طباعة

الممانعون للدولة الحديثة في اليمن

الإثنين, 16 كانون1/ديسمبر 2019 17:25 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

         تتلخص مشكلة اليمن في أن مسار تطوره التاريخي لم يفضِ إلى بناء دولة حديثة تقف على مسافة واحدة من كل مواطنيها وتمكنهم من الانخراط الجماعي في التنمية الشاملة وصناعة الرفاه العام. ويمكننا تصنيف اليمنيين في موقفهم من الدولة الحديثة إلى ثلاث مجموعات ممانعة ومجموعة واحدة فقط يمكنها القبول بهذه الدولة.

         المجموعة الممانعة الأولى هم أولئك الذين يرفضون الدولة الحديثة بحسابات الأيديولوجيا، وفي هذا يتساوى عبد المجيد الزنداني وأتباعه وكل من هم على شاكلته مع عبد الملك الحوثي وأشياعه على ما بين الإثنين من عداوة ناجمة عن تنوعات الأيديولوجيا وتقاطعاتها مع المصلحة. والقاسم المشترك بين كل الأيديولوجيين على ما بينهم من خلافات واختلافات أن كل جماعة منهم تريد دولة منضبطة لأيديولوجيتها هي وليس لمبدأ المواطنة والمساواة وحقوق الإنسان.

         المجموعة الممانعة الثانية هم أولئك الذين يرفضون الدولة الحديثة بحسابات المصلحة. وللمصلحة تنوعات ومستويات تتدرج من الأدنى إلى الأعلى وجميعها تشترك في خط ناظم واحد هو خط الفساد على اختلاف مقاديره وأحجامه. وفي هذا يتساوى كل الذين مارسوا الفساد أو استفادوا من وجوده وفي مقدمة هؤلاء يأتي أولئك الذين راكموا ثروات مهولة بطرق غير مشروعة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين أو رجال دين أو شيوخ قبائل أو كانوا من الشمال أو الجنوب.

         المجموعة الممانعة الثالثة هم أولئك الذين يدينون بالولاء لعصبيات ما قبل الدولة ويتراجع عندهم الشعور بالولاء للوطن لصالح الولاء للقبيلة أو المنطقة أو الفئة.

         أما المجموعة التي يمكنها القبول بالدولة الحديثة فهم أولئك الذين لا توجد لديهم لا موانع أيديولوجية ولا موانع المصلحة التي تتغذى على الفساد ولا موانع العصبيات القبلية. وإلى هذه المجموعة ينتمي معظم اليمنيين. والمانع الوحيد الذي يوجد عند هؤلاء هو مانع معرفي. ومعنى ذلك أن معظم اليمنيين هم مع الدولة الحديثة إذا تعرفوا عليها على مستوى الوعي المجرد وتعرفوا على الطريق الذي يفضي إليها على مستوى الممارسة الملموسة، أما إذا لم يتعرفوا عليها فسيكونون ضدها من حيث لا يعلمون ولا يقصدون، وهذا هو واقع الحال في المشهد اليمني الراهن الذي تتصدره قوى تراهن على نار السلاح لا على نور العقول، بينما لا نرى أثرا للقوى التي تدعي الحداثة والنضال من أجل الدولة الحديثة. ومن أجل الوصول إلى هذه المجموعة الرابعة ينبغي أن يتداعى كل اليمنيين الباحثين عن دولة حديثة إلى تنظيم أنفسهم مدنيا في كتلة تاريخية مؤهلة للنهوض بهذه المهمة.

قراءة 3514 مرات

من أحدث طاهر شمسان