طباعة

الموت انتصاراً لأيديولوجيا ميتة

الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 19:32
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لم يكن أشد المتشائمين في ثمانينيات القرن المنصرم يتصور وقوع البلدان العربية في الفخ اللبناني، حينها كانت رحى الحرب الأهلية اللبنانية تدور طاحنة في طريقها كل شيء مقدمة بذلك نموذجاً مخيفاً من اقتتال الطوائف وصورة معتمة لمستقبل بلا أفق ودرساً عملياً لماهية الطائفية يغني بقية البلدان العربية في الذهاب إليها.

وحين كتب المفكر العربي سمير أمين آنذاك عن الخطر الطائفي على المجتمعات العربية اعتبره كثيرون بأنه غير عقلاني وبعيد عن الواقع، وكان كل طرح من هذا القبيل مثار سخرية وتندر. كيف يمكن لعراق صدام وسوريا الأسد أو لمملكة سعود أن تسقط فريسة لحمى الطائفية وكانت المجتمعات العربية غارقة حد الثمالة تحت تأثير إعلام شمولي دأب على نقل الأكاذيب وترويج الأوهام التي لا تمت بصلة لما يعتمل في واقع المجتمعات العربية التي أخذتها نشوة الزيف قبل أن تصحو على وقع ثورات شعبية أطاحت ببعض الأنظمة الشمولية وكشفت عن واقع مخيف صنعته سنوات الاستبداد الطويلة ليمتد الحريق الطائفي الي أكثر من قطر عربي: العراق وسوريا والسعودية والبحرين واليمن.

لندرك فداحة ما قامت به الأنظمة الشمولية والرجعيات العربية والفاشيات الدينية والعسكرية من جهود لضرب الحركات الوطنية التي يبدو أننا اليوم نعيش نتائج هزيمتها.

ولعل السيناريو الطائفي في اليمن تحديداً وبتوظيف سياسي يستمر في النمو والتمدد وفي قضم الجغرافيا اليمنية شمالاً وجنوباً بأدوات ميليشيات دينية مسلحة لا تتغافل عن النظام السياسي الهش القائم اليوم وهي تنشئ علاقتها معه بالاعتماد المتبادل أو بالصدام والمواجهة. وللأسف النظام السياسي القائم اليوم يمنح هذه الفاشيات الميليشاوية شرعية حمل السلاح والتوسع على حساب الدولة، وهو حين لا يقوم بمهام الدولة يقترح ببساطة شديدة أسباب فنائها. وفي أحسن الأحوال إعادة صياغتها حسب النموذج اللبناني الذي يجعل اليمن دولة لا تتغير بل يتراكم ويتعاظم كل يوم الخطر الطائفي وتتعزز حظوظه وحضوره المجتمعي في ظل غياب مؤلم للحركة الوطنية ومشروعها. لتحضر الحالة الطائفية اللبنانية ليس كمشروع اقتتال أهلي لا ينتصر فيه أحد بل وعوضاً عن ذلك سيتم استدعاؤها مستقبلاً كنموذج للحل.

اليوم القاعدة تتمدد في الجغرافيا الشافعية وتصل المناطق الوسطى معقل الحركة الوطنية مع حتمية وجود حاضن اجتماعي ربما يكون دافعه الخطر الحوثي الذي يتوسع شمالاً في الجغرافيا الزيدية ولديه حاضن اجتماعي يتغذى على الوهم نفسه الذي يغذي المجتمع اليمني شمالاً وجنوباً. وعلى ما يبدو أننا نعيش زمن هزيمة الحركة الوطنية وعجز الحركة الشعبية عن تنظيم حركتها وفشلها في التعبير عن مصلحتها الحقيقية. وعوضاً عن ذلك يذهب جزء منها ليقع تحت تأثير الحركات الدينية المسلحة.

ولعل المشكلة الأبرز تكمن في جمهورها المؤمن الذي يعبأ طائفياً ودينياً بحيث لا ينتظر هذا الجمهور شيء ولا يطلب شيئاً سوى الموت انتصاراً لأيديولوجيا ميتة أصلاً ولا يمكن أن تعيش في مجتمع حي.

قراءة 2018 مرات

من أحدث