لا تؤثروا الفساد والفاسدين.. والشعب ليس الجدار القصير

الأربعاء, 03 أيلول/سبتمبر 2014 19:21
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

مما لا يختلف عليه اثنان أن الوطن جامع مشترك لكل أبنائه الذين يحرصون أن يكون لوطنهم كيان يعمل على تنظيم حياتهم وشؤونهم ويوفر ويسهل سبل عيشهم وتعايشهم.. لذا تحرص المجتمعات على سن وتشريع القوانين التي تنظم هذه الغاية ولذلك وجدت الدول والأنظمة.. إلا أن المسؤولية – مع الأسف – قد تؤول إلى أشخاص غير أمناء على هذه المسؤولية، فينتج عن ذلك استشراء الفساد والتسيب وانتشار المحاباة والتشجيع على الإفساد لضمان استمرار السيطرة على خيرات ومقدرات الوطن وينتج عن ذلك بروز التسلط والمتسلطين الذين يسعون إلى الاستئثار بمقدرات الوطن واتخاذ سياسات تصب في مصالحهم دون مراعاة لمصالح السواد الأعظم من أبناء الوطن.

وهنا من الطبيعي أن يتضافر خبث ودهاء هؤلاء المتسلطين لتحقيق مصالحهم بطرق غير مشروعة وغير شريفة، تصل إلى تحميل بقية أبناء الوطن فوق ما يطيقون تحمله.

مثل هذا حدث للمواطن اليمني خلال بضع عشرات من السنين الماضية، ما نتج عنه تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية لغالبية أبناء اليمن الذين استشعروا الخطر على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، خصوصاً بعد أن شعروا بقرصات الجوع الناتج عن سياسات الاستئثار بمقدرات وخيرات الوطن من قبل مجموعة من عديمي الضمير من الفاسدين والمتسلطين الذين ائتمنهم الشعب عليها.. والذين لم يكتفوا بذلك بل سعوا إلى تحميل المواطن الكثير من الأعباء التي أثقلت كاهله، متعاملين معه كالجدار القصير الذي يقفزون عليه ويرمون فوقه كل أوساخهم.

إثر ذلك هبَّ الشعب وخرج في ثورة سلمية أحرجت المتسلطين الفاسدين ودفعتهم إلى الاصطفاف لمواجهة المطالب المحقة والمشروعة للثائرين.

اصطفاف المتسلطين والفاسدين الناهبين لخيرات هذا الوطن ليس بالأمر الغريب.. ولكن الغريب أن يصطف بعض النشطاء السياسيين والحقوقيين وقادة أحزاب ومثقفين لما يشبه المناصرة أو المحاباة والإيثار لقلة من الفاسدين المستأثرين بخيرات الوطن على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب.. ورغم أن هؤلاء النشطاء والحقوقيين والسياسيين والمثقفين قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها شكاءً ونحيباً من الفساد والمفسدين.. وبدلاً من أن نراهم يلتفون حول مطالب أبناء الشعب ويناصرونها نجدهم يقفون على الضد من ذلك.

كما أن المطلوب من السلطة القائمة في بلادنا أن تناصر الفقراء والمحرومين من أبناء الشعب لا أن تصطف إلى صف الفاسدين الناهبين لخيرات الوطن المجرعين للشعب الويلات..

ويفضل أن يقوم الرئيس عبدربه منصور هادي بإيثار الشعب بدلاً من إيثاره لقلة من الفاسدين العابثين بخيرات الوطن.. كما أنه ليس من الحكمة أن يساير هؤلاء الفاسدين ويجاريهم بتخويف الناس من نشوب حرب لأن لا مصلحة له كرئيس في ذلك، لأن هؤلاء الفاسدين يثيرون الهلع والخوف بين صفوف المواطنين ليستمروا في النهب والاستيلاء والاستئثار بخيرات الوطن وحرمان المواطنين منها.

لا يجوز أيها المثقفون والساسة والنشطاء أن تصطفوا في صف قلة من الفاسدين الذين جرعوا شعبكم الويلات ونهبوا مقدرات وخيرات وطنكم.. الأولى بكم أن تصطفوا في صف الغلابى والمحرومين من أبناء وطنكم.. كما لا يجب عليكم أن تتبنوا خطاب الفاسدين بالتخويف والتخوف من نشوب حرب أهلية وطائفية لأن مثل هذا الخطاب هو الورقة والمحاولة الأخيرة للفاسدين للحفاظ على مصالحهم الشخصية، وكذا الحفاظ على استمرارهم في النهب والفساد.. عليكم كمثقفين ونشطاء وقادة سياسيين ألا تتبنوا ما يثيره الفاسدون لأن تبنيكم لمثل هذا الخطاب يساعد على استمرار الفساد ونهب خيرات الوطن.

كما أن مطالباتكم للمصطفين إلى جانب المحرومين بالمشاركة في تشكيل حكومة تشارك فيها كل المكونات السياسية أمر غير منطقي خصوصاً أن تشكيل مثل هذه الحكومة لا يعدو عن كونه محاصصة وتقاسماً تغيب معها الرقابة ومحاسبة الفاسدين الذين يتخذون من تنظيماتهم ومكوناتهم سنداً وساتراً لفسادهم وإفسادهم، حيث لم يسبق أن سمعنا أن أياً من الكيانات المشاركة في حكومات المحاصصة والتقاسم قد انتقدت من يمثلونها في هذه الحكومات من الفاسدين، بل إن هذه المكونات غالباً ما تمثل الغطاء والساتر وخط الدفاع للكثير من الفاسدين.. والتجارب مليئة بمثل هذا السلوك.. يجب المطالبة بحكومة من لون واحد تتحمل المسؤولية وتحاسب على كل تقصير.. على أن تكون بقية المكونات كمعارضة رقابية أولى مهامها كشف الفاسدين ومن يتستر عليهم.

 

قراءة 1347 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة