أخـــر الأخبــــار

 

تحصين المجتمع برؤى الاستنارة

الأربعاء, 04 حزيران/يونيو 2014 05:50
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أضاليل وأوهام عديدة تعتمد عليها الجماعات الدينية المتطرّفة في محاولاتها للاستيلاء على مستقبل المجتمعات؛ إنها تجتهد في مناهجها التربوية الرثّة على شحذ طاقات السذاجة لدى الأفراد المغلوبين على أمرهم.

تُعد هذه الجماعات المغلقة نتيجة فهم خاطئ للذات وللآخر؛ ولذلك فإنها على اختلافها تتوحّد في طابع العنف واستحضار الماضي، كما تلاقي رواجاً في ظل اضمحلال مشاريع الإجماع الوطني، ولنا أن نعزو قوّتها اللا عقلانية إلى عدم البدء في مشاريع الإصلاح الديني الضروري والمهم.

والحاصل هو أن تلك الجماعات تتملّق وتؤجّج غرائز الهياج الجماعية لدى الجماهير المتخلّفة، يقول "باريتو" عالم الاجتماع الإيطالي: "إن عمل الكاهن هو إخضاع العقول كي يُتاح له أن يثني الإرادات.

والمؤسف أن جماعات التطرُّف الديني تؤدّي إلى انقسام المجتمعات كما تؤكد الوقائع؛ بل إن الأنكى هو ما تنطوي عليه من نوازع إرهاب لا أسوأ منه على أي مجتمع، فضلاً عن قدرتها التي لا تهدأ في التأليب ضد قيم التمدُّن، وكذا إيقاظ الحقد البدائي الذي تواجه عبره ممكنات التطور.

وبحسب "سيمون دي بوفوار: "فإن الأفراد المصابين بالعُصاب الفردي يجدون في الاشتراك بعُصاب جماعي تسكيناً لآلامهم" لكن المشكلة الأكبر تكمن في عدم تحصين المجتمع برؤى الاستنارة ما يعني انتقال العدوى إلى بقية الأفراد، والثابت أنه لا يمكن الارتقاء بمجتمعات التعصُّب دون فضح تلك المفاتن الزائفة التي يغذّيها وعي التعصُّب نفسه.

إن الجماعات الدينية المغلقة والمتشنجة التي تعادي قيم المدنية؛ ليست سوى جماعات من الغشاشين أو المخدوعين؛ بينما غاية ثقافة المدنية بناء تجانسات رائعة داخل المجتمعات تقود إلى التطلُّع دائماً نحو مجتمعات متنورة غير متجمدة تفضي إلى السعادة الوطنية.

ومن البدهي أن الجماعات الدينية المتعالية على طابع المدنية؛ مفصولة عن الإحساس المعاصر بالحضارة، ثم إن توقها التدميري أعمق من توق البناء، وهكذا؛ بأكبر قدر من الحماسة البربرية الهوجاء والمتعجرفة تعمل ضد الجمال وضد الإنسانية، كما تحتقر استحقاقات دولة السلام والتعايش وقوانين المجتمعات النهضوية الحديثة والخلّاقة.

قراءة 1290 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة