هؤلاء محتجون يجب قتلهم

الثلاثاء, 09 أيلول/سبتمبر 2014 18:29
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

دائما ما يحلو للسلطة ـ أي سلطة ـ ومن يتبعها القول بأن المتظاهرون الذين يحتجون على اجراء ما أو عندما يخرجون في ثورة، بأنهم ناس مغرر بهم، وأن ما يظهرونه ليس قناعتهم الحقيقية، بل قناعات أطراف أخرى، لكن هذه السلطة عندما تقرر القتل فإنها لا تبحث عن الأطراف الخفية أعدائها المفترضون، بل عن هؤلاء الذين لا توجد لهم قناعات.

اعلام السلطة لا يتوقف عن القول بأن هؤلاء الناس الذين يخرجون للشوارع، وينامون في الخيام، ولديهم أهداف يطالبون بتحقيقها، لا يعرفون شيء عن الأهداف الخفية التي تدفعهم للقيام بكل ما يقومون به، لا يعرفون بأن هناك أطراف تحمل هذه الأهداف المدروسة بعناية، لكنها تدفعهم من خلال أهداف يقتنعون بها. هكذا يصور لنا الاعلام الرسمي الأمر، لكن عندما يحين موعد القتل، فإنه يكون قد مهد بما يكفي للتحريض على قتل هؤلاء المحتجون، ثم يستمر في التحريض وتبرير القتل، بل وقلب الحقائق، فالمحتجون السلميون هم من تحرشوا بالبندقية، بندقية 12/ 7، تجيد خلع الرؤوس لتجريدها من الأفكار الضالة.

مطالبهم عادلة لكن هناك طرف يدعمهم سيستثمر هذا الاحتجاج لصالحه، وسينسى أمرهم بمجرد أن يصل للسلطة، سينسى مطالبهم. كل أجهزة السلطة تعرف هذا تقريبا، لكن لا يوجد من يقترح تنفيذ مطالب المحتجون البسيطة لتفويت الفرصة على المتربصين، وعندما يحين موعد القتل، فإن المطالب العادلة لا تكفي لحماية محتجون عُزل من القتل، يجب قتلهم، أما الطرف الذي يدعمهم فقد يكون مدجج بالسلاح وسيكون الوصول إليه متعذرا، أو ربما مكلفا، والقتل سيظل دائما شيء لا يكلف الكثير، لا يجب أن يكون هناك خسارة كبيرة عندما يتم قتل الناس التي تخرج للاحتجاج في الشوارع.

هم ناس بسطاء، سذج، أغبياء، رعاع، يجب قتل وجرح أكبر عدد من هم، ثم الذهاب للتحاور بندية مع من يمثلهم، الحوارات وأي مبادرة ستكون جدية هذه المرة، والسلطة مستعدة لتقديم التنازلات طالما وأن هناك دم، السلطة التي تصعد بالدم لا تستشعر واجبها إلا بالدم، ولا تقدم تنازلات حقيقية ولا تسقط إلا بالكثير منه.

اللعنة على كل من يجد الهدوء أو ينعم ولو بقدر من السلام وهو يرى هذه البشاعات تحدث أمام عينيه. قدمنا الكثير من التضحيات وحدثت هذه البشاعات خلال العام 2011، وكنا نعتقد أننا اذا لم نحقق القليل من الأهداف التي خرجنا من أجلها، فإننا سنحقق انتصارات قد لا تكون مرئية، أبرزها أن الاعلام الرسمي لن يعود لتبرير الانتهاكات والوقوف ضد الشعب أو جزء منه مهما كان السبب، انتصارنا سيكون بهجر ثقافة القتل إلى الأبد، ولن يجرؤ أي قائد عسكري على أمر جنديه بإطلاق النار على ناس عُزل، واذا ما أصر سيكون على الجندي أن يوجه سلاحه إلى صدر هذا القائد، فالثورة رسخت الكثير من التقاليد وعملت قطيعة مع كل البربرية التي كانت سائدة قبلها.

لا يوجد مبنى حكومي أو مؤسسة بما في ذلك مؤسسة الرئاسة، تستحق أن يقتل يمني واحد لأجلها. نتفق مع مطالب المحتجون، ونختلف مع الكثير مما تطرحه جماعة الحوثي وما تحمله، وسنظل ننتقدها بشدة، لكن هذا لا يعني أننا نقبل القتل، مهما كان المبرر والسبب، مثلما رفضنا مجرد التلويح باستخدام السلاح.

لن ندفن الضمير في الرمل، مهما كانت الأصوات الداعية إلى الحرب مرتفعة، مهما كانت المبررات، هناك دائما خيارات أخرى، وهناك دائما راي عام واسع لا يجب تظليله عبر الاعلام الرسمي لأنه لن يصدق ذلك، ولكن يجب مخاطبته بمسئولية، وطرح نتائج الحوارات عليه أولا بأول، لكي يتم تعرية الطرف المتعنت، ويجب على السلطة قبل كل شيء أن تخاطب المحتجون وليس من يمثلونهم في جبال مران، وفي الدول الأخرى، لأن هذه الأطراف لن تأسف كثيرا في حال اشتعلت الحرب، لكن الشعب اليمني كله من سيدفع الثمن.

قراءة 2060 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة