ضدّ أروى ...

الخميس, 25 كانون1/ديسمبر 2014 18:51
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

 (1)

واشتغلت الماكينة ضد أروى عبده عثمان سريعاً. ماكينة الفساد اشتغلت معلنة حربها ووقفاتها الاحتجاجيّة ضد الوزيرة التي لم تجد الوقت بعد لتجلس على راحتها في المنصب الذي صار تحت إدارتها.

واشتغلت ماكينة الفساد والإفساد سريعاً. لم تحتمل وجود السيّدة أروى عثمان في وزارة أصبح الفساد والمال السائب سيّدها الأول ومحركها. لم يحتمل أصحاب تلك الماكينة الخطوات البسيطة التي قامت بها الوزيرة وأعلنوا عليها حرباً مُبكّرة.   

ولا ندري كيف تمّ الحكم على هذه الوزيرة بهذه السرعة وصار من المعقول القيام بوقفات احتجاجية ضد تصرّفاتها وعجزها عن تسيير أمور الوزارة. كيف تمّ الحكم بكل هذه السرعة وتمّ التقييم فظهرت السيّدة أروى فاشلة ولا يحق لها الاستمرار في قيادة الوزارة. هذا أمر يحتاج إلى وقت كثير للحكم عليه. مسألة الوقفات الاحتجاجيّة ومسيرات الاعتراض لا تكون إلا بعد مرور وقت كاف على استلام صاحب المنصب لمهامه وظهوره لاحقاً بنتائج سلبية وعجز عن القيادة وتدبير الأمور. لا تكون المسألة بهذا النزول السريع إلى الساحة وإقامة مخيّمات للاحتجاج. لم يحدث هذا الأمر مع الذين سبقوها ومكثوا في الوزارة وقتاً طويلاً مظهرين فشلهم الحقيقي الظاهر. فكيف تحصل مثل هذه التحرّكات الاحتجاجيّة سريعاً والوزيرة لم تتعرّف بعد على كافة العاملين في ديوان وزارتها. هذه سابقة جديدة واختراع غير مسبوق. اختراع ينبغيّ أن نعرف كيف جاء ومن أين تمّت عملية جلبه إلى واجهة الشاشة.

(2)

سنقول سريعاً. مثل ما كانت الاحتجاجات ضد أروى سريعة وفالتة من أيّ مقياس يمكن قول تفسير سريع عليها. بالمثل. السرعة التي حصلت بسرعة موازية لها.

إبحث عن المال. هنا يقف السرّ. هذا بتفسير سريع. إبحث عن المال وأهله وسترى إجابة ترضي عقلك. المال السائب على وجه الخصوص. المال الكثير الذي كان يُترك على ردهات وزارة الثقافة ولا يسأل عنه أحد أو يحاسب. يتمّ صرفه دون أن ترتميّ عليه عيون رقابة وتصحيح وضع. المال الذي كان يذهب إلى فعاليات لا تتمّ. فعاليات مكتوبة على ورق لا غير ويتم الصرف لها. فعاليات لا شيء يدّل على أنها ظهرت في الحياة الثقافية أو شاهدها أحد. فعاليات لا يشاهدها ولا يشهد عليها غير الذين قالوا بأنهم فعلوها وإنهم يستحقون عليها أجراً وميزانية. فعالية لا تشهد على إقامتها صور أو شرائط تسجيل. هي فعاليات موجودة فقط على الورق وفي ذمة ممن يقول بأنه فعلها. وليس هذا غير مثال واحد أتينا به على وجه السرعة بهدف السير على نفس وتيرة السرعة التي جاءت بها الفعاليات الاحتجاجية التي نشهدها اليوم. فعاليات ومثلها أفعال كثيرة تشير بوضوح لحجم الأفواه التي بقيت تأكل من كعكة صندوق التراث منذ العام 2004 تحت مسمّيات لا سند قانونيّ أو شرعي لها.

(3)

وبالتاليّ :

أن تقوم السيّدة وزيرة الثقافة بغلق حنفية ذلك المال السائب وتوقيف عملية الصرف. أن تقوم بإعادة الأمور إلى ميزان العقل بصرامة هيّ من طبعها في مثل هكذا أمور. أن تقوم برفع لافتة تقول: صندوق المال مُغلق لإعادة هيكلة وتنظيم لمسائله والنظر في هويّة الناس الذين يستحقون من غيرهم. فهذا معناه أنها فتحت على نفسها نوافذ وأبواب الرفض الكبرى، معناه أن مليون صوت معترض سوف يطلعون لها من قبورهم ورافعين أصوات رفضهم لهذا التقنين الذي رأته السيّدة أروى واجباً وقد صار وقته. لن يمر الموضوع بسهولة ويسر وصمت موافق على إجراءات إصلاحيّة لها أن تعود بالنفع على الثقافة وأهل الثقافة جميعهم. لن يمر الأمر بسهولة. سترتفع أصوات تطالب بوقف أروى عثمان عند حدّها وقد لمست جانباً مُقدّساً لا يجوز الاقتراب منه حيث والمال الذي هدفت الوزيرة لوضعه تحت الرقابة وضبط مسألة صرفه هو مال واجب لأصحابه بحكم العادة والاستهبال الذي تمّ على أساسه. هذا المال السائب هو مال قد تحوّل إلى حق ببسط اليد عليه. كأن مال وزارة الثقافة وقف قد جرى العمل عليه بحسب ما صار في شأنه ولا يجوز التراجع عنه. هو مال اعتبره الناس الذين ينهلون منه شهرياً تحت مسمّيات كثيرة منها تسمية: رواتب للمبدعين. ومنهم من استطاع ذات غفلة من الوقت وضع اسمه واسم زوجته على كَشف المبدعين هذا وعندما قررت الوزيرة إعادة النظر في الأمور الماليّة في الوزارة، ويقع هذا الأمر في خانة مهاّمها. حينها قام ذلك الشخص "المبدع" بكتابة صفات غريبة تخّص أروى عثمان على الرغم من كون الشخص نفسه كان قد كتب شعراً في الوزيرة نفسها بمجرد ظهور قرار تعيينها. انقلب فجأة ورأى في أروى عثمان وحشاً قد قرّر الاقتراب من حقه الشرعي.

من أجل المال، في هذا البلد، يُمكن أن ترى كل ما لا يمكن لكَ أن تتخيّله.

(4)

وسوف يقول واحد أهبل من أولئك الذين وقع عليه ضرر من إجراءات وزيرة الثقافة: وكيف عَرفت يا جمال جبران سريعاً قدرات أروى عثمان في الإدارة وأمور القيادة كي تقف إلى جانبها!

وأقول: أعرف أروى من سنوات طويلة، وأعرف كيف قادت حياتها ووضعتها بعيداً من مساحات التلّوث والا تساخ. أعرف كيف ارتبط اسمها بالنزاهة وصار مرادفاً له. أعرف كيف وقفت تتفرج على "بيت الموروث" وهو يُغلق أبوابه، وهو مشروع عمرها، على الرغم من أنها كانت قادرة على أن يبقى مفتوحاً بشرط أن تفقد حياديتها وأن ترتبط بجهات داعمة من هنا وهناك. لكنّها رفضت. وهذا مثال واحد فقط وغيره كثير.

(5)

هناك أشياء كثيرة لا تُشترى بالمال لكنّ اللصوص لا يعلمون.

 

 

 

قراءة 2461 مرات آخر تعديل على الخميس, 25 كانون1/ديسمبر 2014 19:13

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة