الشرجبي: الحرب الأهلية خيار القوى المستبدة لقطع طريق الثورة الاجتماعية مميز

  • الاشتراكي نت/ حوار: سام ابو اصبع

الثلاثاء, 26 أيار 2015 19:18
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فـي خضم ما يحدث فـي البلد وانزلاقه نحو الحرب الأهلية التي لطالما لوح بها صالح فـي وجه المجتمع وقواه السياسية لا سيما فـي عام ثورة فبراير 2011 كنا بحاجة ماسة بل وملحة للوقوف أمام تجليات ما يحدث على الواقع والرجوع قليلاً إلى البدايات هناك حيث ولدت الثورة من رحم معاناة المواطن وعجز النظام حينها والقوى السياسية عن ايجاد حل لانسداد المشهد السياسي وإدراك طبيعة المصالح الحقيقية للناس والتعبير عنها. ولعلنا اليوم ونحن نحاول قراءة ما حدث ويحدث ذهبنا فـي «الثوري» لاستضافة أحد شباب الثورة الآوائل وأبرز منظريها عضو اللجنة المركزية للاشتراكي صلاح عبدالحميد الشرجبي.

إلتقاه: سام أبو اصبع

• أربع سنوات فـي عمر ثورة فبراير الشعبية اعتقدنا فيها أننا فـي طريقنا للعبور الي الدولة المنشودة قبل ان نصحو علــى كــــابــوس النظام السابق وقد أشعلها حرباً أهلية أكلت الأخضر واليابس.. كيف يقرأ الرفيق صلاح الثورة ومآلاتها؟

- في البدء أشكر صحيفة الثوري بكل طاقهما ومحرريها، والتي تتجلى في كل هذا العماء ضميراً وطنياً حياً يحمل آمال اليمنيين في يمن ديمقراطي اتحادي والتي تقدمت حين انكسرت خيارات كثيرة تمكنت «الثوري» من إعلان موقف وطني معبر عن الأوضاع الوطنية في لحظتها الراهنة.

الثورة بطبيعتها فعل خلاق يجد جذره في تناقضات البنية الاجتماعية التي تصل ذروتها في الانفجار الثوري الذي يعبر عن عجز النظام عن استيعاب مصالح الطبقات الشعبية التي فقدت الثقة بآلياته، لذا تسلك طريق الثورة الذي يتشكل في الشروط التاريخية للمجتمع ويكون محكوماً بها وبمستوى تطور الوعي والتنظيم السياسيين، وبالتالي يعتمد نجاح الثورة على طبيعة القوى الاجتماعية الثورية والمتسلطة والتنظيم الثوري والقيادة السياسية للثورة والتحالفات السياسية للثورة وللنظام داخلياً وخارجياً. لقد كان على ثورة فبراير الإجابة على إخفاق مشروع بناء الدولة الوطنية التي كانت وما تزال أمل اليمنيين، إلا ان هذه الثورة التي غافلت الجميع عانت من غياب التنظيم الثوري وبالتالي افتقدت للقيادة الثورية وللإطار السياسي لقيادة مشروعها الثوري الى نهاياته بالسيطرة على السلطة السياسية وبناء أسس جديدة لنظام اجتماعي يعبر عن مصالح الطبقات الثائرة، ويرجع جزء من أسباب هذه الإخفاق الى إصلاحية القوى السياسية، لذا مضت سريعاً في طريق التفاوض السياسي لاختصار المسار الثوري، كما ان افتقاد الثورة الى تحالفات ثورية إقليمياً ودولياً في الوقت الذي كانت الثورة المضادة مسنودة بتحالف غير ثوري إقليمي ودولي سريعاً ما اصطف خلف النظام وأطلق مبادرة سياسية لإنقاذه حافظت على المكونات الأساسية لبنية النظام ما أتاح له استعادة المبادرة لثورة مضادة نشطت منذ اللحظات الأولى لانفجار الثورة ولاحقاً تصاعد نشاطها بتحالف عميق بين علي صالح وميليشيا الحوثي على قاعدة المصالح الاجتماعية الطفيلية التي رعاها النظام طيلة ثلاثة وثلاثين عاماً وعلى خلفية عصبوية قبلية في مكان، وطائفية ومذهبية في أماكن أخرى حتى تمكن تحالف الثورة المضادة من إنجاز انقلاب أيلول الأسود (بلغة الثوري) في 21 من سبتمبر وما أعقبه وصولاً حتى تفجير حرب أهلية واسعة النطاق والحرب الأهلية خيار القوى المستبدة لقطع طريق الثورة الاجتماعية، ومع ذلك فكل هذا الواقع المأساوي يشير الى ان قطع مسار الثورة الاجتماعية يبقي على التناقضات التي اقتضت الثورة فستستمر الاحتقانات الاجتماعية التي تحاول الطبقات الحاكمة كسرها بخيارات الحرب الطائفية، وبالتالي أمام الطبقات الشعبية اليمنية مسار ثوري ضروري عليها ان تسلكه إذا أرادت ان تضمن مستقبلها ويمثل خيار المقاومة الشعبية أساساً لحركة ثورية في حال تمكنت من تجاوز طابعها العفوي المترهل من غياب الوحدة والتنظيم الكامل الملتحم بالقاعدة الشعبية لغياب الرؤية الاستراتيجية على المستوى الوطني اليمني العروبي بآفاقه الاجتماعية.

• فـي رأيك أين ذهبت تلك الجماهير المحتشدة فـي ساحات وميادين الثورة على مدار عام كامل وكيف تم تفريغها من أحلامها وآمالها العظيمة بالنصر؟

- اسمح لي ان أبدأ بتلخيص ذكي ولامع للصديق معن دماج بأن الثورة تنتصر بالجماهير وكذلك الثورة المضادة، لقد أدى غياب التنظيم الثوري في ثورة فبراير الى تحويل ذلك الانفجار الثوري الى حراك عفوي أحبطت آماله فانكسر جزء منه الى اليأس والانكفاء وهو الجزء الذي ما يزال حتى الآن لا يمنح ثقته لقوى انقلاب 21 سبتمبر الطائفي وجزء يخوض اليوم تجربة المقاومة الشعبية في خط يمتد من الحديدة حتى شبوة، هو جزء من جمهور الثورة الشعبية بمعناه الواسع والذي لم ينتج صيغاً نضالية ثورية قادرة على استيعابها. ورغم كل ما كابده جمهور الثورة منذ نكبة المبادرة الخليجية نجد بأنه ظل حاملاً روحه الثورية كما تجلت في المظاهرات الرافضة لانقلاب 21 سبتمبر ورفضاً للحروب الطائفية، غير ان آليات العمل الوطني ما تزال تفتقر الى التنظيم الثوري المقاوم الذي يؤطر حركة هذه القوى في سياق نضال وطني يمني ديمقراطي شعبي في مواجهة التحالف الرجعي الذي تظهر قواه موحدة من صعدة الى المهرة، وكي لا أجافي الحقيقة فجزء من جمهور ثورة فبراير أصبح في صف الثورة المضادة ومنهم حركة الحوثي وهؤلاء لم تكن الثورة الوطنية خياراً لهم إلا بما هي لحظة لإضعاف نظام حاكم ليسهل لهم اقتناص فرصة حكم لم يتخلوا لحظة عن أحلام العودة إليه كما التحق بالثورة المضادة جزء من جمهور الثورة جراء وعي زائف وهذا الجزء تستطيع الحركة الثورية ان تستعيده.

• أين تقف الحركة الوطنية وعلى أي مسافة مما يحدث اليوم وما الدور المناط بها تأديته فـي وقت نشاهد فيه محاولات السطو على تاريخها وتجييره لصالح قوى طائفية فـي مقدمة منها للسيطـــرة لـــيـــس على مستقبل البلد فحسب بل على ماضيه المناهض لها؟

- من الملامح البارزة في الصراع الدائر في البلد الغياب الكبير للحركة الوطنية اليمنية، التي تشكلت في سياق النضال الوطني لبناء الدولة الوطنية على قاعدة الهوية اليمنية وهي مشروع سياسي حديث بدأ في ثلاثينيات القرن العشرين وبلغ أوجه في النضال الذي قادته القوى الوطنية والقومية واليسارية من أجل يمن ديمقراطي موحد منذ نهاية خمسينيات القرن العشرين وحتى نهاية الستينيات، حين وجهت القوى الرجعية المحلية ضربتها الأولى بانقلاب 5 نوفمبر 1967 الرجعي في صنعاء والذي يمثل انقلاب 21 سبتمبر 2014 استكمالاً لمهامه، وكانت أحداث 13 يناير 1986 في عدن ضربة ثانية ما تزال آثارها ماثلة حتى اليوم، وأتت حرب صيف 1994 لتمثل امتداداً لتقاليد حروب الاحتلال الداخلي الذي كانت ثورة سبتمبر قد قطعت مساره. لقد ضربت الهوية الوطنية اليمنية في صميمها فلم تعد حقاً هوية جامعة لكل اليمنيين، ومما فاقم المشكلة عجز أحزاب الحركة الوطنية عن إنتاج مشروع سياسي نضالي شعبي على قاعدة الوطنية اليمنية لمواجهة التحديات التي ولدها نهج الحرب الذي شنته ضد المشروع الوطني الشعبي القوى الاجتماعية المكونة لنظام الطغمة العسكرية القبيلية المتوحدة بالفئات الطفيلية الفاسدة التي أثرت من فساد الاقتصاد الريعي.

• اليوم فـي رأيك وكيف إذا عرجنا على اليسار بصفته أحد حوامل أو ربمــــا الحامـــل الـــــرئــــيس للحركة الوطنية، أين تكمن أزمة اليسار وهل يمكنه تجاوزها؟

- أزمة اليسار في اليمن أزمة مركبة في ثلاثة مستويات فكرية وسياسية وتنظيمية، هناك خطاب نظري من موقع اليسار يقدم إجابات لفهم الواقع الاجتماعي بأبعاده الثلاثة السياسية والثقافية والاقتصادية، وعلاقات هذه الأبعاد في ترابطها والبعد المحرك بينها بما يتيح فهماً علمياً للتناقض الاجتماعي وطبيعته وطبيعة القوى التي تشكل التركيبة الاجتماعية وحركة الصراع الاجتماعي، ويفضي هذا المأزق الى المستوى السياسي حيث يفتقد الخطاب اليساري الى عمقه الاجتماعي المتصل بالطبقات الشعبية رغم أهمية الخطاب المدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا أنه يظل خطاباً مبتوراً لافتقاده الى الرؤية الاجتماعية، وفي مستوى ثالث اليسار اليوم يفتقر الى التنظيم المنضبط ذي القاعدة الشعبية، الأمر الذي يظهره كقوى نخبوية بعيدة عن الطبقات الشعبية وهي القاعدة الاجتماعية لأي مشروع يساري، يمكن لليسار ان يتجاوز أزمته الحالية إذا أعاد بناء خياراته النظرية والسياسية والتنظيمية على أساس انحيازه العميق للثورة الاجتماعية للطبقات الشعبية لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية بمضامينها الاجتماعية والشعبية، التي تتطلب بناء تنظيم ثوري ضمن أفقه العصري الذي يستجيب للشروط التاريخية الراهنة.

• وسط هذا الخراب الذي ألحقه التحالف الرجعي صالح والحوثي بالمجتمع والبلد وفرزهما على أسس ما قبل وطنية باعتقادك هل بالإمكان تجاوز المجتمع لهذه الحالة وكيف له ذلك في ظل الضبابية التي تحيطها الأحزاب بالمشهد والتي تحيط بالأحزاب؟

- كما قيل ان الواقع لا يطرح على الناس إلا المشكلات التي بالإمكان إيجاد حل لها، وكما تمكن التحالف الرجعي لصالح والحوثي من صناعة المشكلة على أساس ما قبل وطني بالتأكيد هناك إمكانية لتجاوز الأزمة ولكن الحل لا يكون على قاعدة المشكلة بل الحل من الخيار النقيض يمكن تجاوز المشكلة عبر مشروع وطني يمني ديمقراطي محمول بنضال الطبقات الشعبية اليمنية، وهو ما يتطلب بناء تنظيم سياسي حديث بمشروع ثوري يجتاز بالمجتمع التناقضات الاجتماعية التي تعيد توليد الأزمة الاجتماعية كلازمة مكرورة في غياب أصحاب المصلحة من التغيير الذي بسبب عدم استقلالهم السياسي عن خصومهم جراء افتقادهم الى التنظيم السياسي يحضرون في التضحية ويغيبون في المكاسب التي تصب في مصلحة المهيمنين.

قراءة 3580 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة