زمن انهارت فيهِ الأوطان!

الخميس, 26 آذار/مارس 2015 18:31 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بعد فشل الدول المستعمرة والمهيمنة وخصوصاً أمريكا على استعمار الأراضي العربية عسكرياً جعلت من الدول استعماراً ذاتياً بنفسها تحت مختلف الوسائل، من ذلك الثورات الارهابية والطائفية التى تقتل الوطنية في نفوس المواطنين الذين كادوا ان يكونوا صالحين وجعلت المعادلة بين الطائفية والمواطنة عكسية. إذا تصاعدت حدة الطائفية في بلد، ضعفت المواطنة، والعكس بالعكس. إذا خفت الطائفية، تعززت المواطنة. أيهما أولاً؟ لا يهم فالعلاقة بينهما جدلية. إحداهما تؤثر على الأخرى. في بلد تصعد فيه قيمة المواطنة تتعزز وتتراجع الطائفية وربما تختفي، وفي بلد تضعف فيه المواطنة وتتراجع، تتقدم الطائفية وتسود.

لا أعني بالطائفية الانتماء الفرعي التكويني الوراثي الى طائفة ما، فهذا أمر يستحيل أو يصعب إلغاؤه، لكن أعني تحول هذا الانتماء الى هوية لدين سياسي بحد ذاته.

الطائفية كابوس العصر الذي يهدّد السلم الاجتماعي في كل بلد وُجدت فيه هذه الآفة.. وقد لجأ البعض إلى استخدام ورقة الطائفية ليزرع من خلالها الفتن والصراعات داخل المجتمع، فالفتنة الطائفية أو المذهبية هي مشروع يسعى إلى تمرير مخططاته في المنطقة العربية وجرّ شعوبها إلى حروب وصراعات داخلية وزعزعة الأمن والاستقرار ونشر الفوضى والعنف.

إن الدعوات الطائفية والمذهبية ليست إلا دعوة صهيونية استعمارية، الغرض منها ضرب الشعوب بعضهم ببعض ليتسنى لأعداء الشعوب بثّ سمومهم وتمرير مشاريعهم بأمان.

الطائفية من مخلفات عصور ما قبل الدولة الحديثة، والمواطنة من شروط الدولة الحديثة، بالإضافة الى الديمقراطية والمؤسسات والقانون والعلم الحديث. بوجود الطائفية لا يمكن بناء الدولة الديمقراطية. تتعطل كل اشتراطات بناء الدولة المدنية الحديثة إذا سادت الطائفية.

بغض النظر عن الشعارات المترددة بينهم من سنة وسلفيين وشيعة وزيود وحوثيين، فإننا نعاني اليوم من ارتفاع رهيب بمنسوب الطائفية لدى السياسيين بالدرجة الأولى ولدى عموم المواطنين بالدرجة الثانية. وبعد هذه الظاهرة الخطيرة تأتي كل الظواهر السلبية الأخرى التي يعاني منها مجتمعنا ودولتنا.

ثمة أسباب تاريخية وموضوعية أدت الى استفحال الظاهرة الطائفية عندنا، لكن النتيجة انها أضحت موجودة، من جهة، ومن جهة أخرى هناك جهات وأطراف محلية وإقليمية مستفيدة من صعود هذه الظاهرة، بل ان بعضها قد يغذيها وينميها لغرض في نفس يعقوب كما تفعل أطراف إقليمية معروفة لخلق صراع سياسي بنكهة الطائفية الفتاكة وقتل روح الوطنية بين افراد الشعب الواحد وتشاؤم براعم المستقبل من هذا الكابوس المتوحش الذي يغتال مستقبلهم ويدمر طموحاتهم المستقبلية، وهذه هي الكارثة التي قد تواجههم وتحرمهم من كل الطموحات ومن الدولة الحديثة دولة العلم والمعرفة. كما حصل في العراق وسوريا بما يسمى (داعش).

وكما هو حاصل في الوقت الحاضر من تهيبات وحشود طرفين وتعصب القبائل الموالية للطرفين الذي جعل الدول الداعمة للطائفتين تترقب انفجار الحرب.

وما إعلان يوم السبت 14 مارس من تكتل قوى سياسية واحزاب مختلفة وحركات شبابية وتجمعات وانحياز الى المراهنة التى قد تدخل البلاد في صراع يدوم طويلاً بين القوى السياسية التى تجعل من اليمن مائدة جاهزة لأي مفترس متوحش كان.

وكان للحزب الاشتراكي اليمني موقف مشرف بعدم الانحياز الى أي طرف كان من الأطراف المراهنة. سيظل منحازاً تجاه الوطن دائماً.

ولكن لا يوجد سلاح أمضى في محاربة الطائفية من المواطنة نفسها. فلا يفرقنا دين أو مذهب أو عقيدة أو حزب سياسي عن حب الوطن ومن يريد بناء الدولة الحديثة يجب أن يعزز قيمة المواطنة بالممارسة والفكر والثقافة فضلاً عن القانون والدستور والتعليمات. حين يتمسك دعاة الدولة المدنية الحديثة، خاصة حينما يكونون في موضع المسؤولية، بالمواطنة فإنهم ضمناً يحاربون الطائفية ويضيقون عليها تمهيداً للقضاء عليها. ولا يمكن أن تثمر جهودهم ما لم تعضدها مناهج التربية، والتوعية العامة وبرامج التلفزيون والصحف والمواقع الإعلامية والإلكترونية، وفعاليات منظمات المجتمع المدني.

.. فاليد الواحدة لا تصفق!.

قراءة 2503 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة