حول نعاس أكاديميي الحزب

الثلاثاء, 30 كانون1/ديسمبر 2014 19:26
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

"على هامش انعقاد الوطني الاشتراكي"

لا تمشِ ورائي، قد لا أكون قائداً جيداً لأقودك إلى شيء. لا تمش أمامي قد لا أتبعك، أمشِ بجانبي وكن صديقي.

ألبير كامو

ملمحان أساسيان كانا يوضحان حال اليمني الاشتراكي قبل انعقاد مجلسه الحزبي: أمين عام يعمل بطاقة وفعالية ديمقراطية ووطنية وسياسية وفكرية وثقافية ضخمة وعالية، بمقابل أوضاع وهيئات، ودوائر، ولجان، ومنظمات حزبية مقعدة عن الحركة والشغل، فيما هي غير محدثة ودون مؤسسية، وضاجة بالمعضلات.

ياسين سعيد نعمان شفافاً كان وصادقاً، وموضوعياً إلى أبعد حد من ناحية مقاربته لحال وضع الحزب عندما قال بالمعنى الحرفي والدلالي الموضح للتعبير: لا يوجد لدينا حزب يمكن وصفه بالمؤسسي، وكل ما لدينا هو حزب كان مدمج بـ"الدولة"، وربما أفصح ياسين عن هذا الوضع كمشكل بنيوي وكثيراً ما أشار: معاً نستطيع أن نذهب الآن باتجاه بناء الحزب المؤسسة كحاجة وضرورة ديمقراطية لا غنى عنها، فيما أكد أزيد من مرة بأن جوهر وعماد الحزب يكمن في معنى وعدالة ونبل القضية الوطنية والديمقراطية التي يعمل من أجلها بعمقها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي المرتبطة مضامينها بحق جميع اليمنيين ببناء دولة مدنية حديثة ومعاصرة ضامنة تجلب لهم الأمن والاستقرار والحداثة والتنمية وبناء المستقبل ضداً لخيارات الحروب، والنزاعات ودورات العنف المقوضة بفعل استخدامها للسلاح وفائض القوة لمعاني السلام الأمن الأهلي.

استطاع اليمني الاشتراكي إذاً أن يعبر عن وضعه الداخلي، وأهدافه الوطنية والديمقراطية، إلى ذلك طالب نفسه بالتجديد وانفتح على مبدأ الفيدرالية والديمقراطية كهدف وغاية عليها ان تستجيب في أنويتها ومبادئها المستعملة لاحتياجات بناء حزب وطني ديمقراطي اجتماعي يحتفي بالتعدد والتنوع الفكري والثقافي الممثل للمجتمعات والمنظمات الحزبية المحلية ضمن رؤية وطنية وديمقراطية جامعة للأهداف وللبرنامج العام الذي يحمله ويعبر عنه ويعمل من أجله بأدوات ووسائل سلمية وديمقراطية جميع أعضاء وهيئات وأنصار وشركاء وحلفاء الحزب.

نجح مجلس الحزب الوطني وفازت الديمقراطية، واتجاهات ومبادئ التغيير وتحديد المهام القيادية والوطنية داخل الحزب، ولصالح حزب يناضل من أجل التغيير والتجديد والتحديث والديمقراطية خارج الحزب.

فازت الديمقراطية أثناء انعقاد المجلس والهيئة المركزية للحزب بفعل يقظة ونباهة أمينه العام السابق، الذي نافح ودافع بقوة عن الانتصار لمبادئ الديمقراطية وتجسيرها داخل حياة الحزب الداخلية، إذ مثل خط دفاع أول عن معنى تطبيق جوهر هذه القيمة المدنية من خلال التخلي المتعالي والنبيل عن موقعه كأمين عام للحزب كونه داخل هذا المحك والمختبر لم تغريه ولم يستسلم قط لمظاهر تنظيم حفلات التمديد!! وفي السياق عينه عبر عن انتقاده "لتقديس الاشخاص" وأكد على الانتصار لقيم الحزب.

فازت الممارسة الديمقراطية داخل الحزب وبالتحديد انتخاب أمين عام جديد، ورئيس لجنة مركزية جديد، ونواب جدد، وامرأة جديدة في أعلى هيئة قيادية للحزب كون أمينه العام السابق قد حرص بكل ما لديه من حجج ووسائل دفاع مدنية عملية عن معنى الديمقراطية "بأن على الحزب، كما قال، أن يكتشف نفسه دائماً ومن جديد عليه دوماً أن يظهر ما لديه من جوانب قوة ومن قدرات تمكنه من ترسيخ مبدأ الإيمان والثقة بقدراته الوطنية والديمقراطية.

انتصرت الديمقراطية أثناء انتخاب الهيئات القيادية الجديدة للحزب لأن الحزب لا يريد أن يجعل من قيمة الديمقراطية رهينة لدى شخص أو زعيم أو قائد ما محدد. إذ أن المطلوب في الأصل هو توزيع منحنيات تلك القيمة على مستوى الفكر والممارسة بما يخدم ويقوي انسجة وانساق البناء والتكوين السياسي كله.

تقوت وتجسرت الديمقراطية داخل وفي بنى الحزب رغم اسراف بعض الأعضاء وبعض الممثلين للتكوينات الحزبية بالتعبير وترديد الشعارات المبينة لعدم الثقة بالحزب كتكوين وبناء وتنظيم ديمقراطي ينتمون إليه ووضع تلك الثقة بعلتها المطلقة بيد وفي حمل فرد وأمانة عنق رفيق واحد. وكان أكاديميي الحزب الممثلين كمندوبين لانعقاد المجلس الوطني للحزب، القادمين من الجامعات، وعلى وجه التحديد أكاديميي الحزب القادمين من جامعة صنعاء هم أول وأبرز من فتحوا الباب لترديد تلك الشعارات الدالة بمستوياتها غير المحسنة أبداً بقيم الديمقراطية على نشوء حالة عطنة من عدم الثقة وهي شعارات أظهرت إلى جانب كونها متعارضة مع التقاليد الوطنية والديمقراطية التي يؤكد عليها تاريخ وأدبيات الحزب كشفت الغطاء للأسف الشديد عن بروز حالة محزنة من الاهتراء خاصة وانها قد عبرت في رواج إعلامي مقصود عن رغبة عاطفية ما بالتمسك باستمرار وبقاء دوام ومواصلة الرفيق ياسين سعيد نعمان في إدارة شؤون منصبه كأمين عام، حتى اذا كان مريضاً، وحتى من "خلال التلفون" وحتى من خارج الحدود!!!! وإذ نعيب على أولئك الرفاق الأكاديميين الذين وفروا الأسباب الكاملة لتنظيم فقرات تلك الزفة المرصعة بالشعارات غير الديمقراطية وغير النبيهة على الاطلاق، التي بالفعل قد ذكرتنا بتلك الشعارات التي كان يرددها أكاديميي الجامعات اليمنية تجاه "زعيمهم" رئيس النظام السابق التي كانت تقول: "قبلك عدم وبعدك ندم"، ومن "لليمن بعد رحيلك" و"ما لنا إلا علي.."..

والحال أولاً: بأن أولئك الرفاق الذين نقدرهم بل ونحبهم كان عليهم بالفعل ألا ينزلقوا ويضعون أنفسهم بهذا المطلب المُسف رغم اقتناعنا ببعض مبرراتهم الخاصة لابقاء الأمين العام السابق إلا أن تلك المبررات تنطوي بالأصل على حجج من شأنها تقوض مبادئ الديمقراطية وتطيح بالتقاليد المدنية والحداثية التي سبق لها أن تكونت ونشأت داخل الحزب.

والحال ثانياً: بأنهم لم يكترثوا البتة ببحث الأسباب والمشكلات البنيوية التي يعاني ويواجهها الحزب في مستوى بناءه السياسي والفكري والتنظيمي وفي مستوى بناءه الثقافي والإعلامي والجماهيري وفي نشاطاته الداخلية ومع وفي وسط المجتمع.

والحال ثالثاً: كان عليهم أن يقولوا لنا ولأعضاء المجلس ولأعضاء الحزب بشكل عام بما قاله ديكارت "ينبغي هدم البيت القديم على الرغم من أنه عزيز جداً على قلوبنا لأنه قد يتهاوى على رؤوسنا اذا لم نهدمه ونبني محله بيتاً جديداً".

والحال رابعاً: كان عليهم ان يقولوا لنا بأن الاختلافات في الرؤى السياسية والفكرية والاقتصادية هي المفترض تبنيها واحتدام النقاش المثمر والمحترم حولها هي الأصل والأهم دائماً بدلاً من الاختلاف حول الأفراد والقوائم المعتمدة اثناء المؤتمرات الحزبية الانتخابية.

والحال خامساً: كان عليهم أن يقولوا لنا بأن التصور والبرنامج الجيد هو الرفيق المنتخب الجيد.

والحال سادساً: كان عليهم ان يقولوا لنا بأن على الجماعة الوطنية وفي مقدمتهم أساتذة الجامعات أن يعملوا على "خلق زعيم وطني" وفق المعادلة الغاندية تعمل وتساعد على تعرية النظام واسقاطه سلمياً لصالح الانتصار لمبادئ وقيم التغيير والانتصار للحقوق والمواطنة، والنظام والقانون والحرية والمساواة.

والحال سابعاً: كان عليهم أن لا يغالبهم النعاس، وان يدركوا بأنهم أعضاء وفي مقام حزب مدني يعمل مجموع أعضائه وهيئاته وفق مجموع قيم تنظم أساليب حركته وأنشطته الديمقراطية، وليس في حضرة عائلة بيريطريكية مشروطة قيادتها بالولي وبالايقونة الكبيرة!

والحال ثامناً: بأن على جميع أعضاء الحزب وأنصاره ومحبيه وشركاءه وحلفاءه من قياديي العمل الوطني والديمقراطي ان يقولوا بالفعل كما بالممارسة حي على تعزيز الديمقراطية في انسجة وبنى ومكونات حياتنا الخاصة والعامة ما دامت تنشد التغيير وتولد معاني ومظاهر التحديث المنتج لتبدل وتحول العلاقات السائدة والسير بها نحو الأفضل والأحسن.

والحال تاسعاً وأخيراً: علينا جميعاً أن نقول ما أكد عليه الأديب الكبير عبدالرحمن منيف "الديمقراطية أولاً، الديمقراطية دائماً".

 

 

قراءة 2553 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 30 كانون1/ديسمبر 2014 19:46

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة