مأساة اليمنيين في ثقافة الضم والإقصاء وغياب المواطنة المتساوية (2-3)

الأربعاء, 03 كانون1/ديسمبر 2014 18:58
قيم الموضوع
(0 أصوات)

انتقال السلطة للرئيس هادي:

التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب اليمني طيلة المرحلة الماضية، وكان آخرها ما قدمه في نضاله السياسي وحراكه السلمي في الجنوب منذ العام 2006 وانتفاضة 11 فبراير 2011 من شهداء ومعاقين وجرحى من الشباب والمرأة والشيوخ والأطفال، أدت إلى وقف التمديد والتوريث، وإزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح من السلطة في 23 نوفمبر 2011، بتوقيعه على المبادرة الخليجية، في الرياض، برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبحضور إقليمي ودولي،  والتوافق على الأخ عبد ربه منصور هادي رئيساً توافقياً.

مباشرة بعد التوقيع على المبادرة الخليجية برزت بعض الأطراف المتصارعة على المصالح والسلطة كأنها كانت تنتظر بفارغ الصبر مثل هذه اللحظة. معروف أن الاحتكاك والخلاف كان قد بدأ بين حلفاء حرب صيف 1994 على السلطة والمصالح بعد انقضاء شهر العسل، ثم تطور الخلاف في الانتخابات النيابية عام 1997 بعد تمكنهم من السيطرة على الجنوب واتفقوا على تصفية مؤسسات دولة الجنوب وتقاسم الأرض والثروة والوظيفة العامة، وعلى التعديل الأول لــ70% من مواد الدستور في أكتوبر 1994، ثم التعديل الثاني للدستور في 2001، وجرى التمديد للرئيس صالح فترة رئاسية أخرى، تلاها تبني فترة التوريث للحكم؛ لكنها كانت من طرف واحد، فسرعان ما تصاعد الخلاف على المصالح والقرار السياسي والتوريث، واشتد الخلاف في الانتخابات البرلمانية عام 2003، كما تشير الرسائل المتبادلة بينهم، فتركوا قضايا الشعب ومصالحه، وتناسوا أن هناك نتائج وآثاراً سياسية وحقوقية واقتصادية ومآسي نتيجة حربهم على الجنوب في صيف 1994 وما أحدثته من أضرار الوطنية، ومثلما رفضوا الحوار حول إصلاح مسار الوحدة، رفضوا المصالحة الوطنية، واستمر الصراع بينهم على السلطة والثروة وتقاسم المصالح، وتعمقت معاناة الشعب وانتشر الفساد والبطالة وزادت المظالم وممارسة الإقصاء والتهميش ضد أبناء الجنوب بشكل خاص واليمنيين بشكل عام، وفجأة انفجرت أزمة جديدة وحرب صعدة الأولى في يونيو 2004، فوصلت إلى ست حروب متتالية توقفت عام 2010، بكل ما تركته من مآسٍ وأضرار.

بإزاحة الرئيس السابق عن السلطة، انتقلت نتائج الأحداث والأفعال والحروب التي حدثت خلال فترة حكمه، وفي مقدمتها حرب صيف 1994 وما حدث من سياسات وممارسات ومظالم نتج عنها انطلاق الحراك السياسي السلمي في 7 يوليو 2007، وتم مواجهته بعنف مفرط من قبل أجهزة السلطة القمعية (كان أكثرها دموية ما حدث يوم 16/2/2011 في عدن وسقط فيها 19 شهيداً و124 جريحاً، وأحداث 25/2/2011 سقط فيها عدد من الشهداء، كما حدثت العديد من الأحداث المماثلة في عدد من محافظات الجنوب، تلتها مجزرة جمعة الكرامة في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء 18/3/2011، ومحرقة 29 مايو 2011 في مدينة تعز، وأرحب، وغيرها من الأحداث). في كل ذلك أعتبر صالح هو المسؤول الأول عنها؛ لأن السلطات كانت بيده، ثم أتى حادث جامع الرئاسة، الذي استهدف فيه الرئيس السابق صالح، في 3 يونيو 2011، وسقط عدد من الشهداء والجرحى، وتتالت الأحداث الدامية وغيرها من الأفعال فتركت جراحات عميقة وظلت تشد الأطراف المتصارعة على السلطة لعملية الانتقام والثأر السياسي. كل ذلك أسهم في عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وأعاق أي تقدم نحو المستقبل، وظل استغراق البعض وطموح البعض الآخر في الانفراد بالسلطة والسعي الحثيث في العودة إليها بأي ثمن من أبرز المشكلات.

 

أبرز المعوقات

بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بدأت أطراف معينة محاولة فرض الوصاية على السلطة التنفيذية، وعلى الرئيس التوافقي وقراراته، لما يخدم أهدافها ومصالحها، وتركوا شباب الثورة، من شهداء وجرحى ومخفيين ومعتقلين، يعانون، مثلما تركوا الموضوعات الأساسية، وفي مقدمتها إزاحة الفاسدين وإصلاح وتغيير النظام، فاتجه كل طرف يضغط بطريقته وبخطابه السياسي والإعلامي لفرض أجندته. أراد بعضهم أن يقول للرئيس التوافقي إنه لولاه لما كان رئيساً، ومورست حملات سياسية وإعلامية تجاوز بعضها آداب التخاطب،  ومورست ضغوط وابتزاز وحصار، كلٌّ له أهدافه الخاصة. وهناك من أراد أن يكون رئيساً مكرراً إلى أن يأتي الوقت المناسب، وآخر لم يكن يقبل أصلاً بأن يأتيه رئيس من طائفة أو مذهب آخر بعد هيمنة مركز سياسي دام 1160 عاماً على هذا الموقع، وهذا ما بدا واضحاً من خلال التحالفات التي برزت والحروب الدائرة اليوم التي تذكي الطائفية بين أبناء الوطن. هناك من أراد أن تكون فترة رئاسة عبد ربه منصور هادي مجرد جسر عبور؛ وكأن هذا الموقع حق إلهي تاريخي مقدس محصور على طائفة ومذهب وجغرافيا محددة.

المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي كان لهما موقف آخر، هو دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي والتعاون معه حول مكافحة الإرهاب والمرور بالتسوية إلى بر الأمان، بما يحفظ مصالحهم، بينما ظل الرئيس التوافقي -كما يبدو- له رؤيته الخاصة في عملية إدارة السلطة. عمل هو الآخر على السير وفقاً لرؤيته وأسلوبه، مراعياً الوضع وميزان القوى على الأرض، ما لم يكن يستند على فريق سياسي اقتصادي وعقل جماعي يساعده في إدارة العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وعلى تنفيذ نتائج مخرجات مؤتمر الحوار، ظل في موقف دفاع؛ لأنه أتى على جهاز ليس له نفوذ عليه، ويعتمد على جهاز سياسي وإداري خبرات أعضائه متواضعة، وعلى بعض من أدوات سلفه المتربص به، وعلى الدعم السياسي الإقليمي والدولي، في ظل مؤسسات أمنية وعسكرية تدين بالولاء لغيره.

فالقوات المسلحة والحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية تم بناؤها على أساس الولاء الشخصي والعائلي والقبلي والمصالح الشخصية، وحصْر منتسبيها على محافظات معينة؛ لهذا كان نفوذ الرئيس هادي على هذه المؤسسات محدوداً جداً؛ لأن معظم أفرادها يدينون بالولاء للرئيس السابق ونجله، وهذا هو حال السلطة التشريعية (مجلس النواب (80% من أعضاء المجلس ينتمون لحزب المؤتمر الشعبي العام، وشارك الرئيس السابق في ترشيحهم للانتخابات البرلمانية في 27 أبريل 2003 وانتهت فترة المجلس الدستورية عام 2009، وهنا تكمن المشكلة للرئيس عبد ربه).

 

غياب المؤسسات الوطنية

الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي ظل 18 عاماً نائبا للرئيس السابق، وكان مجرد واجهة، بلا مهام أو صلاحيات، ولم تتح له الفرصة ليكون شريكاً في السلطة. لم تكن هناك مؤسسات لدولة وطنية. وفي نفس الوقت لم يكن له مركز نفوذ مثل الآخرين، أي أنه ليس له "أنياب ومخالب" كما يقول المثل، فالمؤسسات الأمنية والدفاعية وغيرها موزعة الولاءات على مراكز قوى خارج نفوذه، وهناك مليشيات مسلحة أخرى تتبع أفرادا وأحزابا وشيوخ قبائل، وتملك أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، ويتواجد حوله -كرئيس توافقي- مراكز وقوى الفساد وأصحاب المصالح وذئاب السلطة من منافقين وانتهازيين من كل اتجاه، بمالهم وسلاحهم وقبائلهم. بعضهم عملوا كل ما في وسعهم، ومنذ الوهلة الأولى، على أن يكون مجرد رهينة يبتزونه ليصفوا حساباتهم مع الآخرين بوجوده، يعملون على تعزيز تواجدهم ومواقعهم في السلطة بواسطته. ورافق ذلك تصاعد عمليات إرهاب واغتيالات واسعة جداً طالت المئات من العسكريين والمدنيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم، وجرى تدمير للممتلكات والمؤسسات وللعملية السياسية برمتها، ولعبت أطراف عدة من ذوي المصالح المتصارعة على الحكم وقوى الفساد دورها، بعضها بأدوات وإمكانيات السلطة.

 

معضلة حكومة الوفاق

تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأخ محمد سالم باسندوة. حمل التشكيل فشله منذ اللحظة الأولى؛ تشكلت حكومة غير مهنية، لم يكن فيها شخص اقتصادي واحد، بما فيها وزارات المالية والتجارة والصناعة والتخطيط؛ فقد غابت المعايير والأسس عند تشكيلها. كما استأثر حزبا المؤتمر والإصلاح بالحكومة، وظل كل منهما متربصاً بالآخر، نقلوا خلافاتهم وصراعاتهم إلى الحكومة، مما أدى إلى شلل عمل الحكومة ونشاطها. بعض الأطراف ركزت، بعد تشكيل الحكومة، على متابعة الأحداث والسير خلفها. لم يكن للمشترك، كتكتل، أي دور إيجابي رقابي بعد تشكيل الحكومة أو تأثير على مجرى التطورات والأحداث. انحصر الأمر في متابعة القضايا ذات المصالح السياسية أو الخاصة. هناك مؤسسات وأجهزة لم يكن للحكومة علاقة بها. ومن جهة أخرى، تحول وجود البعض في مجلس الوزراء إلى غطاء لتمرير مصالح أطراف أخرى. الأطراف المختلفة ظل كل منهم يعطل ويحرض ضد الطرف الآخر، على حساب قضايا الناس. عدد من القضايا الأساسية لم يتوافقوا عليها. هناك العديد من الإجراءات تمت لم تكن مبنية على الشفافية ورؤى واضحة ودراسة وافية وتوقيت مناسب لاتخاذها، بما في ذلك رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وكيف يمكن توظيف ما ستحصل عليه الحكومة جراء القرار؟ وما هي الإجراءات والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ينبغي أن تتخذ وأن تكون إما في مقدمة القرار أو مرافقة، وفي المقدمة هيكل الأجور والمرتبات والأسعار؟

 

الاستحواذ على الوظيفة العامة

لقد شكلت مراكز القوى، وعلى وجه الخصوص العسكرية والقبلية، منذ اللحظة الأولى، عوامل كابحة للسلطة التنفيذية، وحجر عثرة أمام أي تغييرات جوهرية في النظام السياسي. مارست ضغوطات متعددة ومختلفة في هذا الاتجاه، وتصرف البعض بأدوات السلطة وإمكانياتها لتهيئة الملعب لأنفسهم، ليكونوا البديل، بعد ضمانهم إزاحة الرموز القيادية للنظام السابق، كما فعل المنتصرون بعد حرب صيف 94م ضد الجنوب والجنوبيين، ومحاولة توظيف بعض الأطراف السياسية الأخرى لما يخدم مصالحهم وأجنداتهم، مع الاحتفاظ والإبقاء على مؤسسات النظام الذي أسهموا في بنائه والمتواجدين في معظم مؤسساته. مارس هذا الطرف سياسة التهميش، وشكل ضغوطاً متعددة على مواقع القرار، من أجل الاستحواذ على الوظيفة العامة، امتدادا للسياسات وللثقافة نفسها: تهميش، ضم، وإقصاء، لكفاءات وطنية مستقلة؛ تحت عنوان "الحزب الأكبر"، مع أن الوظيفة العامة ليس لها علاقة، سواءً كان حزباً صغيراً أو كبيراً، فحزب الأغلبية المنتخب دائما ينحصر حقه السياسي بالوظائف السياسية فقط، من نائب وزير حتى رئيس الوزراء، ووفقاً لمعايير وطنية وأسس مهنية. خلال العامين والنصف حدث استحواذ على الوظيفة العامة على حساب الكفاءات والمعايير.

 

الهيكلة وتدوير المواقع

الضغوطات التي مورست على مواقع إصدار القرارات قابلها الحسابات المُبالغ فيها، والتي لم تكن موفقة، فالتردد في اتخاذ القرارات الاستراتيجية للإصلاح والتغيير أعطت فرصاً لمن لا يريد التغيير، رغم الهيكلة التي حدثت في المؤسسات العسكرية (الدفاع والأمن)، معظمها كانت تدوير للمواقع، لم يحدث أي تغيير في مراكز مكافحة الفساد الجاثم على مفاصل السلطة ومؤسساتها، وذلك ناتج للمعارضة، ولغياب أدوات التنفيذ لدى السلطة التنفيذية. وشكل التنافر والتربص الدائم عنواناً رئيسياً. وعدم الوقوف أمام وضع الحلول العملية لمشكلات دائمة أدى إلى شل فاعلية الحكومة ومؤسساتها، حيث لم تتمكن بمؤسساتها المختلفة من جهة، والألغام التي تزرع يومياً للرئاسة والحكومة من خارجها لإفشالها من جهة أخرى، وعدم إتاحة الفرص للشباب وإشراكهم في معركة التغيير، كل ذلك أثر على الإرادة السياسية، وبقي القرار السياسي أسيراً ورهينة بيد مراكز القوى وأصحاب المصالح المتصارعة على السلطة منذ العام 1997.

 

مؤسسات فاقدة للشرعية

بقيت السلطة التشريعية المنتخبة عام 2003، والمنتهية صلاحياتها في 27 أبريل عام 2009، حيث وصل عمر مجلس النواب الحالي 11 عاماً وبقي هو السلطة المشرعة بدون انتخاب، وكذلك الحال لكل المجالس والسلطات المحلية للمحافظات، لم يحدث أي تغيير فيها.

فُرض حصار على أطراف سياسية وطنية حزبية وشبابية مستقلة، وتم ممارسة الإرهاب الفكري والسياسي، وصدرت فتاوى التكفير والتخوين في حق عدد من الناشطات وشباب الثورة... هذا الخطاب السياسي التحريضي الذي يخاطب  مشاعر الناس وليس عقولهم تم استخدامه وتوظيفه لغايات ولأهداف هي في حقيقتها ضد مصالح الناس أنفسهم، وتخدم في الأخير مصالح قوى وأفراد وتيارات سياسية متطرفة تمكنت من توظيف المال العام والسلطة والعلاقات الخارجية لنفس الغايات والأهداف، وهي نفس السياسة التي تم ممارستها خلال العقود الماضية.

 

الاستقطاب الإقليمي الطائفي

لقد تم استغلال وتوظيف الموروث الثقافي السلبي بأبشع صوره، من عصبية، تخلف، فقر، أمية، تدنٍّ في مستويات التعليم والمعرفة وحاجات الناس الأساسية... قاد هذا الخطاب السياسي والإعلامي الوبائي إلى القفز على العديد من القضايا الأساسية، وإلى التخلص التدريجي من صراعات الماضي السياسية والقبلية وحل مُرضٍ وعادل للقضايا الداخلية الوطنية، ومنها القضية الجنوبية ومشكلة صعدة، وإلى تجاهل مشكلات سياسية وحقوقية، فكان من نتائجها شن ست حروب متتالية. لم يحسب أن هناك تنافساً وصراعاً إقليمياً يدور في المنطقة، وأن هناك استقطابات سياسية ومذهبية وطائفية يتم توظيفها ليس في اليمن فحسب، وإنما في المنطقة العربية بكاملها، واليمن واحدة منها، يوظفها ويستخدمها المتصارعون داخل أرض اليمن بما يخدم أجندتهم ومصالحهم، يتم التجنيد والنشاط بين الخصوم المتصارعين على أساسها. هذا التوظيف أدى إلى زرع الأحقاد والكراهية بين أبناء الوطن. وساعد ذلك على تدهور في القيم، وغياب تام للتربية السياسية والبرامج الثقافية والحوارات وحلقات النقاش، بما في ذلك داخل الأحزاب ووسط أعضائها ومع منظمات المجتمع المدني.

مارست أطراف عدة ضغوطات سياسية، كلا بطريقته وأساليبه، على السلطة التنفيذية، مستغلة نفوذها وهيمنتها على المؤسسات العسكرية والأمنية، ذات التركيبة الأسرية المنحصر ولاؤها العائلي لرموز معينة في النظام كان قد تفنن في بنائها خلال 33 عاما، فتمت ممارسة الإرهاب وسياسة الضغط والترهيب والتخريب والإعاقة لأي تغيير فعلي حقيقي.

 لقد جرى التحايل على تنفيذ النقاط العشرين التي تم إقرارها في مؤتمر الحوار الوطني، وفي كل الهيئات والمؤسسات المعنية واللجان، وصدرت قرارات وتوجيهات رئاسية، وكما هي العادة استمرت المماطلة في تنفيذها من قبل مراكز القوى المتضررة، التي ظلت نافذة بحكم سيطرتها على مفاصل السلطة المركزية والمحلية وعلى المؤسسات العسكرية وما تملكه من أموال وأدوات. وهناك العديد من الأمثلة لبعض الإجراءات التي صدرت بقرارات جمهورية وتوجيهات رئاسية ومن مجلس الوزراء لم ترَ النور حتى اللحظة.

في العديد من التعيينات التي صدرت، لم تراع المعايير المتعارف عليها والواردة في قانون الخدمة، ولا الوحدة الوطنية، ولا المحافظات التي أقصيت بعد حرب صيف 1994م، ولم يجد الشباب مكانا لهم، رغم ما قدموه من تضحيات؛ إذ هيمن المعيار السياسي والعلاقات والولاءات على كل المعايير.

وبرز، وبشكل حاد، انفلات أمني وسياسي مبرمج وغير مسبوق، وسقط الآلاف من الضحايا شهداء وجرحى، تداخلت في ذلك أطراف مختلفة، "القاعدة" والثأر السياسي بين مراكز القوى وأصحاب المصالح والنفوذ من تجار السلاح والمخدرات ومراكز الفساد ومن يسعون إلى العودة السلطة، طالت شخصيات وطنية سياسية بارزة، أبرزهم د. عبد الكريم جدبان، الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين، د. محمد عبد الملك المتوكل، وعشرات من ضباط المؤسسات العسكرية والأمنية ومواقع خدمية كمؤسسات الكهرباء والطرقات وأنابيب النفط والغاز، إضافة إلى تدهور الخدمات العامة، من تربية وتعليم وخدمات صحية وغيرها... كل ذلك الهدف منه تدجين وإفشال ثورة الشباب؛ وهو ما حدث فعلا.

 ما حدث من إجراءات وقرارات وتغييرات لم يمس جوهر وثقافة وسياسة النظام، بدليل ما حدث خلال عام 2014، وتوج في يوم 21 سبتمبر 2014 باجتياح العاصمة بطريقة درامية، وهو ناتج لتحالف حدث بين خصوم الأمس/ أصدقاء اليوم، الذي لا أتوقع أن يدوم طويلا، وما تلاه من الأعمال التي حدثت ومازالت حتى اليوم. لعبت قوى مختلفة داخلية وإقليمية ودولية دورها. كل ذلك يعطي مؤشرا واضحا إلى حقيقة تركيبة منتسبي المؤسسات العسكرية والأمنية الخاص، وعلى هشاشة السلطة.

قراءة 1729 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة