من النقد الى الحوار (١)

الإثنين, 16 تشرين2/نوفمبر 2015 20:40 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من السهل على الانسان ان ينتقد، لكن الاهم هو كيف يتحول النقد الى حل للجميع. ما نعيشه اليوم في المنطقة العربية هو حراك نقدي متعثر لم يصل بعد الى الهدف لكنه سيصل حتما، هناك نقد ونقد مضاد وهي سنة الحياة، لكن المطلوب تحديث وسائل رد الفعل من وسائل تدميرية الى وسائل سلمية تنافسية بناءة يستفيد منها الجميع .

 في اليمن ما زال مفهوم الدولة يحتل الاولوية في العملية النقدية حتى اليوم، ولم ينتقل الى الحوار عدا محاولتين: الاولى في عام ١٩٩٤م والثانية في عام ٢٠١٣م وانتهت كل منهما الى حرب.. النقد وجد مع وجود الانسان ومرتبط به ،فهو عملية عقلية، لها علاقة بالمصالح الخاصة والعامة للأفراد والجماعات، تنبثق عنه اختلافات في الرأي تؤدي الى  صراعات بين افراد الشعب الواحد وغالبا ما تتحول الى حروب مدمرة، والحروب هي حالة عجز  لدى الانسان في الاستفادة من عملية النقد لخدمة التطور والاستقرار والرفاه للجميع .. فالنقد عندما يستهدف الغاء او اقصاء الاخر او حرمانه من الحقوق يتحول الى مشكلة، أما اذا استهدف تحقيق الاستقرار والتعايش والاعتراف بالأخر وضمان الحقوق للجميع  فهو في هذه الحالة انتقل من المشكلة الى الحل.

البلدان التي تديرها انظمة حكم حديثة وديمقراطية يتحول النقد فيها الى تنافس بين الاطراف لتحقيق المزيد من التطور والاستقرار والرفاه والتعايش اما البلدان التي ما زالت تعيش وضع ما قبل الدولة الحديثة فالنقد فيها يتحول الى كوارث مدمرة كما هي الحرب الحالية في اليمن وغيرها من البلدان العربية. فالنقد في وضع اليمن بلا دولة المفروض ان يتحول الى حوار هدفه اولا بناء الدولة المؤسسية الديمقراطية وهي بدورها ستنقل الجميع الى مرحلة التنافس المدني لخدمة الشعب.

تجربة عام ٢٠١٣م في الحوار كانت خطوة متقدمة في تاريخ اليمن السياسي لكنها تعثرت بانفجار حرب اهلية خطيرة ربما لم تشهدها اليمن في تاريخها اعادتنا الى عملية نقد تعزز العنف وتبرر استمرار الحرب والسيطرة على الحكم بالغلبة. لا شك ان اليمن تحتاج الى المزيد من الجهد للعودة الى الحوار لاستكمال ما تبقى من نواقص ان وجدت في مشروع بناء الدولة الذي كان قد وصل الى مرحلة انجاز مسودة الدستور الجديد، فالمطلوب العودة للبدء من حيث توقفنا لا من الصفر ما لم فان الوضع النقدي القائم على التنكيل بالأخر سوف يوسع التشققات وبعدها لن ينفع معها اي ترميم .. لكني ما زلت متفائلا لسبب واحد وهو ان جميع الاطراف مازالت تتحدث عن ضرورة قيام الدولة الحديثة، فقط يحتاجون لمن يساعدهم على التخلص من اوهام الماضي ومن رغباتهم في التنكيل والاقصاء لبعضهم البعض، وان يوظفوا الجهد لإحلال السلام والتعايش والتنافس البناء في ظل دولة المواطنين.

ختاما اقول اذا لم ينتقل النقد  الى الحوار ومن الحوار الى بناء الدولة ففي وضع كاليمن بلا دولة لن نستقر وربما لن تبقى اليمن  كما كانت ولا كما نحلم.

قراءة 1923 مرات

من أحدث عبد السلام رزاز

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة