نحو تحالف عريض

الثلاثاء, 22 نيسان/أبريل 2014 18:13
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

مهما تباينت الآراء حول تعريف الديمقراطية فإنها بعبارةٍ مختصرة تعني تأكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده ومن هذا المنطلق فإن جوهر الديمقراطية هي التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، أي أن التعددية السياسية تعني في المحصلة النهائية تغيير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في حياة أي شعب من الشعوب أو أمةٍ من الأمم.

فالتعددية البناءة والناضجة تُؤتي أُكلها من خلال الاعتراف بالآخر ومد اليد إليه وانتهاج سبيل الحوار وجعله ثقافة وسلوكاً والانطلاق من القواسم المشتركة ومن حاجة المجتمع أيضاً وذلك للنهوض بالوطن على كل المستويات، وهنا تصبح التعددية رافعة للبناء وليس معولاً للهدم.

وفي هذا السياق عندما شعرت أحزاب المعارضة إبان حكم صالح العائلي بمسؤوليتها تجاه الوطن بادرت هذه الأحزاب إلى تشكيل تكتل اللقاء المشترك في البلد كإعلان لمرحلة تاريخية جديدة في حياة الوطن والشعب بغض النظر عن التباينات الفكرية فيما بينها، وكان هذا التكتل بداية عزل نظام صالح ونفيه خارج الإجماع الوطني حيث رمم المشترك من شروخ وتصدعات الروح الوطنية وشرع في بناء وتشييد ثقافة نضالية جديدة إمتازت بروحيتها وسلميتها حتى تُوجت بقيام ثورة الـ11 من فبراير 2011 الشبابية السلمية بمن فيهم شباب المشترك ناهيك عن دور قيادة المشترك التي مثلت حاملاً سياسياً فعَالاً لكل قوى التغيير أثناء المحادثات مع الجانب الإقليمي والدولي إبان الثورة، ورغم أنها لم تحقق كامل أهدافها حتى الآن إلا أن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في ظل هذه الثورة يُعد إنجازاً سياسياً عظيماً في تاريخ اليمن السياسي المعاصر حيث أسفر عن مخرجات ستضع البلاد على أعتاب مرحلة جديدة، ولكن للأسف الشديد أضحت هذه المخرجات حبيسة الأدراج تشكو حزنها إلى الله وكأنها نتجت عن مناسبة عابرة وليس عن حدث وطني عظيم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو إلى متى ستظل هذه المخرجات نسياً منسيا وبالتالي من هي القوى التي ستقوم بترجمتها وتفعيلها على أرض الواقع؟، فاللقاء المشترك قد أنجز مهماتِه في ظروف معينة ولكن في ظل التطورات السياسية التي يشهدها الوطن اليوم فإن هذا التكتل يكون قد فقد حيويتة وبالتالي فقد مبرر بقائه وقوى الحداثة كُل «انغلق» على ذاته وكأنها تعيش في جزرٍ متباعدة أو كـأن الذي يُفرقها أكــثر مما يجمعها وهنا يكمن الاستغراب والدهشة وذلك على عكــس القوى المشدودة إلى الماضي التي تبدو أكثر تماسكاً ولذا أسهمت هذه القوى إسهاماً فعَالاً في إنضاج المشـروع النخبوي للفيدرالية والشيء من معدنه لا يُستغرب ومع ذلك فإن مصلحة الوطن والشعب تفرض على كل القوى السياسية في الساحـة الوطنية ان تتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة المعقدة التي تمر بها البلاد، فالتاريخ سيكون شاهداً لها أو عليها والتاريخ أيضاً بحد ذاته ليس أحداثاً مضت فحسب وإنما هو رؤية نستشـرف منها آفاق المستقبل.

وفي هذا الصدد فإن على قوى الحداثة وفي الطليعة الحزب الاشتراكي اليمني أن تكون هي صاحبة المبادرة الأولى بالدعوة إلى الحوار بين كل القوى السياسية سواء التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني أو القوى التي لم تشارك وعلى قاعدة (رحم الله إمرءاً أهدى إليَ عيوبي) وقاعدة (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) إذ لا أحد يملك الحقيقة المطلقة التي لا تحتمل تأويلاً ولا تقبل رأياً مخالفاً، وذلك ليكون الحوار شفافاً ومثمراً، فالبلد بحاجة إلى إقامة تحالف سياسي وطني ديمقراطي حداثي عريـض وذلك لضمان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على الأرض، وأيضاً واقع البلاد يتطلب معالجة وطنية شاملة جادة وناجعة تشعر فيها جميع مكونات المجتمع بالرضا والاطمئنان والقبول وينصرف الكل نحو بناء المستقبل كي لا نخسر هذا المستقبل كما خسرنا الماضي.

أخيراً إن لم نلجأ كشعب بكل فئاته وشرائحه إلى الحديث والحداثة بما هما غايتان ووسيلتان ونعمل معاً من أجل ذلك فلن نشارك في حياة العصر وذلك هو الخسران المبين.

قراءة 1292 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة