دعوة لتجديد الحزب الاشتراكي

الخميس, 20 تشرين2/نوفمبر 2014 21:02
قيم الموضوع
(1 تصويت)

رفاقي الأعزاء  

إنطلاقا من إيماني العميق الذي لا يتبدل،بأن حزبنا الاشتراكي العظيم هو المؤهل لبناء دولة يمنية حديثة تقوم على دستور عصري ، ويترسخ في ظلها القانون ، وتشيع فيها الحياة الديمقراطية ، وتكفل تحقيق العدالة الاجتماعية ، الركن الاساسي في نضال حزبنا ..لهذه الاسباب ، وبهذا الدافع أخاطبكم اليوم ، في دورة اللجنة المركزية هذه التي أتمنى أن تكون  منعطفا تاريخاً مهماً في مسيرة حزبنا الكفاحية .

تنعقد اللجنة المركزية لحزبنا العظيم ، في ظروف شديدة التعقيد ، وبعد غياب طويل ، وهو غياب معيب لا يجدر بأن يحدث، وفي هذه اللحظة التاريخية الفارقة من مسيرة حزبنا الكفاحية الغنية .

من حقنا ، أيها الرفاق، ان نعتز بوجود صف واسع من المناضلين الأشداء البواسل الذين صنعوا  في مسيرتهم النضالية ، الكثير من المعجزات .. ومن حقنا أن نفاخر بأن في صفوفنا ،صفوة متميزة من مثقفي بلادنا ..وأن لدينا  شباباً من الجنسين يتواجدون في مختلف ساحات الوطن ، بهمة كفاحية عالية ، ويبثون الأمل ، بتواجدهم في ساحات النضال ، في إمكانية النهوض بالوطن ، من خلال النهوض بحزبنا .

لكن هذا ليس كافياً ، إزاء الحالة البائسة  الي يتم بها أداء حزبنا كمؤسسة . لقد غاب حزبنا ، عن الساحات ، في حين يتواجد غيرنا ممن ينتمون بمشاريعهم الى الماضي . يجب أن نعترف بأن هؤلاء اليوم يملأون الساحات حيوية وزخماً، متبنين أهدافنا  وشعاراتنا ، فنجحوا في استقطاب الشارع في صفهم ، في حين أننا كحزب ، كمؤسسة ، إكتفينا بدور المشاهد.

هل بمقدورنا أن ننهض بحزبنا مجددا ؟ أعتقد أن هذا ممكن تماماً، لأننا نمتلك مقومات وشروط النهوض بحزبنا ، بالاعتماد على الطاقات الخيرة التي يختزنها شبابنا ، وبالاستناد الى القدرات الحية المتوافرة لدى جيل من المؤسسين، القادرين على الاسهام في عملية النهوض بحزبنا مجددا .

يجب أن نمتلك قدراً كافيا من الصراحة ونعترف بأن أداء قيادتنا  ليس بالمستوى المطلوب ، وهو الذي لايليق بحزب عظيم كحزبنا . لقد تراجعت الروح الكفاحية  عند عدد من  رفاقنا في القيادة . وهذا أمر طبيعي لأسباب وعوامل عديدة ، علما بأن لهؤلاء ،مَنْ فترت عزيمتهم النضالية ، اليوم ، تاريخاً طويلاً من النضال المشرف . كان الاجدر بهؤلاء أن يتركوا لغيرهم من شباب الحزب أن يتسلموا مهمة القيادة والبناء ، ليبحروا بحزبنا نحو آفاق أرحب ، رغم العواصف العاتية التي تهب عليه من كل صوب .

أقول لكم  , رفاقي الأعزاء, إن حزبنا  الاشتراكي العظيم ، بحاجة اليوم ،  إلى تجديد نفسه ، وهذا مرهون فقط بإسناد  مهمة قيادته إلى جيل الشباب القادرين على الاضطلاع بهذه المهمة النبيلة . وهؤلاء متوافرون بكثرة داخل حزبنا ، ويمتلكون من الحيوية والوضوح في الرؤية ، ما يجعلهم جديرين بثقتنا ، والرهان عليهم . 

لا يمكن أن ننجح في بناء دولة مدنية حديثة وحزبنا في مثل هذه الرخاوة ، وبمثل هذا القصور في الأداء القيادي ،  وفي غياب الحضور الفاعل لحزبنا ، كمؤسسة، في ساحات النضال المختلفة . لقد عانى حزبنا ، منذ سنوات ، من غياب العمل المؤسسي ، ولهذا الغياب ، بالضرورة ، تداعياته العديدة ، لعل أهمها تهميش دور الحزب الكفاحي في الحياة السياسية . إن بناء دولة مدنية حديثة يشترط وجود حزب فعال أو وجود أحزاب فاعلة ، تمتلك كل مقومات بناء دولة مدنية حديثة . نعم ، نحن نحمل مشروعا حداثيا ، ولكن أداءنا ليس في مستوى هذا الطموح .
وفي غياب العمل المؤسسي يغيب ، بالضرورة ، الحوار داخل حزبنا . والحوار ثقافة وسلوك حضاري راق . وفي غياب الحوار تتحول التباينات داخلنا, وهي أمور طبيعية ويمكن أن تتواجد داخل أي حزب  , تتحول إلى خصومات قاتلة ومدمرة.  أحداث يونيو عام 1978, وأحداث يناير 1986، أسطع دليل على ذلك . ولكي ننجح في إدارة حوار جاد ومسؤول في كل إطارات حزبنا, في القيادة والقاعدة , ثمة حاجة إلى تفعيل العمل المؤسسي  داخل حزبنا كشرط لذلك .
وفي غياب العمل المؤسسي داخل حزبنا ، وفي غياب الحوار تغيب, بالضرورة ، العلاقات الرفاقية الحميمة ، وتتشكل في داخلنا اصطفافات غير سوية ليست لها علاقة بمشروعنا الحداثي العظيم . وفي غياب العمل المؤسسي  , وفي غياب الحوار الجاد والمسؤول والمكثف يصبح مشروعنا الحداثي العظيم فاقدا لمقوماته ، وتتراجع الثقافة الحداثية عموما والثقافة الاشتراكية تحديدا .

ينبغي أن نشعر بالاعتزاز ، وبأن نفاخر بشبابنا الناشطين بحيوية ، في الحياة السياسية, والمساهمين بكتاباتهم الناضجة والواعدة في صحافتنا اليمنية ، في نشر الأمل والتفاؤل في أوساط حزبنا ، بمختلف أطره , في الانتصار لمشروعنا الحداثي العظيم . لقد ظهر في صفوف شبابنا كتاب واعدون يمكننا أن نراهن عليهم ،  إذ أننا نلمس لديهم وضوحا في رؤيتهم الحداثية تجاه المستقبل ، وفي قراءتهم الصائبة للحاضر البائس . على هؤلاء الشباب ينبغي التعويل في النهوض بحزبنا  . وحزبنا الذي يمتلك مثل هؤلاء الشباب الواعدين قابل فعلا للاستمرار الفاعل في الحياة ، ولايمكن  له أن يموت .
لكن مهمة النهوض بحزبنا مجددا ، صعبة للغاية, إلا أنها ليست مستحيلة  . فنحن حزب المستقبل , وبنا وبكل الخيرين فقط ينهض المجتمع نحو مستقبل مشرق وواعد بالأمل والخير والعطاء .  مستقبل يؤمن حياة ينعم فيها المواطنون بقدر كاف  من الحريات الديمقراطية، ويكفل تحقيق العدالة الاجتماعية ، الركن الأساسي والمحوري في نضال حزبنا الاشتراكي .
وفي غياب العمل المؤسسي تتراجع أخلاق الاشتراكيين ,ويتضخم الأنا عن بعضنا ، ويصبح هؤلاء البعض أشبه بطغاة في تعاملهم مع رفاقهم داخل الحزب . الأخلاق العالية هي أهم ما يجب أن يتميز به العضو الاشتراكي , سواء أكان هذا في القيادة ، أم في القاعدة  . والعضو الاشتراكي الذي يفتقد الأخلاق الرفيعة لا خير فيه .
يتعامل بعض مثقفينا في حزبنا,وهم قله لحسن الحظ  , يتعاملون مع الأخر بتعال, غير مدركين أن أهم سمات المثقف تواضعه في علاقته مع الآخرين  .المثقف صاحب قضية بناء وتنوير, وحامل مشروع حداثي  . لذلك لا يمكن أن نتصور مثقفا مغرورا  متعاليا على الآخرين ، بأنه قادر على البناء ، أيا كان هذا البناء ، وفي أي مستوى كان .
وفي غياب العمل المؤسسي لا تتجدد  الحياة داخل الحزب  , وتتعطل إمكانية صنع قادة جدد ، كهدف حيوي واستراتيجي ينبغي الاضطلاع  به  باستمرار . القائد الحقيقي هو الذي يوظف كل إمكانياته لصنع قادة جدد وعلى نحو دائم . هكذا تجدد الحياة داخل الحزب. وفي غياب العمل المؤسسي تغيب الممارسة الخلاقة لمبدأ النقد والنقد الذاتي . مبدأ النقد هو أكثر الوسائل الفعالة التي تسمح بتطهيرنا من عيوبنا ,  وهي عيوب  يمكن أن تصيب بعضنا في ظل واقع  اجتماعي قيم الأخلاق الرفيعة فيه مازالت في مستوياتها الدنيا .
أيها الرفاق ، يجب أن يتملككم الاعتزاز بأنكم  تنتمون إلى حزب عظيم صاحب مشروع حداثي ,وصاحب تجربة كفاحية غنية . ولكن هذا ليس كافيا ، إذ يتعين على المناضلين الاشتراكيين ، في القيادة والقاعدة , أن ينتصروا لمشروع حزبهم الحداثي بتجديد أنفسهم ,وبتجديد فكرهم على نحو دائم ,وبتجديد وتطوير قدراتهم الكفاحية, وبالانتصار لكل القيم  والمبادئ السامية التي تميز الاشتراكيين من غيرهم.
أحييكم أيها الرفاق, وأدعوكم إلى إحداث نقلة نوعية حقيقية داخل حزبنا .

صنعاء19نوفمبر2014

قراءة 2136 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة