الثنائي النبيل.. علوان وعبدالجليل سلمان

السبت, 18 حزيران/يونيو 2022 21:53 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 كُتبت هذه المادة قبل ثلاثة أسابيع من رحيل الصديق الأستاذ/ علوان والشيباني، وبعثتها إليه في لندن، وأنشرها كما هي دون تعديل بعد رحيله.

                                                                                     

  علوان ذاتية إنسانية حرة، مستقلة، مبادرة، ناشدة للإصلاح والتغيير بمفهومه الواسع والعميق بعيداً عن الشعارات، وكانت ملامح ذلك واضحة منذ بداية هجرته المبكرة (طفلاً/ مراهقاً)، للحبشة، والأهم أنه يقول ويفعل في ذات الوقت. وقد بنيت هذا الرأي/ الحكم من خلال التجربة والمعايشة، ومن خلال نقاش مع صديق قبل عقدين من الزمن، حين قال ذلك الصديق: إن علوان هرب من السياسة/ الحزب، خوفاً، لأن إرادة تغيير المجتمع في عقله كانت واهنة، ضعيفة، ومن أنه لم يحبذ  مواجهة القمع والسياسة الاستبدادية، وأنه لا يفكر سوى بنفسه (ذاتي).. كان هذا الحديث بعد أن أصبح لعلوان اسم في عالم الإستثمار، وإن لم يكن بمثل ما هو عليه اليوم.

 وجاءت سنوات العمر اللاحقة لتدحض ذلك الرأي، ولتؤكد صدقية الرأي المعارض لذلك الرأي السياسي الحدي، الذي يقرأ الشخصية الإنسانية في تفاعلاتها الذاتية المعقدة، بمدى وحدود ليس تماثلها مع ما يذهب إليه رأيه، بل وضرورة تطابقها مع ما يذهب إليه من رأي، ضمن قولبات نمطية لمقولات سياسية ذهنية جاهزة، لا تقبل المختلف/ المغاير، وقد ساعدني وأهلني سياسياً ونفسياً على عدم الاتفاق مع ذلك الرأي، رأي مبكر أو انطباع ذاتيً  له حيثياته وسمعته، من الصديق والقائد السياسي المحنك/ عبدالجليل سلمان, أمين عام "حزب الطليعة الشعبية"، ونحن في سجن "القلعة"، أواخر سبعينيات القرن الماضي، حين كانت معظم أحاديثنا في فراغ السجن وأهواله، تدور حول الشأن السياسي اليومي،(الاعتقال والتعذيب والقتل),  وقضايا السجن، وعن الأصدقاء والرفاق، وعن الذكريات والتاريخ الذي كان.

كانت هذه المفردات/ القضايا همنا اليومي، تسليتنا الوحيدة المتاحة والمفضلة التي نقتل أو نزجي بها فراغ أيامنا الكابوسية، وكان رأي الصديق الفقيد/عبدالجليل سلمان، في علوان مثيراً لانتباهي في ذلك الحين، رأي يضعه في مكانة ذاتية راقية وسامية أخلاقياً، وإنسانياً، وهو رأي كونه، أو تشكل لديه بعد مراجعات ذاتية للنفس وللأصدقاء، وللتاريخ الذي كان، فالسجن بحد ذاته مدرسة تضعك أمام نفسك وتاريخك وجهاً لوجه.

  ومن هنا كانت بداية معرفتي بعلوان عن بُعد، ومن خلال رأي تكون، أو جاء في سياق أحاديث الذكريات.. واستمر رأي القائد السياسي الكبير/ عبدالجليل سلمان ذاته في علوان قائماً وثابتاً كما هو في لقاءاتنا اللاحقة حتى تواريه خفية عنا، وبهدوء الكبار وصمت الإعلام وقلة وفاء الرفاق، رحل عنا جليل، معلنا سمو المعنى وبقاء واستمرار القيمة.  

  علماً أن عبدالجليل سلمان شخصية رصينة جادة وحادة في نفس الوقت، له أحكام سياسية قاطعة صارمة في الأشخاص، وفي الشأن السياسي العام، وهو ما أثار انتباهي – بعد ذلك أكثر – في حكمه وتقديره الشخصي  لاسم /ذات ،علوان، حكم من قائد سياسي عرف علوان في أواخر  النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، ومن قائد سياسي ومثقف، خبر السياسة والناس، وعركته الحياة بتحدياتها، مع أن ما يجمع عبدالجليل بعلوان من الصفات الذاتية، الشخصية ليس كثيراً، فقط: الإرادة، والجدية، والوفاء للأصدقاء، والحزم، حتى أنه اطلق على إبنه البكر اسم "حازم".

وقد سمعت الكثير من الكلام الطيب المفعم بالحب والمودة من أصدقاء قدامى كثر اشتركوا مع علوان في رحلة التعب والعناء ، ومنهم الاساتذة الكبار : عبده علي عثمان، أنيس حسن يحي، وعبدالرحمن غالب الفقيه الجبلي، وعبدالغني عبدالقادر، احمد قائد الصايدي، وحسن شكري، وعبدالعزيز محمد سعيد، وقد سجل بعضهم شيئاً من تلك الذكريات، في كتاباتات منشورة، وجميعهم لايذكر أمامهم علوان إلا وتظهر على محياهم وفي اقوالهم الكثير من الذكريات الطيبة التي تضعه في المكانة التي لا تليق إلا بالكبار .

  في هذا السياق، كنت أتحدث مع الصديق الأستاذ/ أحمد الجبلي الذي ذكر لي أنه عرف علوان الشيباني في بداية التسعينيات من القرن المنصرم عن طريق الأحاديث التي كانت تدور مع عبدالجليل سلمان في عدن التي كان يزورها كثيراً آنذاك. كان اسم علوان الشيباني، وبعض الاصدقاء  – كما يذكر أحمد الجبلي – يتردد كثيراً على لسان الفقيد عبدالجليل سلمان بالثناء الجميل.. كان عبدالجليل يحمل وداً عطراً – والكلام للجبلي – لعلوان الشيباني الذي يتحلى بأجمل الصفات الإنسانية والنضالية.  

  استحضرت هذه الذكريات عن عبدالجليل، وعلوان، في سياق ما نراه اليوم من انهيار في القيم السياسية والاخلاقية، وفي تدهور معنى العلاقات الإنسانية بين الناس، وتفكك أواصر العلاقات الاجتماعية، وتراجع المعنى الوطني في عقول البعض، والأخطر اندحار وسقوط معنى الصداقة في وجدان البعض حيث تسود قيم المصالح المادية المجردة من

كل قيمة، على قيم الروح والتسامي الاخلاقي، فتجَرد البعض منا بفعل ذلك التجريف السياسي والقيمي من كل معنى نبيل، وجعل من بعضهم أشباه حيوات حيوانية، تمشي على الأرض، فقط بحثا عن مصلحة ذاتية عابرة آنية، فغلبت وتغلبت القيم المادية الرخيصة في تمظهراتها المصالحية البدائية على قيم الروح والأخلاق، بعد أن صار البعض منهم يتحرك في سلوكه السياسي، ومعاشه اليومي ليجسد حالة فصل القيمة عن المعنى، وعن التاريخ.. سقوط للمعنى وللقيم، وكأننا أمام قيامة نهاية تاريخ القيمة/ المعنى.

  هناك من تمتلكهم المادة في أسوا تعبيراتها، فتجردهم من كل شيء له معنى وقيمة، حتى ما تبقى لهم من مميزات وصفات شخصية إنسانية. وفي معمعة هذا العته، والسقوط القيمي، والعبث بكل شيء، نجد هناك من استمروا في التمسك بأحلامهم البكر، في المحافظة على طهارة الروح، ونقاء القيم الاخلاقية والإنسانية في نفوسهم ووجدانهم.

  استحضرت الذاكرة عبدالجليل سلمان، وعلوان، لأن التاريخ لا ينتهي، تواصل واتصال،(صيرورة في الزمن),  لأنه معنى وحكمة وقيمة، وليس مجرد خبر في دفتر الذكريات.

  وفي الغالب يكون الاستحضار في هكذا حالات عفوياً وتلقائياً كحالتي مع هذه الكتابة .. هي كتابة غير مدروسة – كما سبقت الإشارة – استدعتها، تداعيات شريط الذكريات في مستودع ذاكرة الذات الفردية الإنسانية، حيث كنت مخططاً للكتابة عن عبدالجليل سلمان، فاستدعت محفزات الكتابة، وقوة الذاكرة، وضغوط رمزياتها المعنوية والحياتية والانسانية، حضور علوان، فكانت هذه الكتابة..  كما استدعتها ملابسات وشروط الواقع الراهن، مع ما كان.

  ومن هنا تتشكل وتحضر عوامل الربط تلقائياً بين الذاتي والموضوعي والتاريخي، بين الشخصي والعام، بين الذات الفردية وبين الأشياء والقضايا، في رحلة بحث عن الذات، وعن الوطن، والأصدقاء.. رحلة مكتظة بالأحلام والآمال، وبالإنكسارات في الذات الوطنية والإنسانية (الشخصية) تعلم وتصلب عود من يمتلك الإرادة وتجعله أقوى في مواجهة التحديات، والصبر على مصاعب الحياة، لتجاوزها بالإرادة الحرة الواعية والمستقلة.

 ذهب علوان للنشاط السياحي، والتجاري الخاص به، امتلك المال، ولم يتملكه، ومن هنا توظيفه للمال في خدمة بناء ذاتية إنسانية سوية، وفي خدمة الوطن والناس، وهو ما تقوله تجربته الخاصة مع المال في الحياة كما عاشها.. لم يمتلكه المال ليغربه عن ذاته، وعن انسانيته، ويشيئه، ليحول الجانب الإنساني(الروحي), فيه إلى مجرد رقم في حساب، بل إلى معنى وقيمة اخلاقية وإنسانية، على عكس حالنا مع البعض الذين يسابقون كالوحش في جريهم نحو بناء ذواتهم الخاصة على حساب كل القيم التي يرفعون عقيرتها في وجوهنا؛ شعارات للاستهلاك اليومي.

بقي علوان كبدايته البكر، وطنياً/إنسانياً في تفكيره وفي سلوكه الحياتي، وتحول العديد من ناقدي خياراته السياسية، والحياتية إلى المقلب النقيض، انتقلوا من الشعارات "الثورجية/الأممية المتطرفة", إلى القروية والقبلية والمذهبية والطائفية والجهوية . 

  من بوابة السياسة دخلوا – مرتزقة السياسة – لجني المال، وشراء العقار، في حين ترك إبن التاجر المليونير، عبدالجليل سلمان، المال والأرض والعقار، ليلتحق بالسياسة كقضية وفداء وتضحية (السياسة النظيفة)، منذ البداية إلى الختام المفتوح على المعنى الإنساني الذي لا يزول.. ذهب المال، الذي وزع عبدالجليل سلمان بعضه على رفاقه وأصدقائه، محبة ووفاء، وبقي عبدالجليل الاسم والمعنى شامخاً في سماء الوفاء للوطن وللحزب وللأصدقاء.

حتى عندما عاد ليشرف على بعض اموره المالية (محطتان للبترول، وغيرها),في منطقة "الجراحي", في محافظة الحديدة، كان يديرها بعقل السياسي الثوري، وكنا، بعض رفاقه نلجا إليه في الشدائد ، وكما كان ملهماً ومعطاء في السياسة، كان فاشلا في التجارة/الاستثمار .

  إنني حقاً أمام ثنائي نبيل وجميل، عبدالجليل، وعلوان، يذكرانك بفروسية العصور الوسطى، الأول، نشاء في أسرة ثرية، برجوازية، واختار الذهاب للحزب وللناس وللسجن، فكان بحق قائداً سياسياً وتنظيمياً من طراز فريد ورفيع، وكان من رواد التحول اليساري الاشتراكي في الحزب، (البعث/ يسار البعث)، منذ النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي مع رفاقه، قادة التحول للاشتراكية العلمية، كرس كل وقته وجهده للعمل السياسي والتنظيمي.. في السجن كان من اصلب الناس في المقاومة والتحدي، وما زال محفوراً في ذهني حديث محمد خميس رئيس ما يسمى " الآمن الوطني", معه حين قال له: ما الذي جمعك مع أولاد المعلا، والشيخ عثمان، الصعاليك، عمال المطاعم والمخابز، والله، إنهم مع أول فرصة أمامهم سيقتلونك لأنك "إبن ناس"، ويقولون برجوازي قذر. ودائما ما كنت اتندر معه حول ذلك القول لمحمد خميس.. كان ذلك هو الخيار السياسي المبكر للقائد عبدالجليل حتى رحيله قبل الآوان.

وأختار الثاني، علوان، وهو الآتي من أرض الطبقات الفلاحية الفقيرة، وليذهب إلى هاجسه وحلمه في التعليم، ومن بوابة الرغبة في التعليم هاجر إلى الحبشة، وليواصل بعدها تعليمه، رغبة في بناء الذات على أسس صحيحة، ولتجاوز حالة التخلف والأمية والجهل.. من نافذة التعليم دخل إلى أوسع أبواب الحياة، دخل لبناء الذات عبر الوسائل والأدوات النظيفة (القانونية/ الشرعية)، حتى صار اسم علم في المجال السياحي والتجاري.. إنها الإرادة في داخله، وحب الناس والوفاء للأصدقاء.  

  بالإرادة، والتعليم، والوفاء للوطن، انتصر على العفن السائد، على طريق بناء مجد "عالـميته" .

 هذا هو، علوان بن سعيد الشيباني وذلك هو عبدالجليل سلمان.

وجهان لقيمة اخلاقية وإنسانية واحدة. فعلى اختلاف السمات والصفات الذاتية المميزة لكل واحد منهما، على أن ما يجمعها هو: أنهما من جيل واحد (الخمسينيات)، واصلا الدراسة بداية، في الجامعات المصرية، حتى تفرقت بهما السبل، والتحقا معا بمدرسة فكرية وسياسية وطنية وقومية واحدة (البعث/ واليسار الاشتراكي) وتشاركا لفترة في العمل السياسي المنظم، كما توحدهما الصلابة في الإرادة والتمسك بالخيار (القناعات) دون تعصب، والوفاء للوطن وللأصدقاء. وما يجمعهما على الصعيد الشخصي – كذلك – هو حب الأسرة، والاكتفاء بشريكة عمر واحدة، من بوابة الحب والقناعة، وليس عدم القدرة، فكليهما مقتدر على المثنى والثلاث والرباع، ولكنه الوفاء  لمن أحبا، كعادتهما. . مغامران في كل شيئ،  ولكنهما لم يفرطا يوما في فطرة الوفاء التي كانت عنوان ذاتيتهما الخاصة ، شأن الكبار في التاريخ .

  عبدالجليل سلمان من أكثر القادة السياسيين صلابة في إرادته، وأكثرهم استقلالية وحرية في اختياراته، وكذلك علوان. فحين قرر علوان ترك الحزب، او بتعبير ادق، الانسحاب من الإطار التنظيمي، وليس من حقه في ممارسة السياسة، في بداية النصف الثاني من السبعينيات، كان ذلك خياره السياسي، مع أن السياسة الوطنية بقيت في شريان دمه.

 وحين قرر عبدالجليل ترك الموقع القيادي الأول في "حزب الطليعة الشعبية" كان ذلك خياره، وظل قيمة سياسية كبيرة، وهو بعيد عن النشاط السياسي اليومي للحزب، حتى رحيله المبكر.

ونحن في غيابات أهوال السجن وعذابات ايامه وسنينه القاسية على الروح، بدأ بعض شباب السجن بفتح ثغرة في جدار أحد الحمامات المهجورة في مكان ناء في السجن، يؤدي إلى خارجه، وبقيت العقبة أنه وعلى بعد مئات الأمتار هناك قسم للشرطة، فتوقف الحفر في الجدار، وبعد فترة وجدنا أن قسم الشرطة تم نقله إلى مكان آخر، فبدأ الشباب بعدها مواصلة الحفر في الجدار لفتح ثغرة للنور(إلى خارج السجن), وحين عرضت الأمر على عبدالجليل سلمان حول كيفية تنظيم عملية الهروب، ولمن تكون الأولوية، كان رايه قاطعاً، أن الأولى بالهروب/الخروج، فقط : من عليهم أحكام إعدام، ومن تم القبض عليهم في اشتباكات ومواجهات مسلحة،  واستقر الأمر على رأيه، وهو ما كان رأينا جميعاً ، ولم يفكر في ذاته، على حساسية وخطورة وضعه القيادي، مع استمرار بقائه في السجن، من حدوث تطورات أمنية مستقبلية مفاجأة على  حياته .

  ثنائي جميل – على الاختلاف الذاتي في ما بينهما – صار ذكر أحدهما في ذهني على الأقل – لا أعرف لماذا – يذهب بي إلى تذكر الآخر، وكأنهما يكملان بعضهما البعض، على الاستقلالية الذاتية لكل منهما عن الآخر كذوات فردية إنسانية، قد يتشابهان أو يتماثلان في بعض الصفات، دون تطابق، فالشخصية الإنسانية ذات مركبة ومعقدة، يصعب سبر أغوارها إلا في حدود الصفات والميزات الكلية العامة.

  في سياق رحلة علوان لبناء الذات، واجه جملة من المصاعب والتحديات تمكن بإرادته الحرة، وذاتيته المستقلة أن يكسر حدة عنف تلك التحديات، وكان لشريكة عمره، وتوأم روحه (كارمن/ الأسبانية) الدور البارز في التخفيف من عناء تلك المعاناة في تلك الرحلة الطويلة من المكابدة.. (كارمن) الزوجة الأجنبية ذات الأصل الأرستقراطي والنشأة الرأسمالية، التي اختارت علوان، كما اختارها، وهي من المفارقات النادرة الحدوث في العلاقات الاجتماعية، أن تقترن أوروبية، ومن أسرة ارستقراطية بشاب من أبناء الطبقات الفقيرة – مهما كان مستواه التعليمي –  ومن المنطقة العربية والاسلامية تحديداً . فذلك أمر نادر في الواقع، يتم تعويضه/ومشاهدته في الافلام السينمائية العربية والهندية.

  إنه الحب الحقيقي، من يشرح ويفك طلاسم شفرة هذه المعادلة/العلاقة .. فالحب حين يكون، يكون هو السلاح الأمضى. 

  عبدالجليل سلمان السياسي والقائد الوطني الكبير، تنكر لطبقته لينحاز للطبقات النقيضة لطبقته، علوان رجل الاعمال – لاحقاً – لم ينس جذوره وأصوله الاجتماعية. وبقيا معاً: علوان وعبدالجليل، وفيان لوطنهما ولشعبهما، وهما في الحزب، كما وهما خارج الحزب.

وكما تنكر عبدالجليل سلمان لطبقته، انسلخت الزوجة "كارمن"، من طبقتها لتعلن انحيازها  لخيار الألفة الإنسانية ، فانتصرت الشعبية الأسبانية، على الحساسية الارستقراطية، انتصر الحب على السياسة، وعبر ذلك الحب ومن خلاله تعملق حب الزوجة كارمن، لليمن ، أرضاً وإنساناً . 

  قبل عدة أيام، سأل أحد الأصدقاء المقربين من علوان، سؤالاً لعلوان : لماذا لا تفكر يا علوان، بالزواج؟ وكعادته يضحك علوان، وفي أعماقه – قطعاً – يستغرب – مثل هكذا سؤال، الذي قد يكون على سبيل المزاح، وفي اتصال تلفوني بيننا قبل العيد من الخارج، قال لي إنه مسافر إلى إسبانيا مع ابنتيه وأحفاده لزيارة قبر زوجته وأهلها، كان يتحدث ولغة الوفاء تسبقه،  وتتقطر من فمه إجلالاً لمن كانت توام روحه ، فهو لم يفعلها حين كانت المغريات تحيط به من جميع الجهات، ويصعب عليه مجرد التفكير بذلك.

لعبدالجليل سلمان الرحمة والخلود في ذاكرة الوطن.

وللعزيز/علوان الصديق والإنسان، الصحة السلامة.

 

قراءة 1632 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة