أخـــر الأخبــــار

 

الرفيق حسن محسن السقاف (4)

الإثنين, 19 أيار 2014 19:59
قيم الموضوع
(1 تصويت)


الحلقة السابقة، لم أكن حاضرا في أحداثها، وحاولت نقلها بأمانة وتجرد، عن حديث الرفاق الذين عاشوا واكتووا بنار تلك الوقائع بتفصيلاتها المؤلمة.
تم نقلي مع آخرين إلى السجن المركزي بصنعاء في منتصف العام 1982م. كان قد تم إفراد قسم للمعتقلين السياسيين، بعد سلسلة من الأحداث والاعتصامات، نتيجة لاحتكاك سجناء الحق العام بالمعتقلين السياسيين، وتولد وعي حقوقي وسياسي، بعد أن كان معتقلو قسم "خميس" (رئيس الجهاز المركزي للأمن الوطني الأسبق) يختلطون أثناء ساعات النهار مع سجناء الحق العام، والذين أفرد لهم قسمان، قسم "التوبة"، ويشمل اللصوص والمحكوم عليهم بجرائم أخلاقية وغيرهم، وقسم "القلعة"، وهو مخصص للقتلة الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
تم وضعي في عنبر رقم (8)، والذي شعرت فيه بالألفة؛ فقد قوبلت بالترحاب والاستفسارات عن الجديد في الاعتقالات، والمعنويات لدى المعتقلين في "دار البشائر"، عن رفاق محددين بالاسم. لم أكن أعرف أيا من ساكني العنبر، عدا الرفيق أحمد عبد المجيد عبد القادر (أخ الرفيق علي عبد المجيد، المخفي قسرا)، كنت قد تعرفت عليه في دار البشائر. تعرفت بالاسم على بقية الرفاق من محافظات شتى، في العنبر عشرة أسرّة حَجرية من دورين يستأثر بها المعتقلون القدامى، وينام بقية المعتقلين على الأرض. هناك من الرفاق من يهدم الحواجز النفسية مع الآخر، في وقت قياسي أسرع من الرفاق الآخرين.
الأستاذ حسن السقافمن ذلك الصنف النادر من الرفاق الذين يستطيعون بناء علاقات مع الجميع. كان أنيقا في ملبسه، متبسطا في الحديث، مع إغناء الفكرة أو الموضوع الذي يتحدث عنه، مما يدل على وعي وثقافة واسعة، مع ابتسامته الدائمة يلقي نكتة أو طرفة يكون محلها أحد الرفاق، دون تجريح أو حط من شأن هذا الرفيق أو ذاك، وفي أحيان كثيرة تكون عليه. يدخل البهجة والسرور على من حوله. كانت أسرته تزوره تقريبا مرتين في الأسبوع. يعمد في صباح يوم الزيارة إلى التأنق أكثر وملاطفة الجميع؛ لكنه لا يعود من الزيارة بتلك الروح المرحة، مع محاولته افتعال الابتسام وعرض ما حملته له أسرته الصغيرة في الزيارة.
في السجن، قرأت، كما لم أقرأ من قبل. كتب فكرية وثقافية ومجموعات قصصية وروايات. كان هناك مكتبة متكاملة يتم تداولها بين غالبية المعتقلين، تم إدخالها إلى السجن بأساليب مختلفة. كان لدى الرفيق حسن مجموعة قواميس إنجليزية - إنجليزية، وكتب باللغة الإنجليزية. وكان يتردد عليه بصورة مستمرة رفاق تتلمذوا أو وسعوا معارفهم باللغة الإنجليزية، من أولئك الرفاق داوود على عبد الجليل، عبد القوي عبد الله مهيوب، شمسان محمد نصر الشيباني.
رحم الله الرفيق حسن السقاف؛ فقد كان أستاذا في تعامله، وفي سلوكه اليومي بلا ادعاء أو تصنع.

 

قراءة 1750 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة