في وداع رفيق.. كلمات لابد منها مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص - عبد الجبار الشريف

الأربعاء, 03 آب/أغسطس 2016 18:12 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لازلت مصدوما بفاجعة رحيله، ربما بحكم سنوات كثيرة من الزمالة والرفقة والروابط التي تتجاوز العمل الحزبي والسياسي..

ولأن في شخصيته  معطى خاص يترك لدى من يعرفه إنطباع بأنه سينجو من هذه المعمعة الدموية.

لا أدري من أين يأتي هذا الإنطباع تجاه شخص لا يكاد يفارق جبهات القتال.

هل للخبرة القتالية التي إكتسبها طوال سني عمره التي تقترب من الخمسين عام قضى الكثير منها مقاتلا في صفوف القبيلة،لتتحول به ميوله العسكرية للبحث عن ميادين قتال تتجاوز القبيلة تبعا لتفتح مداركه على قضايا ذات بعد سياسي نتيجة إنخراطه في صفوف الجبهة الوطنية وتاليا للحزب الإشتراكي اليمني منذ الإنشاء الرسمي لفرعه بالجوف في العام 90م.

ربما..وربما يكون السبب فيما توحي به شخصيته من إنطباع بأنه سينجو هو ذلك الجزء الخاص من شخصيته والذي يشاطره للأصدقاء والمقربين..شغفه بالحياة وحبه للأُنس والمرح وروح النكته والدعابة.

شاعر وصاحب حس مرهف ويقدر المرأة لدرجة التعبد في محرابها،ويعشق السفر وحياة البداوة.يشمر عن ساعديه ويبادر لإعداد الأكل والقهوة لزملائه في السفر و (المطارح) رغم أن فيهم من هم أصغر منه سناً.

يتعمد إشعار من بصحبته بأنه أقلهم فهماً ويتظاهر بعدم الإلمام بالكثير من القضايا وأنه بحاجة إليك لتقول له ما ينبغي عمله.ولكن من يعرفه يدرك أنه أذكى من ذلك بكثير.

لا يستهويه الجانب التنظيمي ويتصرف حسب خياراته الشخصية،كريم وشجاع، ولا يعشق الأضواء،ومن النوع السهل جدا التعامل معه لما يظهر عليه لتواضعه من ميل للجندية وعدم الحرص على المنافسة للظهور والقيادة.

ولذلك ولأننا في زمن ردئ إنعدم فيه الإنصاف والعدل لم يَنَل الرفيق صالح زايد عافية ما يستحق من الإهتمام،وغٌمطت حقوقه وكثير من رفاقه وتضحياتهم لصالح شلل من المتسلقين والإنتهازيين.

كان الصديق والرفيق صالح زايد عافية رحمه الله من أوائل المنظمين للتشكيلات المسلحة التي واجهت "الحوثيين" في الجوف منذ العام ٢٠١١م رغم موقف الحزب الإشتراكي الرافض للإنخراط في تلك المواجهات، بل إن قيادة الإصلاح في المركز كانت تتبرأ من تلك المواجهات ومنعت وسائل إعلام الحزب من تغطيتها في حينه. إلا أنه أبى إلا مساندة إصلاح الجوف والقتال إلى جانبهم.

ومع أن الإصلاح كان يهيمن على تلك التشكيلات وقيادتها ظل الرفيق صالح يقاتل ببسالة وإخلاص ونكران للذات منقطع النظير..

وفي منتصف العام ٢٠١٥م وبينما كان بعض قيادات " الإصلاح" بالجوف يتواصلون مع "أنصار الله" عبر قنوات خاصة لكسر جبهة " اليتمة " وتسليم المحافظة لهم،كان الرفيق صالح يقاتل بذات البسالة والإخلاص.

ولأنه من القيادات الميدانية والعسكرية المتميزة التي لم تفارق الميادين والجبهات يوما،ولما قدمه هو وإخوانه ورفاقه من تضحيات،ولكونه محسوب على فصيل سياسي يُفترض أنه شريك،كان المفروض أن يحظى بإهتمام ويُعامل بما يليق بتضحياته وبما يجسد الشراكة المزعومة.

إلا أن الرفيق صالح ظل يتنقل على قدمية من جبهة لأخرى في الوقت الذي كان إصلاح الجوف يشرف على توزيع العشرات من السيارات المقدمة من التحالف وقصروا التوزيع على كوادرهم الحزبية.

ولولا أن أحد أقاربه (الشيخ عبدالمحسن معضد عافية) والذي كان يشرف على جبهة "السلفيين" زوده بسيارة، لظل يتنقل على قدميه.(قتل قريبه في حادث غامض بالرياض مطلع العام 2015م)(كما تعرضت قيادات سلفية أخرى بالجوف لحوادث قتل تحوم حولها الكثير من الشكوك والتساؤلات..ولم تعد للسلفيين جبهة خاصة بهم لتغييب قياداتهم قتلا أو إقصاءاً). 

في الجوف ألوية  "عسكرية" أهمها لواء النصر واللواء 101 ،أشرف فرع إصلاح الجوف على تشكيلها بالمحافظة ووزعوا الرتب العسكرية والمناصب العسكرية في هذين اللوائين على قياداتهم وكوادرهم الحزبية من قادات اللألوية والأركانات والعمليات إلى قيادات الكتائب وأركاناتها وعملياتها مرورا بالسرايا...الخ.

لم يجد الرفيق صالح زايد مكانا يتسع له في هذا الهيكل " العسكري " الطويل العريض نظرا لإزدحامه بقيادات من لون حزبي واحد.

وزعوا الرتب العسكرية لذات اللون الحزبي الواحد،فمنحوا الأب رتبة عميد وأبنه البكر رتبة عقيد والأبن الأصغر رتبة ملازم وأخو العميد منح رتبة عقيد، وعدد من أبناء العمومة نالهم نصيب من الرتب العسكرية والمناصب العسكرية!!.

لم يحرم الرفيق صالح زايد من الرتبة العسكرية والمنصب إستنادا لمعايير تتعلق بالمؤهل والكفاءة وإنما لمعيار حزبي، لأن أغلب من منحوا الرتب والمناصب لا يعرفون الفرق بين رتبتي الرائد والمقدم بل البعض منهم لا يقرأ ولا يكتب.

كما أن حرمان الرفيق صالح زايد من الرتبة العسكرية والمنصب لا يتعلق بمدى الحضور في الجبهات وحجم التضحية،لأنه لم يغب عن جبهات القتال منذ العام ٢٠١١م وقدم ٤ من إخوانه قتلوا جميعا في الجبهات..

بينما الكثير ممن منحوا الرتب والمناصب منشغلين بالمتاجرة بأسلحة التحالف ومواد الإغاثة والمشتقات النفطية وإيرادات القواطر،ولا يأتون لجبهات القتال إلا لإلتقاط الصور أثناء زيارة وسائل الإعلام لتلك الجبهات..ولم نجد أسمائهم ولا أحد من أقاربهم في قوائم "الشهداء".

قد نتفهم الإقصاء والتهميش لدوافع حزبية لشخص أو مجموعة أشخاص أثناء حياتهم..الغير مفهوم ولا مبرر وما أشعرني بالصدمة والذهول هو الطريقة التي تعاملوا بها مع الرفيق صالح زايد بعد رحيله.

وكأنه صدر تعميم عاجل بعدم التعاطي إعلاميا مع خبر إستشهاده وخاصة إنتمائه للحزب الإشتراكي وموقعه الحزبي كعضو لجنة مركزية.

نزعة المتاجرة والإستثمار التي وصلت إلى إستثمار الجثث والمآسي جعلتهم يظنون أن الجميع يتعامل بذات النزعة المريضة.

ولكي يحرموا الحزب حتى من شهدائه ولكي لا يعلم أحد بوجود غيرهم في الميدان لم تتطرق قنواتهم ولا مواقعهم الإخبارية ولا مراكزهم الإعلامية لخبر إستشهاد الرفيق صالح زايد،وهي التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا وأسأمتنا بتكرارها بعناوين مختلفة.

ولمجرد قيام أحد قياداتهم بزيارة خاطفة لعدة دقائق للجبهة لغرض أخذ الصور تنبري تلك القنوات والمواقع والمراكز لتغطية تلك الزيارة الخاطفة وكيل الألقاب والمدائح والبطولات،بينما ولدوافع حزبية يتم التعتيم ويحرم من في ميادين المواجهات حتى من ذكر خبر إستشهادهم.

ولذات الدوافع الحزبية لم يصدر عن قيادة "المقاومة" أو"الجيش" بالمحافظة بيان نعي رسمي لرفيق السلاح.

بل اللافت محاولة أحد قادة الألوية آنفة الذكر عبر صفحته بالفيس بوك إستثمار مقتله بالقول أنه كان أحد أبرز أفراد لوائه!!

ضعوا ألف خط تحت كلمة " أفراد،أو قائد ميداني في اللواء" لا أذكر الصيغة.

الذي أذكره جيدا هو أنه لم يسبق أسم الرفيق صالح رتبة عسكرية ولم يقترن به منصب ضمن هيكل اللواء.فجميع الرتب والمواقع مشغولة بالأبناء والأخوة والأقارب وكوادر التنظيم.

المحير والمحزن هو موقف قيادة فرع إصلاح الجوف الذين لم يجدوا وقتا لإصدار بيان نعي بحق زميلهم في قيادة مشترك الجوف،ورفيق السلاح والنضال.

وإن كانوا لا يريدون إصدار بيان نعي يذكرون فيه الحزب الإشتراكي حتى لا يسجلوا نقطة في رصيد الحزب ويعترفوا بوجود غيرهم في الميدان وفقا لنظرتهم القاصرة،أو لأي سبب آخر،كان بإمكانهم إصدار بيان يعزون فيه أهله وذويه دون ذكر كونه إشتراكياً.

 

الشيخ حسين العواضي وسلطته المحلية هو الآخر تجاهل الأمر..ولا ندري هل المليشيات التي إقتحمت منزله وأجبرته على مغادرة الجوف ومنعته من دخول المحافظة،هل منعوه أيضا من مواساة من وقفوا إلى جانبه في أحلك الظروف.

لقد كان من الضروري التعريج على ما سبق لأن الأمر لا يقتصر على من غادرنا وترك لنا الكثير من الألم،بل للأمر علاقة بالكثير من رفاقه الذين لايزالون يتعرضون لذات النكران والجحود ويمارس بحقهم الإقصاء والتهميش الممنهج.

رحمك الله أيها الصديق والرفيق صالح زايد عافية وعظم الله أجر كل رفاقك وأهلك ومحبيك.

لمتابعة قناة الاشتراكي نت على التليجرام

اشترك بالضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

 

 

قراءة 1845 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة