الوصايا السبع.. خارطة طريق رسمها جار الله عمر مميز

  • الاشتراكي نت/ كتبه - فاطمة المنصوري

الإثنين, 30 كانون1/ديسمبر 2019 18:12
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قبيل اغتياله بلحظات كان جار الله عمر قد وضع المشروع السياسي وخارطة طريق للمرحلة التي امتدت من يوم اغتياله في الـ 28 من ديسمبر 2003 وحتى 11 فبراير 2011م. وعلى أساسها بني مشروع المعارضة السياسي الذي تجسد باللقاء المشترك الذي كان مهندسه الأول.

وضع جار الله عمر في كلمته التي القاها في المؤتمر العام الثالث للتجمع اليمني للإصلاح بصفته الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني محددات النضال السياسي لقوى المعارضة اليمنية كافة وكانت جزء من خلاصة تجربته النضالية والوطنية الثرية التي راكمها منذ الوهلة الأولى لانخراطه في العمل الوطني مطلع الستينات من القرن المنصرم.

عرف ما طرحه القائد السياسي جار الله عمر في كلمته الأخيرة وقبيل الطلقة الغادرة التي كانت تتربص به بـ "الوصايا السبع" وكانت الديمقراطية مفتتحها حيث يقول في وصيته الأولى "إن الديمقراطية ضرورية لأي حزب كي يتجنب الصراعات الداخلية كما هي ضرورية لتجنيب الأوطان آثار التشظي والتفتت وويلات العنف والحروب الأهلية".

كان جار الله عمر يدرك جيدا المألات الكارثية التي كان نظام الحكم حينها يدفع بالبلاد باتجاهها ومن هذا الشعور المسئول والقراءة الدقيقة جدد في وصيته الثانية على تفصيلات العمل الديمقراطي في صون المجتمع حيث يقول " إن الديمقراطية منظومة متكاملة لا تتجزأ أساسها المواطنة المتساوية واحترام العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين وصيانة الحريات والحقوق الأساسية دونما تمييز لأي سبب كان والقبول بالتعددية الفكرية والسياسية وعدم الاكتفاء من الديمقراطية بالتسمية ومظاهر الزينة الخارجية".

ولا يعمل القائد السياسي بمعزل عن حركة المجتمع والتاريخ كان جار الله عمر يدرك طبيعة العلاقة القائمة بين النظام حينها وعامة الناس وهنا نجده في وصيته الثالثة يشدد على "إن جمهور المواطنين يحتاج على الدوام إلى تأمين حد أدنى من المساواة في الفرص لتأمين لقمة العيش وقدرا من العدالة والخدمات الاجتماعية المتاحة للجميع".

في الوصية الرابعة للشهيد جار الله عمر والتي انطلق حينها من قراءة عميقة لجزئية الحالة السيادية للدولة اليمنية وما كانت تتعرض له هتك وهدر يمتد الى يومنا هذا وجزء من الصراع القائم اليوم يتمحور حول هذه الجزئية حيث يقول "أن تأمين السيادة الوطنية يقتضي توازن المصالح بين الفئات الاجتماعية والمناطق المختلفة للبلاد بهدف سد الثغرات التي يمكن للقوى الخارجية المعادية النفاذ منها للانتقاص من هذه السيادة. ولقد نجحت اليمن في تحقيق السلام مع جيرانها بعد حل الخلافات الحدودية، ونحن نبارك ذلك ونؤيده، وهي تحتاج كذلك اليوم للسلام مع نفسها بهدف خلق جبهة داخلية متماسكة تصون سيادة الوطن وتسخر كافة الجهود والموارد لتحقيق التنمية بدلاً من شراء الأسلحة".

جار الله عمر الذي تشكل في خضم معترك وطني سياسي متعدد ومتنوع تخلق وتشكل من خلاله نضجه ووعيه السياسي حتى وصل الى قناعات خالف الكثير فيها من رفاقه قبل خصومه السياسيين وأثبتت الأيام انها كانت اكثر نضجا حيث كان يرى في وصيته الخامسة " إن تقوية النظام السياسي للبلاد يفترض وجود معارضة قوية مستندة إلى مجتمع زاخر بالحراك والفعالية والمنظمات الأهلية المستقلة بعيداً عن السيطرة الرسمية وبالصحافة الحرة المؤثرة والإبداع الحر ولا شك أن قيام اللقاء المشترك يشكل خطوة على هذا الطريق بعد أن أصبح اليوم إحدى حقائق الحياة السياسية في اليمن".

في وصيته السادسة حاول الشهيد جار الله عمر ان ينبه الى مخاطر كبيرة تهدد العملية السياسية اليمنية ولخصها في قوله "إن التجربة الديمقراطية في اليمن قد بلغت درجة من الركود والشيخوخة المبكرة وهي تحتاج إلى إصلاح سياسي واسع وشجاع حتى تعود إلى شبابها، كما أن اليمن بحاجة إلى مجلس نواب يمثل اليمن بكل فئاتها الاجتماعية ومصالحها المختلفة ويضم بين صفوفه خيرة العناصر والقيادات الاجتماعية والسياسية والعملية في البلاد، مجلس نواب يشبه اليمن بتنوعه وعظمته ووحدته وتعدد تياراته الفكرية والسياسية".

وفي الوصية السابعة كان جار الله عمر يستشعرها بحدس السياسي الذي خبر النظام وأساليبه في توظيف كل ما هو ممكن لتصفية خصومة حيث تركزت على قضية التطرف والتي كان جار الله ضحية له حيث يقول "إن اليمن بحاجة ماسة إلى تسريع الخطى في طريق التحديث من خلال سياسة شاملة تؤهلها للالتحاق بركب العالم المعاصر وتجعل منها إضافة نوعية إلى أي تجمع إقليمي تلتحق به ويتطلب ذلك جملة من الإجراءات والقوانين الثورية بما في ذلك التصدي لثقافة العنف ومنع الثارات والإسراع في إصدار قانون ينظم حيازة وحمل السلاح ومنع المتاجرة به بدلاً من قانون منع المظاهرات الذي يعرض على البرلمان في الوقت الراهن، وهو قانون مناهض للعصر والديمقراطية، وينبغي لكل دعاة التقدم والديمقراطية التصدي له بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية".

بهذه الوصايا رسم جار الله عمر خارطة طريق واضحة المعالم لإخراج اليمن من أزماتها المتفاقمة ولا زالت حتى اليوم هذه الوصايا تحدد المسارات الجوهرية التي من الممكن ان تنطلق منها كل القوى السياسية اليمنية لإيقاف نزيف الدم اليمني المستمر، وحالة التمزق التي تشهدها البلاد شمالا وجنوبا وعلى كل المستويات.

ونحن نحيي الذكرى السابعة عِشر لاغتياله بل لاغتيال مشروع التسامح السياسي وخيارات السلام الذي تجسدت فعلا وقولها في مسيرته النضالية والوطنية كم نحن بحاجة الى إعادة قراءة تجربته ونتاجه الفكري الذي خلفه كمشروع وطني متجدد.

 

قراءة 1567 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة