خطاب "التدعيش" وشروط المقاومة

الثلاثاء, 21 تشرين1/أكتوير 2014 19:34
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

(1)

"أنت داعشي"! بهذه العبارة تلفظ أحد عناصر مليشيا الحوثي في ​​وجه الرفيق صلاح حسن (المحرر في "الاشتراكي نت")، بعد قيام مسلحين تابعين للحوثي اقتحام مقر الموقع واختطاف زميله بدر القباطي وتهديده في سابقة خطيرة، تهدف إلى تكميم الأفواه وإسكات الإعلام الحر، (وعلى وجه الخصوص صحيفة الثوري وموقع نت الاشتراكي).

ندرك جيدا أن كل سلطة استبدادية تلجأ في سعيها لفرض سلطتها إلى أساليب القمع ومصادرة حق الآخرين في التعبير عن الرأي وبطرق ووسائل مختلفة.

وبما أن الواقع الجديد الذي نتج عن حدث 21 سبتمبر الفازع، جعل من جماعة الحوثي سلطة أمر واقع، فقد ولد لديها شعورا زائفا بالنصر، عكس نفسه على مستوى الممارسات والانتهاكات التي قامت بها وترويعها للآمنين.

لقد جاء إطلاق العبارة السالفة (أنت داعشي) في سياق خطاب "تدعيشي" تعتمده الجماعة كسيف بتار تشهره في وجه خصومها.

إن هذا الخطاب لا يختلف البتة عن نظيره (الخطاب التكفيري) في شاهدة تؤكد على حقيقة التطابق الجوهري لحركات الإسلام السياسي بشقيه (السني والشيعي)، في سلوكها الإلغائي والتحريضي واستحلال دماء مخالفيها.

الخطاب سلطة رمزية يؤدي دورا سياسيا وظيفيا، فهو أداة تمارس من خلالها القوة المسيطرة هوسها في التصفية والقهر والتضليل والإقصاء. ويعتبر فوكو أن الخطاب هو المسرح الملائم للسلطة لتنمي من خلاله هيمنتها وتعزز سطوتها في إطار جملة من الآليات القائمة على الضبط والتحكم والتعبئة والمنع.

الخطاب التدعيشي إرهاب فكري يترتب عليه سلوك عدواني، وهو فتوى تبيح الدم وتتسبب في إزهاق الروح. إنه سلاح تحريضي فتاك يطال المخالفين وسوط بيد الجلاد.

غير أنه والحالة هذه، خطاب يفضح عجز من يلجأ إليه، ويفصح عن تهافت الحجج وهشاشة المنطق الذي يستند عليه، بل ويعكس حالة الخوف والارتياب التي تحاصره .. إنه خطاب يقود صاحبه إلى التلاشي والزوال وفي وقت قياسي!

(2)

مقاومة الواقع الذي فرضته مليشيات الحوثي في ​​العاصمة وعدد من المحافظات يأتي ترجمة عملية لقانون (التحدي والاستجابة)، وهو التعبير الاجتماعي لقانون كوني ناظم (الفعل ورد الفعل) ..

المقاومة عملية اجتماعية تاريخية وكفاحية، تنطوي على دلالات وقيم الحياة والانتصار للذات وقهر كل ما هو كائن (سائد) لغرض خلق وضع جديد وبشروط جديدة تفرضها المصلحة الاجتماعية للناس ..

من هذا المنطلق لم يكن من المستغرب أن تتخلق حالة مقاومة لتمدد مليشيا الحوثي صوب تعز وإب وباقي المحافظات، لتتخذ أشكالا متباينة وبأدوات مختلفة ..

ومع التسليم بحقيقة أن البنية الاجتماعية وشروط وعيها هي من تحدد نمط المقاومة، سواء أكان نمطا ناعما (سلميا) أم عنيفا، فإن ذلك لا يلغي ضرورة تحديد الأساس الذي تنطلق منه، وهنا بيت القصيد ..

الشاهد أن جماعة الحوثي، جماعة ذات صبغة طائفية وبنزوع فاشي لا تخطئه العين، وهو ما يجعل من استثارة العصبيات والهويات الفرعية للهيئة الاجتماعية المعتدى عليها سلاحا فعالا لن تتدخر فرصة في استعماله.

وهنا مكمن الخطورة، حيث سيتخلق الشكل الأولي للمقاومة من حالة النزوع الجهوي الكامن في تلك المناطق، وهو ما سيحقق انتصارا مجانيا لجماعة الحوثي، ما لم تتأسس أنوية مقاومة مدنية الطابع، تنطلق من الأساس الوطني المعبر عن المصلحة الاجتماعية الوطنية المشتركة لعموم اليمنيين، والمتمثلة في بناء الدولة الوطنية الحديثة المتكئة على مقتضيات الهوية اليمنية الجامعة والعابرة فوق العصبيات الطائفية والمناطقية والمذهبية والقروية ..

بالوطنية اليمنية لا بغيرها يمكن لنا أن نهزم "جماعة الحقد المقدس" وكل القوى المضادة، وهو ما يعني الانتصار الفعلي للثورة وللمستقبل، ولجيل عريض من الوطنيين الصادقين الذين اجترحوا مآثر النضال الوطني وقطعوا بتضحياتهم أميالا في طريق النضال الوطني بغية الوصول إلى (يمن حر ديمقراطي موحد ) .

قراءة 1720 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة