جرحى الثورة.. شعورٌ بالخيبة ورحيلٌ مختنق بالقهـر

  • الاشتراكي نت / جابر الغزير

الأربعاء, 04 حزيران/يونيو 2014 18:35
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

لم يكن أول الراحلين قهراً، ولن يكون آخر من اختنق بمرارة الخيبة والخذلان من رفاقه في ساحات الثورة، حيث آثر الصمت ممتلئاً بخيبة حلمه المنكسر. «رسام الذماري» الكهربائي الذي اتخذ جلادوه مهنته أداة لتعذيبه، لكنه استشهد بعد سنتين ونصف من إزاحة زعيم الجلادين والقتلة «صالح» من الحكم، وصعود «حكومة الثورة المنشغلة بغنائم المحاصصة..!

يقول عن الشهيد تامر أحد الذين تعرفوا عليه عن قرب «فشلت عصابة علي صالح في القضاء على واحد من أهم الشهود على جرائمها، لكن اللجنة الطبية في ساحة التغيير. وبعدها حكومة الثورة، أنهتا المهمة: قتلت تامر بشكل مؤلم وبطيء، جراء إهمالها لوضعه الصحي».

ويضيف هلال الجمرة بالقول «التقيت بهذا الشاب الخجول، ذي الثامنة عشر، في فبراير 2013، داخل ساحة التغيير، محمولاً على عربة جديدة، قدمها له النائب الكريم والثائر أحمد سيف حاشد، وهو طائر من الفرحة في أول ساعة له على هذه الدراجة، الذي خففت عنه عناء عامين من سحب جسده على الأرض، منبوذاً من اللجنة الطبية للثورة، مشكوكاً في ثوريته، وقصة اختطافه وتعذيبه بالكهرباء في ملعب الثورة، التي يرويها بألم».

في 24 ديسمبر 2011، وقع تامر في فخّ نصبته عصابات صالح للشباب المشاركين في مسيرة الحياة القادمة من تعز، على مدخل العاصمة صنعاء، بجولة دار سلم، حيث اقتادته تلك العصابات على متن سيارة معكسة، تقلّ 3 أفراد، إلى مكانٍ مجهول سبقه إليه 19 من شباب الثورة الذين طالتهم تلك العصابات الإجرامية حيث أمعن جلادوه بتعذيبه بالكهرباء، العمل ذاته الذي كان يعول أسرته قبل التحاقه بشباب الثورة حالماً بمستقبل أفضل.

تفنن الجلادون بتعذيبه بالتيار الكهربائي عبر توصيله بقدميه مدة دقيقة كاملة كل يوم، حتى يفقد وعيه، وعلى مدى 6أشهر، تسبب ذلك بإصابته بشلل تام في قدميه، سمعه الجلادون ينطق الشهادتين فتأكد لهم اقترابه من أيامه الأخيرة، حينها قرر اولئك القتلة الإفراج عنه بين الحياة والموت، في ملعب الثورة رموه كقطعة أثاث مهملة، تمكن بعدها من العودة لرفاقه بساحة التغيير. شعر بأولى خيباته بعد عودته ساحة التغيير، حيث لم يجد من يهتم لأمره ولا لحجم تضحيته التي قدمها، لا أصدقاء ولا لجنة تنظيمية، ولا مستشفى ميداني، ولا حتى من أسرته التي اشترطت عليه العودة سالماً كما رحل عنها بقدمين سليمتين.

عدد من الأوفياء كتبوا عن تامر وحاولوا وخز ضمير مسؤولة صندوق رعاية الجرحى سارة حسن، حيث كتبت الناشطة عفراء الحبوري قبل عام من وفاة تامر: «وطني «تامر» هو الوحيد الذي يحدثني وهو يضحك طوال الوقت، «تامر» الوحيد الذي عندما يضحك يبكيني».

الكاتبة وميض شاكر كتبت في صفحتها على فيسبوك: «وإن لم يكن في اليد حيلة يا ثامر، فأرجوك ألا تقلق يا عزيزي، وحدها ملامح وجهك الرضية الهانئة رغم الألم قادرة على تحويل حياة الجاحدين الى جحيم دنيوي وأبدي» مضيفةً بالقول: «انشروا صور ثامر أو ارسلوها لبريد الجاحدين، أو علقوها على جدران مكاتبهم وأسوار بيوتهم المتسخة بأرواحهم».

«الشباب العاديون.. هم وحدهم من واجهوا ذئاب السفاح، وهم في طليعة من غرس «المشترك» خناجره في صدورهم، هم وحدهم من تطابقوا مع ذواتهم الخالية من المخاتلة.. هم وحدهم من يحق لهم الكلام..ومع ذلك يسكتون، هم من يستحقون الحياة غير أنهم يموتون!! بينما يتصدر المشهد «جوف» المرحلة وبائعوا اليمن وخونة ثورتها» يقول عنه الناشط مصطفى راجح.

من جانبه كتب أيمن نبيل: «لن نجد أفضل من ثامر الرداعي ممثلاً للمتتالية الإنسانية التي تتكرر بعض أجزائها، ولكنها لا تجتمع دوماً في فرد واحد: مشاركة في ثورة, اعتقال وإخفاء, تعذيب, عاهة, إطلاق من المعتقل, وفاة (استشهاد) بتأثير إهمال «رفاق الثورة» الانتهازيين واللاأخلاقيين تاريخياً». وفي حالة من الشعور بسخط عارم كتب الصحفي هاني الجنيد: «الجريح تامر رسام، لم تمهله ساعة الموت ﻷن يكمل قرص الروتي الذي كان في يده.

لقد مات تاركاً وجبته المتواضعة هذه للسيدة سارة عبدالله حسن، ووزير المالية صخر الوجيه. ونشر الجنيد على صفحته بالفيسبوك صورة للشاب تامر ينام على أرضية خيمته بساحة التغيير دون أية رعاية، معلقاً عليها بالقول: «في هذا العراء كان ينام الجريح الثائر تامر رسام، حتى مات، صورة مع اللعنة إلى أم الجرحى، سارة عبدالله حسن، وإلى أم الثورة، السيدة توكل كرمان».

وأكد عدد من شباب الثورة المستقلين أن الشاب تامر لم يكن من جوقة جرحى جماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) الذين تم تسفيرهم بمنح علاجية للخارج، حيث يتعامل صندوق رعاية الجرحة ومؤسسة وفاء التابعين لحزب الإصلاح بفئوية وتمييز فاضح بعد تشكيل لجنة للتحقق من ثورية الشاب الراحل تامر، وحين تم التأكد من ذلك تذرع اولئك الأوغاد بعدم تقديمه ملفاً مكتملاً لصندوق رعاية الجرحى...!!

وفي سياق متصل؛ أكد عدد من الناشطين بتواجد جريحين من جرحى الثورة الأول يدعى الحاج حمود، والجريح الآخر يدعى مراد الدبعى، ما زالوا داخل ساحة التغيير، وبحالة مزرية، حيث يشكون من تجاهل حكومي وإهمال ولامبالاة من رفقائهم الذين تركوهم يعانون أوجاعهم داخل ما تبقى من مخيمات الاعتصام، محذرين من مصير مماثل لهذين الجريحين ما لم يقم صندوق رعاية الجرحى بواجبه الذي جاء من أجله.

وكان الجريح الشهيد عبدالرحمن الكمالي توفي في الـ4 من يوليو من هذا العام بالعاصمة المصرية القاهرة متأثرا بالمضاعفات المرضية لوباء «الغرغرينا» الذي تسبب به إهمال الحكومة في علاجه منذ رقوده في المستشفى الجمهوري بصنعاء.

والتحق جريحان آخران بالشهيد الكمالي وهما «وليد آل صلاح» الذي توفي في المستشفى الجمهوري متأثرا بجراحه التي أصيب بها في مدينة الحديدة، وكذلك الجريح الشهيد «طه العريقي» الذي توفي متأثراً بجراحه التي أصيب بها إثر دهسه بعربة عسكرية تابعة للأمن المركزي أمام مدرسة الشعب بتعز في الـ24 مايو 2011.

 

قراءة 967 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة