جامعـــة صنعــاء.. أنشطة غائبة ورسوم إجبارية تحت مسمى الانشطة

  • صرح تعليمي يفتقر الى أبسط مقومات النشاط الثقافي
  • الاشتراكي نت / خاص - علي صالح الجرادي

السبت, 12 تموز/يوليو 2014 00:06
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

غيبوبة طويلة وموت سريري يعيشه النشاط الثقافي المثلج بجامعة صنعاء مع حالة عزلٍ وفصلٍ تام أفقدته الثقة في كونه ثمرة من ثمار المستقبل، يزيد عنها السياسة الممنهجة لتغييب النشاط الثقافي ودحض هويته وتحويله الى نشاط ٍ حزبي ومعترك للمماحكات السياسية الناتجة عن المعيار القائم على المحاصصة السياسية.

في الوقت الذي تغيب فيه الأنشطة الثقافية داخل هذا الحرم الجامعي الذي يضم فيه قرابة 70ألف طالباً، يتساءل الطلاب عن إقامة فعاليات وأنشطة ثقافية يحظى فيها الطالب الجامعي بفرصة اكتشاف ذاته الغائبة فناناً أو عازفاً رساماً أو شاعراً قاصاً كان أو مسرحياً، الأمر الذي يدع مجالاً للشك حول الرسوم التي تُدفع بشكلٍ مفروض على الطلاب تحت مسمى الأنشطة.

رداد عباد أحد الطلاب في كلية التربية "يصف الحالة التي يمر بها النشاط الثقافي ودائرة الشباب في الجامعة "بالعجوز" حد قوله حيث لم يرى أي نشاط أو فعالية تقيمها إدارة الأنشطة منذ دخوله الجامعة .

رداد كغيره من الشباب الذين أبدو استيائهم من الوضع القائم في الجامعة وغياب الأنشطة التي من شأنها إثارة فضول الطالب نحو المعرفة وإحياء روح الفن والجمال والإبداع في قلب الجامعة باعتبارها ديناميك الشباب ومحرك طاقاتهم والى كونها العقل المدني وبوابة اليمن الثقافية والعلمية حسب ما قاله زكريا الشرعبي طالب كلية الإعلام الذي أردف القول : بأنه من المؤسف أن تكون واجهة اليمن العلمية والثقافية ممثلة في الجامعة بهذا المستوى الهزيل من الثقافة وأن ادوات الفساد والنهب العام هي المسؤولة عن هذا الركود الحاصل في أروقة النشاط الثقافي.

أما زين العابدين الضبيبي طالب في كلية الآداب يرى أن الانطلاقة الحقيقية للعملية التعليمية في الجامعة تبدأ من النشاط الثقافي الذي بدونة لن يستقيم التعليم الجامعي إلا من خلال الاهتمام بالمواهب والابداعات الطلابية والعمل على تنميتها و تطوير مهارتها، مؤكداً ان مشكلة غياب النشاط الثقافي والإبداعي في الجامعة تعود إلى عدم وجود القيادة المبدعة والمدركة لأهمية الأبداع ولدورها في الاهتمام به بالتوازي مع العملية التربوية مضيفاً" أنها لا تدرك أن الاهتمام بالنشاط هو الذي يجعلها تقوم بدورها الحقيقي من خلال تقديم مخرجات متكاملة مبدعة.

من جهته يتفق القاص رامز مصطفى طالب كلية الإعلام مع ما قاله الأول في أن هناك خلل كبير يعتري العمليّة الاداريّة للجامعة وبالخصوص إدارة الأنشطة الثقافية مسترسلاً "عن وجود فوضى" عارمة، إدارياً، وعلميّا، وإبداعياً، تحتاج الى الكثير من الوقت للقضاء على السلبيات المتراكمة التي تزامنت مع ما تمر به البلاد من مرحلة عصيبة على كافة الأصعدة والمستويات، مما ينعكس على الجانب الثقافي، ولكن ذلك لا يبرر جمود المناشط الثقافية داخل الجامعة، باعتبار طلاب الجامعة في مقتبل العمر، والى كونهم يمتلكون قدرات تؤهلهم للإبداع الخلاق، وتابع قوله "أن عدم وجود وعاء يحتوي هذه الكوادر الشابة، هو السبب الرئيس لهذا الغياب.
فيما يحمل الناشط  الشبابي صلاح الاصبحي رئاسة الجامعة ومسؤولي الانشطة الثقافية في الجامعة غياب الأنشطة الثقافية مؤكدا وجود سياسة مقصودة لتغييب الوعي الثقافي وأن مسؤولي الأنشطة في الجامعة أشخاص أصوليون كلاسيكيون لا يفهمون في الإبداع ولا يعني لهم شيئاً حسب قوله وأن الجامعة لم تعد تصدر أصواتاً للروح للمدنية كالموسيقى بل تكرس وعياً متخلفاً هابطاً لا يعي الحياة ولا العصر كما لو أنها جمعية خيرية لتحفيظ القرآن.
ويشير زين الضبيبي "الى مخرجات الجامعة وحجم الأنشطة التي كانت تقوم بها في وقت سابق من ثمانينات القرن الماضي وان عدد الطلاب تضاعف عشرة أضعاف إن لم يكن أكثر من تلك الفترة مؤكداً "أن ميزانية الجامعة التي تحصدها من الطلاب تحت مسمى الأنشطة بالإضافة الى نفقات الموازي كافية لدعم الأنشطة الثقافية بمختلفها والقيام بدور وزارة الثقافة في تشجيع المبدعين.
في الوقت الذي يحتاج فيه الطالب الجامعي الى أنشطة فنية تساعده على صقل مواهبه الإبداعية المختلفة التي تفتح أمامه الأبواب واسعة نحو المستقبل، تقف الإدارة العامة للشباب في جامعة صنعاء عاجزة عن تقديم أي نشاط وذلك لعدم وجود المال الذي كان عائقاً في إقامة مثل هكذا أنشطة حسب قول مدير الإدارة العامة للشباب في الجامعة "علي الملاحي" والذي أردف قائلاً:هناك فساد مالي وإداري في الجامعة تتحمل مسؤوليته رئاسة الجامعة  كونها المشرعة لهذا الفساد، ففي فترة سابقة كانت لدينا ميزانية  لتفعيل النشاط الثقافي هذه الميزانية الهائلة التي نأخذها من الطلاب تحت مسمى الانشطة  لا ندري اين تذهب بها رئاسة الجامعة.

ومن جهتها أكدت مديرة النشاط الثقافي والفني في الجامعة، انتصار اليناعي:إن السبب الرئيس في غياب الأنشطة الثقافية  هو ما مرت به البلاد من أحداث أدت الى توقف الدراسة والأنشطة الثقافية ووجود فساد مالي مخيف يستشري  في اعماق الجامعة الأمر الذي نقف فيه كإدارة للأنشطة عاجزين عن تقديم أي شيء للطالب.

ووسط هذا التسيب والخذلان تجد أحزاب السياسية مثل هذه الاوضاع فرصة ماثلة أمامها للترويج لها في الوسط الطلابي  على حساب غياب النشاط الثقافي في الجامعة.

ويرجع أكاديميون  أن تقويض المشروع الثقافي في الجامعة وطغيان النشاط السياسي يهدد الوعي الجمعي، حسب قول الدكتور رصين الرصين  الذي ابدى انزعاجه من الوضع الثقافي الحاصل في الجامعة قائلا" لست مع اي نشاط ثقافي في الجامعة إلا بشرط واحد لا بد منه وهو الفصل بين ما هو ثقافي وبين ما هو حزبي سياسي لأن ما نشاهده اليوم من استغلال سياسي للأنشطة الثقافية في الجامعة من قبل الأحزاب السياسية  التي تعمل لترويج أهدافها وأفكارها السياسية. وهذا الداء للأسف أصاب المثقفين من أدباء وإعلاميين وسياسيين رجال دين وفنانين فضلاً عن الأساتذة الجامعيين.

و يرى صلاح الأصبحي أن وجود كلية فنون  بجامعة صنعاء  أمر ضروري لإحداث  توازن مع الفكر الأصولي والكلاسيكي السائد الذي يُغيّب روح الجمال وجوهره من الإنسان ويجعل منه كائناً متوحشاً  بالإضافة الى إيجاد معهد للسينما والموسيقى  كون الحياة لا تستقر الا بالفن .

بينما يؤكد رامز مصطفى  أن الأهم من وجود كليّة فنون جميلة في الجامعة  هو أن نجيبَ على سؤال: ما الذي ستحققهُ كليّة الفنون الجميلة إذا وجدت؟ وأن حاجة الطالب الجامعي للجانب الثقافي من الأغراض الأساسية  ومن الطرق الأساسية للرقي بمخرجات التعليم العالي، والارتقاء بذائقة الإنسان اليمني، المؤهل تأهيلاً صحيحاً، وبما يُمكّنه من القيام بدوره في المجتمع والحياة.

وشدد الدكتور رصين على وجود كليتين  للفنون في جامعة صنعاء كلية فنون تطبيقية تدّرس الموسيقى والدراما وكلية فنون جميلة تدّرس الرسم والنحت والفنون التشكيلية  لرعاية المبدعين الشباب ممن يمتلكون  قدرات إبداعية  ترفع من مكانة الجامعة والوطن بشكل عام.

ويكتفي  زين العابدين الضبيبي  قوله " أنه يجب  مقاضات الجامعة بشأن رسوم الأنشطة المدفوعة كل عام  باعتبارها تصادر كل هذه المبالغ بدون وجه حق وعلى كل طالب أن يدرك أهمية هذه الأنشطة له وما سينعكس عليه وعلى شخصيته من خلال ممارستها في حياته العملية ومدى حاجته لها. مؤكداً ضرورة وجود كلية فنون في الجامعة  كونها لا تقل أهمية عن كلية التربية أو الطب أو غيرها لأن وجود مثل هكذا كلية سيسهم في تصدير ثقافة الجمال بدلاً من ثقافة القبح والعنف والحرب.

وتبقى الأنشطة الثقافية بجامعة صنعاء حبيسة مكاتبها التي تشكوا الوحشة والخاوية إلا من الوهم  بالإضافة الى أيد النهب والفساد المستشري  في أعماق الحرم الجامعي المقدس الذي يفتقر اليوم الى أبسط الأمور لا سيما غياب مثل هكذا أنشطة طلابية من شأنها توعية المجتمع وبلورة واقع ثقافي مختلف يُسهم في صنع القرار.

الأمر الذي يشغل هاجس الكثير من المبدعين ويضع أمامهم تساؤلات حول تحريك الدورة الدموية للنشاط الثقافي وإعادته الى الواجهة، بدلاً من انجرار الطالب وراء المماحكات  وعهر السياسة اليومي الذي خيم على صدر الوسط الطلابي مخلفاً ألغاماً ومتاريس  بشرية على هيئة أجنةٍ مشوهه تتحمل أعبائها البلاد.

 

 

 

قراءة 1059 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة