اليوم وليس الغد(٢)

الثلاثاء, 14 تشرين1/أكتوير 2014 18:15
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إشكالية الحصان والعربة

توقفت في تناولتي السابقة عند التفاعل بين العوامل الموضوعية والعوامل الذاتية لانتصار القضية الجنوبية وتحقيق مطلب الشعب الجنوبي باستعادة دولته التي ألغتها حرب ١٩٩٤م، وفي حوار سابق على الفيس بوك بيني وبين زميلي الاقتصادي ورجل الاعمال والناشط السياسي أحمد مكرد كان يقول لي لقد توفرت العربة ولكن أين الحصان، والحصان هنا هو بتعريف الفلسفة العامل الذاتي الذي يقوم بدور الدينامو الذي ينبغي ان يصنع الحركة ليدفع بالقاطرة إلى مسارها لبلوغ غايتها.

ليس صحيحا انه ليس هناك عاملا ذاتيا للقضية الجنوبية لأن كل قضية تشترط عاملين (وبدقة أكثر نوعين من العوامل) موضوعية وذاتية وبدون أحدهما لا يمكن الحديث عن قضية.

إن الملايين التي تتدفق إلى كل ساحات الجنوب في كل مناسبة والتي تعبر عن حاجة الجنوبيين إلى تغيير الوضع القائم وتعديل الاعوجاج الذي بدأ العام ١٩٩٠م باتجاه استعادة تاريخهم  وبناء دولتهم التي استأصلتها حرب ١٩٩٤م وهويتهم التي اعتقد المنتصرون في تلك الحرب اللعينة انهم قد محوها من الوجود، إن هذه الملايين هي العامل الذاتي للقضية الجنوبية، وهذا العامل قد اكتسب تكونه ونموه ونضجه واكتماله خلال عقدين من الزمن ومع العام ٢٠٠٧م كان الجنوبيون  يترقبون لحظة الميلاد وجاءت الولادة طبيعية مستوفية مكتملة الشروط، وربما كان الظرف الموضوعي حينها لم يكتمل النضوج، لكنه اليوم قد استوفى شروطه.

كنت منذ أيام قد توجهت برسالة إلى عدد من قيادات الحراك السلمي الجنوبي، كتبت على عجل وللأسف اكتشفت أن الغالبية من القيادات لا تتعامل مع الفيس بوك وبعض الذين لديهم صفحات لا تحتوي سوى صورهم بعضها كان آخر تحديث لها قبل أشهر وهو ما يعني ان هذا البعض يكتفي بما يقول ولا ينتظر من الآخرين رأيا،. .  . لكن ليس هذا موضوعنا،. . . الرسالة التي أتحدث عنها احتوت مجموعة من الأفكار ملخصها الآتي:

١. إن المليونيات عمل عظيم أدى رسالته واستنفد مهمته، وتكرارها في اللحظة الراهنة ليس سوى إعادة إرسال رسالة سابقة قد وصلت إلى المستهدف منها منذ زمن.

٢. إن المطلوب اليوم ليس مهرجانا ومسيرة وهتافات وشعارات وإن كانت مليونية، على ما لهذا من قيمة وأهمية، لكن المطلوب اليوم إحداث تغيير في الوقائع على الأرض، بمعنى إنه لا بد من تغيير معادلة الغالب والمغلوب إلى معادلة أخرى، هي استرداد الحق ممن اغتصبوه، أو بعبارة أخرى تغليب الحق على الباطل.

٣. إن من يديرون الجنوب اليوم هم غير شرعيين، ففضلا عن إنهم غير منتخبين وانتهت صلاحية المنتخبين منهم منذ أربع سنوات، فإنهم عاجزون وفاشلون في كل شيء، فلا حقا حفظوا ولا منكرا منعوا  ولا جريمة حاربوا ولا مجرما ردعوا  ولا صانوا أرواح المواطنين، ولا حموا حتى مكاتبهم وموارد ارزاقهم ولا الاموال التي ينهبونها، دعك من أرواح وأموال ودماء المواطنين التي هي آخر ما يمكن ان يفكروا فيه.

٤. إن التغيير المطلوب في هذه اللحظة، ليس بالضرورة أن يكون إعلان فك الارتباط، بل استئصال تلك الإدارة الزائفة المعبرة عن مصالح الغاصبين والتي لم تقدم للمواطنين الجنوبيين سوى الوبال والخوف والدمار والفوضى والفساد والسلب والنهب والتلوث البيئي والقيمي، وهذا التغيير سيكون تحقيقه خطوة على طريق تعزيز الموقع التفاوضي والسياسي للقضية الجنوبية.

٥. إن إقامة سبعة اعتصامات مفتوحة (أو أي فعالية مشابهة) أمام المجمعات الحكومية في كل محافظة، لا ترفع إلا باختيار محافظ ومجلس تنفيذي يعبر عن القضية الجنوبية ويستجيب لمتطلباتها يمكن أن يكون وسيلة مثلى لتحقيق هذه الغاية، أي إنه يمكن استبدال المليونية بسبع فعاليات حتى لو كان في كل فعالية ١٠٠-٥٠ ألفا ستكون أكثر قابلية للتنفيذ وأكثر فاعلية وأقوى تأثيرا.

٦.إن المهمة غاية في الحساسية والأهمية والجسامة لكنها ليست مستحيلة، وهي تستدعي قدرا عاليا من التنظيم والدقة والمسئولية، وهو ما يتطلب العمل على بناء كيان وطني جنوبي عريض بقيادة جنوبية جامعة تعبر عن كل الجنوبيين بمختلف انتماءاتهم السياسية وقناعاتهم الفكرية ووضعهم الاجتماعي، ومكانتهم الجغرافية والجهوية وتلتف حول قاسم مشترك أعظم واحد ( على الأقل) وهو إسقاط الوضع القائم والعمل على استعادة الدولة الجنوبية.

٧. سيكون من المهم والضروري اتخاذ الاجراءات الوقائية التي تحمي هذه الفعالية من مختلف المخاطر والمحاذير بدءا بفرضية الاختراقات المخابراتية والإرهابية والمواجهة الأمنية التي قد يفتعلها وكلاء الغاصبين، وانتهاء بأي فعل أحمق أو متهور أو طائش أو انتقامي يمكن أن يصدر من هذا الطرف أو ذاك أو من هذ المواطن او ذاك من المشاركين في الفعالية، فالقضية أكبر من مجرد تصفية حسابات أو ممارسة الثأر أو الانتقام من أحد لأنها تتعلق برد الاعتبار للتاريخ واستعادة الحق التاريخي في الهوية والدولة والكينونة السياسية والوطنية لكل الجنوب ولكل الجنوبيين

8. سيكون من المهم أرسال رسائل أخلاقية عالية المضمون إلى الداخل والخارج، رسالة الداخل فحواها أن الثورة الجنوبية ليست ضد الشمال ولا ضد المواطنين الشماليين وإنما هي ضد من استباح الأرض والعرض ونهب الخيرات والموارد وأراق الدماء وأزهق الأرواح، وهو ما يستدعي رفض وإدانة أي تعرض لأي مواطن شمالي (أو جنوبي بطبيعة الحال) والحرص على عدم التعرض لأملاك الناس وحقوقهم، والتعامل معهم كمواطنين لهم كامل الحقوق التي لسواهم، ورسالة الخارج وفحواها أن الجنوب لا يمارس إلا حقه التاريخي في رفع الظلم الذي وقع عليه والإلغاء الذي تعرض له واستعادة الدولة والهوية التين ألغتهما الحرب، وتعديل الاعوجاج التاريخي الذي جرى منذ العام 1994م والذي حول الجنوب إلى ساحة لعصابات السلب والنهب والجماعات الإرهابية، التي جلبها نظام صنعاء من كل أصقاع ألأرض وحولها إلى مصدر تهديد لكل الجوار الإقليمي وللعالم، وإن الجنوب لن يكون إلا جزءا من المحيط الإقليمي يرعى المصالح المشتركة ويحمي السلم الإقليمي والدولي ويحترم سيادة كل دولة على أرضها.

برقيات:

*   التهاني الحارة لجماهير الشعب في الذكرى الواحدة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر التحررية، التي عبرت عن إرادة الشعب في الجنوب في الحرية والسيادة والعيش الكريم والاستقلال.

*   ربما كان تكليف المحاسب القانوني (وليس المهندس) خالد بحاح لرئاسة الحكومة خطوة استباقية لفعالية الرابع عشر من أكتوبر الجنوبية والتي تأتي للتصعيد باتجاه تحقيق مطالب الجنوبيين لحل قضيتهم واستعادة دولتهم، . . .خالد بحاح لن يحل القضية الجنوبية، ولن يفعل شيئا تماما كما لم يفعل أسلافه شيئا للجنوب وربما لليمن ككل.

*    قال الإمام الشافعي عليه رحمة الله:

إذَا سَبَّنِي  نَذْلٌ  تَزَايَدْتُ  رِفْـــــعةً       وما العيبُ   إلا أن  أكونَ  مسابـــــبهْ

وَلَوْ لَمْ  تَكْنْ  نَفْسِي  عَلَيَّ  عَزِيزَةً       لمكَّــــــــــــنتها من  كلِّ  نذلٍ  تحاربهْ

 

 

قراءة 1912 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة