البنادق لا تصنع التنمية

الأحد, 23 آذار/مارس 2014 20:55
قيم الموضوع
(0 أصوات)

هل ما زال بإمكاننا أن نسمع «يا أحبة ربا صنعاء»، أم أن الزمن قد عاد لــ»خندقي قبري وقبري خندقي»؟

هل ستغنينا فيروز «حبيبي بدو القمر»، أم ترانا سنردد «نحن يافيروز ما عاد لنا أذن تهفو وللحن تحن»؟

هل سنتوقف عن قراءة مستغانمي ونتردد على كفاحي؟.

لماذا وجدتني أقرأ «عن الرجال والبنادق لكنفاني» وفي انتظار البرابرة لكوتزي وأتوقف عن طوق الياسمين لواسيني الأعرج؟

لماذا أتردد على قصائد «الأرض اليباب» لإليوت بعدما كنت معجبا بـ»شاعر من نيويورك للوركا»؟

لماذا بدأت أراجع الأسئلة البدائية الكبرى التي تركها جوستاين جاردر في روايته «عالم صوفيا»، من أنت وكيف جاء العالم؟

لماذا أشاهد فيلم Black like meالذي أنتج قبل أكثر من سبعين عاماً وأتجاهل فيلم «Gravity» لعام 2013.

الخسائر التي ستتركها ثقافة البندقية ليست في ضحاياها المباشـرة فقط، بل في أنها تحول التوجه العام نحو المتـارس بدلاً عـــن المــــدارس، نحـــو المــوت بدلاً من الحياة، نحو الأسوار بدلاً من الفضاء المفتوح، نحو صناعة الأقفال بدلاً من تعلم الحاسوب، وسيكون لدينا جيش من المحاربين بدلا عن المهندسين والأطباء.

لن تكون فقط مهمة قتالية لاستعادة الوديعة الإلهية بتعبير صديقنا الغفوري، بل هي مهمة لإعادة تعريف كل الأشياء.

الجمهورية خرافة، المدنية فكرة غربية والديموقراطية نظرية أمريكية يهودية، الحرية فوضى، والمساواة فكرة مناقضة للدين، أما الدين فذلك الذي نقوله ونحدده والنبي هو الجد صاحب الوصية لأهل بيته، والحاكم هو هذه الطائفة المختارة من الإله، تلك التي تجري في عروقها الدماء الزرقاء!

لن يكون الصراع حول السلطة بل حول تعريف الإنسان، ولن نختلف عن الحقوق بل عن مفهوم المواطن والمواطنة والدولة.

هل سنكون شعباً أم رعية، موظفين أم أجراء، جنوداً أم عكفة، فلاحين أم سخرة؟.

لم تعد المسألة نقاشاً حول نظرية في الحكم والسياسة وطريقة الإدارة، بل عن طريقة جديدة للحياة يعاد فيها ترتيب الأولويات على طريقة إنسان الكهف!

لهذا اعتمدت الثورة طريق السلمية لأنها كانت تعلم أن البنادق لا تصنع التنمية، وأن رجالها غالباً لم يعرفوا الجامعات، وأنه من العار أن نسلم القيادة لهؤلاء الذين بلا خيال.

 ***

جمعة الكرامة، ذلك اليوم الذي لم يكن مجرد يوم، بل كان تاريخا بأكمله يبصق في وجوه القتلة والبنادق.

يبلغون الآن من العمر ثلاثة أعوام، سيلتقون آباءهم في النضال من الثورة الأولى وسيكتبون وصاياهم لنا:

هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟

أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

تلـبـــس -فــوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

إنها الحربُ!

قد تثقل القلبَ..

لكن خلفك عار العرب

لا تصالحْ..

ولا تتوخَّ الهرب!

قراءة 3154 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة