الأنموذج اليمني.... ملهاة نماذج مأساوية

الخميس, 02 نيسان/أبريل 2015 17:30 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لولا أنه يحدث في الواقع مخلفاً آلامه وفجائعه، لبدا المشهد الذي تتطور فيه الحالة اليمنية وكأنه (ملهاة) اقتبست من تراجيديا كل من سوريا وليبيا والعراق، إن انكشافها الكامل لعملية الاستنساخ لمأساوية ما يحدث هناك وإسقاطه على واقعها بما يشبه محاكاة هزلية هو ما يمنحها عناصر الملهاة.

في مشهد قريب من النموذج السوري ونظامه الذي يتماسك الآن بتحالف جغرافيا العائلة الحاكمة مع الايديولوجيا الطائفية المتمثلة في حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني، يحاول النظام اليمني، الذي رفضه الشعب في فبراير 2011، العودة للحكم، بزواج يجمع الجغرافيا والطائفة، عبر تحالفه مع جماعة ذات إيديولوجية طائفية، فبعد أن قاتلها في 6 حروب، يسمح لها اليوم بالتمدد متنازلاً لها عن جزء كبير من قوته العسكرية، وبلغ حد التواطؤ معها حد تمكينها من إسقاط العاصمة و العملية السياسية التي شكلت عائقاً أمام عودته. وها نحن نتابع فصلاً كوميدياً لتدشين حملة ترشح نجل رأس النظام.

وبعيداً عن الوقوع في رتابة المشهد السوري، تنقلنا الملهاة إلى مشهد يبدو ليبياً، وبدراماتيكية لا تخلو من فانتازيا، عندما يغادر رئيس البلاد إلى عدن هرباً من صنعاء، عقب إقامة جبرية فرضها انقلاب قاده تحالف (صالح – الحوثي)، فـ(هادي) الجنوبي يحاول أن يصمد سياسياً عبر توظيف القضية الجنوبية التي نتجت بعد حرب شنها الشمال لفرض الوحدة بالقوة، ورغم أن (هادي) هو أحد رجال (صالح) في تلك الحرب، فقد شرع الرجل بحشد قبائل جنوبية موالية له في إطار ما يسمى باللجان الشعبية. في الوقت نفسه، ولكن عبر تحشيد الشمال، يهدد صالح الذي لم يعد له صفة رسمية في الدولة المنهارة، باجتياح الجنوب مجدداً، وهذا الاستقطاب (الشمالي - الجنوبي) يقترب من نظيره الليبي المستقطب شرقاً وغرباً (بنغازي - طرابلس) حتى في استدعاء التدخل الخارجي.

وتطلق الملهاة لسانها بسخرية، وهي تكشف حجم الهشاشة في نسيجنا الاجتماعي بمشهد عراقي مكثف، يبرز فيه الفرز الطائفي المصنوع وقد تسلل لمجتمعنا، مكتملاً بتفجير إرهابي بشع استهدف مصلين داخل مساجد في صنعاء وصعدة، معيداً بعض فصول المأساة العراقية، مشهد فاجع ومنذر بالحريق، كان مستبعداً حدوثه في مجتمع بدا فيما سبق انه لا يعاني من مشكلة طائفية، هذا المشهد الصادم ما كان ليحدث لولا أن الملهاة اقتضت اقتباسه.

تضحك وتبكي ملهاة التراجيديات هذه، وهي تقتحم المشهد اليمني، خاصة عندما يتحدث اليمنيون عن الحكمة التي ستنجيهم من أن يلتحقوا بالنموذج السوري أو الليبي أو العراقي، في الوقت الذي تسقط بلادهم في أنموذج يحوي قبح وفظاعة النماذج الثلاثة. لقد استدعت محاولة النظام السابق للعودة للسلطة، عبر تحريك الورقة الطائفية، للنموذج السوري، والفشل في حل القضية الجنوبية للنموذج الليبي، كما استدعى طموح الحوثيين للوصول للسلطة للنموذج العراقي، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة اليمنية في تحصين البلاد بنموذج يمني يقود لحل يمثل حاجة البلاد، بل ساهم الإسلام السياسي، الأقوى في هذه المعارضة، بالانزلاق نحو تلك النماذج الكارثية التي ستهيئ للجماعات المتطرفة الدخول في أتون الصراع.

قراءة 1543 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة