"الاشتراكي وقيادته.. مواقف لا تحجبها الأدخنة" مميز

الخميس, 05 تشرين2/نوفمبر 2015 18:08 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ربما لم يمر على الحزب وقياداته التي تعاقبت على دفة القيادة ظرف خطير وحساس ومعقد كالذي يمر به الحزب وقيادته اليوم، رغم جسامة وعظمة الأدوار التاريخية التي اضطلع بها الحزب وقياداته خلال مسيرته النضالية، بدءا من الكفاح المسلح ضد الإستعمار، وتوحيد الجنوب وبناء الدولة وإدارتها، وتحقيق الوحدة، ومواجهة حرب ٩٤ الظالمة، وإستعادة نشاط الحزب في أعقابها..

قام الحزب بتلك الأدوار التاريخية في ظروف داخلية وخارجية شبه مواتية ومساندة لخياراته، من حيث تعدد الأقطاب دوليا، ووجود الحزب على رأس السلطة أو شريكا فيها، وكان الزخم الإعلامي ورأي الشارع يتجه صوب تبني القضايا التي يتقاطع تبني الحزب لها مع كثير من المكونات السياسية والإجتماعية والتوجهات الفكرية، وكان الإنقسام والصراع في المنطقة واليمن ذا طابع سياسي وإجتماعي وإقتصادي، إضافة إلى الدور الصاعد والفاعل للإتحادات والنقابات العمالية والثقافية والفكرية، زمن القراءة والمسرح والمنتديات الأدبية والفكرية..

ليس من الإنصاف والواقعية مقارنة تلك الفترة وطبيعة تحدياتها مع ما نعيشه اليوم حيث زمن اللاأبواب وليس فقط الباب المخلوع؛ سقطت الأنظمة والدساتير والحدود ومنظومة القيم، وتشوهت المفاهيم الوطنية والمبادئ الإنسانية، ودمرت المؤسسات العسكرية والأمنية، وسيطرت جماعات القتل والإرهاب والمليشيا على بلدان عدة، ومساحات واسعة ومدن عديدة في بلدان أخرى، مع عجز وفشل واضح للمؤسسات الدولية والإقليمية في ظل هيمنة القطب الواحد، وتسيدت الأفكار المتطرفة والجماعات المتشددة الفضاء الإعلامي والمشهد العام، في ظل حرب شعواء تشن ضد كل مصادر وحوامل الإعتدال والوسطية والفكر المستنير.

وإزدهرت التوجهات التمزيقية وتراجعت الهوية الوطنية لصالح المشاريع المذهبية والجهوية والمناطقية، وتملشنت القوى المحلية لتخوض حروب بالوكالة دمرت النسيج الإجتماعي والسلم الأهلي، لتجد الشعوب نفسها وقد عاد بها الزمن لمراحل ما قبل الدولة، لتغدو كل تضحيات الشعوب وما راكمه حراكها الوطني وثوراتها التحررية كأن لم يكن.

ولأننا في زمن الإعلام المفتوح والحدود المفتوحة فاليمن اليوم في قلب هذه العاصفة التدميرية التي ضربت المنطقة، والتي وإن هدأت في وقت لا يبدو قريبا ستعاني اليمن من آثارها لعشرات السنين.

ولأنه وفي كل الأحداث الجسام والمنعطفات التاريخية في حياة الشعوب والأوطان ترتفع الرايات وتتعالى الشعارات المغلفة بمصالح الشعوب والقضايا الوطنية لدرجة يصبح التمييز بين الغث والسمين أمرا يتطلب قدر من الإتزان النفسي والعقلي والتجرد من العواطف والدوافع الذاتية. وفي واقع كالذي تعيشه اليمن اليوم حيث لا صوت يعلو فوق صوت السلاح، وما يصاحبه من صخب إعلامي هدفه التشويش والتضليل، تزداد الحيرة ويصبح المتابع ضحية التضليل الإعلامي الذي تضخه آلة إعلامية رهيبة سخرت لها الأموال والإمكانات بما يجعلها المؤثر والموجه الأبرز للرأي العام، في محاولة لإلباس مواقف لا وطنية ثوب الوطنية، وتشويه مواقف القوى المتمسكة بالمشروع الوطني.

ولعل ما يتعرض له الحزب الاشتراكي وقيادته والتشويش على مواقفه مما تشهده الساحة الوطنية اليوم، يعد أبرز حلقات المشروع التأمري على كل ما يمت للوطن بصله.

هذا المشروع التأمري ليس وليد الأحداث الجارية بل سبقها بسنوات عديدة ويحظى بإمكانات كبيرة سياسيا وإعلاميا وعسكريا، وله أهداف تتعلق بإيصال الوطن إلى الوضع الذي نشهده اليوم.

وكل من يحاول الخروج عن السرب، أو ينبه لخطورة المسار الذي ينتهجونه، أو يتخذ موقفا مدافعا عن القضايا الوطنية ومنحازا للقطاعات الشعبية الواسعة المتضررة من سياساتهم، يصبح حينها هدفا لحملاتهم الإعلامية ومكائدهم السياسية، وصولا للتصفيات والإغتيالات تحت عناوين شتى وبأدوات مختلفة، إنتهاءا بالضربة القاضية والتصفية الشاملة، والتي كانت الحلقة الأخيرة في أجندة تلك القوى لتوجيه ضربة قاضية للحزب الاشتراكي لا يقوم له من بعدها قائمة، وكان المخطط والتفاصيل جاهزة بانتظار أي موقف يتخذه الحزب في لحظة إنفعال نتيجة الضغط الإعلامي وتجييش العواطف داخل الحزب ومن خارجه، ليكون المبرر لإعطاء إشارة البدء في التنفيذ.. هذا ليس تحليلا بل معلومات وصلت قيادة الحزب من مصادر ذات وزن وموثوقة.

قد تجد داخل الحزب وخارجه من التبست عليه بعض المعطيات التكتيكية التي ينطلق منها الحزب في تعاطيه الإعلامي أو الإجرائي مع مستجد هنا أو هناك، وهذا أمر طبيعي إذا ما قارنا إمكانات الحزب المادية والإعلامية مع حجم المؤامرة، وما يمتلكه خصومه من إمبراطوريات مالية وإعلامية وأذرع سياسية ومخابراتية تعمل على مدار الساعة لتضليل الرأي العام وتشويش المواقف وشراء الولاءات.

يمثل الحزب الاشتراكي جدار صد أمام الكثير من القوى والمشاريع اللاوطنية، ومن هنا تأتي خطورة بقاء الحزب فاعلا في الحياة السياسية بالنسبة لتلك القوى والمشاريع الصغيرة. ويستطيع المتابع المنصف أن يتبين أهمية الدور الذي يلعبه الحزب لجهة منع إنزلاق البلد لحرب يمنية شاملة تحت عناوين مذهبية وجهوية ومناطقية.

فالاشتراكي هو الحزب الوحيد الذي يأتي إلى طاولة الحوارات برؤية سياسية مكتوبة ينطلق فيها من المصلحة الوطنية العليا خلافا لباقي القوى التي تأتي متأبطة مصالحها الخاصة ومناوراتها ومراوغاتها، وتجعل من وسائل الإعلام بديلا لتحسين قبح مشاريعها وتشويه مواقف الآخرين.

لعل مشكلة الحزب تكمن في نضوجه الفكري والسياسي المبكر ونظرته الوطنية الثاقبة التي تأتي في وقت تكون فيه بقية القوى أسيرة اللحظة الزمنية التي تعيشها، غارقة في تفاصيلها ومناكفاتها، ومنهمكة في جني مكاسبها.

قبل 25 عاما طرح الحزب مسألة إخلاء المدن من المعسكرات ومخازن الأسلحة، وقدم رؤيته للإصلاح الإقتصادي والإداري، وتبنى اللامركزية، وقدم رؤية لإصلاح التعليم ومحاربة التطرف والإرهاب.. وغيرها من القضايا التي لو تلقفتها بقية القوى في حينه لكنا اليوم في مصاف الدول المتقدمة والمستقرة.

ولكن وبدلا من ذلك شنت عليه الحملات الإعلامية والتي إنتهت بحرب 94م التي كان الهدف منها إسكات الصوت المعبر عن القضايا الوطنية وتطلعات اليمنيين.

تلقى الحزب ضربة موجعة من تلك الحرب الظالمة، حيث فقد الكثير من قياداته وكوادره وصودرت أمواله وممتلكاته، وشنت على من تبقى من كوادره حملة ملاحقات وإعتقالات، وفقد الكثير منهم مصادر دخلهم.. ورغم ذلك لم تكن تلك الحقوق الخاصة بالحزب هدفا لتحركات الحزب لاحقا، أو مدعاة ليفقد الحزب نظرته الثاقبة للمخاطر على المستوى الوطني، فكان إصلاح مسار الوحدة هو العنوان الذي إتخذه الحزب لنشاطه وتحالفاته لما بعد حرب 94م.

وكما هي العادة لم تستوعب القوى السياسية المآلات الكارثية لعدم إستجابتها لتحذيرات الحزب من خطورة تجاهل آثار تلك الحرب وتداعياتها على الوحدة والنسيج الوطني.

وإستتباعا لمواقف الحزب الوطنية ونظرته الثاقبة التي لا تشوشها المصالح الخاصة والمكايدات السياسية، حذر الحزب مبكرا من خطورة حروب صعدة، ورفض إعطائها صبغة وطنية، فكانت مقاربته للحرب وأسبابها وحلولها أقرب لما ينادي به اليوم المجتمع الدولي والقوى المحلية، في الوقت الذي رفضت تلك المقاربة حينها.. وهذه المقاربة تقوم على رفض حمل السلاح في وجه الدولة وإحتكار حق إمتلاك السلاح وإستخدامه حصرا بالدولة. ورفض إستخدام القوة من قبل السلطة ضد أي مكون لتحقيق مكاسب سياسية، وإعتماد الحوار وسيلة لحل المشاكل، وأن يكون الجيش والأمن مؤسسة وطنية لا يجوز تسخيرها لصالح حزب أو جماعة، مع ضمان حرية الرأي والفكر والمعتقد، والنأي بمؤسسات الدولة عن التجاذبات المذهبية.

ولأن لا أحد في هذا البلد يقدر الحس الوطني والنظرة العميقة الصادقة للحزب، تعرض الحزب لهجمة شرسة نتيجة لموقفه من حروب صعدة. وتركت أسبابها تتغذى من تعامل السلطة الإنتهازي معها، لتأتي النتيجة مطابقة لما حذر منه الحزب الاشتراكي.

تبنى الحزب القضية الجنوبية كقضية وطنية ذات بعد سياسي وحقوقي، وتبنى خيار الإقليمين في إطار وحدوي يضمن حلا عادلا للقضية الجنوبية يضع الجنوب في مكانه الطبيعي في المعادلة الوطنية، في شكل وحدوي جديد يعيد للوحدة إعتبارها ومضمونها.. فكان الرد على الحزب هو إتهامه بتبني الإنفصال.

كما يسجل للحزب الاشتراكي أنه أول من قال بأن القضية الجنوبية وحروب صعدة وبروز جماعات القاعدة والشلل الإقتصادي، هي مظاهر أزمة عميقة يتطلب حلها حوار يمني ندي للبحث عن الأسباب الحقيقية للأزمة وحلها.

وحذر من أن إنسداد الأفق السياسي والتعالي على الحوار الجاد سيؤدي لإنفجار الوضع وإنفلاته من أيدي الجميع.

فكانت ثورة ال١١ فبراير ٢٠١١م التي تعامل معها الحزب من زاوية تختلف كليا عن بقية القوى التي تعاملت مع الثورة من مصالحها الخاصة على أساس الربح والخسارة والمكاسب الحزبية، بينما كان الوطن ومصالحه الأساس لتعامل الحزب مع مجريات الحدث الثوري، فكان سباقا لرفض عسكرة الثورة، وضرورة التمييز بين إسقاط النظام وإسقاط الدولة، ورفض كل دعوات الإجتثاث والإقصاء والتخوين وإستدعاء العصبويات المذهبية والمناطقية..

ثم جاءت المبادرة الخليجية ليكون الحزب هو المكون الوحيد الذي طرح ضرورة أن تكون المبادرة وآليتها التنفيذية قائمة على مبدأ التغيير، وهو المبدأ الذي إختلف تفسير الحزب له مع باقي القوى التي شخصنت التغيير وحصرته بتغيير أشخاص، بينما كان الحزب يرى أن التغيير عملية شاملة تستهدف البنى السياسية والإقتصادية والإجتماعية للنظام.

ويتذكر الجميع مقولة الأمين العام السابق الدكتور ياسين سعيد نعمان في إحدى مقابلاته: << يبدو أننا نغرد خارج السرب>>. في إشارة منه لموقف الحزب من ضرورة إستكمال نقل السلطة، بعد أن رأى أن بقية القوى تتعامل مع نقل السلطة بإنتهازية وبطريقة إنتقائية تقوم على الإبتزاز وعقد الصفقات المشبوهة لجني المكاسب الخاصة على حساب المصلحة الوطنية وتضحيات اليمنيين، الذين لم يخرجوا للشوارع والساحات ليصل هذا الحزب أو ذاك للسلطة بقدر ما خرجوا طلبا لتغيير بنية نظام فشل في تحقيق طموحاتهم وضمان حقوقهم.

في مؤتمر الحوار الوطني سقطت الكثير من الأقنعة التي كانت معظم المكونات تغلف بها مواقفها وظهر جليا كيف كان الحزب يقف وحيدا مدافعا عن أهم الأسس المعول عليها بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على سيادة القانون والمواطنة المتساوية والشراكة الوطنية الحقيقية.. في الوقت الذي كانت تنسج في غرف موفنبيك المغلقة تحالفات مشبوهة تنازلت بموجبها الكثير من المكونات عن قضايا جوهرية تتعلق ببناء الدولة، والهيئات الحاكمة لما بعد الحوار.

ففي حين رأى الحزب ضرورة تشكيل هيئة تشريعية جديدة لا يهيمن عليها النظام السابق، إذا ب"صالح" ومن يدعون الثورة عليه يقفون في خندق واحد يصر على بقاء مجلس النواب "الصالحي"، وتوسيع (محدود) لمجلس الشورى.

ولعل وثيقة الضمانات التي تقدم بها الاشتراكي وتم القبول بها على مضض من بقية المكونات قبل أن يتم الإنقلاب عليها في اللحظات الأخيرة، والتحالفات التي نسجتها السلطة الإنتقالية مع أغلب القوى للإلتفاف على ما تم التوافق بشأنه حول تشكيل وصلاحيات هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار، ولجنة تحديد الأقاليم، وإستبعاد رؤية الحزب حول الأقاليم، وتلغيم مسودة الدستور. ومواقف المكونات من تلك القضايا ما يكفي كدليل على طريقة تعاطي مختلف الأطراف مع الإستحقاقات الوطنية المفصلية.

تعامل الحزب الاشتراكي مع مؤسسة الرئاسة بمسؤولية وحس وطني وقدم الكثير من الإستشارات والنصح والتي في الغالب لم تلق تجاوبا. ورغم أن الرئاسة حرمت الحزب من كثير من حقوقه ولم تعامله أسوة ببقية القوى، إلا أن الحزب لم يلجأ لوسائل الإعلام للتشهير بالرئيس ولم يسير المظاهرات ضده ويطعن في شرعيته، كما كانت تفعل بقية القوى لمجرد تأخر الرئيس في إصدار قرارات تعيين المحسوبين عليها.

ومع كل تلك التضحيات والترفع عن البحث عن المكاسب الحزبية والمصالح الخاصة رغم القدرة على بلوغها، وبدلا عن الشكر تشن حملة شعواء وظالمة تستهدف قيادة الحزب من قبل أطراف الصراع جميعها وصلت حد تشجيع عناصر حزبية للتهجم على قيادة الحزب والتشكيك بمواقفها استنادا لوقائع غير صحيحة، كالقول بأن قيادة الحزب ذهبت إلى جنيف بدون دعوة.. في الوقت الذي يعلم الجميع بأن الأمم المتحدة وجهت الدعوة للحزب ضمن دعوة مكونات الداخل. ورفضت قيادة الحزب ذلك وأصرت على أن توجه للحزب دعوة خاصة به كطرف مستقل. وبالفعل إستطاعت قيادة الحزب إنتزاع إعتراف أممي بالحزب الاشتراكي كطرف رئيسي ومكون أصيل غير تابع لأحد، بعد أن أرسل الأمين العام للأمم المتحدة دعوة خاصة بالحزب.

وأثناء إنعقاد جلسة مشاورات جنيف تحدث الأمين العام الدكتور عبدالرحمن السقاف مخاطبا المبعوث الأممي ولد الشيخ قائلا:<< أنا هنا لا أمثل طرف الداخل ولا الخارج، بل أمثل قوى السلام ولدينا مبادرة ورؤية تمثل هذه القوى>>.

ثم يأتي من يقول بأن الحزب محايد وليس له موقف في الوقت الذي تفرد الحزب بكونه المكون الوحيد الذي يعلن مواقفه ورؤاه تحت الشمس وأمام الخلائق دون مواربة أو نفاق، كما كان المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر يصف مواقف بعض الأطراف التي تنبطح أمام الحوثيين في جلسات الحوار، وتخرج على وسائل الأعلام لتعلن مواقف مناقضة.

الاشتراكي هو المكون الوحيد الذي تقدم بمبادرة صادقة لوقف الحرب وحل الأزمة، وعرض نائب الأمين العام الدكتور المخلافي مبادرة الحزب على الجامعة العربية، الأمر الذي أقلق تجار الحروب فشنت أبواقهم الإعلامية حملة إعلامية على الحزب لدرجة تغريرهم بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية عبر إنتحال صفة " مصدر في الرئاسة " للهجوم علي الحزب.

أعلن الحزب رفضه الإعلان الدستوري الذي أعلنه الحوثيين ورفض ما ترتب عليه من تشكيل لجان ثورية.. ورفض الحزب المشاركة في الحكومة التي أعلنت " اللجنة الثورية" بدء مشاورات تشكيلها.. كما رفض الحزب القبول ب أو المشاركة في أي إجراء آحادي من قبل أي طرف.

وأعلن رفضه وإدانته لإجتياح الجنوب وبقية المدن اليمنية، ولم يتخل عن أعضائه وكوادره وساند حقهم بالدفاع عن أنفسهم ومناطقهم ضد أي مخاطر تستهدفهم مهما يكن مصدرها.

وكما أدان قصف كاتيوشا تحالف الداخل للمدن والتجمعات السكنية، كذلك أدان قصف طائرات تحالف الخارج لها. وكان المدنيون وسلامتهم والوضع الإنساني لضحايا الحرب في صلب إهتماماته.

وفي الوقت الذي نسمع تغني الجميع _مجبرين_ بثورة فبراير والإنتفاضة في الجنوب ومخرجات الحوار الوطني، نرى واقعا كيف إنقلبت جميع القوى على ثورة ال11 من فبراير، وإنتفاضة الجنوب، وتخلت عن أهم مكتسباتها وتنصلت عن أهم مخرجات الحوار الوطني، من خلال قيام أحد أطراف الصراع بإعادة اليمن لما قبل إنتفاضة الجنوب وثورة العام ٢٠١١م بإعلانه عن شرعية دستورية تنسف التوافق الوطني وترتكز على دستور ومؤسسات تشريعية أسقطتها إنتفاضة الجنوب وثورة فبراير. في حين أعلن الطرف الآخر عن شرعية ثورية في إنقلاب صريح علي أهم مخرجات الحوار والتوافق الوطني.

بينما ظل الحزب الاشتراكي متمسكا بالشرعية السياسية التوافقية التي أنتجتها تضحيات الإنتفاضة الجنوبية وثورة فبراير الشبابية، وأقرها الإجماع الوطني ممثلا بمخرجات الحوار، بإعتبارها الشرعية الحاكمة لمرحلة ما بعد الحوار، سواء فيما يتعلق بتشكيل الهيئات الإنتقالية أو بإتخاذ القرار داخل تلك الهيئات.

في مؤتمر الرياض تقدم الحزب برؤية مكتوبة، صحيح تم تجاهلها، لكنها تظل الرؤية الوحيدة التي قدمت للمؤتمر، بينما إكتفت بقية القوى بتهييج الإنفعالات وتجييش العواطف عبر وسائل الإعلام.

وقبل إنعقاد مؤتمر الرياض بوقت قصير أصدر الحزب بيان أعلن فيه موقفه من هذا اللقاء، ورفضه تجيير المؤتمر لصالح أي طرف أو تحويله سببا إضافيا لتعميق الإنقسام من خلال التحشيد الجبهوي.. كما طالب القائمين على المؤتمر بعدم القفز على المرجعيات المتوافق عليها.

وبينما نرى القوى الفاعلة تتنقل بولائها وإرتباطاتها الخارجية من النقيض إلى النقيض مقدمة خدماتها لمن يدفع أكثر معرضة أمن اليمن وإستقراره وعلاقته بمحيطه والعالم للخطر..

أدرك الحزب الاشتراكي مبكرا خطورة قسر الشعوب والدول علي خوض مغامرات الإنعطافات الحادة في العلاقات الخارجية تبعا لأمزجة وأهواء الساسة.. فتتالت دعوات الحزب للنأي باليمن عن صراع المحاور، وعدم السماح بتحويل البلد ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.

وحذر من رهن قرار اليمن للخارج بما يؤدي لإنفلات الوضع من أيدي اليمنين.. وتبنى في رؤيته لعلاقة اليمن بالخارج منطق الدولة ومؤسساتها الرسمية، رافضا تسابق القوى الداخلية لإستجلاب الوصاية الخارجية بمختلف أشكالها. مؤكدا على سياسة حسن الجوار، والعلاقات الودية والندية مع مختلف شعوب ودول العالم على أساس المصالح المشتركة، وبما يحقق المصالح الوطنية العليا، وإحترام المعاهدات والمواثيق الدولية.

ونتيجة لهذا الموقف المبدئي العقلاني لعلاقة اليمن بالخارج الذي يتبناه الحزب لا تزال مقابلة الأمين العام الدكتور السقاف مع فضائية "العالم" غير مسموح بإذاعتها رغم مضي الكثير من الوقت عليها، لا لشي إلا لأن الأمين العام رفض الحديث عن علاقة اليمن بالخارج وفق المنهج المعهود من قبل ساسة الزمن الرديء وهم يتنطعون على الشاشات بالإساءات ورمي التهم والتخوين.

في كل المحطات والمنعطفات المفصلية كان الحزب حاضرا برؤاه ومواقفه الصادقة والمخلصة يشخص الأزمات ويقدم الحلول مستشعرا مسؤوليته الوطنية تجاه شعبه الذي رفض بيعه والمتاجرة بقضاياه والارتزاق بآلامه. متعرضا بسبب مواقفه الوطنية لحملات التشويه والتخوين والتشكيك، ومتحملا لكثير من الأذى الذي لم يقتصر على ما يأتي من خصومه بل أصبح يوجه إليه من داخله بحسن نية حينا، ومدفوع الأجر أحيانا.

وأخطر تلك السهام الموجهة للحزب هي تلك التي تحاول نهشه من الداخل متدثرة بالحرص عليه، وتغطي نيلها من الحزب بشخصنة الإستهداف وتوجيهه لقيادة الحزب في محاولة بائسة ومفضوحة للفصل بين الحزب وقيادته للتغطية على المؤامرة التي تستهدف الحزب قيادة وقواعد ومشروع وتاريخ وأمل.

يعمل الحزب وقيادته اليوم في وضع يشبه السير على الحبل في سيرك دامي كل من فيه يعمل على هز الحبل وإرباكك لتسقط حيث سقطوا.

رغم ذلك كان الحزب وسيظل متمسكا بخياراته الوطنية منحازا للسلام وبناء دولة المواطنة وسيادة القانون والشراكة الوطنية، رافضا كل الحروب قديمها وجديدها، الداخلية منها والخارجية، جاعلا من ملايين اليمنيين الذين لا مصلحة لهم في الحروب التي أزهقت أرواحهم وقضت على أمنهم ومصادر معيشتهم ودمرت مقومات حياتهم، جاعلا من هذه الملايين من اليمنيين ومصالحهم بوصلته التي لم ولن يحيد عنها مهما عملت القوى التي لا تجد نفسها وتضمن بقائها إلا وسط برك الدماء وبين أشلاء اليمنيين، وعلى أطلال الوطن الذي لا يرونه إلا امتيازات نفطية وتوكيلات تجارية وأرصدة بنكية.

*سكرتير منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة الجوف

قراءة 3239 مرات آخر تعديل على السبت, 07 تشرين2/نوفمبر 2015 18:27

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة