غياب الفكر المستنير

السبت, 28 شباط/فبراير 2015 21:32 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

إن تمعنّا بقراءة الواقع سنجد بأن الفكرة تتبلور حول قوى رجعية وأطراف متنازعة كلٍ منها يريد إضعاف الآخر وتشويهه لتلمع نفسها ولكسب تأييد الغالبية العظمى من أبناء الشعب بحيث يسهل عليها بعدها تحقيق مصالحها.. هذه هي القراءة الحقيقية والفعلية للواقع اليمني الذي بات بمثابة غولٍ يهدد أمن واستقرار الوطن.

لو رجعنا بالذاكرة إلى الوراء سنجد بأن القوى الرجعية دعمت أفكار وسياسة صالح البالية خلال فترة حكمه لأنها ترتكز على مبدأ المحاصصة والمصلحة الشخصية.

ولو توقفنا قليلاً لقراءة واقع انتماء هذه القوى للثورة رغم تأييدها لنظام صالح وتنافي أهداف الثورة مع مصالحهم وفكرهم الرجعي الذي لا يهدف إلى الحداثة والتقدم ستبرز لك الأسطر أن هذه القوى الرجعية ليس من صالحها بناء دولة مدنية حاكمها النظام والقانون.. أساسها العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية, لأن -كما أشرنا سابقاً- المبادئ التي ترتكز عليها الدولة المدنية تتنافى مع مصالح هذه القوى الرجعية، وهذا يعني بأن انضمامهم للثورة ليس حباً فيها ورغبة لتحقيق أهدافها، إنما لعرقلتها وإيقاف سير عجلة التغيير بإنتاجهم لمسلسل الاغتيالات وحالة اللااستقرار الذي تشهده الساحة اليمنية.

كما أن غياب الفكر المستنير أدى إلى إدارة المشروع الوطني بأدوات مهترئة وهذا ما شهدناه من خلال ثورات الربيع العربي التي سلطت الضوء على الجانب السياسي كأهم عامل من عوامل بناء الأوطان، وأدارتها القوى ذاتها التي ساهمت في إنتاجها بالماضي مما جعلنا نعيش حالة صراع بين قوى الحداثة والقوى التقليدية وحالة اللااستقرار، وهنا تعثرت عملية التغيير وتشكلت الصراعات التي أدت بدورها إلى انهيار المشروع الوطني وتفككه.

إن كان فقيد الوطن القائد والمفكر الاشتراكي عبدالله باذيب بيننا وشهد ما شهدناه من محاولات للالتفاف على الثورة التي دُفع ثمنها من دماءِ البسطاء، لسطر بقلمه مجدداً «الثورة اليمنية والمشايخ» واصِفاً ما تمر به اليمن من انتكاسات وحالة اللااستقرار نتيجة لعقلية مشايخنا الرجعية التي لا تعي معنى الإصلاح على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية...

لم يخطئ كاتبنا باذيب عندما قال «إن المشايخ في مجموعهم قوة رجعية معادية للثورة بآفاقها البعيدة ومهماتها التاريخية وتتحكم فيهم العقلية العشائرية وتحركهم مصالحهم الطبقية الخالصة وهم في معظمهم إقطاعيون أو أشباه إقطاع».

لو كان بيننا اليوم لما تطرق في مقالته للمشايخ فحسب، وإنما كان سيلتفت بمقالته إلى السيد والقوى السياسية أيضاً والتي عملت على عرقلة سير عجلة التغيير الذي كان وما زال حلم الشعب اليمني.

جميعهم خلال هذه المرحلة حوّلوا الثورة إلى صراع سياسي وغيبوا الفكر الذي يشكل العامل الأقوى في بناء الأوطان المتقدمة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

قراءة 2206 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة