من أجل كتلة وطنية واسعة مناهضة للحرب ومن أجل بناء الدولة "2"

الأحد, 02 آب/أغسطس 2015 21:52 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الجمهورية اليمنية ( 1990 – 2015 )

ثانيا: الجمهورية اليمنية (7 يوليو 1994 – 21 فبراير 2012):

أهدرت حرب 1994 فرصة تاريخية كان قد وفرها إعلان 22 مايو 1990 من أجل بناء دولة حديثة لكل مواطنيها على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية..ولكن لماذا لم ينهض التحالف الخماسي المنتصر بهذه المهمة التاريخية ليثبت أن حربه كانت ضرورية ومبررة؟ لماذا تحولت العلاقة بين حزبي التحالف الخماسي من علاقة تحالف استراتيجي كما كانت توصف إلى علاقة خصومة حد الفجور والمواجهة العنيفة؟. لماذا ظهرت القضية الجنوبية بشقيها السياسي والحقوقي؟. لماذا نشبت حروب صعدة الستة؟.لماذا اتسع نشاط القاعدة في اليمن؟.لماذا استشرى الفساد واستشرس على نحو لم يكن مسبوقا في أحجامه ومستوياته ؟. ماهي مآثر وإنجازات حزب المؤتمر الشعبي العام حتى يصبح صاحب الأغلبية المريحة ثم الكاسحة في انتخابات 1997 و 2003؟. لماذا تبدلت خارطة التحالفات السياسية بين الأحزاب؟.ولماذا ذهب اليمنيون إلى ثورة فبراير 2011؟.

لدينا إجابة موثقة قدمها قيادي مُخوَّل في حزب الإصلاح إلى فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني تعيد ما ذكرناه إلى سوء إدارة الرئيس صالح للبلاد بعد حرب 1994..لكن هذه الإجابة تظل بلا وجاهة ما لم يأتِ من يثبت أن إدارة علي صالح للبلاد قبل حرب 1994 كانت جيدة ووطنية وأنها لم تصبح سيئة وغير وطنية إلا بعد تلك الحرب..أما نحن فنلقي باللائمة كلها على الحرب نفسها وعلى الأهداف والدوافع والمحركات التي أغرت التحالف الخماسي بالذهاب إليها، ولا نراها إلا حرب أطراف هذا التحالف كلها وليست حرب علي صالح وحده..وإذا كان القيادي الإصلاحي المخوَّل لا يرى المشكلة إلا في إدارة علي صالح للبلاد بعد الحرب فهذا أمر غير مستغرب من أي طرف حرض على الحرب وخطط لها وشارك فيها.

وإذا كانت العبرة في النتائج التي أفضت إليها الحرب وليس في الشعارات والرايات التي سبقتها ورافقتها، فالنتائج تؤكد أن الوطن والشعب كانا الخاسر الأكبر فيها..بينما وزع علي صالح الغنائم بسخاء على الكبار والصغار في الفئات الخمس التي شكلت تحالف الحرب وأضاف إليها متحالفين من الجنوب شكلوا فئة المؤلفة قلوبهم داخل التحالف الخماسي..وهذه حقيقة لا تحتاج إلى إثبات ويكفي فقط النظر إلى الإرتفاع الخيالي والفجائي في منسوب الثروات التي أصبحت لكبار الفئات الخمس في هذا التحالف بصرف النظر عن تموضعها الحزبي داخل المؤتمر الشعبي العام أو داخل التجمع اليمني للإصلاح.

تخوين وثيقة العهد والاتفاق:

يوم 7 يوليو 1994، وقبل أن تصل القيادات الجنوبية إلى منافيها، تعهدت الحكومة اليمنية للإمم المتحدة خطيا بأنها ستعمل على تطبيق وثيقة العهد والاتفاق..وبعد أيام قال عنها علي صالح علناً بأنها وثيقة الخيانة..ولم ينبرِ أحد في كل الفئات الخمس، لا من الشمال ولا من الجنوب، لا في المؤتمر الشعبي العام ولا في التجمع اليمني للإصلاح، ليقول له: "عَيْبْ..هذه وثيقة بناء الدولة التي توافق عليها اليمنيون عبر حوار وطني وليست وثيقة خيانة".

وقد تكرر هذا التخوين في سبتمبر 2014، ولكن هذه المرة على لسان عبد الملك الحوثي عقب اجتياح مليشياته للعاصمة حين قال عن مشروع دستور الدولة الاتحادية بأنه "نتاج مؤامرة أجنبية"، وليس نتاج حوار وطني دام عشرة أشهر.

والمقارنة بين تخوين علي صالح لوثيقة العهد والاتفاق وتخوين عبد الملك الحوثي لمشروع دستور الدولة الاتحادية لا تخلو أبدا من قيمة نظرية وعملية..فمن الخطأ جدا النظر إلى هذا التكرار وهذا التشابه على أنه محض مصادفة..فالحوثي طرف في الحوار الذي أنتج مشروع الدستور مثلما كان علي صالح طرفا في الحوار الذي أنتج وثيقة العهد والاتفاق..والحوثي طالب بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني عندما كان يحاصر العاصمة بالقبائل المسلحة قبل اجتياحها، مثلما طالب علي صالح بالتئام هيئات الدولة في صنعاء لتنفيذ وثيقة العهد والاتفاق قبل أن يجتاح الجنوب..ومثلما اعتبر الحوثي اجتياح العاصمة يوم 21 سبتمبر 2014 ثورة حقيقية بديلة لثورة فبراير 2011 كان علي صالح قد سبقه من قبلُ إلى اجتياح الجنوب واعتبار يوم 7 يوليو 1994 يوم وحدة حقيقية بديلة عن وحدة 22 مايو 1990..ومثلما قال الحوثي عن ثورته إنها ستغير وجه اليمن وستقضي على الفساد وستحل مظلومية الجنوب، قال علي صالح عن وحدة 7 يوليو إنها راسخة كرسوخ الجبال..وإذا كان معروفا لدينا منذ البداية أن الحوثي اجتاح العاصمة بمليشيا مسلحة فإن مالم يعرفه اليمنيون إلا مؤخرا هو أن على صالح أيضا اجتاح الجنوب عام 1994 بمليشيا مسلحة استطاع من موقعه كرئيس للدولة وقائد أعلى للقوات المسلحة أن يجعلها تتمظهر بمظهر الجيش الوطني..والحرب الراهنة هي التي كشفت هذا المستور وعرت حقيقة الجيش الذي يتلقى أوامره اليوم من قادة ميدانيين لمليشيا متمردة منذ العام 2004.. وهذا التكرار والتشابه يعبر في الحالتين أيما تعبير عن مفاعيل قانون واحد هو قانون المركزية الإلحاقية التي حركت تحالف حرب 1994 مثلما حركت تحالف الحرب الراهنة..وعلي صالح هو الثابت الحاضر في الحربين.

التبدل في خارطة التحالفات:

إن التبدلات في خارطة التحالفات لا تعبر بالضرورة عن تحول نوعي في طرائق التفكير عند النظر إلى القضايا الوطنية الجوهرية وعلى رأسها قضية الدولة..وغالبا ما تندرج هذه التبدلات في إطار ردود الأفعال التي تحركها المصالح..والذي حدث أن أطراف التحالف الخماسي أقصت الحزب الاشتراكي بواسطة الحرب عام 1994..وقد فعلت ذلك بحمية عصبوية لم تدرك معها أنها بهذا الفعل كانت تضعف وحدتها وتعجل ببروز تناقضاتها البينية كأطراف جمعتها مصالح لم تؤسس يوما ما على مبادئ محترمة وطنيا وأخلاقيا يتعذر الفكاك منها والإنقلاب عليها.

وهذا يفسر اعتراف علي صالح ل"قناة الحرة" بأن التجمع اليمني للإصلاح لم يكن بالنسبة له سوى كرت استخدمه وعندما انتهت صلاحيته رمى به..وكلام مثل هذا إذا صدر عن رئيس في دولة تخضع مؤسساتها للقانون فإن رد الفعل الطبيعي المتوقع هو تقديمه إلى العدالة ليواجه أحد احتمالين: إما وضعه في مشفى للأمراض العقلية أو تعليقه فوق أعواد المشنقة.

لقد توهم هذا الرجل أن نتائج حرب 1994 تمنحه القدرة على فعل ما يريد وكما يريد لتأسيس دولة صالحية وتمكين قطارها من السير فوق قضبان آمنة..ولهذا ذهب يتعجل طي الملفات العالقة وأخطرها ملف الحدود..كما ذهب يبرم عقودا جائرة في مجالي النفط والغاز مقابل رشاوى لاسترضاء الشركات ذات التأثير على سياسات بلدانها..والذي فك عرى التحالف الخماسي في موضوع التوريث ليس ملف الحدود، ولا الفساد الكبير في مجالي النفط والغاز، ولا الإشفاق على النظام الجمهوري، وإنما ما يتضمنه التوريث من انقلاب واسع على الفئات الخمس التي تموضعت داخل التجمع اليمني للإصلاح..فالتوريث لن يقتصر فقط على رئاسة الدولة، وإنما سيأتي بنخب غير تلك التي أحاطت بالرئيس الوالد وآزرته وتحالفت معه طوال سنوات حكمه وشكلت أهم عوامل قوته في كل محطاته الصراعية التي كان لا يخرج منها إلا ظافرا حتى طال عهده في الحكم ليتجاوز الثلاثة عقود..أي أن التوريث سيعيد توزيع السلطة والنفوذ والجاه والامتيازات على نحو مختلف عما كان عليه الحال في التحالف الخماسي..وهذا هو السبب الجوهري الذي أثار حفيظة قوى النفوذ العسكرية والمشيخية والدينية والمالية المحسوبة على حزب التجمع اليمني للإصلاح.

كان علي صالح يدرك جيدا أن توريث الحكم وإعادة توزيع السلطة والنفوذ عملية إنقلابية موجهة ضد حلفاء الأمس في التحالف الخماسي ومن المستبعد أن يتركه هؤلاء يمضي إلى حيث يشاء..فبالتوريث كان الرجل يعرِّض ويعلم أنه يعرِّض نظامه السياسي لأزمة قرر أن يستعد لكل احتمالاتها المتوقعه..ومن أجل ذلك ذهب يبني جيشا صالحيا خالصا له..كما ذهب يؤسس لتحالف جديد ذي طابع مذهبي مده بالمال والسلاح لمواجهة حلفاء الأمس..وقد أظهرت نتائج حروب صعدة الستة أنها كانت حروب تمكين لجماعة الحوثي للتنكيل بالفرقة الأولى مدرع والتجمع اليمني للإصلاح وكل الجماعات السلفية..إنها لعبة الرقص على رؤوس الثعابين التي استمرأها كثيرا.

أفضت نتائج حرب 1994 تدريجيا إلى انفراط عقد التحالف الاستراتيجي بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح.. والرجل الذي تنبأ بهذا قبل أن تطفو مؤشراته على السطح هو القائد الاشتراكي جار الله عمر الكهالي..وهو حين تنبأ لم يكن عرافا، وإنما سياسي محترف يقرأ خارطة التفاعلات الجارية في الوطن بعقل سياسي متحرر من التحيزات ما دون الوطنية.

راهن جار الله عمر مبكرا على تحالف حزبه مع التجمع اليمني للإصلاح وماتزال الكراهية على أشدها بين الحزبين..وأساس هذا الرهان قراءته المبكرة والدقيقة للمشهد السياسي الذي شكلته الحرب..وهو مشهد ينطوي على عناصر مواجهة حتمية بين التجمع اليمني للإصلاح وعلي صالح..فبعد تخلص "الأخوين" من "ابن عمهما" برزت تناقضاتهما الثنائية إلى المقدمة..وبهذه الطريقة رأى جار الله عمر في التجمع اليمني للإصلاح قوة معارضة كامنة خلف الغلالة الأيديولوجية السميكة التي تحجبها عن الأنظار..وهو لم يرَ هذه الحالة إلا لأنه ميز في هذا الحزب بين بنيته الأيديولوجية والتنظيمية المغلقة وبين قواعده وجماهيره التي تتطلع إلى وطن يوفر لها شروط حياة كريمة..وهذا الوطن مستحيل في ظل نظام علي صالح الذي لا يملك مشروعا وطنيا حتى على مستوى روضة أطفال..وإذا بقيت قيادة التجمع اليمني للإصلاح على تحالفها مع هذا الرجل فستخسر مصداقيتها عند قواعدها وعند جماهيرها.

وبهذا النوع من التفكير السياسي نشأ تحالف أحزاب اللقاء المشترك.. وكان من نتائج ذلك تراجع دور الفقهاء في أداء حزب الإصلاح مقابل بروز دور السياسيين..أي أن التجمع اليمني للإصلاح بدأ يتحول إلى حزب سياسي بعد أن كان جماعة دينية تمارس السياسة بخطاب ديني متطرف..وكان هذا على قدر كبير من الأهمية بالمنظور الوطني.

مراكمة عوامل ثورة فبراير 2011:

كان تحالف أحزاب اللقاء المشترك عقبة كأداء أمام مشروع الدولة الصالحية..وكانت انتخابات 2006 الرئاسية من بين أبرز محطات المواجهة السياسية مع نظام علي صالح الذي أيقن أن الديمقراطية ليست نزهة..وكان شعار المرشح الرئاسي الفقيد بن شملان: "رئيس من أجل اليمن، لا يمن من أجل الرئيس" جرعة توعوية هائلة بحقيقة الإشكال السياسي في اليمن، ومنه تطايرت شرارة اللهيب الذي اندلع إبتداء من المحافظات الجنوبية وحراكها السلمي.

ومن بين محطات المواجهة السياسية مع نظام علي صالح نشير إلى رفض تحالف اللقاء المشترك الذهاب إلى انتخابات نيابية تحل أزمة النظام وتبقي على أزمات البلاد..وكان شرط أحزاب المشترك أن يسبق الانتخابات حوار وطني شامل يناقش كل القضايا وتشارك فيه كل الأطراف بما في ذلك مكونات الحراك الجنوبي ومعارضة الخارج وجماعة الحوثي التي تتحالف اليوم مع المخلوع صالح لإقصاء الجميع..والكل يعلم أن النظام ناور ووافق ووقع على اتفاق فبراير 2009، ثم عاد وانقلب وقرر أن يذهب إلى انتخابات انفرادية ينافس فيها حزبُه حزبَه..غير أن ثورة الربيع العربي داهمته من حيث لا يحتسب.

ثورة الربيع العربي في اليمن:

إستمات علي صالح في تشويه ثورة الربيع العربي في اليمن، وحاول بكل السبل أن يجرها إلى مربع العنف باستخدامه القوة المفرطة ضد الاعتصامات والمسيرات السلمية..لكن كل محاولاته باءت بالفشل..كما لم تفلح محاولات تحويل الثورة إلى مواجهات مسلحة بين مراكز القوى.

لقد كانت ثورة فبراير ثورة مجتمعية بحكم الضرورة خرج فيها الشعب من أجل الحرية والكرامة الإنسانية وضد الفساد..وهي إلى جانب ذلك كانت سلمية في أساليبها وشعبية في شمولها الذي غطى كل فئات وشرائح المجتمع وكل محافظات البلاد، واتسمت بالصبر والمثابرة والتحمل والإصرار على إسقاط النظام..ولم تشهد الوحدة الوطنية للبلاد ذلك القدر من التماسك والتلاحم الذي شهدته أثناء ثورة فبراير 2011.

وعلى مدى عام تحولت خيام الثوار في ساحات الحرية والتغيير إلى منتديات سياسية يومية لمناقشة الشأن العام، وعلى نحو خاص قضية الدولة والنظام السياسي..لكن رغم هذا كله كانت الثورة تعاني من نقاط ضعف جوهرية نلخصها فيما يلي:

1 – كان الثوار رافضين لنظام علي صالح وجاهزين للتضحية من أجل إسقاطه ومقتنعين بقدرتهم على فعل ذلك سلميا..لكن كيف السبيل إلى النظام البديل الذي يريدونه؟.هذا الأمر لم يكن واضحا لهم بما فيه الكفاية، لا نظريا ولا إجرائيا.

2 – كانت الأحزاب السياسية المعول عليها مساعدة الثورة في الإبحار إلى شاطئ الأمان خارج الجاهزية التنظيمية، وأقصى ما فعلته أنها حضرت بقواعدها كأفراد بلا تنظيم وبلا توجيه.

3 – الحزب الذي اتسم بالجاهزية التنظيمية هو التجمع اليمني للإصلاح..لكن التوجيه القيادي كان لمراكز القوى العسكرية والمشيخية والدينية والمالية صاحبة النفوذ في هذا الحزب..وكان الثأر من علي صالح غاية ما تريده هذه القوى للاستئثار بنظامه الذي هو أيضا نظامها باعتبارها شريكة في صناعته..وهذا يفسر لماذا بدت الثورة كما لو كانت ثورة الإخوان المسلمين، مع أنها ثورة شعبية شاركت فيها كل الأطراف..والحقيقة أن النزعة الاستئثارية بدأت من الساحات ومن المنصات ومكبرات الصوت والشعارات ونمط الخطاب، ثم في تشكيل المجلس الوطني للثورة.

المبادرة الخليجية:

إستطاع ثوار فبراير 2011 أن يطووا صفحة ثلاثة وثلاثين عاما من ثقافة الخوف والخنوع والنفاق وأقنعوا الأشقاء في الإقليم والأصدقاء في العالم بأن الحال لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه..وعلى هذا الأساس جاءت المبادرة الخليجية ومن ورائها إرادة دولية تدفع باتجاه التسوية السياسية وقطع الطريق على خيار العنف..ثم جاءت آليتها التنفيذية كإسهام دولي لإخراج المبادرة، بعد تعديلاتها المختلفة، من حالة الإنسداد والإعاقة وتحويلها إلى مادة قابلة للتعامل والتنفيذ.

لقد ألزمت الآلية التنفيذية طرفي التسوية على " الاعتراف بالمأزق الذي وصلت إليه عملية الانتقال السياسي في البلاد وما ترتب على ذلك من تدهور شديد للأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية، فيما يعاني الشعب اليمني من مصاعب جمة"..ونصت صراحة أن هذه الأوضاع " تتطلب وفاء جميع الأطراف السياسية بمسئولياتها تجاه الشعب، عبر التنفيذ الفوري لمسار واضح للإنتقال إلى حكم ديمقراطي رشيد ". كما نصت على فترة انتقالية من مرحلتين مدة المرحلة الثانية سنتان تبدأ بانتخابات رئاسية مبكرة في 21 فبراير 2012 وتنتهي بوضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة في ظل الدستور الجديد وعلى أساسه.على أن يدعو الرئيس الانتقالي وحكومة الوفاق الوطني خلال المرحلة الانتقالية الثانية إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل يبحث فيما يلي:

1 - صياغة دستور جديد للبلاد.

2 - معالجة هيكل الدولة والنظام السياسي واقتراح التعديلات الدستورية إلى الشعب اليمني للاستفتاء عليها.

3 - حل القضية الجنوبية حلا عادلا يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه.

4 - النظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة.

5 - إتخاذ خطوات للمضي قدما نحو بناء نظام ديمقراطي كامل بما في ذلك إصلاح الخدمة المدنية والقضاء والإدارة المحلية.

6 - اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث إنتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلا.

7 - إتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها، بما في ذلك الأطفال، والنهوض بالمرأة.

8 - الإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع.

إن القضايا المذكورة – ومن ضمنها إعادة هيكلة الجيش- هي برنامج الفترة الانتقالية والملاحظ أنه استوعب البرامج السياسية التي أنتجها اليمنيون منذ أربعينيات القرن الماضي وتجاوزها إلى الديمقراطية الكاملة..وكخارطة طريق لتسوية سياسية بين فرقاء كان من الطبيعي أن تحتوي المبادرة الخليجية على ما يرضي الرئيس المخلوع وفريقه..وتمثل هذا فيما يلي:

1 - منح الحصانة لعلي صالح وكل من عملوا معه خلال سنوات حكمه.

2 – إحتفظت للمؤتمر الشعبي العام ب 50% من مقاعد حكومة الوفاق الوطني.

3 - أبقت على البرلمان رغم انتهاء ولايته وامتلاك حزب علي صالح لأغلبيته المريحة.

لكن في مقابل هذا قضت المبادرة أن تكون رئاسة الحكومة للمعارضة، ونصت على أن تتخذ القرارات في الحكومة والبرلمان بالتوافق وليس بالأغلبية، وفي حال تعذر التوافق فالمرجعية للرئس هادي ليقرر بنفسه ما يراه مناسبا..وهذه نقطة إيجابية من جهة تعزيز صلاحيات الرئيس الانتقالي..أما بقاء علي صالح حاضرا في المشهد السياسي من خلال تمسكه برئاسة المؤتمر الشعبي العام رغم حصوله على الحصانة التي بدت مجانية دون أي مقابل فهذا عائد إلى ضعف أداء الأطراف الأخرى التي وقعت معه على المبادرة.

وباستثناء إنجاز الحوار الوطني أخفقت المرحلة الانتقالية في إنجاز مهامها وتمكنت الثورة المضادة من الإنقلاب المسلح على التسوية السياسية والوفاق الوطني..وهذا فشل كارثي بالنظر إلى الدمار الذي تمارسه الثورة المضادة الآن في طول البلاد وعرضها وتحول اليمن إلى ساحة حرب ذات أبعاد داخلية وإقليمية ودولية..لكن إلقاء اللائمة على المبادرة الخليجية وعلى ما احتفظت به لعلي صالح وفريقه يعمينا عن رؤية الأسباب الحقيقية لهذا الفشل الكارثي ويعفي الفاشلين من أي محاسبة.

لقد جنبتنا المبادرة الخليجية الذهاب إلى خيار العنف المكلف الذي لا يستطيع أحد أن يزعم أن نتائجه ستكون هي الأفضل، حتى وإن انتهت المواجهة بسقوط علي صالح أو حتى قتله..ذلك أن الأكثر جاهزية في مثل هكذا مواجهة هما الفريقان اللذان شكلا في يوم ما أطراف تحالف الفئات الخمس التي انفرط عقدها تدريجيا بعد حرب 1994..وانتصار أي من هذين الفريقين على الآخر بواسطة السلاح لن يحقق لليمنيين حلمهم الوطني في الدولة التي يتطلعون إليها..وهذا ليس من قبيل الرجم بالغيب، وإنما من باب العلم بأن الفروق بينهما هي فروق في الدرجة وليس في النوع..ومن السذاجة الاعتقاد أن أحدهما يمثل حالة نوعية مختلفة جذريا عن الآخر..إنهما طيفان للون واحد..والطيف كفرع لا يلغي اللون كأصل..وإذا أردنا أن نتقدم إلى الأمام فلا مناص من الكشف عن الأسباب الحقيقية للإخفاقات التي حدثت وانتهت بالشرعية إلى المنفى وبرئيسها إلى مشرِّع لعاصفة الحزم كي تعيد له من الجو ما كان قد حصل عليه في الأرض بتوافق وطني ممهور بتزكية الشعب.(وهذا موضوع الحلقة الثالثة).

قراءة 1835 مرات آخر تعديل على الأحد, 02 آب/أغسطس 2015 22:00

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة