تحطيم أغلال المرأة اليمنية في يومها العالمي

الأربعاء, 05 آذار/مارس 2014 18:53
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أفلح يوم المرأة العالمي الذي يوافق الثامن من مارس كل عام في إلقاء ضوء على كفاح النساء العاملات  احتجاجاً على  ساعات العمل الطويلة.

وإذا كان يوم المرأة العالمي قد سُنً لتخليد نضال النساء العاملات في البلدان الصناعية في مقاومة عسف ساعات العمل الطويلة فإنه في مجتمعنا أولى بالمرأة التي تعاني صنوفاً من العسف والاضطهاد.

«الثامن من مارس، ثورة النساء العاملات ضد عبودية المطبخ»؛ شعار قديم، كتب على ملصق يحتفي بيوم المرأة خلال العقود الماضية، وهو شعار لا يلائم حالنا حتى مع مضي نصف قرن عليه، إذ ليس المطبخ وحده الرمز المشير إلى إبقاء المرأة في المنزل في مجتمعنا بل ثمة صنوف شتى من العبوديات الصغيرة والكبيرة.

وعلى الرغم من أن أحاديث حكومية وشعبية طويلة تتفشى عن أصالة مجتمعنا الذي يرفع من شأن المرأة ويوقرها على نحو فطري يفوق ما توفره الاتفاقيات الدولية لها، غير أن الحديث هذا لا يكون حقيقياً إلا في حال حصرنا تأويل هذه «الأصالة» في معناها المحافظ والمتزمت..

 فمع تبادل هذا الإطراء بين المجتمع ونفسه وسوق عبارات المداهنة عن حقوق المرأة اليمنية التي يؤديها أفراد المجتمع بدافع فطري، من السهل على أي مدقق فاحص تعرية كم من الهراء ينطوي عليه هذا المديح المتبادل، لا سيما مع نشوء قواعد اجتماعية جديدة لتقييد النساء وموجات لا تتوقف من أجيال الأزياء الداكنة الموحدة، تتوخى تعتيم مظاهرهن وعزل شخصياتهن خلف أقنعة أبدية.

الإشكال في قضايا المرأة اليمنية هو ثقافي في صميمه وينبع من غياب تطلعها إلى الاستقلال الشخصي وتحرير شخصيتها من القيد الاجتماعي والذكوري ورضوخها للتطويق الاجتماعي المقيد لحرياتها الطبيعية.

وما دون هذا الإشكال فهي حقوق واحتياجات يسهل استخلاصها، وتضمينها في قوانين نافذة.

لدى التحضير لمؤتمر الحوار الوطني خلال 2012، صممت لجنة المؤتمر التحضيرية نظاماً تمثيلياً، منح المرأة 30 في المائة من مقاعد المؤتمر ثم بدأ هذا التشريع يجد طريقه للتطبيق في هيئات أخرى.

ومع أن هذا التشريع تمييز إيجابي لانتشال المرأة من الهيمنة الذكورية والعقبات الموضوعية الأخرى إلا أنه يرسخ التمييز الذهني الجمعي حيال المرأة بتصويرها مخلوقاً ضعيفاً غير قادر على المنافسة إلا بفضل «الكوتا»، ويضيق دائرة تمثيل النساء بآليته التي تحجز الواجهة لوجوه نسائية هي في الواجهة أصلاً، فضلاً عن أنه يدفع المرأة نفسها إلى التواكل والاسترخاء عن مواصلة نضالها لإثبات قوتها واستنقاذ حقها.

ولكي تغدو قاعدتا المساواة والشراكة بين الجنسين ذا مضمون حقيقي، يتوجب على المجتمع الذكوري أولاً أن يلتمس في نفسه تلك النزعة الغريزية التمييزية في تصوراته إزاء المرأة ثم يقتلها لتتأسس الشراكة على قاعدة المساواة.

وعلى المرأة ذاتها ألا تظل عدو نفسها بالخضوع لقوة الأمر الواقع وحصر نضالاتها في سبيل الوظيفة والترقيات والمنافسة في سوق العمل دون الاكتراث لقضيتها الجوهرية.

على أن طرق قضية المرأة اليمنية يقود بالضرورة إلى استدعاء الآثار العميقة التي زرعتها اتجاهات وحركات متشددة خلا لها الميدان وأسلمها نظام الرئيس السابق علي عبدالله الصالح منابر التوجيه والإرشاد لتبسط أفكارها المتزمتة وتشرع في مهمة تعبيد المرأة للرجل وتصوير المنزل كواحة إلهية لها، ثم الكر على عقلها بالهجمة القاضية، القائلة بأنها قاصر وعورة.

الآن، وما من توقيت أفضل، للشروع في إزالة كل صنوف الاستغلال والاستعباد التي غرستها الأفكار المتزمتة حيال المرأة وتحريرها من مظاهر العبودية التي يراد لها أن ترسف فيها.

وإذا كان هذا التوقيت ملائماً لمساعدة النسوة في استعادة دورهن واستقلالهن الشخصي، أولاً، فما من جهة يمكن الإشارة إليها بهذه المهمة أجدر من قوى اليسار بها، وفي طليعتها الحزب الاشتراكي اليمني الذي تكفل بهذا الدور حين أدار السلطة في الجنوب وأحرز إنجازات رائعة قبل أن تتسلط قوى معادية لفكرة أهلية المرأة وحريتها وتهد كل تلك الإنجازات أو ترغمها على الانتقاب!‪

 

 

قراءة 2290 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة