تكريم الفاطمتين

الأربعاء, 12 آذار/مارس 2014 18:29
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 كان يوم المرأة العالمي بنسخته اليمنية ليمرق هذا العام خلسة مثل الأعوام السابقة لولا حفل بسيط وغني في آن، نظمته منظمة الحزب الاشتراكي اليمني الطلابية بجامعة صنعاء.

ومع أن الحفل تضمن تكريم عشر نساء «رائدات» بينهن المحامية نادية الخليفة والدكتورة أروى عون والقاضية صاحبة الأحكام القضائية الشهيرة رغد الأزرقي وصديقتي الرائعة الزميلة سامية الأغبري وأخريات، إلا أن التكريم الذي وقع في نفسي عميقاً كان تكريم الفاطمتين: فاطمة القدسي وفاطمة محمد حسين.

الأولى أعرفها جيداً، أرملة توفي زوجها عام 1990 ومنذ ما بعد 1994 التحقت لتعمل فراشة في مقر الحزب الاشتراكي المركزي في العاصمة صنعاء، وعلى نحو شبه يومي تكنس فاطمة مع ابنة لها نحو 2400 متر مربع من مكاتب المقر وممراته وسلالمه الأسمنتية.

وفاطمة ذات نفس وادعة مثل أي امرأة ريفية، كانت خلال الأعوام الماضية تدلف مكتب «الاشتراكي نت» وتستمر في الحديث معي عن همومها اليومية بوصفها القيمة على إعالة أسرتها وتوفير إيجار منزلها، ثم تنثر دعواتها لنا وتنصرف.

نشأت ألفة بيننا حتى إذا صادفتها مارة في شارع ما تبش في وجهي وتصافحني بحنوها وطيبتها الفطريين، وراهناً لم أعد أراها إلا لماماً نتيجة تضارب مواعيد عملنا في صحيفة الثوري، مع مناوباتها.

لم أتمكن اليوم من أن ألمح فاطمة بعد انتهاء الحفل لأهنئها وأقول لها إنني مبتهج كثيراً لأجلها، ولأجل من تذكروها.

أما الثانية، فقالت مذيعة الحفل نبذة موجزة عنها؛ فاطمة محمد حسين، تعمل في قطاع النظافة بصنعاء وهي من فئة المهمشين.

لم تحضر فاطمة الحفل، وكان يسيراً عليً أن أخمن السبب بسرعة: ربما هي الآن في شارعٍ ما بصنعاء، تنفض بمكنستها التراب عن الأسفلت وتمسح الغبار عن وجه الرصيف.

ولقد صفقت بحرارة لفاطمة حسين وهي غائبة واحتقن في عينيً الدمع في لحظة التباس عاطفي اضطرمت بها حناياي، إذ وجدتني أبتئس لأجلها وأنا أتخيل ملامح لها تكافح على قارعة الشارع وفي الوقت نفسه انتشيت لأن الاشتراكيين مهما تعس آداؤهم يظل اهتمامهم موصولاً بالطبقة التي تنتمي إليها هاتان الفاطمتان.

تعجز قيادة الاشتراكي التي تصفًح إحساسها، لأسباب كثيرة، عن الانسجام المطلوب مع هموم الطبقات التي تشكل مخزوناً لا ينضب للاشتراكي، لكن شبانه يبرهنون مرة أخرى أن بوسعهم تعويض ذلك الفقدان.

المجد لسواعد الفاطمتين وطبقتهما.. المجد لمكنستيهما الشاخصتين كصليب خاشع تحت الشمس.

قراءة 1713 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة