مأساة اليمنيين في ثقافة الضم والإقصاء وغياب المواطنة المتساوية (1-3)

الثلاثاء, 02 كانون1/ديسمبر 2014 21:10
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

برزت المأساة والمشكلة داخل الشعوب العربية والإسلامية، ومنها اليمن عندما نشأت المذاهب والطوائف فأفرزت التعصب والتطرف وأنتجت الصراعات، وتم توظيف الدين الإسلامي الحنيف والمذهبية والطائفية السياسية للظفر بالسلطة. هذا التعصب والتوظيف السياسي أدى إلى التفكك، ومكن الآخرين من السيطرة على أراضي وثروات الشعوب العربية والإسلامية وسلبهم حقهم، وأبقاهم مسلوبي الإرادة يعانون من الفقر والتخلف والبطالة والاعتماد على ما تنتجه مصانعهم وبلدانهم وعلى حمايتهم لهم؛ في الوقت الذي ظلوا غارقين في الصراعات والاقتتال والفتاوى وتوظيف ثروات الشعوب العربية والإسلامية ضد بعضهم، تشرد أبناؤهم وعلماؤهم في مشارق الأرض ومغاربها مجندين ضد مصالحهم وضد بعضهم؛ ما يحدث اليوم ومنذ سنوات في الصومال وليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر، وما حدث في الجزائر من سقوط لملايين الضحايا من البشر تطحنهم أسلحة الموت بكل تبعاتها ونتائجها الثقافية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية، بما فيها تدمير البنى التحتية ونهب الثروات، وغيرها من التبعات اللاحقة هو امتداد لكل ذلك.

من هنا يمكن القول: إن حقيقة وجوهر المشكلة الرئيسية تكمن في التطرف السياسي الطائفي الإقصائي للآخر، والتوظيف الديني والمذهبي لمصالح سياسية واقتصادية وثقافية واحتكار السلطة والثروة. هذه مشكلة مزمنة عمرها 1160 سنة؛ أي منذ العام 352 - 1382 هجرية، وحتى اليوم.

 

ثورة 26 سبتمبر 62 وسقوط الإمامة

سقط نظام الإمامة بثورة 26 سبتمبر 62م الموافق 1382هـ، وظلت الطائفية السياسية كثقافة سياسية إقصائية توظفها السلطات المتتالية لخدمة مصالحها السياسية والاقتصادية. ومع غزو الفكر الوهابي الحنبلي السلفي المتطرف عام 1882، انتشر في اليمن وتعمقت المشكلة. وكلتا الفكرتين قدمتا إلى اليمن من خارجها؛ فالأولى زرعت الطائفية السياسية والإقصائية، والثانية غرست التطرف الديني السلفي المتشدد. وكلتاهما وظفتا الدين الإسلامي الحنيف لأهداف ومصالح سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، مع أن التعايش المذهبي ظل سائداً بين اليمنيين، إلا أن مشكلة الإقصاء للآخر وغياب المواطنة المتساوية والتوظيف السياسي للمذهبية والطائفية بقيت سبباً رئيسياً في إنتاج الأزمات والصراعات والحروب الداخلية المتواصلة بين اليمنيين. هيمنت السلطة في شمال البلاد، من خلال سيطرة مركز سياسي استحوذ على السلطات المختلفة وعلى القرار السياسي والثروة والمال العام وأدوات القمع الأمنية والدفاعية، وعلى السلطة القضائية وتوراث الحكم طيلة "1160" عاماً. وفرض على الشعب اليمني بيئة سياسية وثقافية وإدارية استبدادية سيئة، وخاصة على مواطني وسكان الوسط والجنوب الذين عملوا كرعية ومواطنين من الدرجة الثانية؛ رغم أن نسبة السكان لهذه المناطق الخصبة تشكل 75% تقريباً من إجمالي سكان اليمن، إضافة إلى ما تشكله من ثروات ومساحة جغرافية ممتدة تطل على موانئ بحرية وبرية، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي على الممرات الدولية وامتلاكها لخبرات بشرية مؤهلة. كما فرضت عزلة سياسية خارجية على اليمن، وكان الأمل يحدو كل اليمنيين الذين ظلوا متعايشين مذهبياً على أرض الواقع زيود وشوافع سنة وشيعة في الشمال والوسط والجنوب. إن القضاء على نظام الإمامة الإقصائي المتخلف والمستبد يمكن أن يقضي على هيمنة وثقافة الإقصاء الطائفية والاستبداد وينهي المركزية الشديدة بالقيام بثورة 26 سبتمبر 1962 لتصحيح هذا الخلل العميق؛ لكن ذلك لم يحدث، فقد تعمقت المشكلة أكثر وأخذ تنفيذها لباساً جمهورياً بجذرها السياسي والثقافي القبلي المذهبي، الذي تم توظيفه وتطويعه لمصالح سياسية واقتصادية منذ أحداث أغسطس عام 1968.

 

استقلال الجنوب

أما جنوب اليمن فقد ظل مجزأً إلى سلطنات ومشيخات وإمارات، ثم وقع تحت حكم الاستعمار البريطاني لفترة طويلة (129) عاماً، ونال استقلاله الوطني في 30 نوفمبر 1967، بعد ثورة شعبية مسلحة وحدته من أقصى مناطق حوف في محافظة المهرة حتى جزيرة سقطرى وباب المندب بجزره المختلفة. واستمر موحداً أرضاً وإنساناً متعايشاً مع بعضه بفضل نضال الحركة الوطنية والعمالية ودولة النظام والقانون التي قامت على كافة أراضيه، رغم التركة الاستعمارية الثقيلة وما خلفته من فقر وتخلف اجتماعي وتعليمي وثقافي، وما حدث من خلافات وصراعات، لكنه ظل متماسكاً موحداً ومدافعاً عن استقلاله وسيادته الوطنية يناضل من أجل التقدم والعدالة الاجتماعية تقوده دولة مدنية لكل أبنائه. لم يفرط بشبر واحد من أراضيه حتى تاريخ 22 مايو 1990؛ حيث تمكنت الدولة وبتعاون الشعب ودعمه، وبقوة القانون، تمكنت دولة اليمن الديمقراطية من القضاء على الثارات القبلية، ولم تقع أي حادثة ثأر قبلي منذ الاستقلال حتى يوم تحقيق الوحدة اليمنية في 22مايو 1990. فكان من منجزات حلفاء حرب صيف 1994، المنتصرين عسكريا على الجنوب، أنهم عملوا على استدعاء الماضي بخصوماته وثقافاته المختلفة، سلطة 7/7/1994، الثارات السياسية والقبلية والمذهبية، ونبشت وأحيت كل ما هو سيئ في الموروث السياسي والاجتماعي. ورافق ذلك حل مؤسسات وأجهزة الدولة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية المدنية والعسكرية، واستحوذ المنتصرون عسكريا على كافة المؤسسات والعقارات والأراضي والثروة، وتم إلغاء القوانين المدنية الضامنة لحقوق المواطن والأسرة والمرأة والمنظمات الجماهيرية، ومورس الإقصاء والتهميش والتكفير والتخوين وتم توظيف الدين لمصالح سياسية، فحدثت مظالم لا تحصى، وتم إلحاق الجنوب بعقلية وثقافة المركز المقدس وبمواطني وسكان الوسط الذين أصبحوا (درجة ثالثة).

 

جوهر المشكلة

إن هذا الوضع وهذا الخلل السياسي والحقوقي الكارثي، القائم على ثقافة الاقصاء والمواطنة غير المتساوية، هو جوهر وأساس المشكلة القائمة اليوم في اليمن. فرفض القوى المختلفة وأصحاب المصالح لدولة القانون المدنية الديمقراطية الحديثة والعادلة ظل مشكلة مزمنة متوارثة عبر المراحل والأجيال المتعاقبة، عمقتها الإمامة ثقافيا ودينيا واجتماعيا وطبقيا وسياسيا، وتم توظيفها وممارستها بشكل سياسي بعد أن تم تصفية كافة القوى المدنية الجديدة التي دافعت عن النظام الجمهوري وثورة 26 سبتمبر 1962. تمت التصفية على أساس الجغرافيا المذهبية والتوجهات السياسية والحزبية وبثوب جمهوري. رغم أن النضال ضد الإمامة والملكية كان مشتركا والتعايش المذهبي ظل قائماً بين المظلومين اليمنيين من أقصى مناطق وقرى شمال اليمن إلى أقصى جنوبه جيلاً بعد آخر؛ إلا أن ما حدث من سياسات وممارسات وتصفيات إقصائية ولد الغبن ورسخ الأنين الذي ظل جاثما في نفوس الغالبية العظمى نتيجة المظالم واحتكار السلطة والثروة وما تم ممارسته من إقصاء.

 

الإعلان الدستوري

لقد ظلت النخب من السياسيين والمثقفين وقيادات الأحزاب بمختلف مشاربهم، وتحت شعار الحرص على الوحدة الوطنية، يئنون في الغرف المغلقة ويتهربون من الاعتراف الصريح الواضح والعلني بالمشكلة كحقيقة قائمة وتسميتها باسمها. ظلوا يتهربون من المناقشة المسؤولة الجادة والصريحة التي تساعد على إيجاد المخارج والحلول العملية العادلة، التي تؤدي لوحدة وطنية صحيحة ثابتة ودائمة قابلة للحياة، مبنية على المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعية والتعايش والتكافل الاجتماعي. قيادة ثورة 26 سبتمبر 62 كانت قد وقفت أمام المشكلة بنص صريح في الإعلان الدستوري المؤقت، الصادر في 3 أكتوبر 1963، الذي أصدره مجلس قيادة الثورة وقدم اعترافا صريحا بالمشكلة دون تردد؛ لكنه لم يضع التفاصيل والمخارج العملية بحكم الأوضاع التي سادت مباشرة بعد قيام الثورة، وما تعرضت له الثورة والجمهورية من تدمير عسكري وحصار وتآمر داخلي مدعوم إقليميا من عدد الأنظمة العربية، وإيران وبريطانيا بشكل خاص، أفرغت ثورة سبتمبر من أهدافها ومضمونها الوطني والسياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

لقد نص الإعلان الدستوري لمجلس قيادة الثورة في الفقرة (3) على "إزالة الأحقاد بين الزيود والشوافع"؛ إلا أن هذا الخلل في المعادلة السياسية والوطنية ظل سائدا حتى اليوم. حكم مركزي إقصائي مقدس ومتوارث ومنتج للأزمات والصراعات والحروب الداخلية على السلطة، بما في ذلك الصراع في إطار الطائفة والسلالة والمذهب نفسه، بل وداخل الأسرة.

إن سيطرة طائفة أو فئة أو أسرة على السلطة والقرار السياسي ومصادر الثروة والمال العام والوظيفة العامة والمؤسسات الأمنية والدفاعية دليل قاطع على غياب المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية، وتجاوز مصالح وحقوق المواطن واستمرار غياب الاستقرار والوحدة الوطنية واستمرار الفساد والمظالم والأزمات والصراعات والحروب الداخلية والكوارث المتلاحقة كي تبقى وتظل يمن (اللا دولة).

 

 الحنين لثقافة الماضي

قد يقول البعض إن هناك أشياء تحققت خلال المرحلة الماضية؛ ولكن ومن وجهة نظري الشخصية ما تحقق خلال الفترة الزمنية، منذ العام 1962 وحتى اليوم، يعتبر قشوراً مقارنة بالفترة الزمنية. فعندما نقف ونراجع ما حدث نتيجة الأزمات والصراعات والحروب والتصفيات الداخلية من خسائر بشرية واقتصادية، وما خلفته نتائجها من آثار سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية سيئة وضياع للوقت والفرص المختلفة، إضافة إلى ما تم نهبه من ثروات وأموال وممتلكات الشعب من قبل أفراد وقوى النفوذ المهيمنة، ومقارنة ذلك مع ما حدث من حولنا من نهضة وتطور كبير نتيجة للاستقرار الأمني والسياسي... نجد أنه لم يحدث أي تغيير جوهري اقتصادي وثقافي واجتماعي ومعرفي في حياة ووعي الناس ومواقفهم وسلوكهم؛ بل العكس، تدهورت القيم الإنسانية وأعيد الناس خلال العقود الثلاثة الماضية في ثقافتهم وممارساتهم إلى الوراء وبرزت ثقافة الكراهية، خلال الـ33 عاماً الماضية، لم تشهد اليمن مثيلا لها. ظلت المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية مجرد شعارات وأحلام وخطابات للاستهلاك والدعاية الانتخابية. أما الحقوق السياسية والمدنية والثروة والحكم فبقيت محصورة ومسيطرا عليها بيد أسرة وفئة صغيرة من الناس استأثروا وأثروا على حساب 97% من السكان، وبقيت حقوق المرأة ضائعة، وارتفعت أعداد الفقراء ونسبة البطالة والأسعار، وتدهورت الخدمات، وزاد النمو السكاني، وأهدرت القيم، وانتشرت تجارة السلاح والمخدرات والفساد والإرهاب، وجرى توظيف سياسي لبعض المثقفين لخدمة المصالح المختلفة للحكام، تارة بالترغيب، وتارة أخرى بالترهيب والقمع.

وبالتأكيد هناك عدد من العوامل الداخلية والإقليمية أسهمت ولعبت دورها الفاعل والمؤثر في توظيف التناقضات والخلافات الداخلية المختلفة بما يخدم استراتيجيتها وأجندتها ومصالحها؛ لكن يظل العامل الداخلي هو الأساس.

 

مصادرة واحتواء الثورة

يمكن القول بكل وضوح وصدق مع النفس إن ثورة 26 سبتمبر 1962 تم احتواؤها ومصادرتها، من خلال ما حدث من تصفيات متتالية للقوى المدنية العسكرية التي دافعت عنها والتي بدأ تنفيذها في أغسطس 1968.

وبالتالي، فإن ماحدث من اجتياح درامي في 21 سبتمبر 2014 يعطينا إجابة بدلائل وصور واضحة أن أهداف ثورة 26 سبتمبر لم تر النور. فلا تم (بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها)، كما ورد في أهداف ثورة 26 سبتمبر؛ لأن ما تم بناؤه هو جيش لحماية الحاكم وأسرته ومصالحهم.

التجنيد الإجباري كخدمة وطنية إلزامية تم تعليقه وتجميده منذ سنوات، لأسباب واضحة ومعروفة للجميع؛ لأن الممسكين بزمام السلطة لا يريدون بناء جيش وطني. لذا لا أريد الدخول والحديث عن العقيدة العسكرية ولا عن كيف يتم اختيار المنتسبين والتجنيد للمؤسسات العسكرية، ونوعية ومستوى التدريب وحقوق الجنود والضباط ولا كيف تتم الترقيات، ولا الحديث عن العتاد العسكري، ولا قوام القوة المسلحة الفعلية لدى وزارة الدفاع أو الداخلية وفقاً للموازنة المعتمدة بقانون الموازنة... لكن يمكن وضع سؤال: كم كان العدد الحقيقي الفعلي الموجود من الجنود والضباط جيشاً وأمناً في عمران قبل سقوطها؟ وهل كان سقوط عمران نتيجة قوة الطرف المهاجم وتفوقه بشريا وعتادا، أم أن الفساد والأرقام الوهمية ونهب حقوق المنتسبين للقوات المسلحة والسياسة الخاطئة والظلم الطاغي في المؤسسة العسكرية كان هو سبباً رئيسياً للهزيمة؟ فالإجابة مهمة ومسؤولية مناطة بقيادة وزارة الدفاع والدولة والحكومة ومجلس الدفاع الوطني.

وبالعودة لأهداف ثورة سبتمبر التي أكدت على (إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات).. لكن هل أزيلت حتى نسبة معينة من تلك الفوارق؟ وهل تم (رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا)؟ وهل تم (إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل)؟ وهل تحققت الوحدة الوطنية)؟

أما في الجنوب فإن المنتصرين في حرب صيف 1994 عملوا كل ما في وسعهم على تصفية منجزات ثورة 14 أكتوبر 1963 ونظامها ومؤسساتها المدنية والعسكرية، وكل الحقوق والمكتسبات التي حصل عليها المواطن في الجنوب من الخدمات العامة (الصحة والتعليم والأمن والسكن... الخ).

أما انتفاضة الشباب والشعب اليمني التي انطلقت في 11 فبراير 2011، تم احتواؤها نتيجة لغياب البرنامج والآلية والقيادة الموحدة التي تقود الانتفاضة الشعبية والرؤى داخل تكتل المشترك بكل تناقضاته مكن أصحاب المصالح والنفوذ وقوى الفساد وبعض الأطراف من احتواء ثورة الشباب وتجييرها وتوظيفها واختلاسها، ثم مصادرتها لمصالحهم الحزبية والسياسية والتجارية. لم يكتفوا بذلك؛ بل إنهم عملوا على إفسادها وعلى تهميش وتحجيم وإقصاء الأطراف الأخرى الذين شاركوا من الشباب والمرأة والكتاب والمثقفين المستقلين غير المنتمين حزبياً، وكذلك على بعض شركائهم. تحالفوا مع أطراف أخرى كعادتهم للخروج عن القضايا المقرة في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، سواء فيما يتعلق بالضمانات أو شكل الدولة. لم يستطيعوا تجاوز ماضيهم الأيديولوجي والسياسي، فمارسوا نفس السياسة التي مارسها المنتصرون بعد حرب صيف 94م في الجنوب، تصرفوا بتعالٍ وأقصوا قيادات صدرت بهم قرارات جمهورية ووزارية مستخدمين نفوذهم وسلطتهم، عرقلوا عدداً من القرارات بحق كوادر وطنية مستحقة وأبقوا ترشيحاتهم في الأدراج وضايقوا من صدرت بهم قرارات. هذا الغرور والتكبر والعجرفة والتعالي السياسي تزامن مع ممارسة التخوين والتفكير ضد عدد من شباب وشابات الانتفاضة الشعبية ومن لون وجغرافيا محددة... كل هذا أدى في الأخير إلى وصول الأوضاع الأمنية والسياسية إلى ما وصلت إليه من سقوط درامي في 21 سبتمبر 2014، وفرض واقع سياسي آخر مازال حتى اللحظة، واجهته المعلنة أنصار الله (الحوثيين) ومن خلفهم خارجياً إيران، كما صرح بذلك علي أكبر ولايتي، وزير الخارجية الإيراني الأسبق في 18/10/2014، مبقياً اللاعبين الأساسيين الذين ظلوا يعملون من وراء الستار متربصين يسعون للثأر مهما كانت النتائج.

ولذلك اليمن اليوم هي تحت الوصاية الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن (تحت البند السابع) الذي ترك الحبل على الغارب للاعبين يفعلون بها ما يحلو لهم.

على المظلوم بالأمس ألا يكون ظالماً اليوم، وعلى أنصار الله أن يستفيدوا من تجارب من سبقوهم، لأن استمرارهم في التوسع لفرض آرائهم ومواقفهم وأجنداتهم وبيئتهم السياسية بالقوة، وكبت ومصادرة الحقوق والحريات وممارسة الإقصاء والتهميش على الآخرين، والقفز على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والشراكة الوطنية، فإن مستقبلهم سيكون كمن سبقهم. فالإمامة حكمت ألفا ومائة سنة؛ لكنها سقطت ولن تعود. وعلي عبد الله حكم 33 سنة، وخلع نفسه بتوقيعه على المبادرة الخليجية وغادر السلطة وأصبح من الماضي.

فالتحالف، وإن أجدى في فترة من الفترات؛ لكن ستأتي فترة يتحول إلى كابوس ثم خصومة. كما أن الاعتماد على الدعم السياسي والمادي الخارجي قد يساعد لفترة؛ لكنه لا يدوم، لأنه مرهون بمصالح، وفي نفس الوقت لن يكون بديلاً أو أقوى من إرادة الشعوب.

قراءة 2250 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة