الفساد المتجذر في بلدنا وفي مجتمعنا

الجمعة, 21 شباط/فبراير 2014 01:38
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أناط الاخ الرئيس، قبل مدة ليست بالقصيرة مُهمَة التصدي لمكافحة الفساد في بلادنا لامرأة فاضلة هي الأخت أفراح بادويلان، ومعها عدد من الافاضل يشاركونها في تحمل عبء هذه المهمة الشاقة، في بلد، الفساد  فيه هو سيد الموقف.

وحسناً فعل الاخ الرئيس في اختيار إمرأة بنزاهة واستقامة القاضية د. أفراح بادويلان، على رأس هذه الهيئة. ان هذا الاختيار الموفق مكسب كبير للوطن اولا ولهذه الهيئة ثانيا، ولكنه غير كاف لمقارعة الحيتان الكبار. اجتثاث الفساد يتطلب تظافر جهود أطراف وقوى خيرة عديدة وعلى كل المستويات.

كنت خاطبت قبل مدة أختنا الفاضلة د. أفراح بادويلان قائلا لها انك ومن معك تقومون بمهمة انتحارية. وانت وزملاؤك الأفاضل جديرون حقاً بهذه الثقة. وانا على يقين انكم ستنجحون في مهمتكم الصعبة، رغم سعي الكثير من الفاسدين الكبار لإفشال جهودكم الخيرة في هذه الهيئة. ونحن لا نقوى على قهر الصعاب الا متى ما امتلكنا ارادة قوية لا تنثني ولا تفتر مهما كانت الصعاب، وهكذا عرفناكم انتِ وزملاءك الأفاضل بواسل في التصدي لمهامكم الصعبة بثقة اكيدة في النجاح.

كثيرون هم الذين تصدوا قبل هذه الهيئة لمكافحة الفساد عبر هيئات مماثلة وعبر أشكال أخرى وفشلو. ولكن هذا لا يعني أن تفشل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اليوم، لأنها ببساطة إختارت النجاح قدراً لها واختارت النجاح بتصميم.

إن الفساد في بلادنا متجذر في المجتمع، وله مواقع عديدة في مفاصل الدولة والمجتمع. وندرك تماماً –وهذا مهم جداً- أن للفساد في بلادنا فلسفة ومن لا يمارس الفساد بموجب هذه الفلسفة هو "أهبل" بالتعبير الدارج، هذا ما يردده الفاسدون في بلادنا دون خجل او حياء، وهؤلاء يمارسون كل أشكال الفساد علناً وخفية لأنهم لم يجدوا من يردعهم. ويحدث هذا في غياب الدولة، او فلنقل، في ظل تواجدها الهش، في أحسن الحالات، وهو الأمر الذي يُعَقّدْ من مهمات الهيئة، ولا أريد أن اقول بأن هذا الغياب للدولة، او هشاشتها يجعل مهمتها مستحيلة التنفيذ، وما من شك في أن سبب تجذر الفساد في مجتمعنا، هو وجود فاسدين كبار في المجتمع، وجود حيتان متوحشة تعيث في البلاد فساداً، وتشيع فيه أسوأ أشكال الرذيلة، وأكثرها إثماً في حق المجتمع.

هل تصمد اختنا الفاضلة الدكتورة أفراح في مهمتها النبيلة وهي تواصل اليوم مع زملائها الأفاضل مهمتها الصعبة هذه؟ هل تصمد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في التصدي الجسور لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية في المجتمع والاكثر ضرراً؟

اتمنى ذلك، بصدق، انطلاقاً من الضرورة الوطنية لنجاحها.

دأب، في السابق من تصدى لمكافحة الفساد في البحث عن فاسدين صغار، وهم يعلمون أن الفساد أصبح ظاهرة إجتماعية متفشية في المجتمع. دأب هؤلاء في البحث عن فاسدين صغار وهم يعلمون جيداً أن الفاسدين الكبار هم الذين كرسوه في الحياة كظاهرة اجتماعية متفشية. وكلنا يعلم ان الفساد في بلادنا في تناسل دائم. وله من الخصوبة ما يجعله يفقس جراثيم عدوى يومياً.

أفهم أن اسناد الاخ الرئيس هذه المهمة الصعبة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أنه يسعى جدياً لمكافحة الفساد والحد منه قدر الامكان. ولكني أفهم ايضاً أهمية وضرورة أن لا تترك الهيئة وحدها في العراء، وكأنها معنية وحدها بمكافحة الفساد، علما بأن المهمة مجتمعية قبل كل شيء بمعنى ضرورة تضافر كل الجهود الخيرة لتمكين هذه الهيئة الوطنية من انجاز مهمتها النبيلة.

وافهم ايضاً واتفهم معنى أن يعطى الاخ الرئيس الاولوية في استقبال الدكتورة أفراح بادويلان كرئيس لهذه الهيئة، كلما دعت الحاجة والضرورة لذلك. لأن مهمة الهيئة صعبة جداً في ظل تفشي صارخ للفساد في المجتمع. ومن واجبات الاخ الرئيس أن يشارك هذه الهيئة همومها، وأن يسعى لتذليل الصعوبات الجمَّة التي تعترض أداءها، كي تتمكن هذه الهيئة من اقتلاع جذور الفساد قدر الامكان. ولا يمكن إقتلاع جرثومة الفساد إلا بكشف الفاسدين الكبار، وتقديم نماذج منهم للعدالة عبرة للآخرين فالفاسدون الكبار كُثر، ولا أتصور إمكانية تقدمنا نحو بناء دولة مدنية حديثة، والفاسدون الكبار يسدون علينا كل المنافذ لبلوغنا هذا الهدف النبيل. إن التصدي لمكافحة الفساد في بلادنا هو مهمة كل مواطن شريف في هذا البلد، بإعتبار أن هذه المهمة هي فرض عين.

فلا يجوز أن نترك الاخت الفاضلة د. أفراح بادويلان وزملاءها الأفاضل، في العراء يتصدون وحدهم لمكافحة الفساد وأن يتصدى هؤلاء ببسالة لجشع ونهم الحيتان الكبار من الفاسدين في المجتمع، لهو أمر جدير بالاحترام والتقدير. ولكن الجشع والنَّهم –في ظل غياب الدولة- لا حدود لها والفاسدون الكبار يعملون بفسادهم المستشري في المجتمع على تشويه كل ما هو جميل في المجتمع.

ويبقى لنا الامل في أن تنجح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في مهمتها النبيلة بالجهود الخيرة لأعضائها الافاضل.

ان نجاح هذه الهيئة في مهمتها الصعبة يجعلنا نطمئن الى إمكانية أن يكون لنا مستقبل واعد يخلوا من الفساد والفاسدين الكبار. وأتمنى على الأخ الرئيس الذي أقدم بوعي منه، على تشكيل هذه الهيئة، انطلاقاً من توجهه الجاد في التصدي الحازم لمكافحة الفساد، وأن يستخدم كل صلاحياته لجعل نجاح الهيئة المرتقب ممكناً.

أقول إن معركتنا كقوى خيرة في المجتمع، مع قوى الشر، طويلة جداً، وشاقه وتتطلب تضحيات جسيمة. وحتماً ستنتصر قوى الخير على قوى الشر والظلام. إنه قانون الحياة.

قراءة 2106 مرات آخر تعديل على الجمعة, 21 شباط/فبراير 2014 19:28

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة