أخـــر الأخبــــار

 

العدالة الانتقالية واشكالية عدم نقل السلطة 4-4

الأحد, 08 أيار 2016 18:11 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إهداء: إلى الرفيق النبيل والقائد السياسي المحنك

علي بشر عبد الودود، احد ابرز القيادات الحزبية الثورية ،

كان يعمل ويضحي بصمت الرجال في زمن العمل

السري ، ولم ينتظر شيئاً من أحد، له كل المحبة والتحية

في زمن المتسلقين الصغار

العدالة الانتقالية، وممانعة النظام القديم/الجديد

إن عدم إصدار قانون العدالة الانتقالية، أو تعثره، أو بالاصح رفضه من قبل النظام السابق/ المؤتمر الشعبي العام، وحلفائه، وأعوانه، حتى اليوم، هو أحد أوجه الأزمة السياسية، والوطنية الراهنة، فبدون عدالة انتقالية حقيقية، ترضي الضحايا، وتحقق المساءلة، وفق عملية سياسية توافقية، بين طرفي المعادلة (الضحية، والجلاد) (القاتل، والمقتول)، فلا نتوقع أن تتحرك التسوية السياسية، أو أن نصل إلى المصالحة، والتوافق، فالعدالة أولاً، وأخيراً، هي الشرط الضروري للانتقال إلى التوافق، والمصالحة، إن مقتضى العدل غائب حتى الآن، ومُصادر ومُغيب لصالح الحصانة المطلقة، وبدون أي تنازل للضحايا، وهنا يجب التفريق بين أمرين، التنازل لإرادة الشعب وهو حق، وقانون، وبين الاعتراف بحق الضحايا. فالشعب في مفهومه العمومي شئ، والضحايا في مفهومهم وتعريفهم الخاص شئ آخر، وهو مالم يدركه رموز النظام السابق، حتى اللحظة، ومن يرى أن في ترك رأس السلطة، بعد ثورة، أو أزمة سمها ماشئت، هو منتهى الرجاء، وهو المطلوب، فإنه حقيقة لا يزال، يتحرك، ويتحدث باسم العقل الاستبدادي الشمولي، الذي لا يزال يحلم، ويرغب في استعادة الملك، والحكم ثانية، -ولو بتفجير الحرب الشاملة- ومن هنا عدم استعداده لنقل السلطة كاملة، وقناعته الراسخة بأنه لن يخرج نهائياً من السلطة، والحكم، ومن هنا محاولاته، استرداد الملك العضوض الذي انقضى، (نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا) كما قالها امرؤ القيس.

وهنا من المهم التأكيد على أهمية المصفوفة التي أصدرتها الحكومة، -الاسبق-والمتعلقة، بالاعتذار، وجبر الضرر، والأهم منه قرار إنشاء "الصندوق الائتماني" لأبناء الجنوب الضحايا، والمتضررين (الأبعاد القسري، والأرض)، وهي خطوة كانت في حينه طيبه ومفهومه، على ان مايجري اليوم على الارض من حرب، وخراب كارثي، قد تجاوز كل ذلك الى مناقشات وتساؤلات اعمق وأوسع.

إن الممانعة الاستبدادية الداخلية في عقل الحاكم السابق، وأعوانه وحلفائه الجدد (اعدائه القدامى )، في عدم نقل السلطة، هو ماجعله وما يجعله دائما يذهب إلى وضع وفبركة العوائق أمام التسوية السياسية، وأمام مخرجات الحوار، والتلاعب بالحلول، والضمانات، لتنفيذ مخرجات الحوار وهو ما تحقق لهم، من خلاله رفض تحالف 1994م لوثيقة الحلول والضمانات التي أقرتها "لجنة التوفيق"، واسقطت في أخر لحظة، استجابة لمصالح قوى الحرب، والنفوذ، وإبقاء المجتمع كله في حالة من المراوحة في الموقف من قضية بناء الدولة الاتحادية، وشكلها، وعدد أقاليمها، وغيرها من المعوقات. وهو ما يجعلهم كذلك لا يرون الآخر، الذي هو هنا الشعب، والضحايا، إلا كأسماء، وأشياء موضوعة ومجبولة على استمرار حكمهم، وطاعتهم. - استمرار المركز السياسي التاريخي- وهي حالة مرضية "سيكوباثية"، لاعقلانية، فيها حالة من الإنكار الشديد للواقع، وللحراك السلمي الجنوبي، والثورة الشبابية الشعبية، التي أجبرتهم على ترك رأس السلطة ومغادرتها، حتى الآن، وما يزال يراوح حالما العودة إليها، لو لا قرار مجلس الأمن الأخير المتضمن عقوبات شخصية للرئيس السابق، وحلفائه في الحرب، وما كان يشجعه في السابق على ذلك هو أن، نصف الحكومة كانت بيده، إلى جانب أن أركان الدولة العميقة لا تزال خاضعة لأوامره (البرلمان)، (الشورى)، (المحافظين)، (المحليات)، (السفراء)، البنية التحتية لبعض الأجهزة الأمنية، قسم من القاعدة الإعلامية الرسمية، وذلك حتى اللحظة، ومن يقرأ تعقيدات المشهد السياسي اليوم، وتحديات الانتقال الديمقراطي، مع وجود الميليشيات المسلحة، التي تقلص مساحة الفضاء السياسي المدني، سيجد أن جذرها الحقيقي كامن في تلكم المقدمات، التي أشرنا إليها، في عدم نقل السلطة من البداية، وهو ما قد يهدد ليس فحسب صيغة التسوية السياسية التي قامت عليها المبادرة الخليجية، وأليتها التنفيذية، التي تؤكد على قضية نقل السلطة كاملة، بل والتي ممكن أن تهدد الكيان الوطني كله بالتفكيك والتفتيت، والتقسيم، ولا يمكن للباحث السياسي، سوى أن يقرأ في كل ذلك، أن هناك توجه سياسي، لتعويق عملية الانتقال السلمي للسلطة، وممانعة للتحول نحو الديمقراطية، والتعددية، والأهم بناء الدولة الاتحادية، ولا نرى في حالة الانفلات الأمني، والاغتيالات للعسكريين، والأمنيين، خاصة من أبناء الجنوب، وانتقاص حركة ونشاط القاعدة، وداعش، وتصاعد وتيرة الخطاب المذهبي/ الطائفي، واستمرار الازمة الاقتصادية والمعيشية في تصاعد ورموز الحوار، والتهديد لنواب، وأعضاء في الحوار الوطني، في زمن انعقاد مؤتمر الحوار، إلى جانب تعريض حياة الناس وأمنهم الاجتماعي للخطر (تفجير الكهرباء،ومنع إصلاحها وتعطيل أنابيب النفط والغاز، والتقطعات، وتصعيد حرب القاعدة، ضد المجتمع، والدولة، ورفع وتيرة الحرب المذهبية، والطائفية وتوسع قاعدة النازحين، وحصار المدن الواقعه تحت الحرب (تعز) (البيضاء) (إب)) وقبلها جميعاً مختلف مدن الجنوب ، سوى محاولة لابقاء حالة الحرب مستمرة ومتفجرة، بإدارة وإرادة واعية ومقصودة لضرب عملية الانتقال الديمقراطي، وتعريض السلم الأهلي كله لخطر الاحتراب المذهبي، والطائفي، كما كان يرجوه البعض، وهو ما تسعى إليه القوى الرافضة لعملية انتقال السلطة، للرئيس عبدربه منصور هادي، كاملة. بعد أن شعروا أن مخرجات الحوار جميعاً تقف إلى جانب مشروع دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية، تعددية، بدلاً عن دولة العصبية، والشوكة، والغلبة، التي حكمت البلاد طيلة نيف، وثلاثة عقود، من الزمن، ومن هنا صعوبة، بل واستحالة تفهمهم، وقبولهم الطوعي لعملية الانتقال السلمية، والعدالة الانتقالية. فالنظام السابق، الراهن، ما يزال لا يعترف بحق الضحايا، في العدل، والإنصاف، ويرى بأنه قدم مكرمة للشعب اليمني بتركه للسلطة، بعد أربعة وثلاثين سنة من الحكم العضوض، ومن النهب لأموال، وممتلكات الشعب والبلاد، -ومايزال- ولذلك يأخذه الخيال السلطوي الواهم، في قراءة المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، حتى القرارات الدولية، بما يحقق أوهامه، ونزوعه إلى استعادة، السلطة، والحكم، خاصة بعد تحالفه العسكري مع "أنصار الله " في الاستيلاء على العاصمة دون مقاومة من المؤسستين العسكرية والأمنية، ومن هنا محاولاته المتكررة تعويق السير باتجاه الانتقال الديمقراطي، وانجاز العدالة الانتقالية، وهناك العديد من المحلليين، والخبراء، الاستراتيجيين، لا يرون في الهجوم على مجمع وزارة الدفاع، الارهابي، واختيار موعد زيارة رئيس الجمهورية له، توقيتاّ، مناسباّ، سوى محاولة لإرسال رساله تحذيرية مزدوجه، للداخل بفشل الحوار، كما تمنوا، وأملوا، وإفشال المرحله الانتقالية كلها والأهم رفضهم عدم نقل السلطة كاملة، لتأكيد مزاياٍ النظام السابق على الحالي، والرسالة الأخرى للخارج، لعدم مساندة، ومساعدة، ودعم عملية التحول الديمقراطي، والانتقال السلمي، والتشكيك في قدرة الرئيس، في انجاز مهام المرحلة، خاصة وأن نصف الحكومة الأسبق، كانت بأيديهم، لتعطيل كل شيء، وهي محاولات متكررة لم تتوقف لضرب عملية التسوية السياسية، والوطنية، الراهنة، المطلوب استكمال انجاز مهامهما، وتدخل محاولة اغتيال د/ياسين سعيد نعمان السبت 7/12/2013م ضمن هذا السيناريو لتفجير عملية التسوية السياسية وتعويق أمكانية الاسراع فيها، محاولة لخلط الأوراق، وإرباك المشهد السياسي كله، بجرهم أنصار الله كقوة سياسية، وعسكرية صاعدة إلى حروب عبثية مذهبية ومناطقية ، تستنزفهم، وتنهكهم وتشتت قدراتهم على طريق اضعافهم، وهي رغبة دفينة، كامنة في عقل الرئيس السابق. وهو ما تحقق له بصورة كاملة في صورة مايحصل اليوم في اكثر من مكان.

وليس حديث انتهاء الفترة الانتقالية، وانتهاء فترة ولاية الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 21فبراير 2014م، سوى شحن، وتعبئه، سياسيه، وإعلامية، في هذا الاتجاه.

كما أننا لا نقرأ عملية وجريمة اغتيال د. احمد شرف الدين الثلاثاء، 21/1/2014م، وقبل ساعتين فقط من إنجاز أعمال مؤتمر الحوار، وإقرار وثائقه بصورة نهائية، سوى عملية تعويق لاستكمال عملية الانتقال الديمقراطي للسلطة، ووصول التسوية إلى واحدة من محطاتها الهامة، قبل الأخيرة،- في ذلك الحين- بصرف النظر عن من يقف وراء عملية الاغتيال، فهناك اطراف مختلفة من حيث الاسم، والشكل، ومتفقة من حيث المضمون، والموقف، مستفيدة من عملية الاغتيال، ويجمعها هدف واحد، هو عرقلة اعمال المؤتمر، وضرب عملية التسوية السياسية التاريخية، ليستمر بعدها، ومعها حالة الفوضى، واللادولة القائمة .

نحن اليوم أمام إرث سياسي، ايديولوجي، تاريخي، ضخمٍ، ساهم النظام السابق، في اعادة انتاجه، وتكريسه، وتأسيس قاعدة حكمه على اساسه، وهو اليوم يحاول مجددا استعادته، وفرضه بالقوة ....، وبالنتيجة نحن اليوم أمام قوى سياسية اجتماعية معاندة لروح التغيير، لم تكتفٍ بما أخذته من أموال، وما نهبته خلال حكمها من ممتلكات الشعب، في الشمال، والجنوب، وما ارتكبته، من جرائم ضد الانسانية، وضد القانون الدولي، وحقوق الإنسان، في الجنوب، والشمال، ومن فساد، واستبداد، وإهدار للسيادة الوطنية، وماتزال موغلة في نفس طريق الانتقام من المجتمع، ومن الشعب...، لقد قبل بعض الضحايا، بالتسوية، وبقانون للعدل، والانصاف في حده الادنى، ولا يزال رموز النظام القديم/ الجديد يوغلون في السير في الاتجاه المناقض للإرادة الشعبية، وضد العدالة الانتقالية، والانتقال الديمقراطي السلمي...، فإذا سألنا عن المستفيد الحقيقي من كل ما يجري من جرائم، وقتل، وتعويق لعملية الانتقال السلمي للحكم، فلن نجد مستفيداً وحيداً غير من يرفض نقل السلطة كاملة للرئيس المنتخب عبده ربه منصور هادي. ولا يغيب عنا هنا دور العامل الاقليمي المحايد أو غير الداعم لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، في صورة عدم حضور ضغطه طيلة السنوات الماضية قبل تفجير الحرب الجارية، على من كان، وما يزال، يعرقل عدم نقل السلطة، وبالنتيجة من يعوق عملية الانتقال السلمي في البلاد والتي يستفيد منها رموز النظام القديم/الجديد، وتوظيف ذلك لخدمة استمراره في تعويق العملية الانتقالية الديمقراطية...، وكلنا ما يزال يتذكر ما كان يجري داخل فرق الحوار الثلاث: العدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، والقضية الجنوبية، من تعويق، ومقاطعة، وتعليق، ورفض التوقيع على القرارات، إلا بأمر من رأس النظام السابق شخصياّ، وكلها دليل على رغبة كامنة لرفض مخرجات مؤتمر الحوار كلها، والسبب في كل ذلك ان مخرجات الحوار الوطني الشامل، في جميع نصوصه، ومواده، ومفرداته، وقراراته، واستنتاجاته، جاءت مؤكدة على قضية بناء الدولة الاتحادية الديمقراطية.

أن المأساة، هو أن رموز النظام السابق/ الراهن، لا تزال تتحرك ضمن دوائر الماضي، ولا علاقة لهم بقضية بناء الدولة، والتغيير، والمستقبل، المشكلة أن الحاكم السابق وأعوانه الخلص، الذين منحتهم المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، الحصانة ودون مقابل حتى الآن،( ) لايزالون ينظرون إلى ذواتهم، ومصالحهم الخاصة، باعتبارها فوق مصالح المجتمع، والشعب كله، ولا يزال رأس الحكم السابق مصراً على احتكار المستقبل، كما احتكر ماضي السلطة، والحكم، لأكثر من أربعة وثلاثين سنه، وما يزال يراكم الألغام أمام التسوية السياسية، وعدم استكماله لعملية نقل السلطة، حالماً بعودته، أو أحد أبنائه، أو أعوانه، للحكم كرة أخرى، ولم يتعظ من التاريخ، ومن مكره، الذي باغته، وداهمه لسنتين متواصلتين 2011م، وحتى بداية، 2012م. إنه كمن يحفر قبره دون أن يدري، وكلها محاولات ميؤوس منها في استعادة "الفردوس المفقود"، استعادة ماضي لن يعود أبداً. ولا خيار أمامهم جميعا، سوى الانتقال الديمقراطي، والعدالة الانتقالية، ضمن خصوصياتها اليمنية، القائمة على المحاسبة، والمساءلة، والعفو، والعدل، وجبر الضرر، والمصالحة، وترميم الذاكرة المجروحة للضحايا، في الجنوب، بدرجة أساسية، وفي كل البلاد، وأملنا كبير اليوم في تسوية سياسية عادلة على قاعدة تنفيذ القرار الاممي 2216 وفتح الطريق أمام إنجاز مهام المرحلة الانتقالية باسقاط واقع الحرب، وتجاوز أثارها الدامية، وكشف المعوقين لعدم نقل السلطة، ووضع العراقيل أمام استكمال مهمات المرحلة الانتقالية.

إن العدالة الانتقالية، والقبول بها، من جميع الأطراف، في حدها المعقول والمقبول، (بعيداً عن عقلية الانتقام، أو تجاهل حقوق الضحايا)، هو من سيهيئ المناخ السياسي، والاجتماعي، والثقافي، للدخول إلى مرحلة انتقالية ديمقراطية، جديدة، فليس المطلوب من العدالة الانتقالية، الانتقام، بل إعداد الناس للقبول بالاعتذار، والاعتراف بالأخطاء، وكلنا يعلم أن إعطاء الحصانة في اليمن كان مرتبطا ومشروطا، بإنجاز العدالة الانتقالية، أو أن القبول بالعدالة الانتقالية، كان هو السبب، في منح الحصانة للرئيس السابق، وأعوانه في اليمن، وهو ما يحاول من يرفضون نقل السلطة اليوم، التحلل منه، في واقع الممارسة العملية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet  

قراءة 2039 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة