عصر الاصوليات

الخميس, 24 تموز/يوليو 2014 02:24
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

إننا في عصر الاصوليات. ليس فقط اليمين الاسلامي المتطرف. فتصاعد البعد الطائفي في الشرق الاوسط هو نتاج لتوجه يميني. لسياسة هيمن عليها ما تم تسميته بالمحافظين الجدد. عالم نهاية السبعينيات، اضمحلال راديكالية اليسار، وصعود راديكالية اليمين الديني. نتنياهو هو احد اسرار ذلك النشوء العالمي للتطرف. داعش كذلك، مشهد المسيحيين المطرودين من العراق. مسيحيو العراق هم اقدم سكان العراق، مازالوا يتحدثون بالسريانية اللغة السامية القديمة التي اخذت حيز اللغة الارامية لفترات طويلة مع ظهور الاشوريين والبابليين المتأخرين.

في غزة وصل عدد الشهداء 681. ومازلنا نعتقد ان التطرف الاسلامي هو الواجهة القادرة على مقاومة العنف الاسرائيلي. ما يخيبنا، هو ذلك التعالي العالمي على مأساة الفلسطيني. هل سيحتاج الفلسطيني لان يتذوقوا محارق النازيين تلك التي فحمت جثث اليهود، ليعترف العالم بحقه في الحياة. لماذا نستبدل مأساة بأخرى، اضطهاد الاسرائيليين في الشتات، باضطهاد الفلسطيني اليوم.

عندما اراد اليمين الجديد، في امريكا والغرب تأصيل سياساته كان يبررها بظهور الاصولية الاسلامية. داعش، القاعدة، الاصولية الشيعية، هو حافز لأصولية المحاظفين في الغرب. كيف ظهرت داعش في فراغ الاضطراب السوري والعراقي، في التشكل الطائفي للمنطقة، هي ايضاً علامة تقسيم جديد. كيف يسمح العالم بطرد اقليات مسيحية في العراق، وفي المقابل يتم السماح لحملة عسكرية قاسية تنكل بفلسطيني غزة المدنيين. ذلك مقابل ذلك. اصولية مقابل اصولية.

هل مركب العالم سيغرق. لا ستستمر الحياة، بتلك القسوة، برذاذ يغشى العيون، افواه تشتهي حلمات الوهم. هذا هو الانسان مجرد طور من العبادة الغسقية، إنه مفردة ضالة، ومشهد يثير السخرية. إنه ليس خليفة الرب كما نعتقد، بل دميته الهزلية. حتى الحضارة لم تعالج البشر من وحشيتهم. لكن الغرب لا يعرف ان الحضارة هي ايضاً هشة، وبإمكانها الاضمحلال. يمكن لتلك القيم الرفيعة التي امنت بها المجتمعات، ان تستحيل ضرب من الاقصاء والعنصرية. مع ارتفاع هذا الصوت المخيف، معرض حتى الانسان المتحضر بالعودة إلى اشكالياته العرقية وحيوانية عدوانيتها، بدافع ابادة او قسر او استعباد. فشرقنا الاوسط هو مستعبد، وسيظل كذلك، بل هو عرضة للاستئصال، بحماقة وصغار مواطنيه، واستلاب نخبه السياسية والدينية. بعادات استبداده اللعينة، ونزوات العبودية، إذ تجعل من اخس البشر حكاماً، وجلادين.

"من صفحة الكاتب على الفيسبوك"

قراءة 1433 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة