السعودية وشرعية هادي... إلى اين؟

الثلاثاء, 22 أيلول/سبتمبر 2015 22:51 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

خلال الاسبوع الماضي استكملت دول الخليج ارسال قوات من جيوشها إلى مأرب ومن ثم بدأت بالمشاركة في المعارك على الارض وأطلقت حملة عسكرية لتحرير مأرب، وقد تستمر الحملة وتتقدم نحو صنعاء وربما صعدة في حال حققت نجاحات سريعة.

لكن دخول جيوش الخليج لتحرير المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون قد يكون له تبعات كثيرة، وعلى ما يبدوا فنحن امام مسعى واضح لامتلاك القرار اليمني والتحكم به لاطول فترة، قد تمتد لسنوات، والأمر ابعد من دعم الشرعية او القضاء على المتمردين.

السعودية تتحكم بالمشهد اليمني، ومسألة بقاء الرئيس وحكومته حتى الان في الرياض رغم ان هناك مناطق امنة يستطيعون العودة اليها وممارسة مهامهم منها، تدور حولها إستفهامات عدة، فما الفائدة من بقائهم هناك؟ اوليس من الافضل عودتهم بشكل سريع حتى يلتمس الناس الشرعية ويشعرون بان القيادة التي يدافعون عنها تتواجد بينهم.

استمرار تواجد الرئيس هادي وحكومته في الرياض حتى الان امر غير مبرر على الإطلاق وليس في صالحهم وصالح المقاومة ومؤيدو الشرعية، واذا كانت هناك تبريرات حقيقية فعلى الرئيس وحكومته قولها للشعب، رغم انها لن تكون منطقية على الاطلاق.

بقاء الرئيس وحكومته في الرياض يحبط معنويات المقاتلين على الارض ويدفع بالتيارات المنظمة والتي تمتلك السلاح وهي غير مرحب بها كالقاعدة، او تلك التي تسعى لفرض امر واقع او تثبت تواجدها كالسلفيين والحراك وبقية التيارات الاخرى يدفعهم إلى محاولة فرض سلطاتهم على المناطق التي يسيطرون عليها وبالتالي قريباً سنكون امام نزاع اما بين القوى المتواجدة على الارض على تقاسم السلطة في المناطق المحررة او بينها وبين الدولة التي يفترض انها الوحيدة التي لها حق فرض سلطاتها والتي ستكون اخر من يصل.

هناك نماذج حية من المنطقة يجب ان لا تتكرر في اليمن. مثل ما حصل في ليبيا حينما تقاسمت قوى عديدة السيطرة على المدن ثم تقاتلت بينها البين واغلبها كانت في خندق واحد ضد معمر القذافي، وكما حصل ويحصل في سوريا ايضاً.

ثم لو كانت السعودية ودول الخليج بالفعل حريصون على الشرعية في اليمن كان عليهم ان يدعموا المقاومة التي تمتد على طول البلاد وعرضها بالسلاح الكافي ويغطون جوياً لفترة وجيزة فقط، ولا نريد منهم تدخل بري. وأيضاً كان عليهم ارسال الشرعية ورجالاتها الى عدن بعد تحريرها او على الاقل بعد تحرير العند، وهذا كان إلى جانب اهميته سيكون نصراً اخر بعد انتصارات عدن والعند والضالع وبقية المناطق الجنوبية.

مالذي يمكننا ان نقوله الان بعد مرور فترة طويلة من تحرير عدن والشرعية لا تزال في الرياض، بل بعد تحرير الجنوب بشكل كامل؟. وأيضاً ما لذي يمكننا ان نقوله والسعودية مستمرة في قتل الناس على طول البلاد وعرضها منذ أشهر، وكأنها دخلت للمشاركة في تدمير البلاد وليس من اجل انقاذها؟.

صحيح ان التدخل الدولي جاء بناء على طلب من الرئيس الشرعي وحسب القوانين الدولية المنظمة للمسألة من اجل اعادة الشرعية، لكن سرعان ما خرج هذا التدخل عن مساره وأصبح له اهداف اخرى حينما شعر انه سيسيطر على الوضع وسيتحكم به، وعلى هذا يبدو ان استمرار هادي وحكومته في الرياض في الوقت الذي تتقدم فيه جيوش الخليج في مارب ناتج لتوجه سعودي.

مشكلتنا انه معنا الحوثيين والسعودية كل واحد اسوء من الاخر. الحوثي سلالي رجعي متخلف وفاسد ومتسلط ومقامر بدولة وشعب والسعودية دولة رجعية ومتخلفة كل امنيتها في الحياة ان تبقى اليمن متخلفة وفقيرة وتحت وصايتها. وهنا اتفق الاثنان حيث كل منهم يعزز سبب بقاء الاخر ويبرر تصرفاته.

لم اكن اتوقع ان تصل بلادنا الى الحد الذي يأتي فيه جيوش الخليج لتحريره. واقولها بكل صراحة: انا ضد دخول جيوش الخليج إلى اليمن، واذا لم يبقى في اليمن من يقاتل الحوثي فمعنى هذا ان الشرعية التي يتحدثون عنها قد انتهت وان الشعب قابل بالوضع، وبالتالي لسنا بحاجة لجيوشهم، واذا كانت الشرعية موجودة بالفعل والناس مع الشرعية فليتم اعانتهم بالسلاح والمعونات فقط ويترك لهم حق تقرير مصيرهم.

السعودية تركت تعز للقتل والدمار وفيها مقاومة وطنية قاعدتها كبيرة جداً وتفتقد فقط للسلاح النوعي والثقيل الذي يصنع الفارق، واتجهت نحو مأرب حتى يكون النصر الحقيقي المتمثل باسقاط صنعاء على يد قواتها وقوات الخليج.

السعودية تريد ان تسيطر على الوضع في اليمن بنفسها وبالتالي ستكون البلد تحت تصرفها لعشرات السنين، ولذلك تركت المقاومة ولجأت إلى إدخال قواتها لحسم المعركة، وقام احمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي والناطق باسم التحالف بالتبرير للأمر بطريقة سطحية عندما تحدث الثلاثاء الماضي وقال ان ما حصل لقوات التحالف في مأرب هو نتيجة لخيانة من الجيش الوطني والمقاومة، مضيفاً ان الجيش بحاجة إلى اعادة هيكلة، ونسى ان الجيش الذي يتحدث عنه لم يعد جيشاً، وان دور التحالف ليس حسم المعركة والتحكم بالقرار اليمني بقدر ما هو دور مساعد فقط للمقاومة.

الامر بحاجة إلى ان تكون القيادات اليمنية المتواجدة في السعودية عن مستوى المسئولية بحيث تطرح هذه التطورات على الطاولة وتحدد موقف واضح منها عبر اتفاقات واضحة، ما لم سيكونون مشاركين في الكارثة التي سيتنبه لها الشعب قريباً ولن يسكت عنها.

قراءة 2244 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة