عن مشاركة الحراك الجنوبي في السلطة

الخميس, 10 كانون1/ديسمبر 2015 20:14 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

سألني مذيع إحدى القنوات التليفزيونية عن تعليقي على تعيين الثائر عيدروس الزبيدي وزميله الثائر شلال علي شائع مديرا لأمن عدن، قائلا: إن الاثنين من أشد المطالبين بانفصال الجنوب وقبلوا العمل في سلطة شرعية تتمسك بالوحدة، متسائلا: هل أقلع عيدروس وشلال عن مطالبتهم بالانفصال وقبلا بالوحدة أم إن الشرعية تتجه نحو الانفصال، قلت له إن قراءة بعض الإعلاميين للمعادلة على هذا النحو (إما انفصالي وإما وحدوي) هي قراءة مقلوبة وقائمة على ثنائية مقيتة تدمر الجهد الوطني لمواجهة مشروع الحرب والانقلاب والقتل والتدمير والتفكيك الذي يديره تحالف (الحوثي-  صالح)

 والمعروف للجميع أن أدعياء الوحدة هم كثر وبينهم (إن لم أقل معظمهم) لصوص وقتلة ومجرمون ومتورطون في كل ما أنتجته حربا ١٩٩٤م و٢٠١٥م من ويلات وكوارث، فهل كان على عبدربه منصور أن يعين أبو علي الحاكم مثلا، أو عبد الله ضبعان، أو حتى عوض محمد فريد محافظا لعدن باعتبارهم وحدويين!!!!؟؟؟؟

قلت للمذيع ومشاهديه إن تعيين عيدروس وشلال وقبلهما الشهيد جعفر وبعدهما مراد الحالمي يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، ذلك إن الحراك الجنوبي (الحقيقي) ظل على مدى 8 سنوات مستبعدا عن أي عملية سياسية جادة وظل النظر إلى الحراك الجنوبي ونشطائه على إنهم أدوات تخريب وأن قادته هم عملاء لإيران حتى بعد ما خاضوا حربا ضروسا مع الفيالق الحاملة للمشروع الإيراني ولقنوها أقسى الدروس، وهزموها شر هزيمة لم تعرفها على مدى ثلث قرن من حروبها مع اليمنيين.

من الجدير ملاحظة أن قياس الأمور من منطلق ثنائية الوحدوية والانفصالية لا يستقيم وفي اعتقادي أنه لم تعد له قيمة ذات بال في اللحظة الراهنة، نظرا لاعتبارين أساسيين: الأول إن الوحدويين الحقيقيين لم يعد لهم أي حضور فعلي وهم عمليا خارج المعادلة السياسية الكلية القائمة اليوم، أما المزايدين باسم الوحدة فما أكثرهم، بدءا بعلي عبد الله صالح وحاشيته، مرورا بعبد الملك الحوثي ومسيرته، وانتهاء بناهبي حرب 1994م ممن دخلوها صغارا متدربين على السرقة والعبث والنهب وصاروا اليوم من كبار المليارديرات على المستوى العربي والعالمي، هؤلاء لا يمكن أن يصلحو ليقدموا نموذجاء للوحدوية، الوحدويين الحقيقيون يخجلون من إعلان وحدويتهم بعد أن صارت (الوحدوية) عنوان اللصوصية والنهب والقتل والتزييف والافتراء، الاعتبار الثاني إن معادلة (الشرعية ـ الانقلاب) ليست مرادفا حرفيا لمعادلة (الوحدة ـ الانفصال) أو معادلة (الاحتلال ـ التحرير) فلا الوحدويون قدموا شيئا للوحدة أو حتى نجحوا في جعلها حقيقة، ولا من يدعون للانفصال استطاعوا تلبية شيء من تطلعات المواطنين الجنوبيين إلى استعادة دولتهم، فقط من خلال مخاصمة السلطة (وأنا هنا أتحدث عن السلطة الشرعية)، حتى ولو مدت يدها إليهم واستجارت بهم في مواجهة المارقين وأصحاب المشروع التدميري التفكيكي العنصري والسلالي المقيت.

لن تبقى اليمن بعد حرب 2015م كما كانت عليه قبلها، وهذا ما ينبغي أن يدركه الجميع وعلى أعداء الانقلاب والمشروع السلالي العنصري من المواطنين والمقاومين والسياسيين الشماليين أن يكفوا عن مخاصمة كل ما يأتي من الجنوب فقط لأن الجنوب يرفض وحدة الضم والإلحاق والسلب والنهب والقتل والإقصاء، وإن ينصرفوا لمواجهة الغول الذي يهدد بالتهام الجميع، كما إن حل القضية الجنوبية لن يكون فقط بمخاصمة السلطة ورفض العمل معها، السؤال هو ماذا سيقدم للقضية الجنوبية من انخرط في العمل مع السلطة (الشرعية)؟ لقد مضت أعوام طويلة منذ أن دعونا إلى استيعاب نشطاء الفعاليات الجنوبية، وعلى رأسهم العسكريون والأمنيون والموظفون المدنيون المبعدون من أعمالهم قسرا، وشخصيا كنت قد كتبت لقيادات الحراك السلمي قبيل مليونية 14 أكتوبر 2014م وقلت لهم إن المليونيات قد استنفدت وظيفتها، واليوم أنتم بحاجة إلى 7 اعتصامات أمام مجمعات المحافظات السبع للمطالبة بمحافظين ينتمون إلى الحراك الجنوبي، وبعدها لكل حادث حديث، لكن الحرب الإجرامية قد عصفت بالأولويات وجاءت اللحظة التاريخية التي على الجنوبيين أن يغتنموها ليعيدوا ترتيب أولوياتهم، على طريق الحل المنصف للقضية الجنوبية على  النحو الذي يستجيب لتطلعات ملاييين المواطنين الجنوبيين.

نتمنى لعيدروس وشلال ومراد وغيرهم ممن سيشملهم الاستيعاب في العمل مع حكومة الرئيس هادي ونائبه بحاح أن لا يغرقوا كثيرا في التبرير لماذا قبلوا بهذا التحدي فأفعالهم وإنجازاتهم هي من سيبرر لهم التحدي ويجيب على أسئلة المتسائلين، وهم يتمتعون بثقة عالية ورصيد مرتفع من  السمعة الحسنة وحسن ظن واسع الانتشار أعتقد أنهم سيكونون عند حسن ظن الناس هذا بهم.

 

قراءة 1755 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة