتهم" وعمره عشر دقائق تم استقباله من غرفة الولادة وحالته متعبة جداً، الطفل يحتاج حاضنة ولايوجد اكسجين.

لا ندري لمن وجهت رانيا محمد بن محمد الممرضة في قسم النساء والولادة ومسؤولة الحضانة في القسم عبارتها الأخيرة، بيد أن انامل الممرضة قد نقشت شهادة للتاريخ وادانة واضحة للضمير الانساني المتخاذل ازاء ماتتعرض له تعز من حرب ابادة من قبل مليشيات صالح والحوثي طالت الرضع في حضانتهم!!.

المليشيات تحاصر الحياة في مدينة تعز:

تمثل محافظة تعز أكبر تجمع سكاني في اليمن، وتحتل المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية، اذ يشكل سكانها ما نسبته (12.2%) من سكان الجمهورية، حيث وصل عدد سكانها الى (2,885,000) نسمة عام 2011م، حسب اخر احصائية ذكرها المركز الوطني للمعلومات، يسكن (466988) نسمة في مديريات المظفر والقاهرة وصالة وهي مناطق محاصرة حالياً.

منذ شهر ابريل من العام الماضي ومليشيات صالح والحوثي تشن ابشع حرب عرفتها البشرية ضد محافظة تعز، مستخدمة مختلف انواع الأسلحة لإخضاع المحافظة التي فجرت ثورة ١١ فبراير واطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح من السلطة.

يقول الناشط الشبابي ذي يزن السوائي: أن الحرب البربرية على تعز من قبل مليشيات صالح والحوثي، عوضاً عن انتهاكاتها لمبادئ القانون الدولي الانساني الذي يحمي المدنيين من الصراعات، فإنها ترتكب جرائم تفوق خيال كتاب المرجعيات القانونية الدولية، فالمليشيات تفرض حصار غاشم على المدنيين وتمنع دخول المواد الغذائية والطبية الى المرضى وبالمقابل تواصل هذه المليشيات قصفها العشوائي للاحياء السكنية وبشكل يومي، وتخلف قتلى وجرحى لا ندري الى أين نقوم باسعافهم؟!.

(يوميات الحصار)

الحياة اصبحت أكثر قسوة بالنسبة لنا سكان مدينة تعز.

هكذا تتحدث الأستاذة خلود العديني وتضيف: الخروج الى منطقة بير باشا لجلب دبة غاز اصبح مخاطرة حقيقية، الحوثيين يمنعوا دخول المواد الغذائية الى وسط المدينة ونضطر للمخاطرة والخروج الى بيرباشا لجلب الحاجات الأساسية لأسرنا، الحوثيين يعاقبوا الناس في منفذ الدحي ويسجنوا الشباب، أفعال الحوثة تجعلك تكره الحياة، يفتشون النساء بشكل قذر ويرتص الناس طوابير لأجل الدخول للمدينة ويطلقوا الرصاص لإخافتهم. الحياة اصبحت صعبة لدرجة تتمنى فيها الموت ولا بهذلة الحوثيين في الدحي.

شفاء عبد الله تقول "اشتقت لتعز حقكم" حالياً تسكن شفاء خارج المدينة المحاصرة.

تضيف شفاء لـ"الاشتراكي نت " أنها اشتاقت لكل شي في مدينة تعز حتى ولو كانت تحت القصف والحصار اشتاق اليها فهي مدينتي والحصار يمنعني عن زيارتها.

وعن معاناة النساء في منفذ الدحي تقول: "لما اخواتي يروحين يتقضين من بيرباشا والله بعض الاحيان ياخذوا عليهن كل المقاضي، وبعض الاحيان يحتجزوهن، وما يخلوهن يمرين الا متاخرات، بعد العصر"

معبر الموت في الدحي يحكي مأسي وقذارات كثيرة تحتاج لتقرير أخر وربما لا يتسع لها.

يضيف السوائي:" مليشيات صالح والحوثي تفرض حصار جاير على المدنيين في تعز، ولاندري ما الذي يمكن ان يضيفه لها اهانه الناس من مكاسب عسكرية!!، اذا كان القانون الانساني الدولي كما تقول ادبياته لايسعى لمنع الحروب ولكن لجعلها أكثر انسانية، فالمليشيات جعلتها غير انسانية بحصارها وانتهاكاتها اليومية ضد المدنيين.

على الجانب الأخر تتجلى صور اخرى للمعاناة، لكنها هنا مقرونة بالتحدي وبكبرياء تعز لقهر الحصار فكل يوم يكافح ابناء مشرعة وحدنان بجانب اخوانهم في المدينة لتخفيف المعاناة وتحدي الحصار، حيث ينقل الأهالي المواد الغذائية والطبية على ظهورهم ليصعدوا من المسراخ عبر طريق وعر تمر في جبل طالوق بصبر تساندهم الحمير والجمال في مهمة انقاذ المدينة وقهر الحصار، وعلى طول الطريق يتهادى الشبان والأطفال ابتسامات التعب صعوداً ونزولاً طوال اليوم.

(وضع انساني كارثي)

لايمكن وصف الوضع الانساني في تعز سوى بما جاء في بيان منظمة الصحة العالمية بتاريخ 15/ 1/ 2016م الذي قال:" ان تلبية الاحتياجات الصحية للسكان في مدينة تعز اليمنية بات أمراً مثيراً للقلق بصورة خاصة."

فيما أعلنت هيئة مستشفى الثورة العام بتعز عبر بيان لها في 24/ 11/ 2015م عن "توقف استقبال الحالات المرضية الجديدة في قسم الطوارئ الجراحي بسبب نفاد الأدوية ومستلزمات العمليات من مخازن الهيئة والعجز المالي القائم منذ ثلاثة أشهر"

ولاتزال مليشيات صالح والحوثي الانقلابية تمنع دخول المساعدات الاغاثية والطبية الى مستشفيات المدينة، الأمر الذي ادى الى وفاة أكثر من 18 شخص حسب احصائية طبية في المحافظة، توفوا بسبب انعدام مادة الأكسجين من مستشفيات المدينة.

قبل شهر تقريباً اطلق المواطن محمد الشهابي صرخة الحسرة والعجز وهو يفقد ابنه بسبب انعدام الاكسجين في مستشفيات تعز، حيث كتب الشهابي في صفحته في فيسبوك عبارة" اشهد يا الله ابني المولود مات بسبب عدم وجود الاكسجين.. اشهد يا الله"

وفيما "الشهاري" يشهد الله،

ترك المواطن "نصر أحمد" ابنته الرضيعة للمجهول وللقدر الذي بات يحصد الأطفال والنساء والرجال في محافظة تعز، بسبب غياب الأكسجين من مستشفيات المدينة.

جملة الأب نصر أحمد السابقة وتوقيعه تلتها ملاحظة انهت امال الحياة وفتحت ابواب الجحيم والحرمان للأسرة الصغيرة، كما فتح حقد صالح والحوثي الجحيم لمدينة كاملة اسمها تعز.

<< تم وفاة الطفل بتاريخ 1/ 1/ 2016م.>>

عبارات قصيرة لخصت الوجع على دفتر كشوفات الموتى والحقتهم بأعدادها التي فتحت لهم صفحات اضافية مرشحة للزيادة بسبب انعدام الأكسجين عن مدينة تعز.

هذه احدى المآسي التي تعيشها محافظة تعز اليمنية بسبب حصارها من قبل مليشيات الحوثي والقوات الموالية لعلي عبدالله صالح.

يتحدث لـ"الاشتراكي نت " نور الدين المنصوري فيقول :

"هكذا تبدو الحياة في مدينة تعز بعد أن فرض عليها الحوثيون وحليفهم صالح الحرب منذ أكثر من تسعة أشهر، مدينة تنام على اصوات المدافع وتصحوا على اشلاء سكانها وعلى خراب يتمدد كل يوم ولا يبدو أنه سيتوقف."

بين معاناة المدنيين وتحركات الساسة، تظل الألة العسكرية لمليشيات صالح والحوثي تحصد ارواح ابناء مدينة تعز، وتظل حناجر سكانها تشهد الله بطريقة محمد الشهابي وهو يودع مولودة فاقد الحيلة وعاجز عن فعل شيء سوى توكيل السماء لتنصفه من امراء حرب لايستكينوا سوى على جثث واشلاء اليمنيين.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية
للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
https://telegram.me/aleshterakiNet

 
قراءة 4821 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 26 كانون2/يناير 2016 19:44

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة