طباعة

نكبة العقل وهزيمة الإرادة في النظام السياسي العربي(2-1)

الأربعاء, 30 أيار 2018 23:33 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 


الإهداء :- إلى فلسطين

 القلب والعقل والوجدان  ومخزن الذاكرة القومية ، فلسطين النكبة المتكررة ، فلسطين الشهداء ، فلسطين ياسر عرفات وجورج جيش محمود درويش عهد التميمي ، فلسطين التي ستحررنا من ضعفنا..، ستبقى أبداً رغم التواطؤ والتآمر والخذلان العربي الرسمي الحلقة المركزية في نضالنا الوطني والقومي ، فلسطين قضية إنسانية بامتياز ولا معنى لوجودنا دون تحررها واستقلالها.

العلاقة بين الإرادة، والعقل ، لا يمكننا تصور حدود لهما ، تتداخل في رسمها وتحديدها وتشكيلها عوامل  ذاتية وموضوعية: سوسيولوجية وسيكلوجية سياسية واجتماعية ومصالحية عديدة ومختلفة  ومنها كذلك حالة التعليم ، والمستوى الثقافي لتطور المجتمع والوضع المؤسسي للدولة ، ودرجة الحضور  الحضاري التاريخي للإنسان في هذا البلد أو ذاك ، علاقة لا تقررها وتحددها الإرادة          لوحدها ، ولا العقل المجرد بمفرده ، ونقصد بالعقل هنا (الفكر)  وليس المفهوم المعجمي الفلسفي لمعنى العقل ..، العقل في حركتيه وديناميكيته وثوريته ، العقل الملبي للحاجات المادية ، والسياسية والإنسانية لتغيير المجتمع  وتأكيد  المصالح العامة لكل الشعب أو لطبقة معينة أو لتحالف طبقي لقسم   ينحاز إلى قضايا مجمل الطبقات الشعبية . مرة ثانية نؤكد أننا نقصد بالعقل ..، الفكر الابداعي  الحر والمغير ، في جدل علاقته المباشرة والمتفاعلة بالواقع    ودور الإنسان فيه : المكونات السياسية ، والثقافية ، والمجتمعية.

وهنا يبرز سؤال تفاؤل الإرادة ، وتفاؤل العقل : أيهما اسبق ؟ هل في البداية كان تفاؤل الإرادة ، والموقف ، وبعدها كان وجاء تفاؤل العقل ؟ أو أن الترتيب في الحضور والتأثير والفعل في ما  بينهما  يؤكد ان تفاؤل العقل اولاً،  "في البدء كانت الكلمة " وهو من حفز ونمى تفاؤل الإرادة ، لان الإرادة لوحدها بدون فعل وحيوية إرادة العقل قد يكون مآلها الفوضى ، كمن يحرك الجيوش  بدون خطط سياسية  استراتيجية ، أو كمن يطلق الرصاص بدون هدف! إن العمل الإرادي الثوري بدون رؤية ولا تنظيم ، ولا قيادة  تأتي مردوداته أعمال غير محسوبة نتائجها ..، "فوضى غير خلاقة" . فالعقل  (الفكر) هو من ينظم فعل الارادة ويقودها للمسار الصحيح ، ومن هنا اهمية الحديث عن الرؤية الثورية (الفكر/  الايديولوجيا ) التي تسبق الموقف (العمل) وتحدد اتجاهاته في المسار السياسي الواقعي الذي يخدم عملية أو هدف التغيير للمجتمع كله ، وهي جدلية ابداعية لا انفصام في ما بينهما (العقل/ الإرادة) ، كل منهما يقود الى الاخر ويكمله في  التحليل الاخير في جدل علاقتهما الحية بالناس ،   وبالتنظيم والمجتمع في حركة مصالحه  الانسانية ، وكأننا نقول بشكل من الأشكال : لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية . وهي  مشكلتنا اليوم مع الاحزاب وقياداتها   المربكة ،  والمرتبكة التي وهنت وشاخت قبل الآوان ، وتراجع دورها الذاتي في أهم المراحل الاستثنائية التاريخية الذي يتطلب دوراً مضاعفاً لها ، ومع ذلك  ترفض الاعتراف بفشلها وعجزها  ومصرة على عدم تقديم مراجعات نقدية لتصحيح  اعوجاج مسارها الذاتي في واقع موضوعي (داخلي وخارجي) ، معقد ،  (وطني / حزبي) ، وعلى عدم استنهاض دورها  الذاتي في لحظة يحتاج دورها  السياسي التنويري والتثويري ، المقاوم المفترض ، قبل ان يتحول عجزها من اخطاء ، الى خطايا ، وبذلك  يساهم استمرارها القسري في  تأكيد هامشيتها ، وفي إضعافها ،  وفقدان احزابها لدورها السياسي   والتنظيمي ..، وشواهد الواقع تقول اكثر مما يسمح به هذا الحيز و المقام من القراءة.

مرحلة هي نهاية تاريخ سياسي أو بداية افول تاريخ يرفض الانسحاب ومغادرة مسرح   الواقع والتاريخ بسهولة ويسر ، مع أنه فقد صلاحيته السياسية والوطنية والتاريخية ، وهو ما  نراه ونعيشه على المستوى الوطني اليمني(شمالاً وجنوباً ) .. هو بداية  لتاريخ يعيش الوطن كله  أبجدية مخاضات  تحولاته الصعبة وطنيا وإقليميا ، قومياً ودولياً وهو ما يحصل  اليوم ..، إن "الأزمة الخليجية / القطرية" ، وأزمة "تيران وصنافير" ،  ستظل تداعياتها تسحب نفسها على كل الزمن الآتي .. هي بداية رأس جبل الأزمة المؤجلة ، وهي في الجوهر أزمة علاقة  الانظمة المستبدة  بشعوبها ، وأزمة علاقتها بالخارج ، أزمة استضعافها للمجتمع ، واستتباعها للخارج وتلكم هي  مشكلتنا وواحدة من معوقات تطورنا الذاتي( السياسي/  الديمقراطي / والتنموي) ، وجميعها  تحديات واقعية وتاريخية خطيرة ، تقابلها إرادات وقامات اقصر واصغر من ان تؤهلها للاستجابة المتحدية   (المقاومة) لكل   هذا العفن السائد . ولذلك هي ، معاً  ،  قيادة الانظمة وقيادة الاحزاب  والنخب    الثقافية-أو جزء  منها- ، تعيش ذات الأزمة من زوايا ومن مواقع مختلفة .  فقيادة الاحزاب يمنيا ، ومنذ ما يقارب  خمس سنوات مراوحة في دائرة الانتظار والصمت ، ومسك العصا من الوسط أو تسول وتوسل حلول لمشاكل الواقع مما سيأتي به الزمن( الزمن كفيل بحل المشاكل التي لم نقدم  على حلها) أو حسب تعبير بعضهم  انتظار لنتائج حلول "الاطراف المتصارعة" ، والمتقاتلة التي  تقف –كما تتوهم -فوق مستوى تاريخ  الصراعات الغبية ، التي لا تعنيهم . وأحد أوجه الأزمة / المشكلة ، أنها قيادات وأحزاب فقدت أو تخلت عن بوصلة النظرية / الفكرية  المعتمدة دون بديل نظري موجه لنشاطها ، أو هي لم تطور وتجدد نفسها نظرياً وفكرياً "وأيديولوجيا" بصورة ديمقراطية وإبداعية  ، في علاقة حية بالواقع وقضاياه المتحركة  والمعقدة ، ولم تستوعب شروط الاصلاح  أو التغيير من حيث هي تقف  سياسياً وأيديولوجيا  بل ونسمع بعضهم يردد كالببغاء ملفوظات نصية ثقافية أيديولوجية حول "نهاية الأيديولوجيا" "ونهاية القومية"  ، وكأن الأيديولوجية ، كمفهوم  أو كشكل من أشكال الوعي والممارسة الفكرية ، هي المشكلة وليس طريقة وأسلوب ومضمون التعاطي مع الفكرة "الأفكار" في علاقة بالقضايا الاجتماعية والسياسية الواقعية ، فالأيديولوجية ، كمنظومة معرفية وأداة تحليل وقراءة  وتشريح للمجتمع والواقع ، ستظل أبداً قائمة وحاضرة  وفاعلة ، ومؤثرة ، أما ما يختلف حوله فهو طريقة تعاطينا مع الأيديولوجيه "كدوجما"، أو تعاطينا مع المعرفة والفكر ، بصورة حرفية ونصية ، وإطلاقية ، مع أن المطلوب ضرورة تخليص الأيديولوجيا مما يعلق بها في واقع الممارسة  من خرافة عائدة لنا ،  ومن أخطاء وشكل التعاطي معها.

 فالأيديولوجيا حاضرة ، ومؤثرة في كل المجتمعات  "البنى الثقافية والفكرية " وحاضرة أكثر في سياسة إدارة الدول ، وحاضرة  وبقوة في خطاب من يهندس وينظر ويؤدلج لشعار ومفهوم "سقوط الأيديولوجيا" ، لأنه ينطلق  من أيديولوجيا ، ليلغي أيديولوجيا أخرى ، ويلغي حضور قوميات ليعلن تفرد قوميته في شكل من أشكال عنصرية فاجعة . وليس ظاهرة اليمين الغربي ( الأمريكي الأروبي) سوى أحد أوجه تعبير الأيديولوجية عن نفسها في واقع الممارسة المعرفية  والبحثية والفكرية والثقافية والسياسية . اليوم تعود القومية لتعبر عن نفسها بأشكال مختلفة في مناطق عديدة من العالم ، ولا أقرأ خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي ، من أحد الأوجه إلى جانب عوامل أخرى ، سوى تعبير عن مكانة الوعي القومي التاريخي الانجليزي "الأمبراطوري ". كذلك الأمر مع النزوع الاسكوتلندي للاستقلال عن المملكة المتحدة وكذا بعض القوميات داخل بعض الدول الأوروبية مثل "الباسك" و"كاتلونيا" في أسبانيا.

إن المرحلة الامبريالية الاستعمارية "العولمية" الراهنة هي أكبر تعبير وتجسيد عن حضور دور الأيديولوجية في أجلى وأبشع صورها وتعبيرها عن ذاتها كأيديولوجية / وكقومية.

 وليس خطاب "سقوط الأيديولوجية"  و" نهاية القومية" سوى محاولات لتأكيد دورهما وفعلهما  وهو أيضاً ليس سوى نفي وجود الآخر لتثبيت حضورها الذاتي المقابل ، كقومية وأيديولوجية.

ففي خضم هذه التحولات الكونية العاصفة مع نهاية الحرب الباردة اطلت علينا مفاهيم   وطروحات ايديولوجية مريحة للبعض مثل : "نهاية التاريخ" ، "نهاية القومية"، "نهاية الايديولوجية" "نهاية المؤلف" حتى نهاية الكتاب ...الخ وبدأنا نسمع لغة ومفاهيماً احتقارية لمعنى القومية، ولمفهوم الايديولوجيا ، ولدور الاحزاب ، وطرح تصورات  كلامية جديدة لمعنى "البرنامج ودوره في الأحزاب" ، وغيرها من الشعارات التي يجرى نقلها  وتداولها من قبل البعض بصورة ميكانيكية وكأنها "موضة" على خلفية أخطاء أنتجتها الممارسة السياسية للسلطة العربية الاستقلالية  وما بعدها ،  وكذا أخطاء الأحزاب وقياداتها ومن أن (  الايديولوجيا/ والقومية والأحزاب)  هي سبب مصائبنا وتأخرنا ،  وأزماتنا ومشاكلنا -  حتى وصول البعض الى إدانة الاحزاب وكل تاريخها السياسي والوطني- وهو ما يلوكه البعض وخاصة في إعلام  الانظمة : الاعلام الرسمي العربي وفي بعض الكتابات العابرة المقلدة كالأصداء لبعض مقولات تطفح على سطح الكتابة كفورة تطفو على سطح الكلام وتغيب  . هذا  مع أن الازمة والمشكلة أعمق واشمل من حدود هذه المقاربات  الذاتية /  الشكلانية العولمية المعادية لمفهوم السياسة الوطنية والعمل الثوري المقاوم معادية للقومية، وللايديولوجية، وللاحزاب برمتها ،  من مواقع ايديولوجية ، مضادة لها سيرا على منوال انتاج الغرب العولمي في عمقه الامبريالي/الاستعماري لمفاهيم "سقوط الايديولوجيا" ، و"نهاية عصر القومية والتاريخ"( فوكوياما ) . وفي السياق ذاته أطلت علينا مفاهيم ايديولوجية/ وسياسية مكملة لها ما  تزال مفاعيلها النظرية   والسياسية -منذ عقدين من الزمن- مستمرة حتى اللحظة، "صحواً ، وغفوة" تحت  مسمى "صراع الحضارات"  والأديان والاصوليات .. مفاهيم ايديولوجية / سياسية ، ثقافية تسير على  درب  استكمال تأطير  ما سبق ، كمنظومة معرفية / إيديولوجية، وكلها جاءت مصاحبة ومترافقة   مع فرض نموذج جديد لتحولات أو تبدلات اقتصادية / انتاجية عولمية جديدة  مشوهة وتابعة :الخصخصة ، إعادة البناء الهيكلي والمؤسسي   لاقتصاديات بلداننا وهلم جزاء والغاية هي تفكيك وتدمير بنية اقتصاديات  محلية قائمة على كل مصاعب ولادتها ومشاكل تطورها ..، وكلها جاءت في إطار استكمال نهاية الحرب الباردة لآخر سلسلة حلقاتها في و هْم إمكان فرض أنموذج نظام "القطبية الواحدة" ، على صورة العالم الجديد / الأمريكي ، وعلى انقاض عالم" ثنائي القطبية" السابقة . إن جزءاً كبيراً من الصراع العالمي الدائر اليوم من  غزو افغانستان ،  إلى احتلال العراق ، إلى سوريا ، ولبنان ، وليبيا ، واليمن ، كله يدور ويتحرك   على قضبان قطار صياغة عالم جديد متعدد الاقطاب  من جهة أو محاولة فرض نظام القطبية الواحدة  من جهة أخرى.

إن دور روسيا القومي يتحرك في هذا  الاتجاه : من اوكرانيا ،   الى شرق آسيا ، الى منطقتنا العربية ..، اين مكان وموقع روسيا ، و معها الصين ،  "طريق الحرير" وبعض الدول القومية العالمية الصاعدة( الهند، اليابان، البرازيل) اين مكانها؛ ودورها المحوري في مستقبل هذا  النظام؟!! وأين دورنا كعرب؟! وفي خضم هذا الصراع العالمي(الكوني) حتى قبل تبلوره بالصورة التي نراها اليوم ، بعقدين من الزمن- كما سبق ان المحنا سريعاً- جرى هندسة واختراع ايديولوجية صراع الحضارات والأصوليات الدينية والعرقية ( الأثنية / والمذهبية/الطائفية )  في مطابخ مراكز الابحاث     الامنية الدولية ( وزارات الدفاع ، والاستخبارات والخارجية) وهي بدرجة اساسية  وبامتياز،      ايديولوجية امريكية ، شارك في  هندسة صناعتها ، الأيديولوجية البحثية الاوروبية(اليمين الاوروبي المتطرف الصاعد)  الذي نرى صعوده اليوم في اكثر من بلد غربي(امريكا  منذ ريجان إلى / ترامب ،  فرنسا/ لوبين  الأب / والبنت ، بريطانيا في صورة التاتشرية الجديدة ،  إلى تريزا ماي إلى ايطاليا...الخ) . وكان الهدف السياسي الأول هو   توهم البعض إمكانية فرض نظام القطب الواحد (الامريكي أولاً والأوروبي ثانياً) الذي نراه    يتراجع ويتهاوى تحت ضربات معاول عديدة (الصين الاقتصادي ، واليابان ، وروسيا  العسكرية و  الصناعية الجديدة ، الهند ، البرازيل ، ودول شرق آسيا ). والهدف السياسي والإيديولوجي الثاني  هو ما يتم اختبار تعميمه وتسويقه وهو هنا الهدف الاقذر والأخطر، في محاولة استبدال الغرب  الامبريالي/ الاستعماري ، "للخطر الشيوعي" الذي سقط مع سقوط جدار برلين ، وإعلان الحرب  الباردة القديمة نهايتها ، في اختراع خطر أيديولوجي ديني جديد (صراع   الاصوليات) في صورة ( فوبيا الاسلام) بعد ان تحول الاسلام الى عدو جرت هندسة  اختراعه في مختبرات  المطابخ الايديولوجية / والاستخباراتية الغربية ، مستثمرين حالة الاستبداد العربية وحالة الجمود الديني التاريخي ،   وتخلف التعليم عن حاجات التنمية الإنسانية وشروط التقدم في العصر ، والتطرف السياسي الاسلامي ، الذي للغرب الاستعماري القديم / الجديد العولمي - بمثل ما للأنظمة العربية المستبدة والفاسدة-اليد الطولي في تربيته وتنميته ، وتعزيز شروط انتاجه ، بداية من  تقسيم العالم العربي في سايكس / بيكو 1916م،  الى اعلانهم وعد بلفور 1917م حتى  فرض الدولة الصهيونية/الاسرائيلية 1948م في قلب  المنطقة العربية ، إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى "صفقة القرن" وصولاً للإعتراف  الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل في ظل صمت عربي رسمي بل تواطوء عربي ، تعبير عن حالة التبعية حد التهميش لأدنى فعل  سياسي ممكن لما يسمى "النظام العربي الرسمي" وهو ما يرفع من وتيرة تهميشنا كعرب ومن غلواء " فوبيا الإسلام" وتحويل الدين الاسلامي إلى ايديولوجية سياسية في خدمة  المشاريع الغربية الرأسمالية ، بدءاً من حرب افغانستان في مجاهدة "الشيوعية السوفيتية" 1978م، حتى اسقاطها ، حين كان الاعلام الايديولوجي الغربي والإعلام العربي الرسمي كله يسمى الميليشيات الاسلامية "بالمجاهدين" ، و"المقاتلين من اجل الحرية ، والديمقراطية" "ودورهم في حرب 1994م القذرة " ، حتى  محاولتهم اليوم المساهمة في إعادة صياغة الصراع السياسي الدائر في قلب منطقتنا العربية باعتباره صراعا دينياً /   مذهبياً ( سني/شيعي )  "أقليات طائفية" تحت غطاء "الإرهاب" الذي سمح له بأن يتحول الى  ظاهرة دولية  ( القاعدة / داعش  أنصار الشريعة ، النصرة) متحكم بها من البداية، حتى خروج السحر على الساحر ، بعد   محطات عديدة من " الجهاد" حتى  صار ذلك "الجهاد" ارهابا  يطال عقر دارهم، والعالم كله ، بما   فيه البيئات الايديولوجية التاريخية الحاضنة له، "دول الإسلام النفطي".

  ومن المفارقات الفكرية والسياسية أنه لا يوجد تعريف عالمي /دولي متفق عليه في تسمية وتعريف الإرهاب وذلك للخلط بين "الإرهاب" والمقاومة ، لتحويل المقاومة الفلسطينية إلى عنف وإرهاب وبالمقابل تحويل عنف  وعدوان الكيان الصهيوني(الاستيطاني)،  إلى حالة دفاع عن النفس .

ومن هنا اهمية وضرورة امتلاكنا لشروط العقل السليم في تفاؤله بالحياة ، وفي اندماجه  بوعي بمصالح الناس ، الوعي (الفكر/ الايديولوجيا ) الذي فقدنا (انظمة حكم / وقيادات احزاب)-بدرجات متفاوتة- علاقتنا به، في جدل علاقة الوعي/ العقل/ الفكر، بالإرادة المتفائلة . ومن هنا    اهمية وضرورة بداية التفات انظمتنا وأحزابنا  ونخبنا  الثقافية والسياسية الى واقع مجتمعاتها المهملة والمهمشة ،  المقموعة  والمكبوتة ، وتحويل عين العقل نحو دور المجتمع ، والانتباه الى دوره كشريك في صناعة السياسة ، وصياغة القرار ، في قلب معادلة التغيير في بلداننا بدلاً من تحويل انفسهم ؛ قيادات الانظمة ، و  قيادات الاحزاب ، كل من موقعه ، الى أوصياء ووكلاء شرعيين  للشعوب في نظرهم "القاصرة" ينوبون عنها  (المجتمع/الشعب) في صياغة مصالحه ، بعيداً عن مساهمة الناس في إدارة انظمتهم ، وأحزابهم ، وتحديد مسار مصالحهم (علاقة الاب ، بأبنه).

 إن   لحظة الوعي بذلك هو بداية امتلاكنا لتفاؤل الإرادة الآتي من قوة ضخ  المجتمعات الحية  لفكر التغيير ،  وإرادة التغيير بعد أن انهكتها  وأضعفتها الانظمة استبداداً  وقهراً ، لتأبيد استمرارها ، وهي واحدة من  عوامل ضعف الأنظمة  والمجتمعات معاً، التي منها  يدخل  الخارج  الينا ، ويخترق عمقنا الوطني ، وبنيات مجتمعاتنا الداخلية حد منتهى التفكك ، بعد أن   تعودنا ايكال امرنا(سياساً / اقتصادياً / وعسكرياً) للخارج.

قراءة 1276 مرات

من أحدث قادري احمد حيدر